download
الصوارف عن الحق
مدير الموقع
الأربعاء 7 مايو 2008 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;">
<img alt="الصوارف عن الحق" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%81%20%D8%B9%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82.jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p>
<p dir="rtl" style="text-align: center;">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>الصوارف عن الحق</b></font></font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">تتعدد الأسباب التي تصرف الناس عن الحق سماعاً وعلماً به واستجابة له وتجعلهم يتشبثون بالباطل، وهي جملة أمور:</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">1- فهناك من يصده عن الحق صاحبه وجليسه، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الفرقان: 27-29]</font>، وقد ذكر ابن إسحاق أن أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متصافيين حَسَناً ما بينهما، فكان عقبة قد جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه، فبلغ ذلك أبياً، فأتى عقبة فقال له: ألم يبلغني أنك جالست محمداً وسمعت منه؟ قال : نعم. قال: وجهي من وجهك حرام أن أكلمك -واستغلظ من اليمين- إن أنت جلست إليه أو سمعت منه، أو لم تأته فتتفل في وجهه. ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله، فأنزل الله تعالى فيهما: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الفرقان: 27-29]</font><font size="3"><sup>(1)</sup></font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>يقول الأستاذ سيد قطب:</b> <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ﴾</b></font> فلا تكفيه يد واحدة يعض عليها، إنما هو يداول بين هذه وتلك، أو يجمع بينهما لشدة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضه على اليدين، وهي حركة معهودة يرمز بها إلى حالة نفسية فيجسمها تجسيماً.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾</b></font> فسلكت طريقه، لم أفارقه ولم أضل عنه.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الرسول الذي كان ينكر رسالته ويستبعد أن يبعثه الله رسولاً.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا﴾</b></font> (فلاناً) بهذا التجهيل، ليشمل كل صاحب سوء يصد عن سبيل الرسول ويضل عن ذكر الله، <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾</b></font>، لقد كان شيطاناً يضل، أو كان عوناً للشيطان، <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا﴾</b></font> يقوده إلى مواقف الخذلان، ويخذله عند الجد وفي مواقف الهول والكرب»<font size="3"><sup>(2)</sup></font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الزخرف: 36-39]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يقول سيد رحمه الله: "وظيفة قرناء السوء من الشياطين أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الله، بينما هؤلاء يحسبون أنهم مهتدون، <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الزخرف: 37]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهذا أسوأ ما يصنعه قرين بقرين، أن يصده عن السبيل الواحدة القاصدة، ثم لا يدعه يفيق أو يتبين الضلال فيثوب، إنما يوهمه أنه سائر في الطريق القاصد القويم حتى يصطدم بالمصير الأليم.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">2- وهناك من يصده عن الحق هواه لزعمائه وقادته وتبعيته لهم، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأحزاب: 66-68]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[سبأ: 31- 33]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالمستضعفون يلقون تبعة وقفتهم المهينة على الذين اتبعوهم في الدنيا وكانوا مستكبرين، وذلك حين سقطت القيم الزائفة وحين عاينوا العذاب فجهروا بما لم يكونوا يستطيعون قوله، ولم يكن من المستكبرين إلا التخلي عن هذه التبعة بقولهم: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[سبأ:32]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وكلاهما ظالم لنفسه ومتحمل تبعة جريمته، فالمستكبرون يتحملون جريمة إضلال الآخرين، والمستضعفون يتحملون تبعة بيع الإدراك والحرية التي وهبهم الله تعالى إياها والرضا بالذل والتبعية، فكلهم في العذاب سواء، ولا يجزون إلا ما كانوا يعملون<font size="3"><sup>(3)</sup></font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأعراف: 38-39]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">3- وهناك من يصده عن الحق تقليده الأعمى للآباء والأجداد، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة: 170]</font>، وهي قولة تدعو إلى السخرية، فوق أنها متهافتة لا تستند إلى حجة، إنها مجرد المحاكاة ومحض التقليد بلا تدبر ولا تفكر ولا حجة ولا دليل، وهي صورة مزرية تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو منساق، ولا يسأل: إلى أين نمضي، ولا يعرف معالم الطريق.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">والإسلام رسالة التحرر والانطلاق من قيود التبعية العمياء الضالة المضلة لا يقر هذا التقليد المزري، ولا يقر محاكاة الآباء والأجداد اعتزازاً بالإثم والهوى، فلابد من سند، ولابد من حجة، ولابد من تدبر وتفكير، ثم اختيار مبني على الإدراك واليقين والاطمئنان.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">والآيات تعرض على كفار قريش مصائر الذين قالوا قولتهم تلك واتبعوا طريقهم في المحاكاة والتقليد وفي الإعراض والتكذيب، بعد الإصرار على ما هم فيه على الرغم من الإعذار والبيان.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الزخرف: 23-25]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">والله تبارك وتعالى يرشد كل من اتخذ الآباء حجة إلى ضرورة الانتباه للاحتمال المنسي في أولئك الآباء، وهو احتمال الخطأ والوقوع في الضلال، فقال: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة: 170]</font>، أي: الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة: 170]</font> أي: ليس لهم فهم ولا هداية.