موقع البرهان - المختصر من كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة

<a name="_Toc115915840">مقدمة الكتاب :-</a> <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.<o:p></o:p> ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة. وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.<o:p></o:p> وبعد:<o:p></o:p> إن كتاب المختصر في الموافقة بين أهل البيت والصحابة حاول المؤلف أن يجمع فيه بين فضائل أهل البيت والصحابة، وإن كل واحد منهم كان يتكلم في حق صاحبه بأفضل مناقبه.<o:p></o:p> وقد اختصر الزمخشري كتاب الموافقة بحذف أسانيده -كما أشار في مقدمة الكتاب- وقد حاول المؤلف التوفيق بين أهل البيت والصحابة، حيث إن بعض الخلافات السطحية قد دبت بين أهل البيت والصحابة، ولكن هؤلاء وهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، آمنوا به وبلغوا عنه.<o:p></o:p> فأهل البيت مركب من الأهل والبيت، فقد قال صاحب القاموس : (أهل الأمر ولاته، وللبيت مكانه، وللمذهب من يدين به، وللرجل زوجة كأهلته، وللنبي أزواجه وبناته، وصهره علي رضي الله عنه أو نسائه، والرجال الذين هم آله ولكل نبي أمته)... كذا قاله صاحب القاموس .<o:p></o:p> وأما الصحابة فهم الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به وبلغوا دعوته، رضي الله عنهم أجمعين.<o:p></o:p> فكان عملنا في الكتاب ما يلي:<o:p></o:p> أولًا: قمت بنسخ المخطوط وتصحيح الأخطاء والتصحيفات.<o:p></o:p> ثانيًا: ترجمة الأعلام الواردة في المخطوط. <o:p></o:p> ثالثًا: تخريج الأحاديث المرفوعة الواردة في المخطوط، والحكم عليها من حيث الصحة والضعف.<o:p></o:p> رابعًا: تخريج بعض الآثار الموقوفة على الصحابة ما أمكن.<o:p></o:p> خامسًا: تبيين غريب الكلام (اللغة) وما أكثره.<o:p></o:p> سادسًا: إثبات التعليقات التي في نهاية المخطوط ووضعه داخل النص أحيانًا، وأحيانًا أثبتها في الهوامش.<o:p></o:p> وأخيرًا فهذا جهد المقل، فإن كان صوابًا فالحمد لله وحده، وإن كان فيه خطأ فمني والشيطان، وأسأل الله العفو والمغفرة.<o:p></o:p> وكتب<o:p></o:p> أبو حفص سيد إبراهيم صادق عمران<o:p></o:p> المنيا / كفر المنصورة <o:p></o:p> بسم الله الرحمن الرحيم<o:p></o:p> أما بعد: حمدًا لله كفاءَ فواضله ونعمائه، والصلاة على محمد أفضل أنبيائه، وعلى آله السادة الأعلام وصحابته السلف الكرام.. فقد طلبت -أدام الله مجدك- أن نختصر لك كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة رضوان الله عليهم بحَذف الأسانيد والتكرار، والاقتصار على نصوص الأخبار، فتقربت إلى الله سبحانه بإعانتك على طلبتك، وسألته أن ينفعك به ويجعله الحفأ في اقتدائك بسير أولئك الذين كانوا قدوة الأنام، ودعائم الإسلام، داعيًا لك ازدياد الخيرات، والرغبة في الطاعات، والله الموفق .<o:p></o:p> <a name="_Toc115915841">ذكر ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي عليه السلام في فضل علي كرم الله وجهه :-</a> <o:p></o:p> عن عائشة رضي الله عنها قالت: { رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي فقلت له: يا أبت أراك تكثر النظر إلى وجه علي ! فقال: يا بنية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة } .<o:p></o:p> عن حبشي بن جنادة :<o:p></o:p> كنت جالسًا عند أبي بكر الصديق فقال: { من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدَة فليقم، فقام رجل فقال: يا خليفة رسول الله، وعدني رسول الله ثلاث حثيات من تمر فقال: أرسلوا إلى علي ، فقال: يا أبا الحسن إن هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر فاحثها له. قال: فحثاها، فقال أبو بكر : عُدُّوها، فوجدوها في كل حثيةٍ ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى، فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله؛ قال لي رسول الله ليلة الهجرة ونحن خارجون من الغار نريد المدينة : يا أبا بكر ، كفي وكف علي في العد سواء }. <o:p></o:p> عن زيد بن يثيغ قال:<o:p></o:p> سمعت أبا بكر الصديق يقول: { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية ، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: يا معشر المسلمين! أنا سِلم لمن سالمَ أهل الخيمة، حربٌ لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجدِّ طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد، رديء الولادة } فقال رجل: يا زيد أأنت سمعت منه؟ قال: إي ورب الكعبة .<o:p></o:p> عن ابن عباس رضي الله [عنه] : { لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر وعلي يزوران قبره بعد وفاته بستة أيام، فقال علي لـأبي بكر : تقدم يا خليفة رسول الله. فقال أبو بكر : ما كنت لأتقدم رجلاً سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: علي مني كمنزلتي من ربي، فبكى علي رضي الله عنه وقال: ما كنت لأتقدم رجلاً سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما منكم من أحدٍ إلا وقد كذبني غير أبي بكر ، وما منكم من أحد إلا ويصبح على بابه ظلمة غير باب أبي بكر ، فقال أبو بكر لـعلي : أسمعت رسول الله صلى الله عليه يقوله؟ فقال علي : سمعت هذا من ابن عمي يقوله، فأخذ أبو بكر بيد علي ودخلا جميعاً } . <o:p></o:p> عن قيس بن أبي حازم : [[ التقى أبو بكر وعلي جميعًا، فتبسم أبو بكر في وجه علي ، فقال له علي : مالك تبسمت في وجهي؟ فقال له: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { لا يجوز أحدٌ الصراط إلا من كتب له علي بن أبي طالب الجواز } قال: فضحك علي وقال: ألا أبشرك يا أبا بكر ؟ قال لي رسول الله: { لا تكتب الجواز إلا لمن أحب أبا بكر } ]] . <o:p></o:p> عن أنس رضي الله عنه: <o:p></o:p> { بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقد أطاف له أصحابه، إذ أقبل علي بن أبي طالب فسلم ووقف قرب النبي عليه السلام وجعل ينظر إلى وجوه أصحابه أيهم يوسع له، وكان أبو بكر عن يمين رسول الله، فتزحزح له عن مجلسه، ثم قال له: ههنا يا أبا الحسن . فجلس بينه وبين النبي عليه السلام، فعرفنا السرور في وجه رسول الله، ثم قال: يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915842">ما روي عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل أبي بكر :-</a> <o:p></o:p> قال علي رضي الله عنه: { قال لي رسول الله ولـأبي بكر يوم بدر : عن يمين أحدكما جبرائيل ، وعن يمين الآخر ميكائيل ، وإسرافيل معك عظيم يشهد القتال ويكون في الصف } . <o:p></o:p> وعنه: قال رسول الله لـجبريل : { من يهاجر معي؟ قال: أبو بكر الصديق ؛ فمن ذلك اليوم سماه صديقًا } . <o:p></o:p> وعنه رضي الله عنه: في قول الله تعالى: (( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ ))[الزمر:33] قال: محمد (( وَصَدَّقَ بِهِ ))[الزمر:33] قال: أبو بكر الصديق .<o:p></o:p> عن النزال بن سبرة الهلالي : [[ وافقنا من علي رضي الله عنه ذات يوم طيب نفسٍ ومراحًا فقلنا: يا أمير المؤمنين، حدثنا عن أصحابك، قال: كل أصحاب رسول الله أصحابي. قلنا: حدثنا عن أصحابه خاصة. قال: ما كان لرسول الله صاحبٌ إلا كان لي صاحبًا. قلنا: حدثنا عن أصحاب رسول الله. قال: سلوني. قلنا: حدثنا عن أبي بكر . قال: ذاك امرؤ سماه الله صديقًا على لسان جبريل ، ولسان محمد، كان خليفة رسول الله على الصلاة رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا ]] . <o:p></o:p> عن جابر : [[ أنه حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه حتى إذا كنا بـالعرج .<o:p></o:p> ثوَّب بالصبح.<o:p></o:p> فلما استوى ليكبر سمع الرغوة خلف [حضرة] فوقف عن التكبير وقال: هذه رغوة ناقة النبي الجدعاء ، لقد بدا لرسول الله الحج، فلعله أن يكون رسول الله فنصلي معه، فإذا علي . فقال له أبو بكر : أأميرًا أو رسولاً؟ قال: لا بل رسولاً أرسلني رسول الله ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج، فقدمنا مكة ، فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام أبو بكر رضي الله عنه يخطب الناس يحدثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم كان يوم النحر فأفضنا ، فلما رجع أبو بكر خطب الناس، فحدثهم عن إفاضتهم وعن نحرهم وعن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ براءة على الناس حتى ختمها، فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس وحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون، يعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ (براءة) على الناس حتى ختمها ]] . <o:p></o:p> وروى: { فلما رجعا انطلق أبو بكر فقال: يا رسول الله! ما لي؟ قال: خير، أنت صاحبي في الغار ، وصاحبي في الحوض، غير أنه لا يبلغ عني غيري أو رجل مني } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915843">فضل أبي بكر من قول علي وتصويبه خلافته :-</a> <o:p></o:p> عنه رضي الله عنه: [[ والله ما مات رسول الله فجأة، ولا قتِل قتلاً، ولكن مَرِض أياماً وليالٍ، كل ذلك يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيقول له: (ائت أبا بكر فمره فليصلِّ بالناس) ولقد تركني وهو يرى مكاني. ولو كان عَهدٌ من رسول الله إليَّ ما تركت أحداً من بني تيم ولا ابن الخطاب يقومان يخطبان على منبر رسول الله، ولجاهدت بسيفي فلما قبض رسول الله نظرنا في أمورنا فإذا الصلاة عمود الإسلام وقوام الدين، فرضينا لدنيانا ما رضيه رسول الله لديننا، فولينا أبا بكر أمورنا نغزو إذا غزا، ونأخذ إذا أعطانا، ويقيم الحدود بين يديه، ولا يختلف منا اثنان، والكلمة جامعة لا يشهد أحد على أحد بالشر ولا بالشرك ]] .<o:p></o:p> عن سعيد بن المسيب : [[ خرج علي يوم بويع أبو بكر فقال: أيها الناس أيكم يؤخر رجلاً قدَّمه رسول الله، فجاء علي بكلمة لم يجيء بها أحد ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915844">استقالة أبي بكر وكلام علي فيها :-</a> <o:p></o:p> عن أبي الحجاف : [[ لما بويع أبو بكر وبايعه علي وأصحابه قام ثلاثاً يقول: قد أقلتكم بيعتكم، هل من كارهٍ؟ فيقوم علي أوائل الناس فيقول:<o:p></o:p> والله لا نقيلك ولا نستقيلك أبداً، قدَّمك رسول الله تصلي بالناس فمن ذا الذي يؤخرك ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915845">مناقب علي من قول أبي بكر :-</a> <o:p></o:p> عن الشعبي : [[ نظر أبو بكر إلى علي مقبلاً فقال: من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهم وأدناهم منه منزلة وأعظمهم عنه غناءً، وأعزهم عليه؛ فلينظروا، وأشار إلى علي . فقال علي : لئن قال هذا إنه لأرأف الناس بالناس، وإنه لأواه، وإنه لصاحب رسول الله في الغار ، وإنه لأعظم الناس غناء عن رسول الله في ذات يد ]] قال علي بن قادم : من أتاك بخلاف هذا فلا تقبله .<o:p></o:p> عن معقل بن يسار : [[ سمعت أبا بكر يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول الله ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915846">فضائل أبي بكر من كلام علي :-</a> <o:p></o:p> عن ابن أذينة : [[ دخلت الكوفة فأتيت علياً فقلت له: يا أمير المؤمنين! ما بال المهاجرين والأنصار تخطتك إلى أبي بكر وأنت أقدمهم سابقة وأكرمهم سالفة وأفضلهم منقبة، وكان متكئاً فاستوى جالساً فقال له: ويلك إن كنت من قريش فأنت من عائذة وأحسبك من زوالة بنسب، قال له الرجل: أجل. قال علي : لولا أن المؤمن عائذ الله لقتلتك، ويحك إن أبا بكر سبقني إلى أربع لم أثرهن، و لم أعتض منهن: سبقني إلى الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه، ومرافقة الغار ، وإقامة الصلاة، وإفشاء السلام، وأنا يومئذ جعثنة الشعب الأقصى، وهو بيني وبين المشركين، يظهر الدين وأخفيه، وتحتقرني قريش وتستوقره، ولو أن أبا بكر رحل عن مخاصمة الجيش وشراك الراية لم تزل غمراته .<o:p></o:p> وكان الناس كرعة ككرعة أصحاب طالوت ، فرحم الله أبا بكر ، وأبلغه مني السلام. ثم قال: لا أجد أحداً يفضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري ]] .<o:p></o:p> عن محمد بن الحنفية : قلت لأمير المؤمنين: { من خير الناس بعد رسول الله؟ فقال: يا بني، ذاك أبو بكر الصديق ما كان خلق فزع إليه رسول الله إلا أبا بكر حين انطلق إليه يوم الغار وحت يا بني حتى كنت في بُرد . وذلك أن جبرائيل أتى النبي عليه السلام فقال: يا محمد! (( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ))[الأنفال:30] .<o:p></o:p> فخرج رسول الله وقد تقنع بردائه فبصر به الذين أرادوا ما أرادوا، فتلا رسول الله من القرآن: (( وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ))[يس:9] وذرَّ على رؤوسهم التراب بأجمعهم -يعني قريشاً- فأخذ الله بأسماعهم وأبصارهم، فانطلق رسول الله إلى أبي بكر ، فقال رسول الله: يا أبا بكر قد أذن لي في الهجرة فخرج أبو بكر ورسول الله إلا أن أبا بكر كان يمشي أمام رسول الله يلتقط الحواة من الأرض، ثم يقفوه رسول الله، حتى أتى به أبو بكر باب الغار ، فدفع أبو بكر إلى أسماء أخت عائشة وهي ذات النطاقين دراهم فقال: ابتاعي بهذا سفرةً لرسول الله وابتاعي به لحماً وخبزاً؛ فإن رسول الله يعجبه اللحم ، فإن جاء له طلب فقولي: أنا امرأة مشغولة في عمل، فلما انطلق أبو بكر برسول الله إلى باب الغار قال له أبو بكر : رويدك يا رسول الله، حذراً عليه، فدخل أبو بكر إلى الغار فلم يرَ جُحراً إلا أدخل أصبعه فيه حتى جاء إلى جحر كبير فأدخل رجله في ذلك الجحر حذراً على رسول الله حتى الغ إلى فخذه، ثم أخرج رجله، ثم قال: ادخل يا رسول الله فقد مهدت لك الموضع تمهيداً، والله خليفتي عليك. فجاءت قريش تقفو أثر النبي عليه السلام، إذ جاء عدو الله إبليس فقال: فيم أنتم؟ أنا شريككم في هذا الأمر، قالوا طرَّاً -يعني- بأجمعهم: أردنا أن نقتل محمداً الكذاب، وجعلوا يطالعون إلى موضع النبي إلى مضجعه فرأوا علياً في مكانه قد اشتمل ببرد النبي، فأخذ الله بأسماعهم وأبصارهم، فما من رجلين إلا محسن علي وأبو بكر ، فلما أن أبصروا بـعلي في برد النبي قالوا: خدعنا الكذاب، وبان سحره اليوم، قال لهم عدو الله إبليس : قد انطلق محمد منذ هوى، فخرجوا بأجمعهم فنظروا إلى أثر قدمه، وكان شثن الكفين والقدمين -يعني كثير اللحم- حتى أتوا منزل أبي بكر ، وأسماء ذات النطاقين تعالج ما تعالج من اللحم، فأخرجت الصباح أيغلب رائحة الإدام، فأقبلوا طراً حتى سألوا أسماء هل حسبتم بمحمد قالت: أنا امرأة مشغولة في عمل ، فانطلقوا بأجمعهم، وجعلت قريش مائة ناقة لمن قتله ، فأقبلوا إلى باب الغار ، فغطى الله أثر أبي بكر وأثر رسول الله، فلم يستبن أثر قدم النبي ولا أثر قدمي أبي بكر ، إذ قعد رجل منهم يبول، قال أبو بكر : يا رسول الله! قد رآنا القوم، فقال رسول الله: لا [يا أبا بكر ] لم يرونا، ولو رأونا ما قعد ذلك يبول بين أيدينا، فتفرقوا وبات أبو بكر مع رسول الله بليلةٍ منكرة من الأفعى، فأصبح وهو المريض لما به إذا أشرف على الموت، فقال له رسول الله: ما هذا يا أبا بكر ؟ وقد تورم جسده. فقال: يا رسول الله من الأفعى، فقال له رسول الله: [فلا أعلمتني] يا أبا بكر ؟ قال أبو بكر : كرهت أن أفسد عليك مقيلك ، فأمر رسول الله يده على بدن أبي بكر فاضمحل ما كان يجده من الألم، وكأنه أنشط من عقال، ثم جاء عبد الله بن أبي بكر فوعَز إليه أبو بكر : إن جاء لمحمد طالب فقل: يا بني: لا علم لي، ومر الراعي أن يقبل بالغنم إلى باب الغار حتى لا يستبين أثر لك ولا لغيرك، وكانت أسماء تروح إلى النبي صلى الله عليه بطلمتين -يعني: برغيفين- وقد تنطقت بعباءتها -يعني: توشحت- وجعلت طلمةً ذات اليمين، وطلمةً ذات الشمال تحت العباءة لكيلا يراهما خلق، فتروح بهما إلى رسول الله، فغبر رسول الله ثلاثة أيام في الغار، وأعد بعيرين -يعني: أبا بكر - فبعث إليهما، فجاء عبد الله بن أبي بكر بدليل ومعه البعيران، فقال له رسول الله: يا أبا بكر لا تخف، إن الله................. معنا، ولم يؤت أبو بكر من اليقين كما أوتي النبي عليه السلام، وذلك قول الله تعالى: (( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40] قال أبو بكر في نفسه: أخشى أن تقتل ويذهب الإسلام. قال له رسول الله: لا تحزن إن الله معنا. قال الله عز وجل: (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)[التوبة:40] فـأبو بكر خير الناس بعد رسول الله وبعد النبيين والمرسلين } .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: [[ أول من أسلم من الرجال: أبو بكر الصديق ، وأول من صلى القبلة مع النبي صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب ]] .<o:p></o:p> عن صلة بن زفر : [[ كان أبو بكر إذا ذكر عند علي قال: السباق تذكرون، والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر ]] .<o:p></o:p> وعنه رضي الله عنه : [[ كان بعد وفاة أبي بثلاثة أيام، اجتمعت قريش تريد قتل رسول الله فلم يغنه يومئذ إلا أبو بكر ، ولـأبي بكر يومئذ ضِفَرَتان ، فأقبل يجأ هذا ويدفع هذا ويقول: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول: ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم والله [أمَّ] لرسول الله، وقطعت إحدى ضفيرتي أبي بكر ، فقال علي لأصحابه: ناشدتكم الله! أي الرجلين خير، مؤمن آل فرعون أو أبو بكر ؟ فأمسك القوم، فقال علي : والله ليوم من أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون، ذلك رجل كتم إيمانه فأثنى الله عليه، وهذا أبو بكر بذل نفسه ودمه لله ]] .<o:p></o:p> وعن محمد بن عقيل بن أبي طالب : خطبنا علي فقال: [[ أيها الناس! من أشجع الناس؟ قلنا: أنت يا أمير المؤمنين. قال: ذاك أبو بكر الصديق إنه لما كان في يوم بدر وضعنا لرسول الله العريش فقلنا: من يقيم عنده لا يدنو إليه أحد من المشركين؟ فما قام عليه إلا أبو بكر ، وإنه كان شاهراً السيف على رأسه كلما دنا إليه أحد هوى إليه أبو بكر بالسيف . ولقد رأيت رسول الله وأخذته قريش عند الكعبة فجعلوا يتعتعونه يترترونه ويقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً، فوالله ما دنا إليه إلا أبو بكر ... وذكر الحديث ]] .<o:p></o:p> عن عبد خير : سمعت علياً يقول: [[ أعظم الناس أجراً في المصاحف: أبو بكر الصديق ؛ هو أول من جمع بين اللوحين ]] .<o:p></o:p> عن موسى بن شداد الجملي : سمعت علياً رضي الله عنه يقول: [[ أفضلنا أبو بكر ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915847">رد علي رضي الله عنه على أبي سفيان في كراهته بيعة أبي بكر رضي الله عنه :-</a> <o:p></o:p> دخل أبو سفيان على علي والعباس فقال: [[ يا علي ! وأنت يا عباس ! ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها! والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ولأورثنها عليه من أقطارها. فقال له علي : لا والله ما أريد أن تملأها عليه خيلاً ورجلاً ، ولولا أنا رأينا أبا بكر لذلك أهلاً ما خليناه وإياها. يا أبا سفيان ! إن المؤمنين قوم نصحة بعضهم لبعض، متوادون وإن بعدت ديارهم وأبدانهم، وإن المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض.<o:p></o:p> متخاونون ، وإن قربت ديارهم وأبدانهم ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915848">مشاورة أبي بكر علياً في أهل الردة وغير ذلك :-</a> <o:p></o:p> لما قام أبو بكر رضي الله عنه امتنع عليه من امتنع من العرب أن يدفعوا إليه الزكاة، وقالوا: [[ نضعها نحن في قراباتنا وحيث نحب، فجمع أبو بكر أصحاب رسول الله عليه فشاورهم في أمرهم، فقال بعضهم: دعهم يقوَ الإسلام في قلوبهم. وقال بعضهم: دعهم يضعوها حيث شاءوا، ثم تأخذهم بها بعد، قال لـعلي رضي الله عنه: ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال أقول: إنك إن تركت لهم شيئاً مما كان أخذه منهم رسول الله فأنت على خلاف سنة الرسول. فقال: أما لئن قلت ذاك؛ لأقاتلنهم وإن منعوني عقالاً ]] .<o:p></o:p> عن عائشة رضي الله عنها: [[ خرج أبي شاهراً سيفه، راكباً على راحلته إلى ذي القصة ، فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال لك رسول الله يوم أحد : شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا تكون للإسلام بعدك مقام أبداً، فرجع وأمضى الجيش ]].<o:p></o:p> كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر : [[ أنه وجد رجلاً في بعض نواحي العرب يُنكح كما تنكح المرأة، فجمع أبو بكر لذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم علي . فقال علي : إن هذا ذنب لم يعمل به إلا أمة واحدة ففعل الله بهم ما قد علمتم، أرى أن تحرقه بالنار، فاجتمع رأي أصحاب رسول الله أن يحرق بالنار، فأمر به أبو بكر أن يحرق بالنار ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915849">ما روي من قول علي في أبي بكر بعد وفاته :-</a> <o:p></o:p> [[ لما قبض أبو بكر رضي الله عنه وسُجِّي عليه ارتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء علي باكياً مسترجعاً وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، ووقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر ، وأبو بكر مسجىً فقال: رحمَك الله أبا بكر كنت إلف رسول الله وأنيسه ومستَرْوَحَهُ وثقته، وموضع سرِّه ومشاورته، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظم عَناءً في دين الله، وأحوطهم على رسوله، وأشفقهم على الإسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكبرهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسوله هدياً وسمتاً ورحمةً وفضلاً، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيراً، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر، صدقت رسول الله حين كذبه الناس فسماك الله في تنزيله صديقاً، وقال: (( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ )) محمد (( وَصَدَّقَ بِهِ ))[الزمر:33] أبو بكر ، آسيته حين بخلوا، وقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة، ثاني اثنين وصاحبه في الغار ، والمنزل عليه السكينة، ورفيقه في الهجرة، وخليفته في دين الله وأمته، وأحسنت الخلافة حين ارتد الناس ، وقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي، فنهضت حين وهن أصحابه، وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا، ولزمت منهاج رسول الله. كنت خليفته حقاً لم تنازع ولم تقدع برغم المنافقين، وكبت الكافرين، وكره الحاسدين، وضغن الفاسقين وغيظ الباغين، وقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت إذ تتعتعوا ، مضيت بنورٍ إذ وقفوا، واتبعوك فهُدوا، وكنت أخفضهم صوتاً وأعلاهم فوقاً ، وأقلهم كلاماً، وأصوبهم منطقاً، وأطولهم صمتاً، وأبلغهم قولاً، وأكبرهم رأياً، وأشجعهم نفساً، وأعرفهم بالأمور، وأشرفهم عملاً، كنت والله للدين يعسوباً أولاً حين يفر عنه الناس. وآخراً حين قبلوا، كنت للمؤمنين أباً رحيماً حين صاروا عليك عيالاً، حملت أثقال ما ضعفوا عنه، ورعيت ما أهملوا، وحفظت ما أضاعوا بعلمك ما جهلوا، شمرت إذ خنعوا ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ جزعوا؟ فأدركت أوتار ما طلبوا ، راجعوا وشدهم برأيك فظفروا ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت على الكافرين عذاباً صباً ونهباً، وللمؤمنين رحمة وأنساً وخصباً، فطرت والله بعبابها ، وفزت بحبابها، وذهبت بفضائلها، وأدركت سوابقها، لم تفلك حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، ولم يرع قلبك، وكنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف ، وكنت كما قال رسول الله: أمنَّ الناس عليه في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال: ضعيفاً في يديك، قوياً في أمر الله، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، جليلاً في أعين المؤمنين، كبيراً في أنفسهم، لم يكن لأحدٍ فيك مغمز .<o:p></o:p> ولا لقائل فيك مهمز ولا لأحدٍ فيك مطمع، ولا لمخلوق عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء، أقرب الناس إليك أطوعهم لله وأتقاهم لله، فشأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، فأقلعت وقد نهج السيل وسهل العسيرة وأطفئت النيران، واعتدل بك الدين، وقوي الإيمان، وثبت الإسلام والمسلمون، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون، فخليت عنهم فأبروا، وسبقت والله مسبقاً بعيداً، وأتعبت من بعدك إتعاباً شديداً، وفزت بالخير فوزاً مبيناً، فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء، وهدَّت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا له أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبداً، كنت للدين حرزاً وعزاً وكهفاً، وللمؤمنين فئة وحصناً وغيثاً، وعلى المنافقين غلظة وكظماً وغيظاً، فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وسكت الناس حتى انقضى كلامه ثم بكوا حتى علت أصواتهم وقالوا: صدقت يا ختن رسول الله ]]. <o:p></o:p> <a name="_Toc115915850">ما روى علي عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم :-</a> <o:p></o:p> عن أسماء بن الحكم الفزاري : سمعت علياً رضي الله عنه يقول: { كنت إذا سمعت من رسول الله علماً نفعني الله به، وكان إذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف صدقته، وحدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يذنب ذنباً ثم يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له } .<o:p></o:p> [[ لما قبض رسول الله اختلف أصحابه، فقالوا: ادفنوه في البقيع ، وقال آخرون: ادفنوه في موضع الجنائز، وقال آخرون: ادفنوه في مقابر أصحابه، فقال أبو بكر : أخروا فإنه لا ينبغي رفع الصوت عند النبي حياً ولا ميتاً، فقال علي رضي الله عنه: أبو بكر مؤتمن على ما جاء به، قال أبو بكر : عهد إليَّ رسول الله أنه ليس من نبي يموت إلا دفن حيث يقبض ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه قال: قال لي أبو بكر : قال لي رسول الله: { يا أبا بكر ، إذا رأيت الناس تسارعوا في الدنيا فعليك بالآخرة، واذكر الله عند كل حجر ومدر يذكرك إذا ذكرته، ولا تحقرن أحداً من المسلمين، فإن صغير المسلمين عند الله كبير } .<o:p></o:p> وعنه عن أبي بكر قال: [[ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ألحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عتق الرقاب، وحب رسول الله أفضل من مُهج الأنفس ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915851">ذكر فاطمة وأبي بكر قولاً ودراية :-</a> <o:p></o:p> جاءت فاطمة إلى أبي بكر فقالت: [[ أعطني فدك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبها لي. قال: صدقت يا ابنة رسول الله! ولكني رأيت رسول الله يقسمها فيعطي ................................ الفقراء والمساكين وابن السبيل بعد أن يعطيكم منها قوتكم، فما تصنعين بها؟ قالت: أفعل فيها كما كان يفعل فيها أبي رسول الله. قال: فلكِ الله عليَّ أن أفعل فيها ما كان يفعل أبوك. قالت أو الله لتفعلن. قال: والله لأفعلن ذلك. قالت: اللهم اشهد، فكان أبو بكر يعطيهم منها قوتهم ويقسم الباقي في الفقراء والمساكين وأبناء السبيل ثم فعل ذلك عمر بن الخطاب ، ثم فعل ذلك علي بن أبي طالب فقيل له في ذلك. فقال: إني لأستحيي من الله أن أنقص شيئاً فعله أبو بكر وعمر ]] .<o:p></o:p> { جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها من رسول الله فقال لها أبو بكر : بأبي أنتِ وبأبي أبوكِ إنه صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة } <o:p></o:p> {جاءت فاطمة إلى أبي بكر فقالت: يا خليفة رسول الله! أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال: لا. بل أهله. قالت: فما بال الخمس؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا أطعم نبياً طعمة ثم قبضه كان للذي بعده، فلما وليت رأيت أن أرده على المسلمين. قالت: أنت ورسول الله أعلم، ثم رجعت } .<o:p></o:p> عن أبي بكر : { لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة من علي قال: زينوا حبيبتي وقرة عينى فاطمة لحبيبي وقرة عيني بأفضل زينتكم، وأكثروا الطيب ولا تنسوا الحنا } .<o:p></o:p> عن فاطمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعلي رضي الله عنه: { يكون قوم يجيئون من بعدي يدعون الرافضة فأينما أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون، وعلامة ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر }.<o:p></o:p> [[ جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت فاشتد مرضها واستأذن عليها فقال لها علي : هذا أبو بكر على الباب فإن شئت أن تأذني له. قالت: أو ذاك أحب إليك؟ قال علي : نعم. فدخل فاعتذر إليها وكلمها فرضيت عنه ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915852">الصلاة على فاطمة رضي الله عنها :-</a> <o:p></o:p> [[ ماتت رضي الله عنها بين المغرب والعشاء، فحضرها أبو بكر ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام . فلما وضعت ليصلى عليها قال علي بن أبي طالب : تقدم يا أبا بكر . قال: أتقدم وأنت شاهد! قال: نعم فتقدم فوالله لا يصلي عليها غيرك، فتقدم أبو بكر فصلى عليها ودفنت ليلاً ]] .<o:p></o:p> صلى أبو بكر على فاطمة فكبر عليها أربعاً . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915853">رواية أبي بكر عن رسول الله في الحسن والحسين :-</a> <o:p></o:p> قال: { سمعت النبي صلى الله عليه يقول للحسن والحسين : هذان سيدا شباب أهل الجنة } .<o:p></o:p> عن أبي سعيد : { أن نبي الله كان ذات يوم يصلي إذ جاءه الحسن أو الحسين ، فوثب على ظهر نبي الله وهو ساجد، فتناوله فأخذه أخذاً رقيقاً حتى وضعه بحذائه، فلقد رأيتهما أماميه، ولقد رأيت أبا بكر يحمله على عاتقه؛ مما قد علم من حب رسول الله إياه } . <o:p></o:p> عن عقبة بن الحارث : [[ صليت مع أبي بكر العصر، فخرج وهو بيني وبين علي ، فمررنا بصبيان يلعبون فيهم الحسن بن علي ، فأخذه أبو بكر فاحتمله فجعل يقول: بأبي شبيه بالنبي، ليس شبيهاً بـعلي ، وعلي يضحك من قول أبي بكر ]] .<o:p></o:p> [[ جاء الحسن بن علي إلى أبي بكر وهو على منبر رسول الله فقال: انزل عن مجلس أبي، فقال: مجلس أبيك والله، لا مجلس أبي، فأجلسه في حجره وبكى. فقال علي رضي الله عنه: ما هذا عن رأيي، فقال: والله ما اتهمتك ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915854">وفاة أبي بكر واستخلافه عمر :-</a> <o:p></o:p> عن معيقيب بن أبي فاطمة : [[ كنت على نفقة أبي بكر ، فلما كان مرضه الذي توفي فيه أتيته فأجد عنده بعض الصحابة خالياً به يعاتبه باستخلافه عمر ، فأردت أن أرجع، فأشار إليَّ أن أجلس، فجلست، فارتفع الكلام بينهما، فسمعت أبا بكر يقول: لا والله يعمه عين هو والله خيركم لكم، وأنتم شركم لكم، والله لو وليتك لجعلت أنفك في قفاك ، ولما أحدث من أهلك حقاً، وأرفعت نفسك فوق قدرك حتى يكون الله هو الذي يضعك، جئتني وقد دلكت عينيك تريد تزيلني عن رأيي، وتفتنني في ديني فلا أقام الله رجليك، فوالله لئن بلغني أنك غمصته أو ذكرته بسوء لألحقتك بخمصات قنة حيث كنتم ترعون فلا تشبعون، وتسقون فلا تروون، ثم قام فخرج، فدنوت منه فسلمت عليه، فرد عليَّ، وسألته عن نفسه، فأخبر إذ قيل: عثمان وعلي بالباب، فخيل إليَّ أنه لينازع إلى دخولهما، فأذن لهما، فسلما عليه، فرد عليهما، وسألا عن نفسه فأخبرهما، ثم قال: لعلكما تقولان في عمر ما قال فلان آنفاً؟ قالا: وما قال يا خليفة رسول الله؟! قال: يزعم فلان أن عمر أدناكم بيتاً، وأحدثكم إسلاماً، وأقلكم عن رسول الله غنا. قال عثمان : بئس -لعمر الله- ما قال فلان. عمر يا خليفة رسول الله بحيث تحثبت من قوته مع سابقته، وقال علي : أفك فلان، بئس ما قال عمر عند ظنك به ورأيك فيه، إن وليته مع أنه قد كان والياً تحظى برأيه، وتأخذ عنه، فامض لما تريد ودع مخاطبة الرجال، فإن يكن على ما ظننت إن شاء الله فله عمدت، وإن يكن ما لا تظن لم ترد إلا الخيرة، ثم خرجا. ثم قال: ادن يا معيقيب ، ما يقول الناس في عمر ؟ قلت: يا خليفة رسول الله! بين محب وكاره. قال: فأيهما أكثر؟ قلت: من كرهه؟ قال: فوجم لها أبو بكر ، وندمت على ما فرطت مني، قال: وأنا أدبر كلامي كيف أخرج عما قلت، وكان عمر لي صديقاً. إذ قيل عمر بالباب، فأذن له فدخل، فسلم فرد عليه وسأله عن نفسه فأخبره، ثم قال يا عمر : أحبك محب، وكرهك كاره، والشر يحب، والخير يكره. قال: نحها عني يا خليفة رسول الله! لا حاجة لي بما قال، لكن بها إليك حاجة، فإذا أنت جنيت فلتهجر يدك فاك حتى يشبع من حييت له، وإن نازعتك نفسك إلى شركهم فاسهم ولا تستأثر، وإياك والذخيرة فإن العين تراها وترعاها، وإن ذخيرة الإمام تسفك دمه وتهلك دينه. فقال: ما ألزمك على الفرق من الموت، وما أرى بك من بأس، وإن خير يوميك الذي تلقى فيه ربك. قال: وددت أن ذلك قد كان مع أنه كان في مرضي هذا إن شاء الله، إني رأيت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أني فقت ثلاث فوقات، ودسعت في الثالثة منهن طعاماً فقد مرضت بعده مرضتين وهذه الثالثة، وأنا ميت إن شاء الله. فقال عمر : فبين أمر أهل ديا فإني لا أتخون عليك فهماً مذ وليت إلا فيهم. قال: أما إنك قد جادلتني فيهم فأكثرت فلم أرَ وسويت وكنت أكره خلافك. وما كنت لأفعل عند موتي إلا ما كنت فاعله في حياتي، والأمر فيهم وفي غيرهم صائر إليك عن قريب، فرمى ذلك كله رأيك، ثم قال: يا معيقيب ، كيف الأمر بيننا وبينك؟ قلت: لي عندك خمسة وعشرون درهماً، وأنت منها في حل. قال: مه لا تزودنا ذنباً. ثم قال: ما أرى هذا إلا آخر ما يكون بيننا وبينك. قال: فبكيت، فقال: لا تبك فإني أرجو أن أذهب إلى خير وأبقى فيه. ثم قال: يا بريرة اذهبي إلى عائشة فقولي: يقول لك أبو بكر : أرسلي إليَّ بخمسة وعشرين درهماً، فجاءت بها فقبضتها، فلم يلبث أن مات، فما أشك أنه قد ذهب إلى خير ويبقى فيه ]] .<o:p></o:p> [[ لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة فقال: يا أيها الناس! إني قد عهدت عهداً أفترضونه؟ فقال الناس: رضينا يا خليفة رسول الله. فقام علي فقال: لا نرضى إلا أن يكون عمر بن الخطاب ]] .<o:p></o:p> [[ لما ثقل أبو بكر رضي الله عنه في مرضه وهو المرض الذي مات فيه -يغفر الله له كل ذنب وجزاه عن أمة محمد خير الجزاء- أرسل إلى أصحاب رسول الله فجمع منهم عشرين رجلاً: عشرة من المهاجرين الأولين منهم: عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وغيرهم من المهاجرين، ومن الأنصار: سعد بن مالك ، وخزيمة بن ثابت ، وأبو طلحة ، وأبو أيوب ، وسعد بن عبادة ، وجماعة من خيارهم. فلما اجتمعوا دخلوا على أبي بكر الصديق وهو مسجىً بعباءة متوطئ بأخرى، وعند رأسه تور برام فيه ثمرات، وكسر من شعير، فلما أخذ القوم مجالسهم قال أبو بكر : أقعدوني وسندوني فأقعدوه، وقد ذهب لحمه، ولم يبق عليه إلا جلده وعظمه، وكثر شعر رأسه وبدنه، ونحل جسمه، فبكى المسلمون لما رأوا فقال لهم: ما يبكيكم يرحمكم الله؟ فقالوا: مما نرى من نحول جسمك وقشف جلدك وكثرة شعرك، وتغير حالك، فقال لهم: من كان خائفاً أن يقذف به في نار جهنم- عذابها طويل، وذلها ذليل، وشعار أهلها الويل والعويل - فهذا له قليل، ومن كان راجياً أن يصل بعون الله ورحمته ومغفرته وعفوه وتجاوزه إلى الجنة التي من دخلها فقد ظفر بالنعيم وطهر من الآفات وسلم من العاهات ، وسره الله، وفرح وابتهج، فلن يضره ما ترون شيئاً، ثم مال ميلة كاد أن يسقط لحينه، فوثب علي بن أبي طالب فأسنده إلى صدره، فقال له: يا أبا الحسن ! جزاك الله على ما فعلت خير الجزاء، فإن كنت (سندي) فإلى جدار بيتي. فأسنده إلى الجدار وجعل العباءة بينه وبين الحائط.<o:p></o:p> فلما أُسند قابل وجوه القوم وثبت في النظر إليهم، فأنعم ذلك ساعة، ثم بكى بكاءً شديداً حتى بكى لبكائه جميع القوم وارتفعت أصواتهم، وصاح النساء وأكثرن البكاء من وراء الستر. <o:p></o:p> ثم أفاق أبو بكر من بكائه، وأومأ إلى ناحية النساء فسكتن، وهدأ الناس ساعة، ثم قال: يا معشر المهاجرين والأنصار قد انكشف القناع ، وذهب الخداع، وجاء من الأمر ما ليس له دفاع، جاءت سكرة الموت بالحق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولست أجد عنها محيداً ولا من دونها موئلاً ، جاء الحق وما كنت أوعد، وإن أحسن الناس صفقة، وأقلهم بطراً لنفسه، وشرهم في القيمة حالاً، وأخفهم ميزاناً لرجل باع آخرته بدنيا غيره، وخادع ربه عند موته وحين قربه إليه، وأسأل الله منقلباً كريماً، وما كنت أقرب إلى الآخرة مني في وقتي هذا، وأنا أستودعكم الله خير مستودع، وأسأله منقلباً كريماً ما كنت إلى الآخرة مني خير الخلافة عليكم. ثم قال: لقد استخرت الله تعالى في ليلتي هذه عشرة ألف مرة ، وسألته أن يوفقني للذي يرضيه، رجل أوليه هذا الأمر بعدي، وأعلمكم أني رقدت في آخر ليلتي هذه رقدة، وأخبركم خبراً أنا فيه غير كاذب، وكفى بي إثماً أن أكون كاذباً، وأعوذ بالله ربي أن أكون كاذباً ولا متزيداً ، فقالوا: صدقت يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p> قال: أخبركم أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان بياض قد جمعت أردانهما ثم اخضارا، ومارا نوراً يتلألأ كاد أن يختطف الأبصار، وإذا معه رجلان قد اكتنفاه أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، قد ألبسا ريشاً يلتف بالنور الساطع، ولهما ارتفاع لم أركهما رجلين قط، فسلم عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصافحني ووضع يده على قلبي وكنت أجد غرزاناً . قال أبو بكر : فسكن عني ذلك، وكأني أجد الساعة برد يده، ثم قال لي: يا أبا بكر طال الشوق إليك، فهل أنت مشتاق إلينا؟ قال: فبكيت في نومتي تلك حتى أخبرني ببكائي أهلي، وقلت: واشوقاه إليك يا رسول الله، فقال عليه السلام: عن لبث يسير، يكون التقاؤنا يا أبا بكر ، إن الله قدم إليك الخيرة في أمرك، وجمع لك التوفيق ما مضى للذي اختلج في صدرك فإنه من توفيق الله لك. فقلت: يا رسول الله! إني ميت فمن أستخلف عن أمتك؟ ومن أولي من الرعية؟ ومن أقلده من الناس يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي، فقد استخرت الله، وأرجو منه الخيرة إن شاء الله، فقال: العامل الصادق القوي الفاروق المرتضى في الأرض والسماء، المسدد المنقى المبرور بالتقوى عمر بن الخطاب ، فهو أولى وأحق من خصائص الأصحاب، وقال الرجلان: وبعد فحكم الله وقضاؤه نافذ ، فهما وزيراك في الدنيا، وضجيعاك في الوفاة، وجاراك في الجنة، ثم سلم عليَّ رسول الله، وسلما عليَّ وقالا لي: سلمت من المركوة وغسلت بماء التطهير، فأنت صديق في السماء وصديق في الملائكة، وصديق في الأرض، وصديق في الناس، فقلت: يا رسول الله! فداك أبي وأمي من هذان الرجلان، فما رأيت مثلهما في الرجال؟ قال: هما الملكان الكريمان على الرحمن- كأنه عنى جبرائيل وميكائيل- ثم مضى.<o:p></o:p> وانتبهت ودموعي سائلة على خدي ولحيتي، وأهلي حولي وعند رأسي يبكون لبكائي، وينكرون ما بي ولا يدرون ما رأيت، وأعوذ بالله أن أقول إلا ما رأيت، ولا أخبر إلا ما فهمت، وأنا أعهد إليكم اليوم عهداً. أفراضون أنتم؟ فسكت القوم بأجمعهم.<o:p></o:p> وقال علي رضي الله عنه: ما كنا لنرضى إلا بـعمر بن الخطاب ، وزادنا رضاً أنك رضيت به، فقال أبو بكر لـعلي خيراً.<o:p></o:p> ثم قال لهم: إني مولّ عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، واعلموا أنكم معه لن تضيعوا.<o:p></o:p> وكان الناس أجمعون قد ظنوا أنه سيولي أمور الناس طلحة لدنو نسبه منه، فقالوا له: أحسن النظر للأمة يا خليفة نبي الله فإنك مسئول عن ذلك. فقال علي : يا طلحة فما نسمع ولا نطيع إلا لـعمر بن الخطاب ، ثم قال: والله لا يحمل ثقلها غيره، ولا يستقل بها مثله، ولا يصلح بعد أبي بكر إلا هو لصدقه، وعفته، وورعه، وأمانته، وغلظه على المنافقين، وفظاظته على المذنبين، ومحبته ورأفته للمؤمنين، والله لقد أسلم فما نكث ، وقاتل فما ضعف، وكابد فما ولى، وأنفق فما بخل، ثم التفت فقال: رضينا يا خليفة رسول الله بما رضيت، وشئنا من الأمر بما شئت، وإنا لنعلم أنك لم تدخر عن الأمة خيراً ولم تخبأ عنهم نصيحة ولم تألهم حسن نظر، فجزاك الله عن أمة محمد أفضل الجزاء، ورزقك خير ما أنت قادم عليه تمنه، ونهضوا فتفرقوا ]] .<o:p></o:p> وعن عائشة رضي الله عنها: [[ لما خرج القوم من عند أبي بكر ، خرجت إليه وجماعة نسائه فأضجعناه على عباءة قد وطأنا له بها وغشيناه بأخرى، فقال: إني أجد خفة وأحب أن أرقد رقدة، ثم أغفى نوماً فظننا أنه غشي عليه فتركناه، فلم، يلبث إلا وصيحة شديدة انتبه [لها أبو بكر ] من نومته فزعاً ، فقال لابنه: يا بني ويحك انظر من بالباب؟ فخرح ثم دخل فقال: جماعة من المسلمين. فقال: ائذن لهم. فأذن لهم، فدخلوا عليه متكوكبين فسلَّموا عليه وسألوه عن حاله وعلته، فحمد إليهم ربه وردّ عليهم السلام، وصلى على محمد بأحسن الصلاة ثم قال:<o:p></o:p> ما الذي كوكبكم ودخلتم عليَّ معاً ولكم تخافت وسرار ؟ اجهروا بالأمر الذي في أنفسكم ولا تستروا ذلك فهو أجلى.<o:p></o:p> قالوا: يا خليفة رسول الله! وليت علينا عمر بن الخطاب فظاً غليظاً، فما تقول لربك إذا جئته فسألك عما فعلت؟ وما حجتك في ذلك؟<o:p></o:p> قالت عائشة : فلقد غضب أبو بكر غضباً ما رأيته غضب مثله قط، حتى أنكرت ذلك من فعله، ثم قال: أبربي تخوفونني! لئن سألني له الجلال والكبرياء لأقولن: وليتهم خير أهلك وأتقى عبادك لك، وأعلمهم في أرضك بما يرضيك.<o:p></o:p> ثم قال: والله لقد تقدم مني اليوم ما تقدم، وما أتقي بعمل بعد التوحيد وأداء فرائض ربي إلا بتولِّيه عليكم، ثم قال: ما تنقمون عليه إلا أنه أعدلكم حكماً، وأسلمكم سلماً، وأقلكم دغلاً ، سليمة من النفاق سريرته، ظاهرة بالقوة علانيته. فحمد القوم عند مقالته، كأنهم كانوا شرارات نار صب عليها الماء.<o:p></o:p> ثم خرجوا من عنده وارتفع الصوت أن أبا بكر ولَّى عمر بن الخطاب .<o:p></o:p> فلما خرج الناس من عنده [أرسل] إلى عمر فجاءه خالياً، فقال له: يا عمر ! إني موصيك بوصية ومتقدم إليك في أمر، إن أنت حفظته رجوت لك الخلاص مما قد قلدته والنجاة مما حملته.<o:p></o:p> فقال عمر : قل يا خليفة رسول الله! أسمع منك، وسَل أجبك، ومر أنته إلى أمرك ونهيك إن شاء الله.<o:p></o:p> فقال أبو بكر : يا عمر ! إن الله هو الذي خلق الخلق بقدرته، وأنشأهم على إرادته وهو الله الواحد، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وإن له حقاً بالنهار لا يقبله بالليل، وإن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً، وإن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم، حتى يقول قائل: ما دون هؤلاء مرغب ، ولا يبلغ أحد منازلهم إلا برحمة الله ودقة ورعه وإقباله على أمر الله ونهيه.<o:p></o:p> وأن الله ذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم، ورد عليهم صالح ما عملوا إذ لم يخلصوه لله، ولم يتوقوا عما نهوا عنه حتى يقول القائل: أنا أفضل من هؤلاء. وإن الله ذكر في كتابه على لسان نبيه محمد الصادق المصدوق فقال في آية الرحمن وآية العذاب: (( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ))[الرعد:6] ليكون المؤمن راغباً راهباً، ولا يكون يلقي بيده إلى التهلكة ولا يتمنى على الله غير الحق.<o:p></o:p> يا عمر ! فإن أنت حفظت وصيتي فلا يكونن عائب أحب إليك من الموت [بدّ لك] منه.<o:p></o:p> وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن عائب أبغض إليك من الموت ولست بمعجزه.<o:p></o:p> فقال عمر : أقبل منك يا خليفة رسول الله! وأنا لازم ما قلت إن شاء الله.<o:p></o:p> ثم انصرف من عنده باكياً وهو يقول:<o:p></o:p> ويحك يا عمر بن الخطاب أين نجاتك مما قبلت؟ وأين خلاصك مما حملت؟<o:p></o:p> فرد على نفسه فقال: الخلاص في الورع، والنجاة في ترك الطمع، يا نفس جدي في الخشوع، واصبري على الظمأ والجوع ]] .<o:p></o:p> قالت عائشة : [[ فعمر أبي بكر ما شبهت مرضه إلا بمرض رسول الله.<o:p></o:p> قالت: ثم قام من جوف الليل [فقال] يا عائشة ! أين الثوب الذي سجيت به وجه رسول الله؟ فأخذه فوضعه على وجهه ثم استنشق رائحة الثوب ثم قال: إني لأجد ريح حبيبي رسول الله لولا أن تفندون ، ثم تشجى نحو القبلة، ثم قال: اللهم أعني على سكرات الموت وشدة الموت ورعدة الموت، ثم رشح عرقاً كثيراً وشخص بصره إلى المحراب الذي كان يصلي فيه وهو يقول: (( [وَ]جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ))[ق:19] ثم أفاق ورجع سواد بصره إلى موضعه فتشهد طويلاً، وذكر رسول الله فصلى عليه وأطابها ثم إنه بعد ذلك شخص بصره إلى القبلة فقال: عليكم السلام يا رسل ربي وملائكة الله، فرفع صوته وهو يقول بصوت خفي ضعيف: لبيك لبيك من داعٍ وسعديك، ثم فتح فاه وضمه، فمات رحمة الله عليه، واختلفنا في دفنه فقال قوم: ندفنه بـالبقيع ، بقيع الغرقد ، وقال قوم: يدفن مع الشهداء. وقلت أنا : بل أدفنه في بيتي وحجرتي إلى جانب حبيبي رسول الله! فأزور قبريهما وأبكي عليهما ، فإذا الناس في البيت كذلك يتراوضون إذ أخذت الناس جميعهم وَسْنَةٌ فغلبهم النوم سمعناً قائلاً يقول: ضموا الحبيب إلى الحبيب، فرفعنا رءوسنا، وكلنا سمع الصوت حتى سمعه الرجال في المسجد، فدفناه مع رسول الله لا يتأمله أحد من الناس إلا عمي ، فقال علي : أمهلوه إلى الليل، فلما كان الليل أخذوا ثوباً وغطى الحفَّار عينيه ودخل وحفر القبر والثوب على عينيه وولى ظهره القبر وقال للحفار، احفر وأسرع، فقام الناس جميعاً خارجاً حتى أتموا اللحد، فتولى إنزاله في القبر ولده وأصل بيته، وسوى عليه.<o:p></o:p> فلما فرغ من أمره اجتمع الناس على عمر [بن] الخطاب ، فخرج على الناس أول جمعةٍ وعليه جبة من صوف غليظ قد رقعها برقاع من أدم على فخذه وبين منكبيه، وعليه شملة على أكتافه حتى صعد المنبر، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه فأحسن، وذكر النبي صلى الله عليه، وذكر أبا بكر الصديق وترحم عليه، وبكى ثم بكى، وبكى من حضر من المسلمين.<o:p></o:p> ثم بكى حتى أغمي عليه فسقط على المنبر فانشج في وجهه، وحُمِلَ إلى منزله ففاتوه أياماً، ثم وجد خفة فخرج على الناس فكان يدور في الأسواق والأزقة والشوارع والدرة على عاتقه ، وكانت والله درته أهيب من سيالحكم هذه، فكان يسعى مع اليتيم والأرملة والمسكين والضعيف، ويقف على الصبيان والمشيخة، ويأخذ للعبد من الحر، وللضعيف من القوي، وللمهين من الشديد، وللقليل من الكثير، احتساباً وطلباً للثواب من الله، لا يأخذه في الله لومة لائم، وكان قد جعل رزقه الذي يغذيه ويتغذى به كل يوم ثلاثة أقراص من شعير خشن الطحين غليظه، وكان يأكلهن بملحٍ جريش وربما أكلهن بغير ملح زهداً، فإذا خاف على نفسه الإقتار أكل الزيت والتمر، وربما أكل الشيء من السمن وشرب اليسير من اللبن، ويعجبه لبن اللقاح ، ويأكل من عنق البعير. <o:p></o:p> قالت عائشة : فلما كان بعد ذلك وفتح الله على المسلمين كان يأمر كل جمعة تأتي فينحر جزوراً ويأمر فيفرق أطايبها على المساكين من المهاجرين، والضعفاء من الأنصار، ويترك لآل عمر العنق، قالت: وكان عمر يقول لنفسه: الجوع أهون من ورود نار أعالجها لا موت فيها ولا روح ولا فرح، ولا تخرجون منها، وما هم بمستعتبين لما ولي عمر بن الخطاب الخلافة ضحك الحق، ونطق الصدق، وخبت نيران النفاق، وخفتت جمرة الكفر، وانطمس الباطل، وظهر الحق، وحييت سنة رسول الله وسنة أبي بكر ، وخسأ الشيطان، فقال حسان :<o:p></o:p> لهفي على أحمد الهادي، ولو قلبي مصيبته ما كان بالعجب<o:p></o:p> ويا شجاي على الصديق ما حوص المطايا من التقرب والخبب<o:p></o:p> حرمان من السر من ما ولي عن أمور الناس حين دنا منه الحمام فولى غير محتسب غير موسد من الحصانة.<o:p></o:p> يا كارهاً عمر الفارق مت كمداً قد قام خيرعباد الله في العرب<o:p></o:p> فأقام عمر صدراً من خلافته وقد أجدبت البلاد وغلت الأسعار واشتدت الحال، وانقطع الغيث حتى كادت الدواب أن تهلك، وكان عمر في ذلك يقسم بالسوية، ولا يختص بشيء من دونهم، ولا يستأثر بشيء عليهم، فيمسه ما يمس المسلمين من الجوع والضيق.<o:p></o:p> قال: فبينا هو يدور في شوارع المدينة وأزقتها والدرة على عاتقه يتفقد أمور الناس ولا يكلهم إلى غيره، إذ مر بصبي من الأنصار وهو يقول قولاً غمه ويبكي.<o:p></o:p> وكان قوله: اللهم إني أستعديك على عمر بن الخطاب فأعدني عليه.<o:p></o:p> فغضب غضباً شديداً ورفع الدرة يريد أن يضربه، فأهوى بها إلى الغلام فأغمى عليه وخر مغشياً عليه.<o:p></o:p> فاسترجع عمر وبكى ووقف بالغلام يبكي لما نزل به ويقول:<o:p></o:p> ويحك يا عمر ! "قتلت نفساً زكيةً بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً" فما عذرك عند الله غداً؟! ورفع رأس الغلام من الأرض فوضعه على فخذه وجعل يبكي ودموعه تسيل على خد الغلام، واجتمع الناس إليه يبكون ويقولون: يا أمير المؤمنين! ما شأنك وما دهاك، وما نزل بك، وما الذي نراه عليك؟ فأخبرهم بشأن الغلام، فأمر به فحمل إلى المسجد فقال للغلام: [حبيبي] ما بالك تستعدي ربك على عمر ؟ أظلمك حقاً؟ أم غصبك مالاً؟ أم أنزل بك مكروهاً؟ أم منعك معروفاً؟ قال: اللهم لا! ولكني غلام من الأنصار استشهد أبي مع رسول الله في غزوة، واستشهد عمي يوم الحديبية مقبلين غير مدبرين، وأنا اليوم ثلاثة أيام ولياليهن لي ولوالدتي وتسع أخوات ما طعمنا شيئاً في خلافتك يا عمر ، فقد بلغ منا الجهد وشدة الجوع، وحملني على أن قلت ما قد سمعت مني يا أمير المؤمنين ما نحن فيه من البلاء، فبكى بكاءً شديداً وبكى المسلمون لبكائه حتى بكى النساء في البيوت، ثم قام في الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس! الدنيا ليست لأهلها بدار ولا قرار، والآخرة هي دار البقاء والجزاء، ولقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله أن النبي عليه السلام قبض حين قبضه الله ولم يترك ثوباً مطوياً، ولا طستاً مجلياً ، ولا ستراً موخىً، وإنه عليه السلام لم يشبع من خبزة بيضاء ولا من حبة سمراء ، ولا أكل على مائدته لونين ولا إدامين حتى فارق الدنيا، ولقد أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض كلها فاختبأه شفاعة لأمته . <o:p></o:p> وإن أبا بكر الصديق توفي بعده ولم يجدد كسوة، ولا تزين بزينة، ولا جمع مالاً أغنى به عيالاً، ولا بنى منزلاً، لا استفاد عبداً ولا خادماً حتى خرج من الدنيا سالماً، ولقد رأيت رسول الله وسمعته يقول: { إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل: مرحباً بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى قد أقبل فقل: ذنب عجلت عقوبته } .<o:p></o:p> ألا وإني سمعت رسول الله يقول: { ليس أخو الإسلام من بات شبعان وجاره جائع } ولقد سمعت رسول الله يقول: { من ملك أربعين درهماً حال عليها حول، وهي عنده لم ينفقها في طاعة الله أو في باب من أبواب الخير، أو لم يفرقها وهو يعلم بمكان فقير يعلمه أحد من أهل ملته؛ إلا وقفه الله يوم القيامة موقف الجبارين فكواه بها } .<o:p></o:p> أيها الناس! ألا وإن الأموال عارٌ وشنار ، ونار في القيامة، إلا من جعل لنفسه من ماله نصيباً إلا يكوى بها جنب صاحبها وجبهته وظهره، كثرت أم قلت، ألا ومن أخرج منها حق الله، وصدق بما وعد الله، وأعطى واتقى وصدق بالحسنى، فعسى أن يسلم من نارٍ لا تطفأ، وما أراه سالماً إلا أن يتفضل الله عليه. فتحاضوا على الخير وتحاسدوا على البر ، وما كذبنا رسول الله، فلقد سمعته يقول: { ستفتح عليكم كنوز كسرى وقيصر، وتخدمكم أولادهم، ويورثكم الله أرضهم وديارهم ومدائنهم وأموالهم، وتأتيكم الدنيا راغمة صباً صباً } فانظروا كيف تعملون، وأوشك أن يكون ذلك قريباً إن شاء الله، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم أنت الرجاء للأنفس، والغيث المغيث المستغاث المستجاب والمستعان، إلهي وقد ساءت الحال واشتد الضر، واغبرت الأرض، وأصبت البلاد، وبلغ الجهد، وهلكت السوام والبهائم والأنعام، وقنط الأنام، فأغثنا وانشر علينا رحمتك، ولا تؤاخذنا بالسنين، وائتنا بالفرج يا أرحم الراحمين.<o:p></o:p> فقام عثمان فقال: يا أمير المؤمنين! أأنت سمعت رسول الله يقول ما قلت؟ قال: ثم خرج من المسجد باكياً، وخرج عثمان وهو يقول: تكوى بمالك يا ابن عفان يوم القيامة، فما تلبث إلا يسيراً حتى جاء بإبل، وغنم، وذهب، وفضة، وطعام، وتمر. وقال: هذا ثلث مال الله، وأتى عبد الرحمن بن عوف بمثل ذلك، وتتابع الناس حتى امتلأ المسجد وما حوله، فقسمه عمر بين الناس، وأعطى الغلام منه جزءاً كثيراً. وقال: لا تسوقوا إلى آل عمر من ذلك إلا ما يساق إلى غيره، فأصاب آل عمر من ذلك عنق بعير، وأكف من تمر، وعجنة من طعام، فأمر عمر بإصلاح ذلك، فبينا هو منتظر لأهله أن يأذنوا له إذ دخل المسجد أعرابي بدوي حتى وقف بـعمر فسلم عليه وأغلظ له في الكلام فقال عمر : أما إني سمعت رسول الله يقول: { الغلظة والقسوة والجفوة في البادية، لا يتعلمون القرآن ولا يتفقهون في الدين } ، فقال الأعرابي: أما ما ذكرت من قول رسول الله فهو الصادق المصدوق، وكيف أكون أعرابياً جافياً وأنا قد هاجرت إلى رسول الله وجاهدت بين يديه وإني لأحفظ جل القرآن وما أحتاج إلى أحد في أمر ديني! قال عمر : يغفر الله لنا ولك، لم أعلم بذلك، فنهض ونهض معه الأعرابي وجماعة من المسلمين إلى منزله، فنظرنا إلى منزلٍ قصير السمك، وإذا أطرافه جريد قد بسطت لموضع مائدته، فقعد عمر والقوم، وقدم إليهم الطعام فأكلوا بأيمانهم، وأكل الأعرابي بشماله، فأغضب ذلك عمر وقال: زعمت أنك صحبت رسول الله، فهل رأيته أكل بشماله؟ أو ما سمعته يقول: { من أكل بشماله يشاركه الشيطان في طعامه } ؟ قال الأعرابي: صدقت هو كما قلت، فبم يأكل من لا يمين له؟ ثم أخرج يده فإذا هي ذاهبة، فندم عمر على ما قال ، ثم قال للأعرابي: أين أصيبت يدك؟ فقال: مع رسول الله في سبيل الله، ولقد مر بي رسول الله وأنا في إبلي فاستنزلته فنزل، وقدمت إليه طعاماً فأبى أن يأكل، فقلت له: ما بالك؟ قال: إنك مشرك. قلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وشهدت معه غير مشهد، وأنا الذي أقول ذلك ما قد أنشدته رسول الله: <o:p></o:p> ألا إن كفي في رضا الله نالها ضراب العدى في الله من دون<o:p></o:p> وحاميت عن دين النبي الذي له عليَّ دليل طار في كل مشهد<o:p></o:p> فما قطعت حتى رأيت مكانها وفلقت هامات العدى<o:p></o:p> فإن قطعت كفي فيا رب مشهد شهدت بها والسيف يقطر في يدي<o:p></o:p> فبكى عمر وقال: يا أعرابي من أين معاشك؟<o:p></o:p> قال: كان لي قعود أحمل عليه الحطب فأقدم به المدينة ، فأبيعه وأعود به على عيالٍ كثير.<o:p></o:p> قال عمر : كيف تحمل الحطب ولا يمين لك؟<o:p></o:p> قال: كنت أستعين ببعض المسلمين وأعود بيمينه على شماله، وأنا والله يومئذ قوي، فأما الآن فقد ضعف بدني، ورق عظمي، وذبل لحمي.<o:p></o:p> فأعانه عمر على زمانه وحمله على قعود، وزوده طعاماً وتمراً.<o:p></o:p> ولما استسقى عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله وسأل الله الفرج، فما أمسى الناس فيه لم يأت الصباح حتى بعث الله السماء فأقام المطر أياماً وأخصبت البلاد. وقدم عليه [ المثنى بن حارثة ] فدعاه الى حرب الفرس، فبعث لهم عسكراً ففتح الله على المسلمين القادسية ، ثم لم تزل الفتوح تتواتر حتى كثر المال على المسلمين فدون الدواوين ، ونزل الرخاء، ووضع العطاء، وفتحت الشامات والعراق ومصر على يديه، فرحم الله أمير المؤمنين وجميع أصحاب رسول الله، ثم ولى منهم جماعة فصاروا أمراء الأجناد وفرقهم في الآفاق ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: [[ لما حضرت أبا بكر الوفاة أقعدني عند رأسه وقال لي: يا علي إذا أنا مت فغسلني بالكف التي غسلت بها رسول الله، وكفني، واذهبوا بي إلى البيت الذي فيه رسول الله، فإن رأيتم الباب قد انفتح بغير مفتاح فأدخلوني، وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين حتى يحكم الله بين عباده ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915855">المقرنات من ذكر أبي بكر وعمر معاً في الحديث :-</a> <o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: { كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم:<o:p></o:p> يا علي ! هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، يا علي لا تخبرهما } .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: { قال رسول الله في قوله تعالى: (( وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ))[التحريم:4] علي بن أبي طالب وأبو بكر وعمر } .<o:p></o:p> عن أبي رجاء العطاردي : سمعت علياً والزبير يقولان: { سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير أمتي من بعدي أبو بكر ثم عمر } .<o:p></o:p> { خرج رسول الله متكئاً على علي ، فتلقاهما أبو بكر وعمر فقال رسول الله: يا علي حبهما يدخل الجنة } .<o:p></o:p> { أراد رسول الله أن يبعث رجلاً في حاجة مهمة، وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره، فقال له علي رضي الله عنه: ألا تبعث أحد هذين؟ فقال: كيف أبعثهما وهما من الدين بمنزلة السمع والبصر } .<o:p></o:p> عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما من نبي إلا قد أعطي سبعة نجباء رفقاء ، وأعطيت أنا أربعة عشر، سبعة من قريش: علي ، والحسن ، والحسين ، وحمزة ، وجعفر ، وأبو بكر ، وعمر ، وسبعة من المهاجرين: عبد الله بن مسعود ، وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد ، وحذيفة ، وعمار ، وبلال } .