موقع البرهان - العتر امتداد أثر الأصل في الفرع واستمراره

أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي الضحى (مسلم بن صبيح) عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[ إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ]]. (المعجم الكبير للطبراني. برقم (4980-4982). (ج5/ص169- 170)0<o:p></o:p> بعد تجاوزنا لكل الأحاديث الضعيفة على كثرتها، ذكرنا هذا الحديث عند أهل السنة كمثال على إثبات ما تتمسك به الشيعة بغير الفهم الذي عليه أهل السنة، وتدعوا به إلى التشيع. <o:p></o:p> في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "وعترتي أهل بيتي"، قولان لا يخرج عنهما: <o:p></o:p> - القول الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم حصر العترة على أهل بيته، أي أن العترة هم الذين يرتبط به بالرابط العصبي، وأواصر القربى، فخرج منهم من آمن به من أصحابه وأتباعه من غير أهل بيته، فلا يُرجع بعد كتاب الله لغير أهل بيته، فعلى هذا الفهم يتمسك الشيعة في حصر الأئمة في قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذريته خاصة، وخالفوا بهذا أهل السنة الذين عندهم السنة تأتي بعد منزلة كتاب الله، وأوجبوا التمسك بها. فأبطلوا أصحاب هذا القول العمل بالسنة، وخالفوها، وطعنوا بمنهج أهل السنة، وعادوهم في السر والعلن جاعلين من نص هذا الحديث حجتهم. <o:p></o:p> - والقول الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحل العترة محل أهل بيته في الرجوع إليهم بعد كتاب الله، وأن المراد بالعترة هنا غير أهل بيته الذين يرتبط بهم برباط النسب والقربى، فأحل هؤلاء العترة محل أهل بيته في الرجوع إليهم من بعده بعد كتاب الله، وأقام العترة مقامهم، وأوجب التمسك بهم، وهؤلاء العترة هم أصحابه وأتباعه الذين آمنوا به، وتربوا على يديه، وحملوا معه الدين، ودافعوا عنه، وضحوا من أجله بالغالي والنفيس، وقاتلوا من كفر من أهاليهم وقبائلهم حتى تحولت جزيرة العرب كلها جزيرة إسلامية خالصة لهذا الدين، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد بقوله في هذا الحديث أن يبين للناس أنه ورث إيمانًا ودينًا، محفوظًا عند أصحابه، ولم يورث ملكًا وسلطانًا. <o:p></o:p> وبهذا القول؛ فإن مفهوم العترة أوسع من مفهومه الضيق عند الشيعة، وأن من آمن من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم جزء من العترة، والعترة شاملة لهم، وغير محصورة بهم، وأنهم غير خارجين ولا منفصلين عنها. <o:p></o:p> وعلى هذا القول أيضًا؛ يكون فهم الشيعة للعترة هو فهم ضيق وباطل، وأنهم أهلكوا أنفسهم ومن اغتر بدعوتهم بهذا التضييق، الذي ألغى شطرًا من الدين؛ بإلغاء سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي نقلها الصحابة رضي الله عنهم وعدم العمل بها. <o:p></o:p> العترة: هو اسم يطلق على فئة من الناس بسبب اتصافها بوصف معين، فلكي نحدد من هم هؤلاء العترة، علينا أن ندرس ونعرف الصفة التي تتصف بها العترة، وكانت سببًا في تسميتهم بالعترة.<o:p></o:p> وتحديد من هم العترة لا يكون إلا بمعرفة سبب تسمية العترة بها الاسم، والصفة التي هم عليها؛ ومعرفة سبب تسمية المسميات بأسمائها لا يكون إلا "بفقه استعمال الجذور"؛ هذا العلم الذي يكشف عن سبب تسمية المسميات بأسمائها، ويحدد به معاني الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها، ويكون ذلك بإيجاد الرابط الذي يربط كل مفردان الجذر الواردة في القرآن واللغة والسنة، بعد دراسة فقهية عالية لاستعمال الجذر الواحد المتجلي في جميع مفرداته. <o:p></o:p> فبعد مراجعة لمعظم قواميس اللغة ومعاجمها، نذكر أهم المفردات التي وردت في مادة "عتر"، والنقل التالي معظمه من " تاج العروس"، لاستيعابه معظم ما ورد في المعاجم والقواميس الأخرى حتى لسان العرب، وقد بينا معه علاقة كل لفظ باستعمال هذا الجذر الذي اجتمعت عليه؛ وهو: امتداد واستمرار أثر الأصل في الفرع والطرف، وقد اجتمعت كل مفردات مادة "عتر" على هذا المعنى: <o:p></o:p> العِتْرُ، بالكَسْرِ: الأَصْلُ، وفي المَثَل: "عَادَتْ إِلى عِتْرِهَا لَمِيسُ" أَي رَجَعَت إِلى أَصْلهَا، يُضْرَب لمن رَجَعَ إِلى خُلُق كان قد تَرَكَه. وذلك أن أصلها هو المؤثر الدائم فيها، والغالب عليها، فردها إليه مرة أخرى، ليظهر في خُلُقها من جديد.<o:p></o:p> و العِتْرَةُ: ساقُ الشَّجَرَةِ، قاله ابنُ الأَعرابيّ. وفي الأَساس: وأَغْصَانُ الشَّجَرَة: عِتْرَتُهَا، وعَمُودُهَا الشَّجَرَةُ، فمن نظر إلى أن الأصل هو الذي يمد الأطراف، قال: العترة ساق الشجرة، ومن نظر إلى العترة هو الفرع الذي يمتد فيه تأثير الأصل؛ قال: أغصان الشجرة، وهذا هو الأصح، لأن مادة "عتر" تدل على فرع لا بد له من أصل يمده، ويمتد به. <o:p></o:p> و عِتْرة الثغر: رِقَّةُ أَطْرَافِ أسْنانه ونَقَاؤُها. وذلك أن الأسنان من شدة نقائها، وأنه لم يعلها شيء يذهب بشيء من صفاءها، فكأنها شفت عن أصلها وباطنها الذي أمدها بما وصفت به، وحافظت عليه. <o:p></o:p> عَتَرَ الرمحُ: اهتز واضطرب؛ وذلك أن هز أصل الرمح الذي هو واقع في قبضة كف حامله، يجعل حركته تنتقل وتتحول في طرفه إلى اضطراب وشدة واهتزاز. وكذلك عترت العصا في يده وهو يهدِّدُ بها الآخرين... قال الشَّاعِر: وكُلُّ خَطِّيٍّ إِذا هُزَّ عَتَرْ.<o:p></o:p> و رجل مُعَتَّر غليظٌ كثير اللحم؛ لأنه يهتز في مشيته وتضطرب أطرافه. <o:p></o:p> و العِتْرُ من المواضع الوَحْش الخشن، فالسائر عليه يضطرب ويهتز في مشيته. <o:p></o:p> و العِتْرُ: الهَذَيانُ أَو شِبْهُه.