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">روى ابن إسحاق عن ابن عباس أنها نزلت في طائفة من اليهود دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فقالوا: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فأنزل الله هذه الآية<font size="3"><sup>(4)</sup></font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وسواء كان هؤلاء الذين تعنيهم الآية هم المشركين الذين تكرر منهم هذا القول كلما دعوا إلى الإسلام وإلى تلقي شرائعهم وشعائرهم منه وهجر ما ألفوه في الجاهلية مما لا يقره الإسلام، أم كانوا هم اليهود الذين كانوا يصرون على ما عندهم من مأثور آبائهم ويرفضون الاستجابة للدين الجديد جملة وتفصيلاً، سواء أكانوا هؤلاء أم هؤلاء فالآية تندد بتلقي شيء في أمر العقيدة من غير الله، وتندد بالتقليد في هذا الشأن والنقل بلا تعقل ولا إدراك <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة: 170]</font>؟!</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">4- وهناك من يصده عن الحق ملؤه وحاشيته وبطانة السوء التي تلتف حوله.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">قال الله تعالى عن فرعون وملئه: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأعراف: 127]</font>، ومع أنه لم يكن ينقصه العناد والبغي إلا أن هذه الكلمات زادت من عتو فرعون، وأشعرته بالخطر الحقيقي على ملكه ونظامه كله، فانطلق يعلن عزمه الوحشي البشع <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأعراف: 127]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">5- وهناك من يصده عن الحق افتتانه بالنساء أو بالأولاد، وقد حذر الله تعالى من هذه الفتنة فقال: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[التغابن: 15]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">6- وهناك من يصده عن الحق افتتانه بالمال أو بالجاه والشهرة التي يظن أنها ستذهب عنه إذا اتبع الحق، ويسول له الشيطان أن في اتباعه للحق مذلة ومهانة، فيفضل أن يكون رأساً في الباطل على أن يصير ذنباً في الحق، وذلك من تسويل الشيطان؛ فإن من اتبع الحق اتباعاً صحيحاً وامتلك مواهب القيادة والزعامة لم يزده الحق إلا عزاً، وأعظم مثال على ذلك ما جرى لعمر بن الخطاب ا من الرفعة والعز في مقابل ما جرى لأبي جهل من الذلة والمهانة، وما صَدَّ أبا جهل عن اتباع الحق إلا ظَنُّه أن اتباعه للحق سيجلب له المذلة والمهانة، ولو أنه اتبع الحق كما فعل عمر لكان ذلك أرجى له إلى نيل العز والمجد، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأنبياء: 10]</font> أي: فيه شرفكم وعزكم. وقال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الطلاق:10]</font> ومعنى (ذِكْراً) في هذا الموضع: شرفاً (على أرجح الأقوال).</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">7- وهناك من يصده عن الحق طبيعة موجودة في نفوس بعض البشر، تلك الطبيعة هي مقاومة التغيير، والانتصار للعادة والإلف، وقد حفظ لنا التاريخ قصة عجيبة تبين هذا الأمر وتوضحه، فقد توجه الأعشى ميمون -الشاعر المشهور- إلى المدينة ليلقي قصيدة مدح للرسول صلى الله عليه وسلم ويعلن إسلامه وانضمامه إلى المسلمين، فلقيه في الطريق أحد المشركين، ولما علم وجهته قال له: إن محمداً يحرم الخمر! -وكان الأعشى من المدمنين على الخمر- فقال: أما هذا فلا أطيقه، ولكن سأشربها عامي هذا ثم أسلم. فرجع إلى بلاده، وفي الطريق وقع عن ناقته واندقت عنقه فمات.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">8- وهناك من يصده عن الحق، الضغط الذي يمارسه عليه أبواه وأهله ومجتمعه تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بأساليب أخرى، فقد تلوح للمرء أعلام الحق، ويعرف أن الحق في غير ما كان عليه، فيبدي من نفسه ميلاً نحو هذا الحق الذي عرفه، ويشعر أهله وذووه بهذا الميل فيوجهون جهودهم إلى صد هذا الفرد عن مفارقة ما هم عليه.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فإذا كان هو في نفسه من أهل الخور والضعف وليس له من الإيمان إلا مجرد قناعة باردة لا حرارة فيها فإنه سريعاً ما يركن إلى الجانب المستريح، ويقول ربنا عز وجل عن أنصاف الرجال أولئك المستريحين: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[العنكبوت: 10]</font>، ويقول جل وعلا: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الحج: 11]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولا شك أن أصعب ما يواجهه المرء في طريق هدايته أن يقف أبواه أو أحدهما له في هذا الطريق بالمرصاد، وهو قد يواجه الدنيا بأسرها لكنه يجد أشد الحرج في مخالفة أبويه، من أجل ذلك يقول عز وجل: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[العنكبوت: 8]</font>، ويقول في سورة أخرى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[لقمان: 15]</font>.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبعض الآباء من شدة حرصه على ثني ولده عن الحق قد يغرق ابنه في مستنقع من الشهوات والملذات ويسلط عليه وسائل الإغواء الغواني والأغاني والندامى والحانات والبارات حتى يغيب عقله ويقتل حماسه ونشاطه ويغتال عفته وطهارته، فإذا ما صحا عقله يوماً ما وجد نفسه ملطخاً بقاذورات تسد في وجهه -بما يوسوس به الشيطان- طريق التوبة، ويقع بجهله في اليأس والقنوط.</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(1) السيرة النبوية لابن هشام.</font></font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(2) في ظلال القرآن.</font></font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(3) انظر الظلال (2/2).</font></font></p>
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%">
<font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(4) تفسير ابن كثير.</font></font></p>
تصفح الكتاب