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { إن تستخلفوا أبا بكر تجدوه زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة، وإن تستخلفوا عمر تجدوه قوياً أميناً، وإن تستخلفوا علياً -ولن تفعلوا- يقمكم على الصراط المستقيم } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915856">المقرنات من قول علي رضي الله عنه في فضلهما :-</a> <o:p></o:p> جاء رجل من قريش إلى علي رضي الله عنه فقال: [[ يا أمير المؤمنين! سمعتك آنفاً على المنبر تقول: <o:p></o:p> اللهم أصلحني بما أصلحت به الخلفاء الراشدين المهديين، فمن هم؟ <o:p></o:p> فاغرورقت عيناه ثم قال:<o:p></o:p> حبيباك وعماك أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام، ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله، من اقتدى بهما عُصِمَ، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم، ومن تمسك بهما فهو حزب الله، وحزب الله هم المفلحون ]] .<o:p></o:p> [[ سئل علي عن أبي بكر وعمر فقال: <o:p></o:p> على الخبير والله سقطت.<o:p></o:p> كانا والله إمامي هدى، راشدين، مرشدين، منجحين، خرجا من الدنيا خميصين ]] .<o:p></o:p> عن عبد خير : سمعت علي بن أبي طالب يقول: [[ إن الله تعالى جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة، فسبقا والله سبقاً بعيداً، وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً، فذكرهما حزن للأمة، وطعن على الأئمة ]] .<o:p></o:p> سئل علي عن أبي بكر وعمر فقال: [[ إنهما من الوفد السبعين الذين سألهم موسى فأعطوا محمداً ]] .<o:p></o:p> عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه: [[ بينما نحن في جنازة وعلي خلفها آخذ بيدي وأبو بكر وعمر أمامها فقال علي : إنهما ليعلمان أن فضل من يمشي خلفها على من يمشي أمامها كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده، ولكنهما سهلان يسهلان للناس ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: [[ أن أبا بكر كان أواهاً منيب القلب، وإن عمر ناصح الله فنصحه الله ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه أنه قال على المنبر: [[ سبق رسول الله، وصلى أبو بكر ، وثلث عمر ، ثم خبطتنا فتنة فهو ما شاء الله ]] .<o:p></o:p> عن ابن عباس : [[ سمعت علياً : ألا أخبركم بخير الناس بعد رسول الله؟ قالوا: بلى. قال: أبو بكر وعمر ]] .<o:p></o:p> عن عبد خير : [[ سمعت علياً (يقول) : قبض الله نبيه على خير ما قبض عليه نبياً من الأنبياء، ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله وسنته، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها، ثم استخلف عمر فعمل بعملهما وسنتهما، ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد، وكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: [[ خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر وعمر ، ولو شئت لسميت الثالث، وروي: ثم عثمان ]] . وروي أن محمد بن الحنفية قال له: [[ يا أبه، ثم أنت الثالث؟ فقال: يا بني أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915857">إنكار علي على من ذكرهما بسوء وفضَّله عليهما :-</a> <o:p></o:p> عن علقمة : [[ أنه ضرب بيده على منبر الكوفة فقال: [خطبنا] علي رضي الله عنه على هذا المنبر فذكر ما شاء الله أن يذكر، ثم قال: <o:p></o:p> إنه بلغني أن ناساً يفضلونني على أبي بكر وعمر ، ولو كنت تقدمت في ذلك لعاقبت فيه، ولكني أكره العقوبة قبل التقدم، فمن أتيت به بعد مقامي هذا قد قال شيئاً من ذلك فهو مفتر، عليه ما على المفتري. <o:p></o:p> إن خير الناس كان بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ، ثم الله أعلم بالخير بعد، أحدثنا بعدهم أحداثاً يقضي فيها ما أحب.<o:p></o:p> أحب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما ]] .<o:p></o:p> بلغ علياً أن عبد الله بن سبأ يفضله على أبي بكر وعمر فقال:<o:p></o:p> [[ والله لقد هممت بقتله، فقيل له: رجل أحبك وفضلك تقتله؟! فقال: لا جرم ، والله لا يساكنني بلدة أنا فيها ]] فنفاه.<o:p></o:p> [[ بينما علي رضي الله عنه يقضي ذات يوم بـالكوفة إذ قال له رجل: يا خير الناس! انظر في أمري فوالله ما رأيت أحداً هو خير منك، قال علي : قدموه فقدم، فقال: هل رأيت رسول الله؟ قال: لا. قال: فهل رأيت أبا بكر وعمر ؟ قال: لا. قال: لو أخبرتني أنك رأيت رسول الله لضربت عنقك، ولو أخبرتني أنك رأيت أبا بكر وعمر لأوجعتك ضرباً، وأما بعد ذلك، فقل ما بدا لك ]] .<o:p></o:p> عن سويد بن غفلة : [[ مررت بقوم يذكرون أبا بكر وعمر وينتقصونهما فأتيت علياً فذكرت ذلك له، فقلت:<o:p></o:p> إني مررت بقوم من الشيعة يذكرون أبا بكر وعمر وينتقصونهما، ولولا أنهم يعلمون أنك تعلم ما هم عليه لم يجترئوا على ذلك.<o:p></o:p> قال: أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن، أخوا رسول الله ووزيراه، ثم نهض دامع العين يبكي قابضاً على يدي حتى صعد المنبر قابضاً على لحيته ينظر فيها -وهي بيضاء- وقد اجتمع الناس، فقام فخطب خطبة موجزة بليغة فقال:<o:p></o:p> ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه، ومما يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب.<o:p></o:p> فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلاّ فاجر ردي، صحبا رسول الله بالصدق والوفاء، يأمران وينهيان ويعاقبان فما يجاوزان فيما يصنعان، رأي رسول الله ولا يرى رسول الله كرأيهما رأياً، ولا يحب كحبهما حباً، مضى رسول الله وهو عنهما راضٍ والناس راضون، ثم ولي أبو بكر الصلاة ، فلما قبض الله نبيه ولاه المسلمون ذلك وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان، فكنت أول من سنى له من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره يود أن بعضنا كفاه، فكان والله خير من بقي، أرأفه رأفة، وأرحمه رحمة، وأبينه ورعاً، وأقدمه إسلاماً، شبهه رسول الله بـميكائيل رأفة ورحمة، وبـإبراهيم عفواً ووقاراً ، فسار سيرة رسول الله حتى قبض، ثم ولي الأمر من بعده عمر بن الخطاب ، واستأمر في ذلك الناس، فمنهم من رضي ومنهم من كره، وكنت ممن رضي، فوالله ما فارق عمر الدنيا حتى رضي من كان له كارهاً، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وصاحبه، يتبع آثارهما كما يتبع الفصيل أثر أمه، فكان والله خير من بقي، رءوفاً رحيماً، وناصراً للمظلوم على الظالم، ثم ضرب الله بالحق على لسانه حتى أرينا أن ملكاً ينطق على لسانه، وأعز الله بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواماً، وقذف في قلوب المؤمنين الحب له، وفي قلوب المنافقين الرهبة منه، شبهه رسول الله بـجبريل ، فظاً غليظاً على الأعداء، وبـنوح حنقاً مغتاظاً، فمن لكم بمثلهما ؟ لا يبلغ مبلغهما إلا بالحب لهما واتباع آثارهما، فمن أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني، وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت في أمرهما لعاقبت أشد العقوبة، فمن أتيت به بعد مقامي هذا فعليه ما على المفتري ]] .<o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: [[ أنه جيء برجل وهو بـالكوفة يتنقص أبا بكر وعمر : فقال: يا قنبر اضرب عنقه، فقال: يا أمير المؤمنين! علام تضرب عنقي؟ وإنما غضبت لك. فقال: وما ذاك؟ ويلك! قال: إني رجل غريب ما صحبت رسول الله ولا علمت مكان هذين الرجلين منه ولا منك، وإنما سمعت بعض من يغشاك يفضلك عليهما ويذكر أنهما ظلماك حقاً، وتقدماك في أمرك، قال علي : أوتعرف القوم؟ قال: لا إلا بأعيانهم عند نظري إليهم. قال: أما والله ما تقدماني إلا بأمر الله وأمر رسوله، وما ظلماني ما يزن ذرة، ولولا أنك قد أقررت بغربتك وقلة معرفتك بشيخي المسلمين لضربت عنقك، ثم قال: يا قنبر نادِ في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس له ظهراً، فصلى بهم، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على محمد كما يستحقه، ثم قال: يا أيها الناس! إن الله عز وجل بعث محمداً وقد اخلولق الإسلام، وذهب صفاء الدين، وظهر الظلام بالكفر، والناس في عمية جاهلية جهلاء، يعبدون الأصنام، ويعظمون الأوثان، ويكفرون بالرحمن. فقال: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله. فقالوا بأجمعهم: كذبت، (( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ))[ص:5] ، فقال أبو بكر : صدقت، وأنا إذ ذاك طفل صغير لا أغني عن نفسي شيئاً في حجر رسول الله وفي بيته، فلم يزل أبو بكر الصديق معه في تلك الحال يضرب الناس ويضربونه، ويعتلهم ويعتلونه ، ويقاتلهم ويقاتلونه، ويخافهم ولا يخافونه، يظهر دينه، ولا يكتم إيمانه، حتى قالت قريش: إن ابن أبي قحافة مجنون، فلم يكن أحد أولى بالإسلام منه، ولا أحب إلى رسول الله منه، ولا أكرم على الله في هذه الأمة بعد نبيها منه، ولا خيراً منه ولا أفضل في الدنيا والآخرة، وإن أقواماً يفضلونني عليهما، في قلوبهم بقية النفاق، يريدون بذلك فرقة أهل الإسلام واختلاف الأمة، وقد نبأني بخبرهم رسول الله، وأمرني بقتلهم، وستكون لهم دولة في آخر الزمان يطول فيها بلاء الأخيار، وتستعلي بها دعوة الرافضة الأشرار، ويذل من خالفهم، ويموت الحق ويظهر الرفض والبدع والإثم والفجور ناذلاً، وينتقل الغنى بكماله إليهم، وتجل العنُّ بقدره فيهم حتى يستبدلوا بخشونة عيشهم لين الملابس، وغضارة المعاش، عند ذلك يكون إخوان العلانية أعداء السريرة، يحسن الكذب عندهم، ويظهر الفجور منهم، ينقضون عهودهم الموكدة وينكثونها مع أيمانهم المغلظة، جافين لقراءة القرآن، متبدلين للملاهي والمعازف، يبطلون المصاحف، ويتواصلون على الفجور، ويتفكهون بشتم أصحاب رسول الله والوقيعة فيهم، واتباع ما شجر بينهم مما قد غفر الله لهم. يتعلم الصغير من الكبير، ويربو على ذلك الصغير حتى يكون كبيراً، فتندرس السنة وتحيا البدعة، المتمسك بسنة رسول الله في ذلك الزمان أفضل الشهداء وأفضل العباد وأفضل المجاهدين، طوبى لهم ما أعظم فتنتهم في ذلك الزمان، يكون كبيرهم أحرص على البلاء من صغيرهم، قد ملك الله إيمانهم وقبح أعمالهم، فأرض الله غضبى، والسماء تظلها كارهة لهم، لم يدرج على وجه الأرض أبغض إلى الله من الروافض ، لهم علامات غير واحدة يعرفون بها: تركهم الجماعات، وكلامهم في السلف السادات، وتأخيرهم الصلوات، وردهم السنن، ودفعهم الآثار، وحبهم الاشتهار، ومواصلتهم الكفار، عند ذلك يلبس ملوكهم الحرير والديباج، واتخاذهم القيان ، واشتراء الحكم، وإضاعة الدين، واستحلال الزنا، وأكل الربا، وبيع الأحرار، والاستخفاف بذي الدين والسنن، وموت الفجأة، وتجارة النساء في الأسواق، وانقطاع السبل، وولاية أهل الذمة، وذل أهل الله، وركوب السفلة، وقتل العرب، ودولة العبيد، وكثرة الخصيان ، وركوب النساء، وتشييد البنيان، وإماتة الصلاة، والميل مع أهل الأهواء والبدع، وتعظيم رب المال، علماؤهم يومئذ شر من أظلت السماء، من عندهم تخرج الفتنة، وفيهم تعود. أولئك يسمون في ملكوت السموات: الأرجاس الأنجاس، فإذا لعن أصحاب رسول الله في المجالس والمحافل والمساجد، وجعلوه شعارهم انسلخت الحكمة من الصدور، وأتتهم ريح صفراء حمراء، فيمسخ الله الروافض وأهل البدع قردة وخنازير. قالوا: كيف نصنع يا أمير المؤمنين إن نحن أدركنا ذلك الزمان؟ قال: كونوا كحواري عيسى بن مريم صبراً صبراً، والتمسك بما نحن عليه، وما أمركم الله به من طاعة نبيه وحب صحابته وترك مفارقتهم، إن أصحاب عيسى بن مريم نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب وأنا أقول لكم الموت على الحق والسنة خير من الحياة على المعصية والبدعة، واعلموا أن خير الناس بعد نبيها أبو بكر الصديق وعمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ، ثم أنا، وقد رميت بها في زمانكم ووراء ظهوركم، ولا حجة لكم عليَّ، وأنا أستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع إخواننا ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915858">ما روي عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل علي :-</a> <o:p></o:p> قال عليه السلام: <o:p></o:p> { لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّار غير فرّار، يفتح الله عليه، جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره.<o:p></o:p> فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك، فلما أصبح قال: أين علي بن أبي طالب ؟ قالوا: أرمد العين، قال: ائتوني به، فأتي به فقال: ادن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه ومسحها بيده، فقام من تحت يديه وكأنه لم يرمد } .<o:p></o:p> عن عمر رضي الله عنه:<o:p></o:p> [[ ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحب إليَّ من أن تكون لي حمر النعم : تزويجه فاطمة ، وسكناه مع رسول الله يحل له ما يحل له، والراية يوم خيبر ]] .<o:p></o:p> { رأى عمر رجلاً يسب علياً فقال: إني لأظنك من المنافقين: سمعت رسول الله يقول لـعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي } .<o:p></o:p> قال رسول الله لوفد ثقيف حين جاءوه: { لتسلمن أو ليبعثن الله رجلاً مني فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم وليأخذن أموالكم. قال عمر: فوالله ما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، جعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول هو هذا، فالتفت إلى علي فأخذ بيده، ثم قال: هو هذا هو هذا } .<o:p></o:p> - [[ جاء رجلان إلى عمر فقالا له: ما ترى في طلاق الأمة؟ فقام إلى حلقة فيها رجل أصلع فقال: ما ترى في طلاق الأمة؟ فقال: اثنتان، فالتفت إليهما فقال: اثنتان. فقال له أحدهما: جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك عن طلاق الأمة فجئت إلى رجل فسألته فوالله ما كلمك، فقال عمر : ويلك أتدري من هذا؟ هذا علي بن أبي طالب ]] .<o:p></o:p> سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { لو أن السماوات والأرض وضعتا في كفة ووزن إيمان علي لرجح إيمان علي } .<o:p></o:p> عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعلي : { من كنت مولاه فـعلي مولاه } .<o:p></o:p> وعن البراء : { كنا مع رسول الله فلما أتينا غدير خم دعا علياً فأخذ بيده ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: وهذا مولاي ومولى من أنا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه. فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك؛ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915859">ما روى علي عن رسول الله في فضل عمر :-</a> <o:p></o:p> قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: { اللهم أعز الإسلام بـعمر بن الخطاب } .<o:p></o:p> عن ابن عباس : [[ لما فتح الله المدائن على أصحاب رسول الله في أيام عمر ، أمر عمر بالأنطاع فبسطت في مسجد رسول الله، فأول من بدر إليه الحسن بن علي ، فقال: يا أمير المؤمنين أعطني حقي مما فتح الله على المسلمين. فقال: بالرحب والكرامة، فأمر له بألفٍ، ثم انصرف، فبدر إليه الحسين بن علي فقال: يا أمير المؤمنين أعطني حقي مما فتح الله على المسلمين فقال: بالرحب والكرامة، فأمر له بألفٍ، ثم انصرف. فبدر إليه ابنه عبد الله بن عمر فقال: يا أمير المؤمنين أعطني حقي مما فتح الله على المسلمين، فقال له: بالرحب والكرامة، فأمر له بخمسمائة درهم، فقال: يا أمير المؤمنين! أنا رجل مشتد أضرب بالسيف بين يدي رسول الله، والحسن والحسين طفلان يدرجان في سكك المدينة تعطيهم ألفاً ألفاً وتعطيني خمسمائة! قال: نعم اذهب فائتني بأب كأبيهما وأم كأمهما وجد كجدهما وجدة كجدتهما وعم كعمهما وعمة كعمتهما، وخالٍ كخالهما وخالة كخالتهما فإنك لا تأتيني به، أما أبوهما فـعلي المرتضى، وأمهما فاطمة الزهراء ، وجدهما محمد المصطفى، وجدتهما خديجة الكبرى ، وعمهما جعفر بن أبي طالب ، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب ، وخالهما إبراهيم بن رسول الله ، وخالتهما رقية وأم كلثوم بنتا رسول الله فسمع بذلك علي فقال: سمعت رسول الله يقول: (عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة) وبلغ ذلك عمر ، فقام ومعه جماعة من أصحاب رسول الله، فأتى إلى باب علي فنقر الباب، فخرج علي فقال: أنت سمعت رسول الله يقول: { عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة؟ } ؟ قال: نعم. قال: اكتب لي خطك، فكتب له بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ضمن علي بن أبي طالب لـعمر بن الخطاب عن رسول الله عن جبريل عن الله عز وجل: { أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة في الجنة } ، فأخذها وأعطاها أحد أولاده وقال: إذا أنا مت وغسلتموني وكفنتموني، فأدرجوا هذه معي في كفني حتى ألقى بها ربي، فلما أصيب غسل وكفن وأدرج معه في كفنه ودفن ]] .<o:p></o:p> عن علي عن رسول الله: { اتقوا غضب عمر بن الخطاب ، فإنه إذا غضب غضب الله له } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915860">من قول عمر في مناقب علي وفي رجوعه إليه في الأحكام :-</a> <o:p></o:p> عن ابن عباس : [[ خطبنا عمر فقال: علي أقضانا، وأُبي أقرأنا ]] .<o:p></o:p> { أتي عمر بامرأة مجنونة حبلى قد زنت، فأراد أن يرجمها، فقال له علي : يا أمير المؤمنين! أما سمعت ما قال رسول الله: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن الغلام حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ فخلى عنها } .<o:p></o:p> [[ أتي عمر بامرأة حامل، فسألها عمر فاعترفت بالفجور، فأمر بها عمر تُرجم، فلقيها علي فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر بها أمير المؤمنين أن ترجم، فردها علي فقال: أأمرت بها أن ترجم؟ قال: نعم اعترفت عندي بالفجور. قال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ قال علي : فلعلك انتهرتها أو أخفتها؟ قال: قد كان ذاك. قال: أو ما سمعت رسول الله يقول: لا حد على معترف بعد بلاء أنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له، فخلى عمر سبيلها. ثم قال: عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب ، لولا علي لهلك عمر ]] . <o:p></o:p> [[ أتي عمر بامراة جهدها العطش فمرت على راعٍ فاستسقته فأبى أن يسقيها حتى تمكنه من نفسها ففعلت، فشاور الناس في رجمها، فقال له علي : هذه مضطرة أرى أن تخلي سبيلها ففعل ]] .<o:p></o:p> [[ أتي عمر بامرأة أنكحت في عدتها، ففرق بينهما وجعل صداقها في بيت المال، وقال: لا أجيز مهراً أردُّ نكاحه. وقال: لا تجتمعان أبداً، فبلغ ذلك علياً فقال: وإن كانوا جهلوا السنة، لها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فخطب عمر الناس فقال: ردوا الجهالات إلى السنة، ورجع عمر إلى قول علي ]] .<o:p></o:p> سأل عمر الناس: [[ كم يتزوج المملوك؟ وقال لـعلي : إياك أعني يا صاحب المعافري -رداء كان عليه- فقال: ثنتين ]] .