لاضطرابه على التشبيه. <o:p></o:p> و العَتَّار الرجل الشجاع؛ لأن يهتز ويضطرب في انطلاقه؛ من شجاعته وشدة إقدامه. <o:p></o:p> و العَتَر: الشدَّة والقوَّة. <o:p></o:p> و كذلك العَتَّار الفرس القوي على السير, حاله على نفس الصفة من الاهتزاز والاضطراب. <o:p></o:p> و العَتْوَرةُ الشدة في الحرب , وبنو عِتْوارة سميت بهذا لقوتها, وكانوا أُولِي صبر وخُشونةٍ في الحرب، يمد بها بعضهم بعضًا. <o:p></o:p> و العِتْر والعَتِيرة , هي شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم، وهي علامة لتعظيمهم لآلهتهم، وأنهم منقادون لها غير خارجين عن أمرها، وغير متخلين عن النذر لها. وأن تضحيتهم بالعتيرة لآلهتهم دلالة على استعدادهم للتضحية بأنفسهم لها، فنابت هذه العتيرة عن أنفسهم. <o:p></o:p> وكان الرجل يقول في الجاهلية: إِن بَلَغَتْ إِبلي مائة عَتَرْت عنها كذا عَتِيرةً في رجب؛ (لأنه أول الأشهر الحرم التي يعظمونها), فإِذا بلغت مائةً ضَنَّ بالغنم فصاد عنها ظباءً فذبحها، فهذه عتائره، ودلالة فعله هذا أنه لم يتخل عن نذره، وأنه أوفى به لآلهتهم، وأناب بما صاد عن الغنم التي نذرها. <o:p></o:p> و العِتْر المُمَسَّكُ : قلائدُ يُعْجَنَّ بالمسك، وبطيب من الرياحين. <o:p></o:p> و العِتْرةُ و العُِتوارةُ: القِطْعَةُ من المِسْكِ الخالِصِ، أَي نفسْه غير مَخلوط بشيْءٍ آخَرَ. فرائحة المسك تنتشر وتمتد بعيدًا مؤثرة بكل من يجد ريحها. <o:p></o:p> و العِتْرُ: بَقْلٌ عشبيٌّ عِطريٌّ يُتداوَى به، من الفصيلة الجارونية.<o:p></o:p> و العِتْرُ بَقْلَةٌ إِذا طالت وقطع أَصلها خرج منه اللَّبن؛ وتنبتَ من حواليه بعد القطع شُعَبٌ عديدة؛ قيل ست أَو ثلاث، أو ستة من كل جانب، أي أنه يتشعب شعبًا تحل بمجموعها محل الأصل. <o:p></o:p> وذلك أن قطع الأصل يكشف عما كان يمد أطرافه به من اللبن، وقطعه ينبت فروعًا تحل محل الأصل لتنوب عنه، وتقوم مقامه. وبهذه الصفة التي حلت فروعها مكان أصلها سميت هذه البقلة بالعتر. <o:p></o:p> و العِتْرَةُ: ما تفرعت منه الشُّعَبُ. وقيل هو نبات متفرق.<o:p></o:p> يظهر من استعمال هذا الجذر تأثير الأصل إلى الفروع، وانتشاره فيها، وهي صالحة لأن تحل محله، لذلك تنوعت الأقوال التالية في فهم عترة الرجل، لاختلاف من يصل إليهم تأثير صاحب العترة، ومن يهتز وينفعل لانفعاله، وتمتد إليه دعوته؛<o:p></o:p> العِتْرَةُ: نَسْلُ الرَّجُل، ورَهْطُه، وعشيرتُه. <o:p></o:p> و العِتْرِةُ: نَسْلُ الرَّجُلِ وأَقْرِباؤُه من وَلَدٍ وغَيْرِه. وقيل: هم قومُهُ دِنْياً.<o:p></o:p> وقيل: عِتْرَةُ الرَّجُلِ: رَهْطُه وعَشِيرَتُه الأَذْنَوْنَ، أَي الأَقْرَبُونَ مِمَّنْ مَضَى وغَبَرَ، <o:p></o:p> وقيل: عِتْرَتُه: الأَقْرَبُونَ والأَبْعَدُونَ منهم. <o:p></o:p> وقال أَبو عُبَيْد، وغَيْرُه: وعِتْرَةُ الرَّجُلِ، وأُسْرَتُه، وفَصِيلَتُه: رَهْطُه الأَدْنَوْن. <o:p></o:p> وقال ابنُ الأَثِيرِ: عِتْرَةُ الرّجُلِ: أَخَصُّ أَقارِبِهِ. <o:p></o:p> وقال ابنُ الأَعرابيّ: عِتْرَةُ الرجلِ: وَلَدُه وذُرِّيّتُه وعَقِبُه من صُلْبِه، قال: فعِتْرَةُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: وَلَدُ فاطِمَةَ البَتُولِ عليها الّسلام. <o:p></o:p> وقيل: عِتْرَتُه: أَهْلُ بَيْتِه الأَقْرَبُونَ، وهم أَولادُه، وعليٌّ وأَولادُه. <o:p></o:p> وقيل: عِتْرَةُ الرّجُلِ: أَقْرِباؤُه من وَلَد عَمِّه دِنْيَا.<o:p></o:p> وقيل: عِتْرَةُ الرّجُلِ: أتباعه لحملهم أثره وحفظهم سنته.<o:p></o:p> من هذه الأقوال يتبين أن وصف العترة ليس محصورًا على الذرية، والقرابة الدنيا؛ وإن كان أقرب الناس إلى صاحب العترة هم ولده وذريته ونسله، الذين يمتد إليهم ما يثيره أو يحدثه، فيؤثر فيهم، ويستجيبون له، ويتأثرون له؛ فقد يتسع الامتداد ليشمل أسرته وأخص أقاربه، وأولاد عمه، وقد يزيد الامتداد لتؤثر في رهطه وعشيرته الأدنون، فقبيلته وقومه. وغيرهم من الأقوام الأخرى.<o:p></o:p> وغلب على النظرة إلى فهم العترة اعتبار الرابط العصبي بين الرجل ومن يتأثر به، وينتصر له. ومن يقومون مقامه عند غيابه وبعد موته. ويحملون ذكراه، ومناقبه، وما يلحقهم بسببه؛ الأقرب منهم فالأقرب. فنسل الرجل وذريته تنفعل له مقابل باقي أسرته، وأسرته تنفعل له مقابل عشيرته وقومه، وهكذا تضيق الدائرة وتتسع. <o:p></o:p> وإذا كان صاحب العترة صاحب رسالة وفكر ودعوة؛ فإن أصحابه وأتباعه أمنوا به، وتأثروا بما جاء به، هم الذين ينفعلون له مقابل من يخالفهم ويعاديهم... وفيهم من يرتبط بهم برابط العصب والقربى أيضًا، ومنهم ليس له رابط به سوى الفكر والإيمان به. <o:p></o:p> أما الرابط بين النبي صلى الله عليه وسلم وعترته، فمختلف عن الرابط العصبي؛ فهو نبي مرسل من ربه بدعوة عالمية، لا فضل فيها لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وأثره كان فيمن آمن به واتبعه، واقتدى به وسار على دربه، يستوي فيها من كان له رابط عصبي بالنبي صلى الله عليه وسلم، أم لم يكن. <o:p></o:p> فالنظرة إلى العترة هي نظرة إلى من امتد فيهم أثره، فحملوا دعوته في حياته، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فكان فيهم من أقاربه كعلي وحمزة وجعفر والعباس، وفيهم من عشيرته، وقبيلته كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وفيهم من قبائل العرب كالأنصار من الأوس والخزرج، ومن قبائل أخرى كأبي هريرة الدوسي، وأبي ذر الغفاري، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وفيهم من غير العرب كبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي رضي الله عنهم جميعًا. <o:p></o:p> فالعترة تحدد بتحديد من آمن به، واقتدى به، ومن حمل امتداد هذا التأثير بهم، ومن هو قادر على أن ينوب عنه في حالة غيابه وبعد موته، .. والتحديد يتبع طبيعة الرابط بين الأصل المؤثر والفرع الذي امتد فيه التأثير؛ هل هو بسبب رابط القربى والعصبية بينهما؛ أو بسبب الرابط الإيماني، والفكري، والدعوي. <o:p></o:p> والعترة تعني أنهم حاملين وناقلين ومتأثرين بما أخذوه، وتأثروا به من الأصل، وأنهم متبعون لما أخذوه، غير مبتدعين بجديد من أنفسهم يخالف الأصل الذي تعلموه.