<o:p></o:p> عن ابن عباس : [[ كنا في جنازة فقال علي لزوج أم الغلام: أمسك عن امرأتك، فقال له عمر : وَلِمَ يمسك عن امرأته، أخرج مما جئت به؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! يريد أن يستبرئ رحمها، لا يلقي فيه شيئاً فيستوجب به الميراث من أخيه ولا ميراث له، فقال عمر : أعوذ بالله من معضلة لا علي لها ]] . <o:p></o:p> [[ استعدى رجل على علي وكان علي جالساً في مجلس عمر ، فالتفت عمر إلى علي فقال له: يا أبا الحسن ! قم فاجلس مع خصمك، فقام علي فجلس مع خصمه، فتناظر ، وانصرف الرجل، ورجع علي إلى مجلسه، فتبين عمر التغير في وجهه، فقال:<o:p></o:p> يا أبا الحسن ! ما لي أراك متغيراً، أكرهت ما كان؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ولم ذاك؟ قال: لأنك كنيتني بحضرة خصمي، فإلاَّ قلت لي: قم يا علي ! فاجلس مع خصمك.<o:p></o:p> فأخذ عمر برأس علي فقبل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنتم، بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظلمات الى النور ]] . <o:p></o:p> خطبهم عمر فقال: [[ لو صرفناكم عما تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم صانعين؟ فارموا، قال ذلك ثلاثاً، فقام علي فقال: يا أمير المؤمنين! إذن كنا نستتيبك فإن تبت قبلناك. قال: فإن لم؟ قال: إذن نضرب الذي عيناك. فقال عمر : الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا اعوججنا أقام أودنا ]] .<o:p></o:p> - قال عمر لـعلي : [[ عظني يا أبا الحسن . قال: لا تجعل يقينك شكاً، ولا علمك جهلاً، ولا ظنك حقاً، واعلم أن ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت، وقسمت فسويت، ولبست فأبليت. قال: صدقت يا أبا الحسن ]] .<o:p></o:p> خطب عمر الناس فقال: [[ إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ المسلم البريء عند الله فيشاط لحمه كما يشاط لحم الجزور ، فيقال: عاصٍ وليس بعاصٍ. فقام علي من تحت المنبر فقال: ومتى ذاك يا أمير المؤمنين! ولما تستبد البلية ، وتظهر الحمية ، وتسب الذرية، وتدقهم الفتن كما تدق الرحى بثفالها ، وكما تأكل النار الحطب. فقال عمر : متى يكون ذلك يا علي ؟ قال: إذا تفقهوا لغير الدين ، وتعلموا لغير العمل، وطلبوا الدنيا بعمل الآخرة ]] .<o:p></o:p> [[ خرج الناس وهم محرمون في ثياب بيض، وخرج عقيل بن أبي طالب في مورَّدتين . فقال له عمر : إنك لحريص على الخلاف، يخرج الناس في ثياب بيض وتخرج في حمراوين! فقال علي لـعمر : ليس أحد يعلمنا السنة. قال: صدقت صدقت ]] .<o:p></o:p> [[ كان عمر بن الخطاب حاجاً فجاءه رجل قد لطمت عينه فقال: من لطم عينك؟ قال: علي . قال: لقد وقعت عليك عين لله، ولم يسأل ما جرمه ولم لطمك؟ فجاء علي والرجل عند عمر بن الخطاب فقال علي : رأيته يطوف وهو ينظر إلى الحُرُم في الطواف. فقال عمر : يا علي ! لقد نظرت بنور الله ]] .<o:p></o:p> [[ اجتمع عند عمر جماعة من قريش فيهم علي فتذاكروا الشرف ، وعلي ساكت. فقال عمر : ما لك يا أبا الحسن ساكتاً؟ فكأن علياً كره الكلام، فقال عمر : ليقولن يا أبا الحسن ، فقال علي : <o:p></o:p> في كل معترك تزيل سيوفنا فيها الجماجم عن فراخ الهام<o:p></o:p> الله أكرمنا بنصر نبيه وبنا أعز شرائع الإسلام<o:p></o:p> ويزورنا جبريلُ في أبياتنا بفرائض الإسلام والأحكام<o:p></o:p> فقال عمر : أتشهدان على ذلك ابني أخي؟ فسكتا فنظرا إلى أبيهما، فقال علي :<o:p></o:p> فاشهدا إني معكما شهيد ]] . <o:p></o:p> [[ جاء أهل نجران بكتابهم إلى علي في أديم أحمر ، فقالوا: ننشدك بكتابك بيمينك وشفاعتك بلسانك إلا ما رددتنا إلى أرضنا، فقال: إن عمر كان رشيد الأمر، فقال سالم بن أبي الجعد : لو كان طاعناً على عمر يوماً لكان ذلك اليوم ]] .<o:p></o:p> - عن الشعبي :<o:p></o:p> [[ قال علي حين قدم الكوفة : ما كنت لأحل عقدة شدها عمر ]] . <o:p></o:p> - خرج علي وعليه برد عدني فقال: [[ كساني هذا الثوب أخي وخليلي وصفيي وصديقي أمير المؤمنين عمر ]] .<o:p></o:p> - عن أبي سعيد الخدري : [[ نظرت إلى غلام حين أيفع له ذؤابة وجمة ، والله يعلم إني منه حينئذ لفي شك، ما أدري غلام هو أو جارية! فمررنا بأحسن منه وهو جالس إلى جنب علي فقلت: عافاك الله، من هذا الفتى إلى جانبك؟ قال: هذا عثمان بن علي سميته بـعثمان بن عفان ، وقد سميت بـعمر بن الخطاب ، وسميت بـعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سميت بخير البرية محمد، فأما حسن وحسين ومحسن فإنما سماهم رسول الله وعق عنهم وحلق رءوسهم وتصدق وزنها وأمر بهم فسموا وختنوا ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915861">رجوع علي إلى قول عمر :-</a> <o:p></o:p> [[ قضى عمر في رجل من مزينة قتل رجلاً فاعترف القاتل فأبى عمر أن يجعل على العاقلة من قوله شيئاً، فقال علي : يا أمير المؤمنين أو ليس أحق أن يصدق حين يعترف؟ فقال عمر : إنه ليس يعترف على نفسه إنما يعترف على غيره، فقال علي : وفقك الله يا أمير المؤمنين، والله إنك لتسبقنا إلى كل خير ]] . <o:p></o:p> وعنه: [[ اجتمع رأيي ورأي عمر بن الخطاب في أمر أم ولد أنها حرة بعد سيدها، ثم رأيت أنها أمة، فقال عبيدة السلماني : رأيكما في الجماعة أحب إلينا من رأي أحدكما بعد الفرقة ]] . <o:p></o:p> عن عمر عبد الله بن محيريز : [[ صليت خلف عمر عشية من العشيات صلاة العصر، فلما سلم قامت الناحية اليمنى يصلون، فأشار بالدرة يجلسهم حتى انتهى إلى علي وهو قائم يصلي، فقال: أما والله يا علي لقد علمت أن رسول الله نهى عن هذه الصلاة ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915862">تزويج علي أم كلثوم ابنته من عمر :-</a> <o:p></o:p> [[ خطب عمر أم كلثوم إلى علي فقال: إني لأرصدها لبني جعفر، فقال عمر : أنكحنيها فوالله ما من أحد يرصد من أبيها ما أرصد، فزوجها، فأتى أصحابه في المسجد فقال: زينوني ، فقالوا: بمن يا أميرالمومنين؟ قال: بـأم كلثوم بنت علي لـفاطمة بنت رسول الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل سببٍ ونسبٍ ينقطع إلا ما كان من سببي ونسبي) فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله سبب ]] .<o:p></o:p> وروي أن علياً قال له: [[ فإني مرسلها إليك حتى تنظر إلى صغرها، فأرسلها إليه، فقالت: إن أبي يقول لك: هل رضيت الحلة ؟ قال: قد رضيتها، فأنكحه علي ، فأصدقها عمر أربعين ألف درهم ]] .<o:p></o:p> [[ وروي أنها لما أتته ذهب ليكشف نقابها فقالت: ترسل فلولا أنك أمير للطمت ]] .<o:p></o:p> - وروي أن علياً قال له: [[ إنما هي صبية صغيرة. فقال: إن تعش تكبر، قال: إن لها أميرين معي، فقعد عمر ينتظر ما يرد عليه، فقال علي : ادعوا لي الحسن والحسين فدخلا عليه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن عمر خطب إليَّ أختكما فقلت: إن لها أميرين وإني كرهت أن أزوجها إياه حتى أشاوركما، فسكت الحسين وتكلم الحسن فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أبتاه من تريد بعد عمر ، صحبة رسول الله وتوفي رسول الله وهو عنه راضٍ، ثم ولي الخلافة فعدل فيها؟ قال: صدقت يا بني، ولكني كرهت أن أقطع أمراً دونكما، ادعوا لي أم كلثوم فدعيت، فجاءت جارية في قميص، فقال: يا بنية! إني كنت عند عمر بن الخطاب وأنه سألني شيئاً فاذهبي إليه فسلمي عليه وقولي له: إن أبي أرسلني إليك يقرئك السلام، ويقول: قد قضى الله لك حاجتك، فلما ذهب ليتناول قميصها، جذبت قميصها ورجعت فدخلت على أبيها، فقالت: قد أبلغت رسالتك عمر ، أبعثتني إليه ليشتريني؟! قال: لا بنية ولكنه أحق بك. قالت: يا أبتاه ألا أستأمر في نفسي؟ قال: بلى. لو كنت كبيرة استأمرتك، ولكن أمرك إليَّ اليوم ]] .<o:p></o:p> وروي أنه ولد لـأم كلثوم من عمر غلام اسمه زيد ، وقيل لـعبد الملك : هذا ابن علي وابن عمر فخاصم على ملكه فسمه . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915863">قول علي في عمر بعد وفاته :-</a> <o:p></o:p> قال له وهو مسجى: [[ صلى الله عليك، ما من الناس أحدٌ أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل صحيفته منك، وإني لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك فإني كثير أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { كنت أنا وأبو بكر وعمر ، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر } رحمك الله يا ابن الخطاب إن كنت بآيات الله لعالماً، وإن كان الله في صدرك لعظيماً، وإن كنت لتخشى الله ولا تخشى الناس في الله، جواد بالحق، بخيلاً بالباطل، خميصاً من الدنيا، بطيناً من الآخرة ]] .<o:p></o:p> - وروي أنه خرج مغتسلاً فسلم، ثم نكس رأسه، ثم رفعه فقال له ناكبة قال: [[ واعمراه قوَّم الأود، وأبرأ العمد ، واعمراه، مات نقي الثوب ، قليل العيب، واعمراه، ذهب بالسنة وأبقى الفتنة، ما أدراها، قاتلها الله، والله ما درت ولكنها قولت، أصاب والله ابن الخطاب خيرها ونجا من شرها ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915864">قول عمر في الحسن والحسين ورواية فضلهما :-</a> <o:p></o:p> [[ عرف علي درعاً له مع يهودي فقال: يا يهودي درعي سقطت مني يوم كذا، فقال اليهودي: ما أدري ما تقول وفي يدي، بيني وبينك قاضي المسلمين، فانطلقا إلى شريح ، فلما رآه شريح قام له عن مجلسه وجلس علي ، ثم أقبل على شريح فقال: إن خصمي لو كان مسلماً جُعلت معه بين يديك، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: لا تساووهم في المجلس، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تتبعوا جنائزهم، واضطروهم إلى أضيق الطرق، فإن سبوكم فاضربوهم، وإن ضربوكم فاقتلوهم ]] ثم قال: درعي عرفتها مع هذا اليهودي، فقال شريح لليهودي: ما تقول؟ فقال: درعي وفي يدي. فقال شريح : صدقت والله يا أمير المؤمنين، إنها لدرعك كما قلت ولكن لا بد من شاهدين، فدعا قنبر فشهد له، ودعا الحسن بن علي فشهد له، فقال شريح : أما شهادة ابنك لك فلا أرى أن أجيزها ، فقال علي لـشريح : نشدتك بالله! أسمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله يقول: { إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة } ؟ فقال شريح : اللهم نعم. فقال: ألا ترى أن تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة، والله لتخرجن إليَّ بـأنقياء فلتقضين بين أهلها أربعين ليلة. قال: ثم سلم الدرع إلى اليهودي، فقال اليهودي: <o:p></o:p> أمير المؤمنين! مشى معي إلى قاضيه فقضى عليه فرضي به، صدقت، والله إنها لدرعك سقطت منك يوم كذا على جمل لك أورق فالتقطتها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فقال علي : هذه الدرع لك وهذا الفرس لك ثم فرض له في سبعمائة، ثم لم يزل معه حتى قتل يوم صفين . <o:p></o:p> عن الحسين : [[ أتيت عمر بن الخطاب وهو يخطب على المنبر فقلت: انزل عن منبر أبي، قال: منبر أبيك والله لا منبر أبي، ثم قال: من علمك هذا؟ قلت: ما علمني أحد. فقال: لا تزال تأتينا، فجئت يوماً وهو خالٍ بـمعاوية وابن عمر على الباب، فرجعت فلقيني فقال: ألم أقل لك تأتينا؟ قلت: قد جئت وأنت خال بـمعاوية وابن عمر على الباب. قال: أفأنت مثل ابن عمر ، وهل أنبت الشعر على رءوسنا إلا الله ثم أنتم، إذا جئت فلا تستأذن ]] .<o:p></o:p> [[ كسا عمر الناس فراحوا في الحلل ، وعمر بين القبر والمنبر، والناس يأتونه ويسلمون عليه ويدعون له، فخرج حسن وحسين من بيت فاطمة يتخطيان الناس -وكان بيت فاطمة في جوف المسجد- ليس عليهما من تلك الحلل شيء وهما بين عينيه، ثم قال: والله ما هنأني ما أكسوكم، قالوا: لم يا أمير المؤمنين! كسوت رعيتك وأحسنت؟ قال: من أجل الغلامين يتخطيان الناس وليس عليهما منها شيء، كبرت عنهما وصغرا عنها، ثم كتب إلى صاحب اليمن أن ابعث إليَّ بحلتين للحسن والحسين ، فبعث إليه بحلتين فكساهما ]] . <o:p></o:p> - [[ لما دون عمر الديوان وأراد أن يفرض للناس قال: بمن أبدأ؟ قالوا: بنفسك يا أمير المؤمنين. قال: قد ذكرتموني، فبدأ ببني هاشم، ففرض للحسن والحسين خمسمائة دينار خمسمائة دينار ]] . <o:p></o:p> قال عمر للزبير : [[ هل لك في أن تعود الحسن فإنه مريض؟ فكأن الزبير تلكأ عليه، فقال له عمر : أما علمت أن عيادة بني هاشم فريضة وزيارتهم سنّة؟ ]] <o:p></o:p> <a name="_Toc115915865">قول عمر في فاطمة :-</a> <o:p></o:p> قال لها: [[ ما أحد بعد أبيك أعز عليَّ منك ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915866">مقتل عمر وقصة الشورى وما قال فيهما :-</a> <o:p></o:p> أتاه أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة وكان رومياً نصرانياً. فقال: يا أمير المؤمنين! كلم المغيرة فليحط عني من غلتي . قال: وكم هي؟ قال: أربعة دراهم. قال: وما عملك؟ قال: رحّاء. قال: اتق الله وأد النصيحة إلى مواليك. قال: فخرج عبد المغيرة وهو متذمر يتوعد . فقال عمر : ماذا يقول؟ قالوا: أحمق. فأرسل إلى المغيرة فقال له: اتق الله وأحسن إلى ما خولك الله وخفض عنه. فصنع عبد المغيرة سكيناً لها رأسان مقبضها في وسطها، فأتاه وهو يسوي الصفوف للفجر وهو يقول: [[ لا تختلف مناكبكم فتختلف قلوبكم ]] ، فطعنه تسع طعنات، وطعن معه ثلاثة عشر رجلاً فمات منهم ستة في المسجد، وقال عمر : دونكم الكلب فقد قتلني، وحمل عمر فأدخل بيته، وكادت الشمس تطلع قبل أن يصلوا الغداة فدفع في قفاه عبد الرحمن بن عوف فقرأ بهم بقل هو الله أحد، وإذا جاء نصر الله؛ مبادرة الشمس، وكان أول من دخل على عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ، قال ابن عباس : [[ أبشر يا أمير المؤمنين بالجنة، قال: أتشهد بذلك؟ فكأنه كاع ، فضرب علي ، على منكبه قال: أجل فاشهد به وأنا على ذلك من الشاهدين، فقال لـابن عباس : ولِمَ؟ قال: لأن إسلامك كان عزاً، وولايتك عدلاً، وميتتك شهادة، قال: لا والله لا تغروني عن ذا، ثكلت عمر أمه إن لم يرحمه ربه، قال ابن عمر : ورأسه في حجري فقال: ضع رأسي في الأرض، فقلت: إنه يشق عليك أن تصوب رأسك، قال: ضعه ثكلتك أمك. قال: اخرج إلى الناس فأقرئهم السلام، وقل: أعلى ملأ كان هذا منكم؟ قال: فخرجت فأبلغتهم ذلك فقالوا: لوددنا أنا افتديناه بالآباء والأمهات، وما أتى علينا يوم بعد وفاة رسول الله أشد علينا منه، فدخلت فأبلغته ذلك. فقال: انظر هل أثبتوا لي قاتلاً؟ قلت: نعم. غلام المغيرة بن شعبة . قال: الحمد لله إذ لم يكن من المسلمين من يدعي أني ظلمته فيه، ولكن مشركاً قد أمرت مولاه بالإحسان إليه ]] .<o:p></o:p> فدخل الناس فاستسقى نبيذاً فسقوه فخرج من جرحه مختلطاً بالدم، فدخل الحارث بن كلدة الثقفي وكان طبيباً فقال: اسقوه لبناً فسقوه فخرج متضمخاً فقال الحارث : اعهد أيها الرجل، فقال الناس: استخلف علينا، فقال: [[ ما أنا بالذي أتحملها حياً وميتاً، قالوا: فإن المسلمين يرضون بـعبد الله بن عمر ، قال: تب آل عمر أن يدان رجل منهم بالخلافة، وما تطيرت له أبداً، قالوا: أفلا تشير علينا؟ قال: لا أبالي أن أفصل رأس قريش، ومن سماه صلى الله عليه وسلم في الجنة سبعة نفر : عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قالوا: يا أمير المؤمنين! قل فيهم مقالة. قال: لا يمنعني من عثمان إلا حبه قومه، ولا يمنعني من علي إلا أنه رجل تلعابة ، يعني: مزاح، ولا يمنعني من الزبير إلا أنه مؤمن الرضا كافر الغضب، ولا يمنعني من طلحة إلا نخوته ، ولا يمنعني من سعد إلا فظاظته وعنفه، ولا يمنعني من عبد الرحمن إلا أنه قرون هذه الأمة، تجتمعون في بيت ثلاثاً ويصلي صهيب بالناس، ويحضر عبد الله بن عمر وزيراً ومشيراً وليس إليه من الأمر شيء، فإن استقام رأي خمسة وأبى واحد فاجلدوا عنقه، وإن استقام رأي أربعة وأبى اثنان فاجلدوا عنقهما، وإن استقام رأي ثلاثة وأبى ثلاثة فتحاكموا إلى عبد الله بن عمر فأي الفريقين قضى فاقتلوا الباقي، ثم انطلق إلى أمي عائشة فأقرئها السلام وقل: عمر يسألك أن تصفحي له عن مضجعك الذي أعددتيه بين رسول الله وبين أبي بكر ، فأتيتها فضربت الباب. فقالت: من هذا؟ فقلت: عبد الله بن عمر . قالت: وما جاء بك؟ قلت: تركت عمر متشحطاً في دمه يسألك أن تصفحي له عن مضجعك الذي أعددتيه بين رسول الله وبين أبي بكر ، قالت: وما أصابه؟ قلت: طعنه عبد المغيرة بن شعبة . قالت: والله ما كان يسرني أن يدخل بينهما غيري، فأما إذا استنفعني فنعم ونعمة، فانصرفت، فقال: مهيم ؟ قلت: قد فعلت. قال: جزاها الله خيراً في الممات والحياة، لا تدع أن تستأذنها بعد موتي، فإن فعلت وإلا فامضوا بي إلى البقيع إلى مقابر المسلمين، فلما قضى عمر واحتمل على سريره حتى انتهى إلى باب عائشة ، فضربنا الباب فقالت: من هذا؟ فقلت: عمر على سريره، وأمرنا أن نستأذنك بعد موته، قالت: والله ما كنت براجعة في شيء أعطيته إياه، ثم مسكت يدها على رأسها فقالت: يا محمداه يا أبا بكراه هذا خليلكما عمر قد أتاكما زائراً، فارتجت المدينة رجة ظننا أنها تداعى بأهلها، فلما كانت يوم الثالث صلاة العصر دخل علينا صهيب فقال: ما صنعتم؟ قلنا: ما أبرمنا فتيلاً ، قال: والذي ذهب بنفس عمر لا أزيد الناس على المغرب، ثم أقعد في بيتي كما كنتم صانعين إذا اضطرب الناس بأسيافهم فاصنعوه الساعة، قال عبد الرحمن : هل لكم إلى أن أخرج نصيبي منها على أن تدعوني أن أختار لله ولرسوله؟ قال علي : نعم، أنا أول من أجابك إلى ذلك إن رضي أصحابي؛ فإني سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم يقول] : { إنك أمين في السماء وأمين في الأرض } فرضي أصحابه بذلك فقال: اعتزل يا سعد فإني وإياك بخلافه، ويا طلحة ويا زبير خليا عن عبد مناف فجعل يأخذ بيد عثمان مرة وبيد علي مرة حتى بايع عثمان ]] .<o:p></o:p> - عن عبد الله بن عمر : قال عمر لأصحاب الشورى: [[ لله درهم ، لله درهم، لئن ولوها الأصيلع كيف يحملهم على الحق، وإن حمل على عنقه السيف. قلت: يعلم ذلك فلا توليه، فقال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ]] .<o:p></o:p> - عن الحسين : [[ لما طعن عمر جعل الشورى بين ستة، فبلغه أن قوماً يتكلمون فيهم، فقال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: لا أكون في موقف من مواقف القيامة إلا ويدي على يد علي بن أبي طالب أو يدي في يده. وقال لي: يا عمر إذا بات عثمان بن عفان صلى عليه وسلم كل ملك في السماء. قلت: يا رسول الله! هذا لـعثمان خاصة؟ قال: نعم، إن عثمان يستحيي من رب العالمين أن يذنب أو يخطئ } .<o:p></o:p> وأما طلحة بن عبد الله فإن رسول الله كان في سفر في ليلة باردة، وسقط رحله فقال: { اللهم من نزل عن رحله فسوى رحلي وراحلتي فارض عنه رضاءً لا تسخط بعده، فرأيت طلحة نزل في تلك الساعة فسوى رحل رسول الله ورده عليه، فقال: يا طلحة ، هذا جبرائيل يقرأ عليك السلام ويقول: قل لـطلحة : والذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة لا تكون في كرب من كرب القيامة إلا كنت معك فيه } .<o:p></o:p> أما الزبير بن العوام { فإن سول الله صلى الله عليه وسلم كان نائماً يسقط على وجهه الذباب، فجعل الزبير يذب عن وجهه حتى انتبه، فقال: يا زبير ، هذا جبريل يقرأ عليك السلام ويقول: والذي بعث محمداً بالنبوة لأذبن عن وجهك شور النار يوم القيامة } . <o:p></o:p> وأما عبد الرحمن بن عوف : { فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوماً في بيت عائشة فجاءت فاطمة ومعها الحسن والحسين وهما بكيان وهي تبكي. فقال لها رسول الله: ما يبكي ابني؟ قالت: من الجوع. قال: فما يبكيك أنتِ؟ قالت: رحمتهما. قال: اللهم أطعم من أطعمني، وأطعم ابني وبنتي فاطمة من طعام الجنة فإذا بداق يدق الباب، ففتح فإذا عبد الرحمن بن عوف في يده صحفة من حيس ورغيفان بينهما، فقال: يا رسول الله! هذه هدية، فأكل رسول الله والقوم حتى شبعوا، فقال: يا عبد الرحمن ! أما الجنة فقد سبقت لك، ولكن بارك الله لك في دنياك } . <o:p></o:p> وأما سعد بن أبي وقاص : { فإن رسول الله فرَّق له سهمه يوم أحد ثلاث عشرة مرة، ثم قال: ارم فداك أبي وأمي } فمن يقول في هؤلاء سوءاً فقد ظلم نفسه .<o:p></o:p> فلما توفي عمر اجتمعوا بعد دفنه في بيت فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت امرأة نجوداً ، والنجود البرزة يجتمع عندها الرجال، فابتدأ عبد الرحمن بن عوف الكلام وكان أسن القوم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: [[ أيها النفر إن عندي رأياً وإن لكم نظراً، فاسمعوا تعلموا، وانصتوا تفهموا. إن حاجبياً خير زاهق، وإن جرعة شروب أنفع من عذب ، أنتم أئمة يقتدى بكم، علماء يصار إليكم، لا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم، ولا تغمدوا السيوف على أعدائكم فتوتروا ثأركم وتواتوا أعمالكم ، (( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ))[الرعد:38] ولكل بيت إمام، بأمره يقومون، وبنهيه يرعون ، قلدوا أمركم واحداً منكم، وتحملوا ثقلكم من تتقون به من أئمتكم تمشوا الهوينا وتلحقوا الطلب، لولا فتنة عميا وضلالة حيرى يقول أهلها ما ترى وتحملهم الحبو كرى ما عدت نياتكم معرفتكم، ولا أعمالكم نياتكم، فاحذروا نصيحة الهوى ولسان الفرقة، وإن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوب في الكلم ، لا تطيعوا الأعداء وإن قربوا، ولا الأشقياء إذا حرموا، قلدوا أمركم رحَب الذراع فيما نزل، ميمون الغيب على ما استكن، يرضى منكم وكلكم راض، ويقترع بينكم وكلكم منتهي، لا تطيعوا مفسداً ينصح، ولا تخالفوا مرشداً ينظر، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ]] .<o:p></o:p> - ثم تكلم عثمان بن عفان فقال: [[ الحمد لله الذي بعث محمداً نبياً، واختاره رسولاً، صدقه وعده، ووهب له نصره على كل من قرب رحماً أو بعد نسباً، جعله الله لنا نوراً، وجعلنا بأمره نقوم عند تفاقم الأهواء ، واختلاف الأعداء، جعلنا الله بفضله أئمة، وبطاعته أمراء، لا يخرج أمرنا منا، ولا يدخل علينا غيرنا إلا من سفه الحق وبك عن القصد وأحر بها يا ابن عوف أن تترك، واحذر أن يكون إن خولف أمرك وترك وعاؤك فأنا أول مجيب لك، وداع إليك، وكفيك بما أقول زعيم. أستغفر الله لي ولكم، وأعوذ بالله من مخالفتكم ]] .<o:p></o:p> ثم تكلم الزبير بن العوام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: [[ أما بعد: فإن داع الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل عند تفاقم الأهواء ولي الأعناق ، ولولا حدوداً لله فرضت، وفرائض لله حدت، تراح على أهلها وتحيا لا تموت، لكان الهرب من الإمارة نجاة، والفرار من الولاية عصمة، ولكن لله علينا إجابة الدعوة وإظهار السنة لئلاً نموت ميتة عِمِّيَّة ، ولا نعمى عمى الجاهلية، فأنا مجيبك إلى ما قلت، ومتبعك لكل ما أمرت، والحمد لله رب العالمين ]] .<o:p></o:p> ثم تكلم سعد بن أبي وقاص فقال: [[ الحمد لله بدئاً كان، وآخراً يعود، أحمده لما نجاني من الضلالة، وبصرني من العمى، فبهدى الله أفلح من وعى، وبرحمة الله فاز من نجا، وبمحمد بن عبد الله أنارت الطرق، واستقامت السبل، وظهر كل حق، ومات كل باطل، إياكم أيها النفر وقول أهل الزور، وأمنية أهل الغرور، فقد سلبت الأماني قبلكم قوماً ورثوا ما ورثتم، ونالوا ما نلتم، فاتخذهم الله عدواً، ولعنهم لعناً كثيراً: (( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ))[المائدة:78] * (( كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ))[المائدة:79] أنى نكتب قرنى وأخذت سهمي الفالج وأخذت لـطلحة بن عبد الله في غيبته ما رضيت لنفسي، فأنا به كفيل وبما أعطيت عنه زعيم، والأمر إليك يا ابن عوف بصدق النفس وجهد النصح، وعلى الله قصد السبيل وإليه الرجوع ]] .<o:p></o:p> ثم تكلم علي بن أبي طالب وكان أحدث القوم سناً فقال: <o:p></o:p> [[ الحمد لله الذي بعث محمداً منا نبياً، واتخذه إلينا رسولاً، فنحن بيت النبوة، ومعدن الحكمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب لنا حق أن نعطيه [يا خذه] وأن نمنعه، نركب أعجاز الإبل، ولو طال السرى ، لو عهد إلينا رسول الله عهداً لجالدنا عليه حتى نموت، ولو قال لنا قولاً لأنفذناه ولو على زعمنا، لن يُسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم، اسمعوا قولي وعُوا عيني أن تروا هذا الأمر بعد هذا الجمع تتناضى فيه السيوف [ويجاز فيه العمود] حتى يكون جماعة أنتم أو يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة، وشيعة لأهل الجهالة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ]] .<o:p></o:p> قال المسور بن مخرمة : [[ ثم افترقوا، فلما كانت الليلة التي يقضي عبد الرحمن في صباحها بت عنده، وكان خالي، فلما ذهبت من الليل هنيته قال لي: اذهب إلى علي وعثمان ادعهما لي، فقلت: بأيهما أبدأ؟ قال: بأيهما شئت. قلت: آتي بهما جميعاً أو فرادى؟ فقال: بل جميعاً، فبدأت بـعلي لهواي فيه فوجدته قائماً يصلي فقلت له: أجب خالي يدعوك. فقال: هل أرسل معي إلى غيري؟ قلت: نعم، قال: إلى من؟ قلت: إلى عثمان . قال: [فأتيا آمرك] أن تبدأ به؟ فقلت: قد سألته. فقال: بأيهما شئت. قال: أنأتي جميعاً أو فرادى؟ قال لي: بل جميعاً، فخرجت حتى أتينا المقاعد، فجلس علي ودخلت على عثمان فوجدته يوثر ، فقلت: أجب خالي يدعوك. قال: هل أرسل معي إلى غيري؟ قلت: نعم. قال: إلى من؟ قلت: إلى علي . قال: فأينا أمرك أن تبدأ به؟ قلت: قد سألته فقال: بأيهما شئت. قلت: فنأتي جميعاً أو فرادى؟ قال: بل جميعاً. وهذا علي بالباب، فخرجنا حتى دخلا عليه فجلسا بين يديه، فتكلم كلاماً طويلاً فقال: يا هذان إني قد قلبت أموركما وسألت عنكم، فأشيرا عليَّ وأعيناني على أنفسكما. هل أنت يا علي مبايعي بعهد النبي وميثاقه على كتاب الله وسنة نبيه؟ قال علي : على طاقتي. وقال عثمان : أنا مبايعك يا أبا محمد بعهد الله وميثاقه على كتاب الله وسنة نبيه، فتكلم بكلام دون الكلام الأول، ثم قال: إني قد كشفت أموركما، وفحصت عنكما فأشيرا عليَّ وأعيناني على أنفسكما، هل أنت يا علي مبايعي على عهد الله وميثاقه وعلى كتاب الله وسنة نبيه؟ فقال علي : على طاقتي ، وقال عثمان : أنا أبايعك يا أبا محمد بعهد الله وميثاقه على كتاب الله وسنة نبيه، فأرسل يديه وقال: ما شئتما، وكره أن يقول: قوما، فقاما.<o:p></o:p> فلما حضرت صلاة الصبح دعا عبد الرحمن بعمامته فاعتم بها وتوشح سيفه ثم جلس إلى جنب المنبر، فلما قضى صهيب الصلاة قام عبد الرحمن إلى جنب المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله فقال: أيها الناس! قد علمتم ما قلدتموني عليه أمركم وأعطيتموني عليه طاعتكم ولو صفقت بإحدى يدي على الأخرى، ثم قال: قم يا عثمان فقام فبايعه وبايعه الناس، وثبت علي وعبد الله بن عباس ، فقال له عبد الله بن عباس : خدعت يا علي . فقال: وأي خدعة؟! فسمعتها فاطمة بنت قيس فقال: إن عبد الرحمن طلب الوثيقة لنفسه فأعطاه عثمان الثقة وأخذ عبد الرحمن لنفسه بالوثقى فتكلمت بثلاث لغات في لغة واحدة ]] .<o:p></o:p> عن أبي وائل : [[ قلت لـعبد الرحمن بن عوف : كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً ؟ فقال: ما ذنبي قد بدأت بـعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة أبي بكر وعمر ، فقال: فيما استطعت، ثم عرضتها على عثمان فقبل ]] .<o:p></o:p> عن أبي ذر : [[ لما كان أول يوم من البيعة لـعثمان (ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة) ، واجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد، ونظرت إلى أبي محمد عبد الرحمن بن عوف وقد اعتجر بريطة وقد اختلفوا إذا جاء أبو الحسن - بأبي هو وأمي- فلما أبصروا بـأبي الحسن علي بن أبي طالب سر القوم طراً فأنشأ علي وهو يقول: إن أحسن ما ابتدأ به المبتدئون ونطق به الناطقون وتفوه به القائلون حمداً لله وثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على النبي محمد وآله، الحمد لله المتفرد لدوام البقاء، المتوحد بالملك، الذي له الفخر والمجد والثناء، خضعت له الآلهة لجلاله، ووجلت القلوب من مخافته، فلا عدل له، ولا ند له، ولا يشبهه أحد من خلقه، ونشهد بما شهد به لنفسه وأولو العلم من خلقه أن لا إله إلا الله، ليس له صفة تنال ولا حد تضرب له الأمثال، المدر صوب الغمام نبات نطاف ، ومهطل الرباب بالوابل والطل، فرَش الفيافي والآكام بشقائق النعمان وأنيق الزهر ، وأنواع النبات ينسق العيون الغرار من صم الأطوار بثغب الزلال ، حياة للطين والهوام والوحش وسائر الأنعام والأنام، فسبحان من يدان لدينه ولا يدان لغير دينه، وسبحان الذي ليس لصفته نعت موجود، ولا حد محدود، ونشهد أن محمداً عبده المرتضى، ونبيه المصطفى، ورسوله المجتبى، أرسله الله إلينا كافة والناس أهل عبادة الأوثان، وجموع الضلالة يسفكون دماءهم ويقتلون أولادهم، ويخيفون سبلهم ، عيشهم الظلم، وأمنهم الخوف، وعزهم الذل، مع عنجهيه وعميا وحمية حتى استنقذنا الله بمحمد من الضلال، وهدانا بمحمد من الجهالة، وأنجدنا بمحمد من الهلكة، ونحن معاشر العرب أضيق الأمم معاشاً، وأخشنها رياشاً ، جل طعامنا من الحنظل والهيبد ، وجل لباسنا الوبر والجلود، مع عبادة الأوثان والنيران، فهدانا الله بمحمد إلى صالح الأديان، وأنقذنا من عبادة الأوثان بعد أن أمكنه الله من شعلة النور، فأضاء بمحمد مشارق الأرض ومغاربها فقبضه الله إليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما أجل رزيته وأعظم مصيبته، فالمؤمنون فيه طراً مصيبتهم واحدة، فقام مقامه أبو بكر الصديق فوالله يا معشر المهاجرين ما رأيت خلقاً كان أحسن أخذاً بقائمة السيف يوم الردة من أبي بكر الصديق قام مقاماً أحيا الله به سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والله لو منعوني عقالاً لجاهدتهم في الله فسمعت وأطعت لـأبي بكر ، وعلمت أن ذلك خير لي فخرج من الدنيا خميصاً ، وكيف لا أقول هذا في أبي بكر ، وأبو بكر ثاني اثنين ، وكانت ذات النطاقين تنطق بعباء لها وتخالف بين رأسيها ومعها طلمتان فتروح بهما إلى حبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف لا أقول هذا في أبي بكر وقد اشترى سبعة: ثلاث نسوة، وأربعة رجال ، كلهم أوذوا في الله وفي رسوله، وكان بلال منهم، وجهز رسول الله بماله ومعه يومئذ أربعون ألفاً، فدفعها إلى رسول الله وهاجر بها إلى طيبة .<o:p></o:p> ثم قام مقامه الفاروق عمر بن الخطاب فشمر عن ساقيه، وحسَر عن ذراعيه لا يأخذه في الله لومة لائم، كنا نرى السكينة تنطق على لسانه، وكيف لا أقول هذا ورأيت رسول الله مدعم عليه وعلى أبي بكر فقال رسول الله: { هكذا نحيا، وهكذا نموت، وهكذا نبعث، وهكذا ندخل الجنة } ، وكيف لا أقول هذا في الفاروق والشيطان يفر من حسه ، فمضى شهيداً رحمة الله عليه، ثم أراكم معاشر المهاجرين والأنصار رمقتموني بأبصاركم طراً، ثم قال: معاشر المهاجرين وأخوكم أبو عبد الله -يعني: عثمان - أليس زوجه النبي صلى الله عليه ابنته ثم أتاه جبريل فقال له حين وعز إليه وهو بالمقبرة: يا محمد إن الله أمرك أن تزوج عثمان أختها، وكيف لا أقول هذا وقد جهز أبو عبد الله جيش العسرة ، وهيأ لرسول الله يوماً سخينة -أو قال معدية- فأقبل بها في صحفة وهي تفور فوضعها تلقاء النبي فقال رسول الله: { كلوا حافتيها ولا تهدوا ذروتها، فإن البركة تنزل من فوق } ، ونهى رسول الله أن يؤكل الطعام سخنا جداً ، فلما أكل رسول الله المعدية من سمن وعسل وطحين بر مد يده إلى فاطر البرية ثم قال: { غفر الله لك يا عثمان ! ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وما أسررت وما أعلنت } اللهم لا تنسَ هذا اليوم لـعثمان ، ثم قال علي : يا معشر المهاجرين: تعلمون أن بعير أبي جهل ند فانطلق إلى عير أبي سفيان ، وكانت عليه حلقة مزموماً بها من ذهب، وعليه رجل يذبح لـأبي جهل ، فقال رسول الله لـعمر : { ائتنا بالبعير، فقال عمر : يا رسول الله إن من هناك عدي أقل ذلك } ، وعلم رسول الله أن المادة والعدد لعبد مناف، فوجه رسول الله بـعثمان إلى عير أبي سفيان ليأتي بالبعير، فانطلق عثمان على قعود له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم معجباً به جداً حتى البعير، فقام إليه أبو سفيان مبجلاً معظماً وقد احتبى بملائه ، فقال أبو سفيان : كيف خلفت ابن عبد الله؟ فقال له عثمان : من هامات قريش وذو ابتهام وشام فقاء عيشها سماء محمد [شمساً ماطرة، وتجارة زاخرة، وعيونه قاعه، وتلاعه دفاعة . يا أبا سفيان : فلا عرى من محمد فحزنا، ولا قصم بزوال محمد ظهرنا.<o:p></o:p> فأنشأ أبو سفيان فقال: يا أبا عبد الله ! أكرم بـأبي عبد الله ذاك الوجه كأنه ورق مصحف، إني أرجو أن تكون خلفاً من خير سلف. وجعل أبو سفيان يقهقه مرة، ويركض الأرض برجله أخرى، ثم دفع البعير إلى عثمان ، فقال علي : فأي مكرمة أسنى وأفضل من هذه لـعثمان حين أمضى أمر الله فيمن أراد، ثم إن أبا سفيان دعا بصحفة كثيرة الإهالة ، ثم دعا بطلمة فقال: دونك أبا عبد الله ، فقال أبو عبد الله : قد خلفت النبي صلى الله عليه وسلم على جد فلست أقدر أن أطعم، فأبطأ أبو عبد الله ، فقال رسول الله: قد أبطأ صاحبنا بايعوني فقال أبو سفيان : إن طعمت من طعامنا رددنا عليك البعير برمته ، فقال أبو عبد الله : من طعام أبي سفيان . فأقبل أبو عبد الله بعد ما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال علي : ناشدتكم الله هل تعلمون معاشر المهاجرين والأنصار أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، هل تعلمون كان هذا؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله هل تعلمون أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تحب علياً وتحب من يحبه، فإن الله يحب علياً ويحب من يحب علياً ؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله قال: { لما أُسرى بي إلى السماء السابعة رفعت إليَّ رفارف من نور، ثم دفعت إلى حجبٍ من نور، فوعد النبي صلى الله عليه وسلم الجبار لا إله إلا الله أشياء، فلما رجع من عنده نادى منادٍ ينادي من وراء الحجب: نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي فاستوص به } أتعلمون يا معاشر المهاجرين والأنصار! كان هذا؟ فقال أبو محمد من بينهم -يعني: عبد الرحمن بن عوف -: سمعتها من رسول الله وإلا فصمتا ، هل تعلمون أن أحداً كان يدخل المسجد غيري جنباً؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدتكم الله! تعلمون أن أبواب المسجد سدها وترك بابي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: هل تعلمون أني كنت إذا قاتلت عن يمين رسول الله قاتلت الملائكة عن يساره ؟ قالوا: اللهم نعم، قال: هل تعلمون أن رسول الله قال: { أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي } ؟ قال: فهل تعلمون أن رسول الله أخذ الحسن والحسين فجعل يقول: (هي يا حسن ؟ فقالت فاطمة : أي رسول الله! إن الحسين أصغر منه وأضعف ركنا منه، فقال لها: ألا ترضين أن أقول أنا: هي يا حسن ، ويقول جبرائيل : هي يا حسين ؟ فهل لخلق منكم مثل هذه المنزلة؟ نحن صابرون ليقضي الله في هذه البيعة أمراً كان مفعولاً، وصلى الله على محمد ]] .<o:p></o:p> - عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر : [[ إني رأيت في المنام كأن ديكاً نقرني ، فقلت: أعجمي، وإني قد جعلت هذا الأمر من بعدي إلى هؤلاء الستة الذين قبض رسول الله وهو عنهم راضٍ، فمن استخلف فهو الخليفة ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915867">رواية علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل عثمان :-</a> <o:p></o:p> - عن قيس بن عباد : { سمعت علياً رضي الله عنه، وذكر عثمان ، فقال: هو رجل قال [له] رسول الله ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة } .<o:p></o:p> - عن عبد خير : [[ وضأت علي بن أبي طالب بـرحبة الكوفة فقال لي: يا عبد خير ، سلني، قلت: عم أسألك يا أمير المؤمنين؟ قال: وضأت رسول الله كما وضأتني فقلت: يا رسول الله! من أول من يدعى إلى الحساب؟ فقال: أنا أقف بين يدي ربي يوم القيامة ما شاء الله، ثم أخرج وقد غفر الله لي قلت: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم أبو بكر الصديق يقف مثل ما وقفت مرتين -أو كما وقفت- ثم يخرج وقد غفر الله له قلت: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم عمر بن الخطاب يقوم كما قام أبو بكر مرتين، ثم يخرج وقد غفر الله له. قلت: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم أنت يا علي . قلت: يا رسول الله! فأين عثمان بن عفان ؟ قال: عثمان ذو حياء سألت ربي أن لا يوقف للحساب فشفعني فيه } .<o:p></o:p> - عن النزال بن سبرة : [[ سألت علياً عن عثمان ، فقال: ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين ، كان ختن رسول الله على ابنتيه، ضمن له بيتاً في الجنة ]] .<o:p></o:p> - عن علي : { سمعت النبي صلى الله عليه يقول لـعثمان : لو أن لي أربعين بنتاً لزوجتك واحدة بعد واحدة حتى لا يبقى منهن أحد } .<o:p></o:p> - قال رجل بـالكوفة : { قتل عثمان شهيداً، فأخذه رجل من أصحاب علي فأتى به علياً فقال: إن هذا يقول: إن عثمان قتل شهيداً! فقال له علي : وما علمك؟ فقال له الرجل: أتذكر يوماً أتيت رسول الله وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وأنت، فسألت رسول الله فأعطاني، وسألت أبا بكر فأعطاني، وسألت عمر فأعطاني، وسألت عثمان فأعطاني، وسألتك فمنعتني؟ فقلت: يا رسول الله، ادع الله [فيه] أن يبارك لي، فقال: وما لك أن لا يبارك الله لك وقد أعطاك نبي وصديق وشهيدان؟ يقولها ثلاثاً، قال علي : جل سئل الرجل } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915868">قول علي في فضل عثمان :-</a> <o:p></o:p> - جاء رجل من آل حاطب إلى علي فقال: [[ يا أمير المؤمنين، إني راجع إلى المدينة وإنهم مسائلي عن عثمان ، فماذا أقول لهم؟ قال: أخبرهم أن عثمان كان من الذين (( آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا ))[المائدة:93] ]] .<o:p></o:p> عن محمد بن حاطب [[ سمعت علياً يقول في قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ))[الأنبياء:101] قال: عثمان وأصحابه ]] .<o:p></o:p> عن محمد بن حاطب :<o:p></o:p> [[ دخلت على علي بـالكوفة فسلمت وقلت: إني أريد الحجاز ، وإن الناس سائلي عنك فما تقول في عثمان ؟<o:p></o:p> وكان متكئاً فجلس ثم قال: تسألني يا ابن حاطب عما أقول في عثمان ، والله إني لأرجو أن أكون أنا وأخي عثمان ممن قال الله في كتابه: (( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ))[الحجر:47] ]] .<o:p></o:p> عن ابن الحنفية : [[ قال علي رضي الله عنه: لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت له وأطعت ]] .