<o:p></o:p> فعلى هذا فعترة النبي صلى الله عليه وسلم كل أصحابة الذي آمنوا به ونصروه ودافعوا عنه، وتربوا على يديه، وتخلقوا بخلقه، وتحملوا تبعات إيمانهم به في حياته، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم. فحاربوا الأهل والوالد والولد في سبيل هذا الدين، وضحوا لأجله بأنفسهم وأموالهم، ورخص كل غالٍ عندهم للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونصرته، وتبليغ هذا الدين للناس. <o:p></o:p> وقد كان من بين أصحابه الذين آمنوا به عدد من أهل بيته من بني هاشم، وخرج عنهم من كفر به كأبي لهب، ولم يكن لوجود رابط العصبية والقربى مع النبي صلى الله عليه وسلم أثر يذكر في تقليل أثر الحكم عليه بالكفر، وتوعده بالعذاب. <o:p></o:p> وقد قال أبو بكر رضي الله عنه في احتجاجه على الأنصار بأحقية المهاجرين من قريش بالخلافة من دونهم، وأن العرب لا تطيع إلا هذه الحي من قريش: "نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التي خَرَجَ منها، وبَيْضَتُه التي تَفَقأَتْ عنه، وإِنّمَا جِيبَت العَرَبُ عَنَّا كما جِيبت الرَّحَي عن قُطْبِها" قال ابنُ الأَثِيرِ: لأَنّهم من قُرَيْش. والعَامّةُ تَظُنّ أَنَّهَا وَلَدُ الرَّجُلِ خاصَّةً، وأَن عِتْرَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَلَدُ فاطِمَةَ رضي الله عنها، هذا قول ابن سيده. <o:p></o:p> فدل قول أبي بكر رضي الله عنه على أن القربى العصبية تقوى الرابط الديني والإيماني؛ والذي هو الأصل، وليس الرابط الإيماني هو الذي يقوي الرابط العصبي، ومع وجود الرابط الإيماني القوي للأنصار وأن البلد بلدهم، إلا أن العرب في مسألة السيادة لن تطيع الأنصار، بينما تقبل الخضوع لقريش لمكانتها بين العرب. فهذا شرط تفضيلي مع أن الجميع يحمل صفة الإيمان؛ التي هي الأصل الذي يبنى عليه اختيار الخليفة، ولأن باقي العرب لم يكونوا على مستوى المهاجرين والأنصار في حملهم وتخلقهم بأخلاق الإسلام، لقلة صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأصل الدين فيهم. <o:p></o:p> وكذلك حَدِيثُ أَبي بَكْر رضي الله عنه"قال للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حينَ شاوَرَ أَصحابَه في أُسَارَى بَدْر: عِتْرَتُك وقَوْمُك" ففسر قوله على أحد الوجوه؛ أنه أَرادَ بعِتْرَتِه العَبَّاسَ ومَن كانَ فيهِم من بني هَاشِم، وبقَوْمِه قُرَيْشاً.<o:p></o:p> أو انه أراد أن كل الأسرى عترته وقومه؛ لأن التحول في قريش إلى الإسلام في ازدياد مع بقاء العداوة فيهم، من أول أيام الإسلام، ومن يتحول منهم إلى الإسلام يصبح من أشد الناس قوة لهذا الدين ونصرته، كما كان في إسلام عمر وحمزة رضي الله عنهما قبل الهجرة، وإسلام خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما قبل الفتح، ثم بقيتهم بعد الفتح. وهذا هو الأقرب لفكر وتقدير أبي بكر رضي الله عنه للأمور. <o:p></o:p> فقد روى أحمد في مسنده في حديث طويل رقم (3452) عن استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر من قريش فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ عِتْرَتُكَ وَأَصْلُكَ وَقَوْمُكَ تَجَاوَزْ عَنْهُمْ يَسْتَنْقِذْهُمُ اللَّهُ بِكَ مِنَ النَّارِ). <o:p></o:p> وعلى ضوء الاستعمال اللغوي لمادة "عتر" نستنبط ما يجب أن تتصف به عترة النبي صلى الله عليه وسلم ليصح تسميتهم بالعترة: <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أنهم جمع في زمن واحد وليسوا جمعًا لأفراد في أزمنة مختلفة. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أن ما أخذوه وتلقوه كان مباشرة من الأصل الذي هو النبي صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أن ما أخذوه يتوزع فيهم، ولا يجتمع كله عند واحد منهم فقط. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أنهم ملتزمون بما أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم ومتمسكون به. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أنهم متبعون لما تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم، غير مبتدعين شيئًا من أنفسهم. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أنهم صالحون ومهيئون وجاهزون ليقوموا مقامه، ويكملوا المسير من بعده، في حالة غيابه، وبعد موته بما تلقوه منه، في حمل الإسلام وتبليغه، فيكون امتداد تأثيره فيهم قد استمر بعد موته كما كان في حياته. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أن وصف العترة هو لكل من حملوا هذه الصفة، وامتدت فيهم مهما طال البعد بينهم وبين الأصل، ما دام التوارث لما أخذوه متصلاً وممتدًا من السلف إلى الخلف إلى يوم الدين. <o:p></o:p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: 16.6pt; LINE-HEIGHT: 200%; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%; tab-stops: list 36.0pt; mso-list: l0 level1 lfo1">- أنهم لا ينحصرون في عدد معين مهما بلغ؛ فهم جمع يخلف بعضه بعضًا إلى قيام الساعة. <o:p></o:p> هذه دلالات من يتصف بوصف العترة ... وهذه الصفات لا تنطبق إلا على الصحابة جميعًا رضي الله عنهم؛ بمن فيهم أصحابه من أهل بيته، كونهم جمع تلقى مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، وغير حياتهم، والتزموا به في حياته، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وحملوا الإسلام كما كان في عهده، ونشروه في الأرض، متحملين التضحية بأنفسهم وأموالهم، وساهرين على تبليغ دعوة الله، وتعليمها للناس، حتى ثبت هذا الإسلام، وامتد في الأرض من مشرقها إلى مغربها، ودام ثباته وامتداده إلى أن وصل إلينا. <o:p></o:p> أما الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم من بيت النبوة فمنهم من استشهد؛ فقد استشهد عبيدة بن الحارث في بدر، وحمزة بن عبد المطلب في أحد، وجعفر بن أبي طالب في مؤته رضي الله عنهم، أما العباس وأبناؤه وعقيل فقد أسلموا يوم الفتح، ولم يصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسلامهم إلا مدة قصيرة، وغاب عنهم سنوات ما بعد الهجرة إلى يوم الفتح، وأما الحسن والحسين رضي الله عنهما؛ فكانا طفلين صغيرين، وكذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي كان يكبرهما بقيل، فقد كان يجلس على أبواب الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل عنهم ما فاته من حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وقد فاته الكثير.<o:p></o:p> أما من كان له صحبة طويلة منهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فلم يشكلوا جمعًا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ليصح أن يطلق عليهم عترة حاملين لصفة العترة على حقيقتها. <o:p></o:p> وإذا قارنا كمثال: صحبة علي وأبي بكر رضي الله عنهما بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ نجد أن صحبة أبي بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم فاقت صحبة علي رضي الله عنهما، وامتدت ما يقارب (55) عامًا، فقد صحبه قبل النبوة، فلم يكن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم في العمر إلا سنتان يصغره فيهما، وكان أول من آمن به من الرجال، وزادهما الإسلام صحبة واتصالاً؛ فكان معه من بداية النبوة إلى وفاته، وكان يخرج معه أينما ذهب؛ فلازمه عندما كان يعرض نفسه على القبائل في مواسم الحج، وكذلك في ذهابه إلى الطائف، وكان داعيًا معه إلى الإسلام؛ فكبار الصحابة أتي بهم مسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاس، والزبير بن العوام رضي الله عنهم، وكان يشتري العبيد الذي يسلموا ويحررهم، فأنفق ماله المقدر في بداية الإسلام بـخمس وأربعين (45) ألف دينار ذهبي، ولم يبق منه يوم هاجر إلا خمسة آلاف فقط، أنفقها جميعًا في سبيل الله، وهو وحده الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته، وهو الذي اشترى الدواب التي هاجرا عليها، ودفع أجرة الدليل الذي استأجره ليعرفهما الطريق إلى المدينة بعيدًا عن أهل مكة، وهو الذي دفع المال للغلامين اليتيمين ثمنًا لأرض المسجد النبوي الذي فيه روضة من رياض الجنة؛ فهل يقارن أجر أبي بكر في شراء أرض المسجد النبوي، الذي أجر الصلاة فيه بألف صلاة، بمن اشترى أرض أي مسجد أخر غيره، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعد مال أبي بكر لله، وليس لأبي بكر، ليعظم له أجره عند الله تعالى، وقد أحضر كل ماله في تجهيز جيش العسرة، ولم يفارق النبي صلى الله عليه وسلم من قبل النبوة إلى يوم وفاته؛ إلا في مهمة لا يصلح لها غيره، في النيابة عنه صلى الله عليه وسلم؛ وهي الحج في الناس في السنة التاسعة، ولحقه علي رضي الله عنه بما نزل من سورة التوبة ليقرأها على الناس في الحج. ولازم قبره قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاتهما. <o:p></o:p> أما علي رضي الله عنه فقد أسلم طفلا لم يبلغ الحلم، ولم يحضر كل ما كان يحضره أبو بكر رضي الله عنهما، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده في مكة يرد الأمانات إلى أهلها، ولم يهاجر معه، وكذلك استخلفه في المدينة في غزوة تبوك، وأرسله إلى اليمن، ولم يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا في حجة الوداع، فقد غاب عن حضور كثير مما حضره أبو بكر رضي الله عنهما، بالإضافة بأنه يصغره بما يقارب (28) سنة. <o:p></o:p> لقد درب الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليخلفه من بعده منذ بداية الإسلام فيحضره معه في كل المواقف، ولقاء الوفود، ويخرجه معه، ويدخله معه، ويشاوره في معظم الأمور. <o:p></o:p> فتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم الثبات على الأمور التي لا يجوز التنازل فيها أبدًا، والتنازل عنها يعد إخلالاً بالدين؛ فتمسك بإمضاء بعث أسامة، وعدم حل راية عقدها النبي صلى الله عليه وسلم، وتمسكه بمقاتله من فرق بين الصلاة والزكاة من المرتدين، ولم يضعف عن جعل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم صدقة عنه، وعدم تقسيمه على ورثته، استجابة لوصية النبي صلى الله عليه وسلم. <o:p></o:p> فليس في الصحابة أحد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أبي بكر رضي الله عنه، ولا تعلم منه وأخذ عنه، وتدرب على يديه مثل أبي بكر رضي الله عنه، ولا أعانه بماله ورأيه مثل أبي بكر رضي الله عنه، والوحيد الذي لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم من أحد من الصحابة أن يتطاول عليه، ولو كان عمر رضي الله عنه، وكان يقول: دعوا لي صاحبي، وزكاه بما لم يزك به أحدًا من الناس؛ بقوله عليه صلى الله عليه وسلم : (ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين على مثل أبي بكر)؛ فلم يساو به أحدًا من الصحابة، ولا من أتباع جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قبل. <o:p></o:p> ومبايعة الصحابة لأبي بكر رضي الله عنهم بالخلافة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ شهادة منهم بأنه هو أفضلهم، ولا يعلم أحد حقيقة امرئ كعلم معاصريه به، لأنهم شاهدوا وعلموا ما كتب وما لم يكتب، وكذلك كانت إجابة علي رضي الله عنه على سؤال ابنه محمد بن الحنفية وهو غير راض عن سؤاله: من أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أبو بكر، قال: ثم من؟ قال: عمر، فقال ابنه: ثم أنت يا أمير المؤمنين؛ خشية أن يذكر غيرهما. <o:p></o:p> ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر اندفاع أبي بكر رضي الله عنه، وإقدامه واستقتاله ؛ قال له صلى الله عليه وسلم: لا تفجعنا بنفسك، وأعاد علي رضي الله عنهنفس القول لأبي بكر؛ عندما أراد الخروج بنفسه للمرتدين، ووقف ممانعًا لخروجه، فحرص علي رضي الله عنه على أبي بكر هو من حرص الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل؛ الذي كان يرى في بقائه حيًا بعده خيرًا للدين الله، فقد كان رضي الله عنه أشد الناس ثباتًا على دين الله بفاجعة موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فوقف فيهم قائلا لهم: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا عليهم قوله تعالى: (( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ))[آل عمران:144]. <o:p></o:p> وددت لو أني صاحب هذا القول في هذا الموقف، وما لي عمل غيره أتقرب به إلى الله؛ فقد أظهر هذا الموقف مدى ثباته رضي الله عنه، وقوة إيمانه بالله، واتزانه، فثبت الناس بثباته، حتى قال الصحابة إذا رأينا تمسك أبو بكر بأمر علمنا أنه الحق، فدلت شخصية أبي بكر رضي الله عنه على مدى نجاح تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ومعاول الهدم تريد أن تهدم هذا البناء التي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنت الخلفاء الراشدين من بعدي. <o:p></o:p> وكان رضي الله عنه أشدهم ثباتًا في إمضاء بعث أسامة بن زيد رضي الله عنه، وأشدهم ثباتًا في مواجهة المرتدين؛ حتى وحد الجزيرة مرة أخرى على الإسلام، ثم ثباته في مواجهة الفرس والروم معًا، فجاءت بشائر الفتوحات والنصر عليهم قبل وفاته رضي الله عنه. وهو أشد الناس في تطبيق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فلم يوزع ما تركه على ورثته، فلم يعط فاطمة رضي الله عنها منه شيئًا مع إشفاقه عليها، فهي لم تكن تعلم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما تركناه صدقة؛ وهو أحق من يكرم أهل النبي صلى الله عليه وسلم، لوجوب إكرامهم على جميع المسلمين، فما كان لأبي بكر أن يكون أكثر الناس طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، ثم يعصيه بعد وفاته بعد سماع مقالته، ولو فعل ذلك بغير حجة لتغير الناس عليه، لكنه لم يختلف عليه أحد منهم حتى توفي رضي الله عنه، وكذلك كانت طاعة علي رضي الله عنه فلم يأخذ مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا بعد أن آلت إليه الخلافة، وأصبح هو صاحب الأمر فيها، مثبتًا ومؤكدًا فعل أبي بكر رضي الله عنه، في عدم توريث ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم. وجاء في الصحيحين لما جاءت فاطمة تطلب ميراث أبيها؛ واللفظ للبخاري: <o:p></o:p> (فقال أبو بكر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث ما تركنا صدقة؛ إنما يأكل آل محمد في هذا المال والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي)، (صحيح البخاري ج/1481) وفي رواية أخرى: (فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ). ( صحيح البخاري 3/1126 )<o:p></o:p> لقد خلف أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن كانت الأمة في أحرج أوقاتها، وأشد ما تكون في حاجة إلى مثله في الشدة والثبات، ففي زمن قصير أنقذ الأمة من التشتت وأعاد لها وحدتها، وجمع القرآن الكريم في مصحف واحد فدرأ الفتنة فيه إلى يوم الدين، وكسر هيبة الفرس والروم في نفوس العرب، ووسع دائرة انتشار الإسلام إلى الشام والعراق، وحقق للإسلام الشيء الكثير، حتى أقسم أبو هريرة رضي الله عنه أنه لو تولى الخلافة غير أبي بكر لضاع الإسلام، وذلك بفضل تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم، وعلى رأسهم أبو بكر رضي الله عنه الذي كان يعده ليكون الخليفة من بعده؛ بجعله ملازمًا له أينما ذهب، ويشاوره في معظم الأمور، وجعله أول وزيريه. <o:p></o:p> فلا يعدل أحد ذي عقل أبا بكر رضي الله عنه بأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا من تربى تربية مسخ، عطلت عقله، وأذهبت عنه الفطنة والحكمة، وأغلقت عليه أبواب التحرر منها؛ فأغرقته في مناسك، وطقوس، ومناسبات، غريبة عن الإسلام، فقبل أن يفيق من آثار الأولى يكون قد أُدخل في أختها، فينقضي عمرة وهو لا يدري ما فعله بنفسه وآخرته، وهو يظن أنه من الفائزين الناجين. <o:p></o:p> فأراد من يعادي الصحابة رضي الله عنهم ويفرق بينهم، مدح علي رضي الله عنه، الذي لم يذكر له عظيم إنفاق في سبيل الله لفقره، فجعلوا سبب نزول قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ))[المائدة:55] ، أن عليًا رضي الله عنه، تصدق برغيف على مسكين وهو راكع؛ فما زادوا إلا أن جعلوه جشعًا لا يتخلى عن الطعام، ولا يفارقه، حتى وهو في الصلاة يحمله، وهو رضي الله عنه الذي كان يتغير لونه في الوضوء من استعداده للوقوف بين يدي الله تعالى. فكيف يشغل نفسه بخبز يحمله، ويتصدق به وهو راكع يصلي، ويشغل نفسه بغير الله في الصلاة ؟!!