<o:p></o:p> { لما زاد عثمان في المسجد قال علي : ما أحسن ما صنع، سمعت رسول الله يقول: من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة } .<o:p></o:p> قال علي لـمطرف : [[ ما يمنعك من اتباعي إلا حب عثمان ، أما والله لئن أحببته لقد كان أوصلنا للرحم ]] . <o:p></o:p> وروي: [[ إن تحبه فقد كان والله خيرنا وأبرنا وأوصلنا ]] . <o:p></o:p> قال عثمان لـعلي : [[ يا أبا الحسن ! إنك لو شئت لاستقامت عليَّ هذه الأمة فلم يخالفني أحد. فقال علي : والله لو كانت لي أموال الدنيا وزخرفها ما استطعت أن أدفع عنك أكف الناس، ولكن سأدلك على أمر هو أقصد مما سألتني. تعمل بعمل أخويك أبي بكر وعمر فأنا لك بالناس لا يخالفك أحد ]] .<o:p></o:p> [[ كان لـعثمان عبد فاستشفع بـعلي أن يكاتبه ، فكاتبه على مائتي درهم، ثم دعا عثمان العبد فقال: إني كنت عركت أذنك فاقتص مني، فأخذ بأذنه ثم قال عثمان : شد شد يا هذا، قصاص الدنيا لا قصاص الآخرة ]] .<o:p></o:p> عن سعيد بن المسيب : [[ وقع بين علي وعثمان كلام فيه غلظة أول النهار، فلما كان وسط النهار أصلحت بينهما، فلما كان آخر النهار رأيتهما وقد خرجا وكل واحدٍ أخذ بيد صاحبه كأنهما أخوان لأب وأم ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915869">ما روى علي عن عثمان :-</a> <o:p></o:p> - عن علي رضي الله عنه: { صليت العصر مع عثمان أمير المؤمنين، فرأى في جانب المسجد خياطاً فأمر بإخراجه، فقيل يا أمير المؤمنين: إنه يكنس المسجد ويغلق الأبواب ويرش أحياناً، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جنبوا صناعكم مساجدكم } .<o:p></o:p> - عن عاصم بن ضمرة : { رأيت علياً يأخذ ماءً لطهوره، فبادرته إليه، فقال لي: مه ؛ فإني رأيت عثمان أمير المؤمنين يأخذ ماءً لطهوره فبادرته إليه فقال: مه؛ فإني رأيت عمر بن الخطاب أمير المؤمنين يأخذ ماءً لطهوره فبادرته إليه فقال: مه؛ فإني رأيت أبا بكر الصديق يأخذ ماءً لطهوره فبادرته إليه فقال لي: مه؛ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ ماءً لطهوره فبادرته إليه فقال لي: يا أبا بكر إني لا أحب أن يعينني أحد على طهوري } . وعنه عن عثمان : [[ أنزل القرآن على لسان قريش ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915870">ما روي عنه من الإنكار على من قتل عثمان :-</a> <o:p></o:p> - روى ابن عباس عن علي : [[ والله ما قتلت عثمان ولا أمرت ولكني نهيت، والله ما قتلت عثمان ولا أمرت ولكني غُلبت ]] .<o:p></o:p> قال محمد بن الحنفية لـابن عباس : [[ تذكر يوم المربَدِ كنت عن يمين علي وأنت على يساره فسمع ضجة فقال: انظروا ما هذا؟ قالوا: هذه عائشة تلعن قتلة عثمان والناس يؤمِّنون، فقال: لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل، فقال ابن عباس : صدقت، فقال محمد : فما أنا وأنت بذوي عدل ]] .<o:p></o:p> - عن عمر يحيى بن سعد الأنصاري : [[ لما توافقنا يوم الجمل وقد كان علي حين صفنا نادى في الناس: لا يَرْمِيَنَّ رجل بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضربنَّ بسيف، ولا تبدءوا القوم بالقتال، وكلموهم باللطف، وقال: إن هذا مقام من فلح فيه فلح يوم القيامة، فلم ينزل وقوفاً حتى تعالى النهار، وحتى نادى القوم يا لثارات عثمان ، فنادى علي محمد بن الحنفية : ما يقولون؟ فأقبل علينا بوجهه فقال: يا أمير المؤمنين يقولون: يا لثارات عثمان ، فرفع علي يديه وقال: اللهم أكب اليوم قتلة عثمان لوجوههم، ففعل الله ذلك بهم ]] .<o:p></o:p> - علي بن ربيعة سمعت علياً يقول: [[ والله لئن شاءت بنو أمية لأتيتهم بخمسين غلاماً من بني هاشم يحلفون بالله ما قتلت عثمان -وأظنه قال-: ولا مالأت ولا شاركت ولا رضيت ]] .<o:p></o:p> وعن ابن سيرين : [[ والله ما قتلت عثمان ولا مالأت ولا شاركت ولا رضيت ]] .<o:p></o:p> - [[ لما كان يوم الدار أرسل عثمان إلى علي يدعوه، فأراد إتيانه، فتعلقوا به ومنعوه، فلوى عمامة له سوداء ونادى ثلاثاً: اللهم إني لا أرضى قتله ولا آمر به ]] .<o:p></o:p> - وعنه أنه قال يوم الجمل: [[ اللهم حلل قتلة عثمان خزياً ]] .<o:p></o:p> عن ابن أبي ليلى رأيت علياً عند أحجار الزيت رافعاً ضبعيه يقول: [[ اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، فذكرت ذلك لـعبد الملك بن مروان فقال: ما أرأه إلا بريئاً، قلت: فلم يلعنونه على المنابر؟ قال: لا يقوم الملك إلا بذلك ]] . <o:p></o:p> - شداد بن أوس : لما اشتد الحصار بـعثمان يوم الدار أشرف على الناس فنادى: [[ يا عباد الله! فرأيت علياً خارجاً من منزله معتماً بعمامة رسول الله متقلداً سيفه، أمامه الحسن ابنه وعبد الله بن عمر في نفر من المهاجرين والأنصار حتى حملوا على الناس فألجئوهم إلى الوحيف ، وهو مستنقع تلقى فيه الجيف ، ثم دخلوا على عثمان فقال له علي : السلام عليك يا أمير المؤمنين، إن رسول الله لم يلحق هذا الأمر حتى ضرب بالمقبل المدبر ، وإني والله أرى القوم قاتليك، فمرنا فلنقاتل، فقال عثمان : أنشد الله رجلاً رأى لله عليه حقاً وأقر أن لي عليه حقاً أن يهريق في سببي ملء محجمة من دم، أو يهراق دمه فيَّ. فقال له علي : يا أمير المؤمنين! إن القوم قاتلوك، إن رسول الله لم يلحق هذا الأمر حتى ضرب بالمقبل المدبر، وإن بالباب فتنة منضودة ، فمرنا فلنقاتل، فقال عثمان : أنشد الله رجلاً رأى لله عليه حقاً إلا لزم بيته، فرأيت علياً خارجاً من الدار وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنه منا المجهود، ونادى المنادي حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، فدعا علي بماء فتوضأ ومسح على خفيه ثم دخل المسجد فقالوا: يا أبا الحسن تقدم فصلِّ بالناس، فقال: لا أصلي بكم والإمام محصور به، ولكن أصلي وحدي، فصلى وحده وانصرف إلى منزله، فلحقه ابنه في نفر من الناس، فقال: يا أبت! قد والله اقتحموا عليه الدار، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هم والله قاتلوه، قالوا: أين هو يا أبا الحسن ؟ قال: في الجنة، والله ثلاثاً، [قال] فأين هم؟ قال: في النار، والله ثلاثاً ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915871">ذكر مقتل عثمان :-</a> <o:p></o:p> عن سعيد بن المسيب : أن عثمان لما ولي كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله؛ لأن عثمان كان يحب قومه، فولي ثنتي عشرة سنة، وكان كثيراً ما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صحبة، وكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد، كان يستعتب فيهم فلا يعيبهم، فلما كان في ست الحجج الأواخر استأثر بني عمه فولاهم، وأشرك معهم، وأمرهم بتقوى الله، وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كان قبل ذلك من عثمان هنات إلى عبد الله بن مسعود ، وأبي ذر ، وعمار بن ياسر ، وكانت هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها بحال عبد الله بن مسعود ، وكانت بنو غفار وأجلافها ومن غضب لـأبي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان بحال عمار بن ياسر ، وجاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح ، [فكتب] إليه كتاباً يهدد فيه، فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان ومن أهل مصر ممن كان أتى عثمان يتظلم فقتله، فخرج من أهل مصر تسعمائه رجل إلى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا إلى أصحاب محمد في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم، فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة فقال: قد تقدم إليك أصحاب محمد وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت إلا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلاً فأنصفهم من عاملك. ودخل عليه علي رضي الله عنه وكان متكلم القوم فقال: إنما سألوك رجلاً مكان رجل، وقد ادعوا قبله دماً فاعزله عنهم واقضِ، فإن وجب عليه حق فأنصفهم من عاملك. فقال لهم: اختاروا رجلاً أوليه مكانه، فأشار الناس عليه بـمحمد بن أبي بكر ، فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر ، فكتب عهده وولاه، وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وبين ابن أبي سرح ، فخرج محمد ومن معه، فما كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير خبطاً حتى كأنه يَطلب أو يُطلب، فقالوا له: ما قصتك كأنك هارب أو طالب؟ فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين وجهني إلى عامل مصر ، قال رجل: هذا عامل مصر معنا، قال: ليس هذا أريد وأخبر بأمره محمد بن أبي بكر فبعث في طلبه رجالاً فأخذوه، فجاءوا به إليه فقال: غلام من أنت؟ فاعتل ، مرة يقول: أنا غلام أمير المؤمنين، ومرة يقول: أنا غلام مروان ، حتى عزم رجل إنه لـعثمان ، فقال محمد : إلى من أرسلت؟ قال: إلى عامل مصر ، قال: بماذا؟ قال: برسالة. قال: معك كتاب؟ قال: لا. ففتشوه فلم يجدوا معه كتاباً، وكانت معه إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة، فإذا فيها كتاب من عثمان إلى عبد الله بن أبي سرح ، فجمع محمد من كان معه المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بمحضر منهم، فإذا فيه: إذا [أتاك] محمد وفلان فاحتل لقتلهم وأبطل كتابه، وقف على عملك حتى يأتيك رأيي واحبس من يجيء إلي يتظلم منك ليأتيك رأيي إن شاء الله. فلما قرءوا الكتاب فزعوا وريعوا فرجعوا إلى المدينة ، وختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم، وقدموا المدينة فجمعوا طلحة ، والزبير ، وعلياً ، وسعداً ، ومن كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم، فأخبروهم بقصة الغلام وأقرءوهم الكتاب فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حبق على عثمان ، وزاد ذلك ممن غضب لـابن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر حنقاً وغيظاً، وقام أصحاب النبي صلى الله عليه فلحقوا بمنازلهم ما منهم أحد إلا وهو مغتم لما قرءوا الكتاب، وحاصر الناس عثمان وأجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله ، وكانت عائشة تعرضه كثيراً، فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم بدري ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والبعير، فقال له علي : هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. والبعير بعيرك؟ قال: نعم، قال: وأنت [كتبت] هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله: ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا علمت به. قال له علي : فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال له علي : كيف يخرج غلامك ببعيرك بكتابك عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف بالله: ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر ، وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان ، وشكوا في أمر عثمان وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج أصحاب محمد من عنده غضابا، وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل؟ إلا أن قوماً قالوا: لن نبرئ عثمان في قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحث ونعرف حال الكتاب، وكيف يؤمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بغير حق، فإن يكن عثمان كتبه عزلناه، وإن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان ، وخشي عليه القتل، وحاصره الناس ومنعوه من الماء، فأشرف على الناس فقال: أفيكم علي ؟ قالوا: لا. قال: أفيكم سعد ؟ قالوا: لا، فقال: ألا أحد يبلغ [ علياً ] فيسقينا ماء، فبلغ ذلك علياً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء فما كادت تصل إليه. وجرح [بسببها] عدة من موالي بني هاشم [وبني] أمية حتى وصل الماء إليه، فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله، فقال: إنما أردنا منه مروان ، فأما قتل عثمان فلا، وقال للحسن والحسين : اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه، وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه على كرهٍ منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان ، ويسألونه إخراج مروان ، فلما رأى ذلك محمد بن أبي بكر ورمى الناس عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن علي بدماء [سقم] وهو في الدار، وخضب محمد بن طلحة ، وشج قنبر مولى علي فخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيروها فتنة، وأخذ بيد رجلين فقال لهما: إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن ، كشفوا الناس عن عثمان وبطل ما يريدون، ولكن مروا بنا حتى يتسور عليه من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان ، وما يعلم أحد ممن كان معه؛ لأن كل من كان معه كانوا فوق البيت، ولم يكن معه إلا امرأته، فقال لهما محمد بن أبي بكر : مكانكما فإن معه امرأته، حتى أبدأكما بالدخول، فإذا أنا [ضبطته] فادخلا [فتوخياه] حتى تقتلاه، فدخل محمد بن أبي بكر حتى أخذ لحيته، فقال له عثمان : والله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني، فتراخت يداه، ودخل الرجلان عليه فتوجأه حتى قتلاه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما كان في الدار من الجلبة .<o:p></o:p> وصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل، فدخل عليه الحسن والحسين ومن كان معهما فوجدوا عثمان مذبوحاً فانكبوا عليه يبكون وخرجوا، فدخل الناس فوجدوا عثمان مقتولاً فبلغ علياً الخبر وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بـالمدينة ، فخرجوا وقد ذهبت عقولهم بالخبر الذي أتاهم حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولاً فاسترجعوا .<o:p></o:p> وقال علي لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن ، وضرب صدر الحسين ، وشتم محمد بن طلحة ، ولعن عبد الله بن الزبير ، وخرج وهو غضبان يرى أن طلحة أعان على ما كان، فلقيه طلحة فقال: ما لك يا أبا الحسن ضربت الحسن والحسين ؟ قال: عليك لعنة الله ، الآن يستوي ذلك بقتل أمير المؤمنين رجل من أصحاب محمد بدري لم تقم عليه بينة ولا حجة، فقال طلحة : لو دفع مروان لم يقتل. فقال علي : لو أخرج إليكم مروان لقتل قبل أن تثبت عليه حكومة ، وخرج علي فأتى منزله وجاء الناس كلهم يقولون: يا أمير المؤمنين علياً ، فقالوا له: نبايعك فمد يدك فأنت أحق بها، فقال علي : ليس هذا الأمر إليكم، إنما ذاك إلى أهل بدر ، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً فقالوا: ما نرى أحداً أحق بها منك، مد يدك نبايعك. قال: أين طلحة ، والزبير ؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه، وسعد بيده، فلما رأى ذلك خرج إلى المسجد فصعد المنبر فكان أول من صعد المنبر طلحة فبايعه وكانت إصبع طلحة شلاء فتطير منها وقال: ما أخلقه إن سكت، فبايعه الزبير وسعد وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جميعاً، ثم نزل فدعا الناس وطلب مروان فهرب منه، وطلب نفراً من ولد مروان وابن أبي معيط فهربوا منه، فخرجت عائشة باكية تقول: عثمان رضي الله عنه! فقال لها عمار بن ياسر : أنت بالأمس تحرضين عليه، وأنت اليوم تبكيه! وجاء علي إلى امرأه عثمان فقال لها: من قتل عثمان ؟ فقالت: ما أدري؟ دخل عليه رجلان لا أعرفهم إلا أن أرى وجوههما ومعهما محمد بن أبي بكر فأخبرت علياً والناس بما كان من أمر محمد ، فدعا علي محمداً فسأله عما ذكرت امرأة عثمان ، فقال محمد : لم تكذب، قد والله دخلت عليه وأنا أريد قتله، فذكر لي أبي فقمت عنه وأنا تائب، والله ما قتلته ولا [أمسكته] ، قالت امرأته: صدق ولكن هو أدخلهما.<o:p></o:p> - عن أبي جعفر الأنصاري : [[ لما دخل على عثمان يوم الدار خرجت فملأت فروجي فمررت مجتازاً بالمسجد فإذا رجل قاعد في ظلة النساء عليه عمامة سوداء وحوله نحو من عشرة فإذا هو علي . فقال: ما صنع الرجل؟ قلت: قتل الرجل. قال: تباً لهم آخر الدهر ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915872">ما روي عن علي رضي الله عنه في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف :-</a> <o:p></o:p> - لما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكوا وقيس بن عباد فقالا له: [[ ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه، تستولي على الأمر وتضرب الناس بعضهم ببعض، أعهد من رسول الله عهده إليك، فحدثنا فأنت الموثوق به والمأمون على ما سمعت؟ فقال: أما أن يكون عندي من النبي صلى الله عليه وسلم عهد في ذلك فلا، والله لئن كنت أول من صدق به أكون أول من كذب عليه، ولو كان عندي من النبي في ذلك عهد ما تركت أخا بني تميم بن مرة وعمر بن الخطاب يقومان على منبره ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردتي ضده، ولكن رسول الله لم يقتل قتلاً، ولم يمت فجأة، مكث في مرضه أياماً وليالي، فأتاه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى وغضب وقال: { أنتن صواحبات يوسف ، مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس } ، فلما قبض الله نبيه نظرنا في في أمورنا واخترنا لدنيانا ما رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا، وكانت الصلاة عظم الإسلام وقوام الدين، فبايعنا أبا بكر وكان لذلك أهلاً، لم يختلف منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم يقطع منه البراة، فأديت إلى أبي بكر حقه وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا غزاني، فأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض ولاها عمر فأخذ بسنة صاحبه وما يعرف من أمره، فبايعنا عمر لم يختلف منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم يقطع منه البراة، فأديت إلى عمر حقه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جنوده، فكنت آخذ والله إذا أعطاني، وأغزو إذا غزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي، ولا أظن أن لن يعدل بي، ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده ديناً إلا لحقه في قبره، فأخرج منها نفسه وولده ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده وبرئ منها إلى رهط من قريش ستة أنا أحدهم، فلما اجتمع الرهط تذكرت في نفس قرابتي وسابقتي وفضلي، وأنا أظن أن لا يعدلوا بي، وأخذ عبد الرحمن مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولاه الله أمرنا، ثم أخذ بيدي فضرب بيده على يدي، فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري، فبايعنا عثمان فأديت إليه حقه وعرفت له طاعته، وغزوت معه في جيوشه، فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا غزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما أصيب عثمان نظرت في أمري وإذا الخليفتان اللذان أخذاها عهد رسول الله إليهما بالصلاة قد مضيا، وهذا الذي أخذ له ميثاقي قد أصيب، فبايعني أهل الحرمين، وأهل هذين المصرين ]] .<o:p></o:p> - وروى بعد هذا: [[ فجاء معاوية بن أبي سفيان يضربني بأهل الشام ، وكنت والله أحق به منه، كنت مهاجرياً، وكان طليقاً ، وكانت قرابتي من رسول الله وهجرتي، وكان طليقاً ابن طليق، فكنت والله أحق بها منه، والله لو أن أبا بكر حيث بويع نازعوه لقاتل، ولو أن عمر حيث بايعوه نوزع لقاتل، فقال له: صدقت والله وبررت يا أبا الحسن ! احتججت وبلغت، وكنت والله أحق به منه ]] .