<o:p></o:p> المهم أنه لم يكن هناك أحد قد جمع عنده كل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته، ولو كان ذلك لأحد لكان لأبي بكر رضي الله عنه، وهو الأكثر حظًا فيهم. بل تفرقت سنته في كل أصحابه رضي الله عنهم، لكل منهم حظه ونصيبه منها، فكانوا هم حقًا عترته، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الأربع. <o:p></o:p> ولما ظهرت في الأمة طوائف فرقت بين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأزواجه، وأهله، وعشيرته، وقومه، وحتى ذريته؛ من أصحاب أهواء ومذاهب كان وراءها: <o:p></o:p> - حقد كتابيين أحرق قلوبهم علو كلام الله على كل كلام، وهيمنة القرآن على كتبهم، وثبات المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم على دينهم، ونشرهم للإسلام في الأرض؛ فدخلت فيه أمم كثيرة؛ مختلفة الأعراق والألوان، فتراجعت أمامه النصرانية واليهودية، ولم تقو على الوقوف في وجهه. <o:p></o:p> - وحقد شعوبيين لم يعرفوا ولم يقروا بالنبل في قرونهم الغابرة إلا للأسرة الحاكمة فيهم، وباقي الشعب هم همج لا يحسنون إلا خدمتها، ولا يرقى منهم أحد إلا بمقدار التفاني في خدمة هذه الأسر الحاكمة، وتنفيذ أمرها.... فغاظهم تغير حال العرب إلى عز بعد ذل، فأصبحوا بإسلامهم قادة الدنيا وسادتها. فخرج منهم مئات بل آلاف من القادة والعلماء ... فكيف يخرج من العرب كل هذا العدد الكبير من الفرسان والقادة والنبلاء والعلماء والأعلام من غير بيت النبوة؟! ... فأرادوا حصر أثر الإسلام في بيت النبوة،... وعزله عن العرب عامة، وعن الصحابة خاصة ... بكل ما أوتوا من حيلة للطعن فيهم، والنقص من قدرهم وكمال إسلامهم. واشتد طعنهم وغيظهم على كل بارز منهم في العلم، أو القيادة، أو في ساحات القتال والجهاد.<o:p></o:p> - وحقد ذرية قبائل عربية حسدت مكانة المهاجرين والأنصار من الإسلام، فأرادت الانشقاق عن الإسلام، والارتداد عنه، فلم تقو على ذلك، ودفعت ثمنًا غاليًا من القتل بسبب كفرها وارتدادها، وتراجعت منزلتهم بين المسلمين، فأرادوا بظاهر إسلامهم التطاول على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفتهم، ثم الاحتجاج على ذلك بفهم خاطئ لكتاب الله وسنة نبيه، مبني على أهوائهم، وأمراض قلوبهم. <o:p></o:p> هذا الفئات الثلاث وجدت في أحاديث العترة مبتغاها، ولم تفهم من العترة إلا العترة القائمة على الرابط العصبي الذي لم تعرف العرب غيره قبل الإسلام، ونسيت أو تناست أن رابط العترة في الإسلام قام على الإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرع الله المأخوذ من كتاب الله، وسنة نبيه، والتربية على يديه، وأصبحت الحمية لله، ولرسوله، ولدين الله، وليست الحمية حمية الجاهلية الأولى القائمة على الرابط العصبي بين العائلات والقبائل. والتي قطعها الإسلام في أول أيامه بذم وهجاء أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ مع أن هناك في قريش من هو أشد منه عداوة للنبي، وأكثر بطشًا بالمؤمنين، فلم يذكر اسم لأحد من العرب في قرآن يتلى إلى يوم الدين، كما ذكر أبو لهب في سورة المسد، تجسيدًا لإحلال الرابط الإيماني في الإسلام في العترة، محل الرابط العصبي.<o:p></o:p> فقد كانت عداوة أبي لهب أقبح العداوات، لأنه لا عذر له يعتذر به؛ بأنه من عائلة أخرى، أو قبيلة أخرى، أو من قوم وشعب آخر، ورث منهم العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان هذا النبي صلى الله عليه وسلم من قومه العرب، ومن قبيلته قريش، ومن بني هاشم، وهو عم له، وولديه متزوجان ببنتين من بناته، فشرف النبي هو شرف له، ومع كل هذا اختار عداوة الله ورسوله، فكان أول المجاهرين بهذه العداوة لدين الله، فكان كفره أقبح كفر، وعداوته أقبح العداوات، فاستحق هذا الغضب والتوعد من الله له، وأشهر الله غضبه عليه، ليكون عبرة لكل المؤمنين؛ من كان له قرابة بالنبي أم لم يكن له. <o:p></o:p> ففهم العترة الخاطئ فسح المجال للرتع في الفتنة، وجعل بابًا للفرقة بين المسلمين بدلا من توحيدهم خلف العترة، وبابًا لتشييع أهل السنة، ونحن نقدم في هذه الدراسة بيانًا لأمس ما تحتاجه الأمة للمحافظة على الدين نقيًا، بعيدًا عن الضلال والهوى، ولسد أبواب الفتنة.<o:p></o:p> فكان لا بد من معرفة معنى العترة من معرفة سبب التسمية للفئة التي يطلق عليها العترة، بمنهج قائم على فقه استعمال الجذور، هذا الفقه والعلم الذي نحن بأمس الحاجة له في الدراسات اللغوية والشرعية والفقهية.<o:p></o:p> ولما كان هناك تقصير من علماء اللغة في فقه استعمال الجذور؛ الذي يعرف به سبب تسمية المسميات بأسمائها، وتحدد به معاني الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها، من دراسة استعمال الجذر في القرآن والسنة ولغة العرب؛ لم تفهم العترة على وجهها، وأن الصحابة رضي الله عنهم ومن توارث نهجهم هم عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين امتد أثره فيهم، فحملوا الدين ودافعوا عنه في حياته، ومن بعده إلى يومنا هذا. <o:p></o:p> فسكوت العلماء على انتشار مفهوم العترة القائم على عصبية ما قبل الإسلام، وليس على الإسلام والإيمان الذي حل محله، ولم يتصدوا له، وبدلا من أن يصف أهل السنة أنفسهم بأنهم هم عترة النبي صلى الله عليه وسلم ، سكتوا عن الأحاديث الصحيحة الدالة عليهم، لئلا يستشهد بها المخالفين لأهل السنة فيما هو ظاهر بطلانه. فقويت شوكت أهل الأهواء بهذا المفهوم مع هذا السكوت والعجز، وأكثروا اختلاق الأحاديث الكاذبة على فهمهم بأن العترة مختصة بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقط، ليصلوا إلى مبتغاهم من هدم الدين وتحويله إلى دعوة أسرية كسروية، لم يعرف خير وفضل الإسلام، ويتخلق به غيرهم. فأنكروا فضل الإسلام على العرب، وأثبتوه لمن آمن من العجم!!!.<o:p></o:p> علمًا أن أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا معه، وذرياتهم الثابت نسبها لبيت النبوة، والمتمسكة بدينها ومحافظة عليه ومدافعة عنه؛ هم من أهل السنة، ومن عترة النبي صلى الله عليه وسلم التي تضم كل الصحابة، وأهل السنة الذين ساروا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين. <o:p></o:p> ومعظم الأحاديث الواردة في العترة أحاديث ضعيفة ولم تسلم من التضعيف إلا القليل منها، وهذه الأحاديث الواردة في هذا الشأن تنقسم إلى عدة أقسام: <o:p></o:p> أحاديث جاء فيها إني تارك فيكم ثقلين أو الثقلين <o:p></o:p> وأحاديث جاء فيها إني تارك فيكم خليفتين <o:p></o:p> وأخرى لم يذكر فيها الثقلين ولا الخليفتين إنما قيل فيها : ترك فيكم ما إن تمسكتم به ..