<o:p></o:p> عن عمر بن زوذي : سمعت علياً رضي الله عنه يقول: [[ هل تدرون ما مثلي ومثلكم ومثل عثمان بن عفان ؟ مثلنا كمثل ثلاثة [أثواب] كن في أجمة ثور أبيض، وثور أسود، وثور أحمر، معهن فيها أسد، فكان الأسد لا يقدر منهن على شيء باجتماعهن عليه، فقال للثور الأسود وللثور الأحمر: إنه لا يدل علينا في أجمتنا إلا هذا الثور الأبيض فإنه مشهور اللون فلو تركتماني أكلته صفت لي ولكما الأجمة وعشنا فيها، فقالا: دونك فكله، ثم لبث غير كثير، فقال للثور الأحمر: إنه لا يدل علينا في أجمتنا هذه إلا هذا الثور الأسود؛ فإنه مشهور اللون، إن لوني ولونك لا يشهران، فلو تركتني فأكلته صفت لي ولك الأجمة وعشنا فيها، فقال: دونك فكله، ثم لبث غير كثير فقال للثور الأحمر: إني آكلك، قال: فدعني حتى أنادي ثلاثة أصوات، قال فنادى فقال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، قال: يقول علي رضي الله عنه: ألا إني إنما وهنت يوم قتل عثمان ]] .<o:p></o:p> قال علي رضي الله عنه: [[ مثلتم بيني وبين أبي بكر فقبلت، ومثلتم بيني وبين عمر فقبلت، ومثلتم بيني وبين عثمان فقبلت، وها أنتم تمثلون بيني وبين معاوية ]] . <o:p></o:p> لقي عمر علياً فقال: [[ يا أبا الحسن ! نشدتك بالله هل كان رسول الله ولاك الأمر؟ قال: لو قلت ذاك فما تصنع أنت وصاحبك؟ قال: أما صاحبي فقد مضى، وأما أنا فوالله إذن لأخلعنها من عنقي في عنقك، فقال: جدع الله أنف من أبعدك من هذا، لكن رسول الله جعلني علماً، فإذا أنا قمت فمن خالفني فقد خل ]] . <o:p></o:p> - ابن عباس :[[ أن علياً رضي الله عنه خرج من عند رسول الله في الوجع الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح بحمد الله رسول الله؟ قال: أصبح بارئاً، فأخذ بيده العباس بن عبد المطلب ، فقال: ألا ترى أنك بعد ثلاث عبد العصا ، والله إني لأرى رسول الله سيتوفى في وجعه هذا، وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت، فاذهب إلى رسول الله نسأله فيمن يكون هذا الأمر، فإن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا أمرنا فأوصى بنا. فقال علي رضي الله عنه: والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس أبداً، والله لا أسأل رسول الله أبداً ]] .<o:p></o:p> قيل لـعلي : [[ ألا تستخلف؟ قال: لا ولكن أترككم على ما ترككم عليه رسول الله ]] . <o:p></o:p> وروي أنه صعد المنبر فقال: [[ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لتخضبن هذه من هذه ، قالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا به فلنبتره ولنبتر عترته ، قال: أشهد والله لا يقتل بي إلا قاتلي، قالوا: فاستخلف علينا. قال: أوكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله، قالوا: فإيش تقول لربك؟ قال: أبربي تخوفونني؟ أقول: يا رب تركتني فيهم ما بدا لك، وقبضتني حين بدا لك، فأنت أعلم بهم، إن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم ]] .<o:p></o:p> وروي: [[ لا أستخلف عليكم، ولكن أترككم كما تركنا رسول الله، إنا دخلنا على رسول الله فقلنا: يا رسول الله! ألا تستخلف علينا؟ فقال: { إن يعلم الله فيكم خيراً فاستخلفوا عليكم خيركم } فعلم الله فينا خيراً فاستعمل علينا أبا بكر ]] . قال صعصعة : [[ وعلم الله فينا شراً فاستخلف معاوية ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915873">ما روي عن النبي صلى الله عليه لمن يستخلف :-</a> <o:p></o:p> عن حذيفة قالوا: { يا رسول الله! استخلف علينا، قال: إني إن استخلف عليكم فعصيتم خليفتي نزل العذاب، قالوا: ألا نستخلف أبا بكر ؟ قال: إن تستخلفوه تجدوه قوياً في أمر الله ضعيفاً في بدنه، قالوا: ألا نستخلف عمر ؟ قال: إن تستخلفوه تجدوه قوياً في أمر الله، قوياً في بدنه، قالوا: ألا نستخلف علياً ؟ قال: إن تستخلفوه تجدوه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم، وذكر ما شاء الله من الخير } .<o:p></o:p> - طلحة بن مصرف : [[ سألت ابن أبي أوفى هل أوصى رسول الله؟ قال: لا.<o:p></o:p> قلت: فكيف كتب على المسلمين الوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله، وقال أبو بكر : كان يأمر علي وصي رسول الله وقال أبو بكر : لو كان عنده من رسول الله علم وخزم أفقه لجرامه ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915874">ما روي عن عمر أن رسول الله لم يستخلف :-</a> <o:p></o:p> قيل لـعمر رضي الله عنه: [[ [ألا تستخلف] ؟ قال: أأتحمل أموركم حياً وميتاً! إن أدعكم فقد ودعكم من هو خير مني: رسول الله، وإن أستخلف عليكم فقد استخلف عليكم من هو خير مني ، فأثنوا عليه خيراً. فقال: راغب وراهب، وددت حظي منكم الكفاف لا لي ولا عليَّ. قال عبد الله بن عمر : فعرفت أنه حين قال: (إني إن أترككم فقد ترككم من هو خير مني) أنه تاركهم للمشورة في الاستخلاف ]] .<o:p></o:p> - عن علي رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: { لو كنت مستخلفاً أحداً عن غير مشورة لأستخلف ابن أم عبد } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915875">ما روي في الأمر بالشورى :-</a> <o:p></o:p> عن علي رضي الله عنه: { قلت: يا رسول الله! الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل به القرآن ولم أسمع منك فيه شيئاً، قال: اجمعوا له العابدين من المؤمنين، واجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوه برأي واحد } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915876">ما رواه علي عن رسول الله في فضل الأربعة معاً :-</a> <o:p></o:p> { رحم الله أبا بكر ؛ زوجني ابنته، وأعتق بلالاً من ماله، وحملني إلى دار الهجرة ، رحم الله عمر ؛ يقول الحق وإن كان مراً، تركه الحق ماله صديق، رحم الله عثمان ؛ تستحييه الملائكة، رحم الله علياً ؛ أدر الحق حيث ما دار } .<o:p></o:p> -عن علي : [[ لم يقبض النبي صلى الله عليه حتى أسر إليَّ أن أبا بكر سيلي بعده، ومن بعد أبي بكر عمر ، ومن بعد عمر عثمان ، وأني سألي ]] .<o:p></o:p> - قال لي رسول الله: { يا علي ! إن الله أمرني أن آخذ أبا بكر والداً، وعمر مشيراً، وعثمان سنداً ، وإياك يا علي ظهيراً، أنتم أربعة قد أخذ الله ميثاقكم في أم الكتاب: لا يحبكم إلا مؤمن، ولا يبغضكم إلا فاجر، أنتم خلائف نبوتي، وعقدة سنتي، وحجتي على أمتي، لا تقاطعوا، ولا تداثروا ، ولا تغامزوا } .<o:p></o:p> - روى جابر عن رسول الله: { أبو بكر وزيري والقائم في أمتي بعدي، وعمر حبيبي ينطق على لساني، وعثمان مني، وعلي أخي وصاحب لرايتي } .<o:p></o:p> - وروى أن رسول الله قال لـأبي بكر : { كيف أنت يا أبا بكر إن وليت هذا الأمر بعدي؟ قال: قبل ذلك أموت يا رسول الله، قال: فأنت يا عمر ؟ قال: هلكت، إذن قال: فأنت يا عثمان . قال: آكل وأطعم وأقسم ولا أظلم. قال: فأنت يا علي ؟ قال: آكل القوت ، وأخفي الصوت، وأقسم التمرة، وأحمي الجمرة . قال: كلكم سيلي بها، كلكم فسيرى الله عمله، ثم أقبل على معاوية فقال: كيف بك يا معاوية إن وليت؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أنت صاحب الحطم وفتاح العظم حقباً حقباً حتى تتخذ البدعة سنة، والقبيح حسنة، يربو فيها الصغير، ويهلك فيها الكبير، أكلك يسير، وظلمك عظيم } .<o:p></o:p> - وعن عبد الله بن عمرو : [[ كنت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فتذاكروا أبا بكر وعمر ، فقال علي : يا قوم! لا تجهلوا أصحاب محمد، إن الله فتح هذه الخلافة على يدي أبي بكر ، وثناها بـعمر ، وثلثها بـعثمان بن عفان ، وختمها بي كختمة نبوة محمد [صلى الله عليه وسلم] ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915877">حديث سفينة عن رسول الله :-</a> <o:p></o:p> روى سفينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: { الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم مُلك بعد ذلك } .<o:p></o:p> قال سعيد بن جهمان : قال لي سفينة : [[ أمسك، فأمسكت خلافة أبي بكر ، وخلافة عمر ، وخلافة عثمان ، وخلافة علي فوجدتها ثلاثين ]] وفي رواية: [[ أمسك: سنتين أبو بكر ، وعشراً عمر ، وثنتي عشر عثمان ، وستاً علي ]] . <o:p></o:p> - حديث أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن: أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي } . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915878">ما روي عن أولاد الحسن والحسين في ذكر الأئمة وغيرهم من أهل البيت :-</a> <o:p></o:p> - [[ سئل علي بن الحسين عن أبي بكر وعمر ومنزلتهما من رسول الله فقال: كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه ]] . <o:p></o:p> - [[ رفع إلى عمر بن عبد العزيز رجل يشتم أبا بكر وعمر فشاور فيه، فقال بعضهم بقتله، وأشار بعضهم بأن يضرب حدين، فبعث عمر إلى علي بن الحسين فقال: لا يقتل أحد إلا بشتم نبي، ولكني أرى أن تضربه حداً ويسلمه حجاماً ]] . <o:p></o:p> - عن علي بن الحسين : [[ جاءني نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر ثم أسرعوا في عثمان فلم يُتركوا، فقلت لهم: ألا تخبرونني: أنتم من المهاجرين الأولين الذين قال الله عز وجل: (( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ))[الحشر:8] ؟ فقالوا: لا.<o:p></o:p> قال: أفأنتم من الذين: (( تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ))[الحشر:9] الآية؟<o:p></o:p> قالوا: لا.<o:p></o:p> قلت: أما أنتم فقد تبرأتم من أن تكونوا واحداً من الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ))[الحشر:10] اخرجوا فعل الله بكم ]] <o:p></o:p> - عن جعفر بن محمد : [[ كان أبي وجدي يتوليان أبا بكر وعمر ولا يتبرآن منهما، قال جعفر : ولم لا أتولاهما وقد ولدانا، من قال ذلك تقية فعليه لعنة الله ]] .<o:p></o:p> - عن عائشة : { دخلت امرأة من الأنصار عليَّ ورسول الله جالس فقالت: إني أعطيت الله عهداً إذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في أمن لأنقرن على رأسه بالدف. قالت عائشة : فأخبرت رسول الله بذلك، فقال: قولي لها: فلتنقر بما حلفت، فقامت إلى رسول الله فنقرت، واستفتح عمر فسقط الدف من يدها وأسرعت إلى خدر عائشة ، فقالت لها عائشة : ما لك؟ قالت: سمعت حس عمر فهبته، فقال رسول الله: إن الشيطان ليفرق من حس عمر } .<o:p></o:p> قيل لـجعفر بن محمد : [[ يا ابن بنت رسول الله! ما تقول في أبي بكر ؟ قال: وما عسى أن أقول فيه، لا أقول فيه إلا الخير بعد حديث حدثنيه أبي عن الحسين قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على رجل هو خير من أبي بكر الصديق ، ثم قال جعفر : لا أنالني شفاعة جدي رسول الله إن كنت كذبت، ولا كذبت فيما رويت لك، وإني لأرجو شفاعته يوم القيامة ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915879">أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر [عن] كثير بياع النوى :-</a> <o:p></o:p> قال: [[ أتيت أبا جعفر بـالمدينة فدعا بخوان له خير نهران، وجاءوا بجفنة منه ثريد ، وجاءوا بتمر فأكلنا، فقلت له: ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فقال: قد وليا فعدلا فتولهما، فقلت له: إن الناس يقولون: هذا منك تقية، فقال: إنما يتقى الأحياء ولا يتقى الأموات، وذكر هشام بن عبد الملك فقال: فعل الله به وفعل ]] . <o:p></o:p> - سالم بن أبي حفصة : [[ سألت أبا جعفر وجعفراً عن أبي بكر وعمر فقالا: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما، فوالله إنا نحبهما ونبرأ من عدوهما، وقال لي جعفر : يا سالم ! أرأيت رجلاً يسب جده؟ ]] .<o:p></o:p> - عن أبي جعفر : [[ من جهل فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة ]] .<o:p></o:p> - تمام سمعت أبا جعفر وقلت: [[ ما ترى في أبي بكر وعمر ؟ قال: إني أتولاهما وأستغفر لهما، وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما ]] . <o:p></o:p> حكيم بن جبير : [[ سألت أبا جعفر عن قوم يسبون أبا بكر وعمر ، فقال: أولئك المُرَّاق ]] .<o:p></o:p> عن كثير النواء : [[ سألته عن أبي بكر وعمر . فقال: من شك فيهما كمن شك في السنة، وبغض أبي بكر وعمر نفاق، وبغض الأنصار نفاق، ثم ضرب على عنقه ثم قال: يا كثير تولهما، فما أصابك ففي عنقي، ثم قال: إنه كان بين بني هاشم وبني عدي وبين بني تيم شحناء في الجاهلية، فلما أسلموا تحابوا ونزع الله ذلك من قلوبهم حتى اشتكى أبو بكر خاصرته ، فكان علي يسخن يده في النار ثم يضربها خاصرة أبي بكر حباً له، ونزلت هذه الآية فيهم: (( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ))[الحجر:47] ]] .<o:p></o:p> - عن جابر [[ قلت لـأبي جعفر : هل فيكم أهل البيت أحد يشتم أبا بكر وعمر ؟ قال: بل أتولاهما وأحبهما وأستغفر لهما، قلت: هل كان فيكم أحد يؤمن بالرجعة ؟ قال: لا. قلت: هل كان فيكم أهل البيت أحد يزعم أن ديناً في هذه الأمة شركاً؟ قال: لا ]] . <o:p></o:p> - جابر : [[ قال لي محمد بن علي : يا جابر ! بلغني أن أقواماً بـالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر ، ويزعمون أني أنا أمرتهم بذاك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عنهما ]] .<o:p></o:p> عن أبي جعفر : [[ إن آل أبي بكر كانوا يدعون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم آل محمد ]] وعنه: [[ أن رسول الله لما فتح خيبر قسم تمرها وزبيبها بين المهاجرين والأنصار، وقسم الجعل بين بني هاشم، وهو الحنطة والشعير، وقسم لـأبي بكر معهم، لم يدخل فيهم أحداً غيره مائة أو مائتي وسق ، وكان يصيب العباس مائتا وسق ]] . <o:p></o:p> - عبد الملك بن أبي سليمان : [[ سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ))[المائدة:55] قال: هم أصحاب محمد. قلت: إنهم يقولون: إنه علي بن أبي طالب ، فقال: علي منهم ]] .<o:p></o:p> - كثير : [[ قلت لـمحمد بن علي : أخبرني جعلني الله فداك عن أبي بكر وعمر ، هل ظلماكم من حقكم شيئاً أو ذهبا به؟ قال: لا، ومنزل القرآن على عبده ما ظلمانا من حقنا ما يزن حبة خردل. فقلت: أتولاهما جعلني الله فداك؟ قال: نعم يا كثير تولهما -ويحك- في الدنيا والآخرة، وما أصابك في عنقي -مراراً-، ثم قال: برئ الله ورسوله من مغيرة بن سعيد وبيان فإنهما كذبا علينا أهل البيت ]] .<o:p></o:p> - أبو الحسن زيد بن علي بن الحسين بن علي : [[ البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي ]] . <o:p></o:p> - وعن هاشم بن اليزيد [[ قال لي زين بن هاشم : اعلم والله أن البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي ، فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر، لقد أصدق بهم ئ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلن يصل إليهم حتى يصل إلى صاحبك؛ يعني علياً ]] .<o:p></o:p> - كثير النواء : [[ قلت لـزيد بن علي : ما تقول في أبي بكر وعمر ؟ قال: أتولاهما. قلت: فكيف تقول ممن تبرأ منهما؟ قال: أنا أبرأ منه حتى أموت ]] .<o:p></o:p> - محمد بن سالم : [[ الرافضة والله إن قتلك لقربة لولا حق الجوار ]] . <o:p></o:p> - الهرهار بن ميزر : [[ حججت مرة فإذا غلامان مليحان أبيضان مقرطان يطوفان الكعبة قد أطاف الناس بهما، قلت: من هذان؟ قالوا: هذان ابنا علي وعثمان . قلت: ألا أرى هؤلاء يروّح بعضهم بعضاً، وحجا معاً وحوالينا يشهد لبعضهم على بعض بالكفر ]] قال وكيع : هو عبد الله بن الحسن والآخر محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان كانت أمهما فاطمة بنت الحسين . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915880">ما روي عن الحسن بن الحسن :-</a> <o:p></o:p> - الفضيل بن مرزوق : سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم: [[ ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فانقضونا، فقال له رجل: إنكم ذو قرابة من رسول الله وأهل بيته، فقال: ويحكم لو كان الله نافعاً بقرابة رسول الله بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا: أباه وأمه، والله إني أخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفان، والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين، ثم قال: لقد أساء بنا آباؤنا وأمهاتنا إن كان ما [تقولون] من دين ثم يخبرونا ولم يطلعونا عليه ولم يرغبونا فيه منكم، ولو كان الأمر كما يقولون: إن الله اختار علياً لهذا الأمر وللقيام على الناس بعده، إن كان علي لأعظم الناس خطئة وجرماً إذا ترك أمر رسول الله صلى الله عليه أن يقوم فيه كما أمره أو يعذب إلى الناس، فقال له الرافضي : ألم يقل رسول الله لـعلي : { من كنت مولاه فـعلي مولاه } ؟ قال: أما والله لو بعثني رسول الله بذلك الأمر والسلطان والقيام على الناس لأنصح لهم بذلك كما أنصح بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم: أيها الناس إن هذا ولي بعدي فاسمعوا وأطيعوا، فما كان من وراء هذا شيء إذ كان أنصح الناس للمسلمين رسول الله ]] . <o:p></o:p> <a name="_Toc115915881">ما روي عن محمد بن الحنفية :-</a> <o:p></o:p> - سالم بن أبي الجعد : [[ كنا مع ابن الحنفية في الشعب فقال له رجل: أبا عبد الله أكان أبو بكر أول القوم إسلاماً؟ قال: لا. قال: فبأي شيء علا وسبق حتى لا يذكر أحد غيره؟ قال: إنه أسلم يوم أسلم وكان خيرهم إسلاماً يوم أسلم ولم يزل حتى توفاه الله ]] .<o:p></o:p> - سأل رجل محمد بن الحنفية فقال: [[ أوصني؟ فقال: عليك بدهماء الناس، [وإياكم] والخوارج ، فإنهم ليسوا على شيء ولا يدعون إلى شيء، إن لهؤلاء القوم ملكاً لا يستطيع أحد من الناس نزعه، وإن للحق دولة يأتي بها إذا شاء ويؤتها من أهل البيت من شاء، فمن أدركنا منكم كان عندنا في السنام الأعلى، ومن مات قبل ذلك فأجر الله خيرٌ له ]] .<o:p></o:p> - رضي بن أبي عقيل عن أبيه: [[ كنت في الشعب على باب محمد بن الحنفية فخرج ابن له غلام عليه ذؤابتان فقال: يا معشر الشيعة : إن أبي يقرئكم السلام، فكأنما كانت على رءوسهم الطير، وإنه يقول لكم: إنا لا نحب اللعانين ولا المفرطين ولا المستعجلين بالقدر ]] . <o:p></o:p> - عن محمد بن الحنفية : [[ لا يمنعكم من حبنا أهل البيت إفراط مفرط ولا تقصير مقصر ]] .<o:p></o:p> - عن رجل من بني هاشم: [[ أن أبا بكر أعطى علياً الحنفية أم محمد من بني حنيفة ]] . <o:p></o:p> - محمد بن عاصم البزاز : [[ سمعت عبد الرزاق يقول: الرافضة عندي كفار، صحبني رجل منهم من صنعاء إلى مكة فكان لا يصلي، فقلت له: لِمَ لا تصلي؟ قال: وما أصنع بالصلاة مع حبي أهل البيت. قد قال رسول الله: المرء مع من أحب ]] .<o:p></o:p> خاتمة المختصر من كتاب الموافقة بين أهل البيت والصحابة رضوان الله عليهم: بعد الحمد لله والصلاة على نبيه محمد والسلام.<o:p></o:p> قال أبو حفص سيد عمران (غفر الله له): كان الانتهاء من نسخ المخطوط، يوم الثلاثاء الموافق 21 نوفمبر 2000م، الخامس والعشرين من شهر شعبان 1421هـ. <o:p></o:p>