<o:p></o:p> وجاء في أحاديث تفسير الثقلين أو الخليفتين كتاب الله وعترتي <o:p></o:p> وأحاديث بلفظ كتاب الله وأهل بيتي <o:p></o:p> وأحاديث بلفظ كتاب الله وعترتي أهل بيتي <o:p></o:p> وأحاديث بلفظ كتاب الله وأذكركم بأهل بيتي ثلاث مرات ولم تذكر العترة. <o:p></o:p> وفي الباب جاءت الأحاديث مروية عن أبي ذر وأبي سعيد الخدري، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم. <o:p></o:p> أما ما جاء في غيرها بلفظ من عترتي، أو من أهل بيتي، فإن العترة شاملة للجميع لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولأصحابة رضي الله عنهم. <o:p></o:p> وتنويه للاختصار نقول: <o:p></o:p> الأحاديث التي جاء فيها رواتها: عطية بن سعد العوفي، أبي الصديق الناجي محمد بن سعد، أبي هارون العبدي عمارة بن جوين، أبو إسرائيل إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُلَائِيَّ، زيد بن الحسن الأنماطي القرشي، زياد بن بيان، هارون بن سعد، حكيم بن جبير، عبد الله بن داهر، عبد الله بن عبد القدوس، وغيرهم ممن ذكر من الضعفاء أو منكري الأحاديث؛ كلها ضعيفة؛ ولا تصلح للاحتجاج بها. <o:p></o:p> ومن إضافاتهم؛ (الثقلين أحدهما أكبر من الآخر) ( كتاب الله حبلا ممدودًا بين السماء والأرض) (طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم) ...<o:p></o:p> أما شريك بن عبد الله القاضي النخعي فمختلف فيه؛ فمنهم لا يعده شيئًا لأنه (سيئ الحفظ، مضطرب الحديث، وعنده تخليط، ويخطئ وله أغاليط) ومنهم يقبل منه إذا روى عنه الثقات فقط لدينه وتقواه، وقد جعل في رواياته خليفتين بدل الثقلين. <o:p></o:p> فتركنا ذكر الأحاديث الضعيفة... وذكرنا أحاديث صحيحة دالة على المختلف فيه بأقوى صيغها: (وعترتي أهل بيتي). وهذه الصيغة هي محل تعلق الشيعة ، واستشهادهم بها على أهل السنة، فبيان ما في الأحاديث الصحيحة يغني عن الحديث عن الأحاديث الضعيفة، التي هي دونها في الاحتجاج بها. <o:p></o:p> فهذه الأحاديث ذكرها الطبراني في المعجم الكبير، ولم تذكر عند البخاري ومسلم رحمهما الله؛ <o:p></o:p> قال :(حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا عمرو بن عون الواسطي ثنا خالد بن عبد الله عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). المعجم الكبير للطبري. ج5/ص169برقم (4980). <o:p></o:p> وقال: حدثنا معاذ بن المثنى ثنا علي بن المديني ثنا جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). المعجم الكبير للطبري ج5/ص170برقم (4981).<o:p></o:p> (حدثنا أبو حصين القاضي ثنا الحماني ثنا جرير بن عبد الحميد عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله). المعجم الكبير للطبري ج5/ص170برقم (4982).<o:p></o:p> وأصح الرواية عن زيد بن أرقم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. <o:p></o:p> ولبيان قوله صلى الله عليه وسلم نقول: <o:p></o:p> أن لفظ الثقلين لا يطلق إلا على شيئين متجانسين: كالجن والإنس في قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيه الثقلان)؛ لأنهما عاقلين مكلفين، خلقا لعبادته سبحانه وتعالى، وحملا ثقل العبادة ؛ كما في قوله تعالى: (سنلقي عليك قولا ثقيلا). <o:p></o:p> والثقلان أيضًا الذهب والفضة: وبهما وجهًا لتفسير قوله تعالى وأخرجت الأرض أثقالها. <o:p></o:p> والثقلان في الحديث هما كتاب الله وسنته. <o:p></o:p> جاء في لسان العرب في مادة (ثقل): (وقال ثعلب: سميا ثقلين؛ لأن الأخذ بهما ثقيل، والعمل بهما ثقيل، قال: وأصل الثقل أن العرب تقول لكل شيء نفيس خطير مصون: ثقل؛ فسماهما ثقلين؛ إعظاما لقدرهما، وتفخيما لشأنهما، وأصله في بيض النعام المصون، وسمى الله تعالى الجن والإنس الثقلين؛ سميا ثقلين لتفضيل الله تعالى إياهما على سائر الحيوان المخلوق في الأرض؛ بالتمييز والعقل الذي خصا به). <o:p></o:p> وفي غريب الحديث للخطابي (2/192): (قال ابن الأعرابي: الثقل عند العرب؛ كل شيء مصون يعز على أهله، قال: والأصل فيه بيض النعام، وقد قيل في العترة إنه أراد بها أصحابه الذين هم حُمَّال الأثر وحُفَّاظ السنن، كأنه قال عليكم بكتاب الله وسنتي، وقيل إنه عنى بها الخلفاء الراشدين بعده وهذا كقوله: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي). <o:p></o:p> فإذا أريد بالعترة في هذه الأحاديث بالسنة ... <o:p></o:p> فلماذا لم يصرح بها، بدلا من إقامة لفظ العترة مكانها؟ <o:p></o:p> وللجواب على ذلك نقول: أن كتاب الله تعالى مكتوب في السطور، قد كتبه كتاب الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محفوظ في الصدور، ويتلوه جميع المسلمين في صلواتهم، كل على قدر حفظه، ويعرفون حدود كلماته من أول آية إلى آخر آية. <o:p></o:p> أما السنة فلم تكتب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهي فوق حفظ من سمعها من الصحابة رضي الله عنهم، قد تحولت في سلوكهم، وأفعالهم، وعملهم بشرع الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، وقوله في الحج: خذوا عني مناسككم، وغير ذلك من أفعال وتطبيقات الشرع فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وطبقها في حياته أمام أنظارهم.<o:p></o:p> فسنته صلى الله عليه وسلم القولية، والفعلية، وتربيته السلوكية لأصحابه، كلها عند أصحابه؛ فهي لم تجمع في كتاب يرجع إليه، وهي متفرقة في أصحابة؛ فحضورهم وسماعهم ورؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فيه تفاوت تبعًا لحضورهم المواقف، أو الغياب عنها. <o:p></o:p> فأقام صلى الله عليه وسلم عترته مقام سنته، وأغنت عن ذكرها، وفيها تزكية لأصحابه رضي الله عنهم، لأن صفة العترة لا تكون إلا مع الإخلاص لصاحب العترة فيما أخذوه عنه، فهي دالة عليهم وعلى سنته معًا، وربطهما برباط واحد. فقد حصر أخذ سنته عليهم. وأنها لا تؤخذ إلا عنهم.<o:p></o:p> وأنهم إذا اجتمعوا على أمر، ولم يكن فيهم مخالفًا لهم، فإن اجتماعهم دال على شيء عرفوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلموه منه، وتعودوا عليه، وإن لم يصرحوا بالدليل، فكان من الأدلة في الشرع؛ إجماع الصحابة رضي الله عنهم بوصفهم أنهم عترة النبي صلى الله عليه وسلم. <o:p></o:p> أما قوله صلى الله عليه وسلم: (وعترتي أهل بيتي):<o:p></o:p> فإما أنه يريد بقوله هذا أنه يخص العترة بأهل بيته، دون سواهم، وهذا رأي فيه نظر:<o:p></o:p> أولاً: من حيث أن وصفهم بالعترة هو لانتقال ما عند النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، وهذا الانتقال لم يحصره على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لم يجتمع لأحد من أهل بيته، ولم يجتمع لأحد كذلك من الصحابة رضي الله عنهم، فأبو بكر وعمر وزيري النبي أكثر اطلاعًا في أمور من سنة النبي صلى الله عليه وسلم من علي رضي الله عنه الذي هو أفضل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فجاء في صحيح البخاري ج3/ص1348.رقم : (3482) (عن بن أبي مليكة أنه سمع بن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون، ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي؛ فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، وقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك، وأيم الله؛ إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)... والصحابة كلهم كوكبة من القمم الشامخة، وأكثرهم علوًا وشموخًا فيهم هو أبو بكر رضي الله عنه بشهادة النبي له بأقوال وأفعال كثيرة. <o:p></o:p> وثانيًا: أن ما يبنيه الملوك من حكم وسلطان، إنما يحفظه أهل بيوتهم من بعدهم، وما بناه الرسول صلى الله عليه وسلم هو إسلام وإيمان، وإنما يحفظه من بعده أصحابه وأتباعه الذي آمنوا به، وتربوا على يديه، وهم عترته، فأحل عترته محل أهل بيته؛ لأن الإرث هو دين وإيمان وإسلام، وليس حكمًا وسلطانًا، وما ترك من مال صدقة ولا يورث، فالذي يحفظ الدين هم من آمن به، وأعظمهم شأنًا في هذا الأمر هم أصحابه من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم جميعًا، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبين للأمة أن دولة الإسلام قائمة على حمل الإسلام، وتبليغه، وتحقيق أهدافه، فأولاهم بحمل الأمانة بعده أقدرهم عليها، وأفقههم فيها، وأكثرهم ممارسة لأسبابها، واستعدادًا للنهوض بها. <o:p></o:p> وقد قال صلى الله عليه وسلم: سلمان منا أهل البيت؛ على اعتبار الرابط الإيماني، وأكثر الصحابة من المهاجرين والأنصار، الذين هم من قومه وعشيرته، ومن العرب، هم أولى بوصفهم بأنهم من أهل البيت من سلمان الفارسي رضي الله عنهم، فالروابط مع الأنبياء لا تقوم إلا على الرابط الإيماني أولاً، فلما نال سلمان رضي الله عنه هذا الشرف بهذا الوصف، وهو الأبعد عصبًا، فقد نال هذا الوصف بأنه من أهل البيت كل من هو دونه قربًا من الرسول صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p> فقد قال تعالى في شأن أهل نوح عليه السلام: (( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ))[هود:40] فبين تعالى أهله في هذه الآية هم من ارتبط بهم عصبًا، ومعهم من آمن من غيرهم، ومع أنهم ارتبطوا به عصبًا إلا أنه لا قيمة لهذا الرباط بدون الإيمان، فلولا الإيمان لما كان لرباط القربى اعتبار، ولذلك لما قال نوح عليه السلام: (( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ))[هود:46]. <o:p></o:p> ثم أجمل تعالى فجعل الفريقين فريقًا واحدًا: (( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ))[المؤمنون:27] ، فجعل تعالى كل من آمن به هو من أهله. كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث العترة: (وعترتي أهل بيتي). <o:p></o:p> وجاء في صحيح البخاري 3/ص1012برقم (2602): ( أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل: (وأنذر عشيرتك الأقربين)؛ قال: يا معشر قريش أو كلمة نحوها؛ اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا). <o:p></o:p> وفي صحيح مسلم؛ ج1/ص192برقم (205)؛ عن عائشة قالت: (لما نزلت: (( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ))[الشعراء:214]؛ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فقال: يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم).<o:p></o:p> فدلالة هذه الأحاديث أن النسب بغير إيمان وعمل صالح لا يغني عند الله شيئًا، وأن من له نسب برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلو به إلا بالإيمان والعمل الصالح، والالتزام بالعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.<o:p></o:p> فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وعترتي أهل بيتي)؛ أنه أحل عترته برابطها الإيماني به، محل أهل بيته برابطهم العصبي به. فلا أحقية لأحد بالاحتجاج بمجرد قرابته من النبي صلى الله عليه وسلم دون جميع المسلمين.<o:p></o:p> وإن اجتمع له مع الرابط الإيماني رابط عصبي فذلك يقوي رابطه الإيماني، ويرفع منزلته بين المسلمين، وله حق الإحسان إليه وتوقيره إذا كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. <o:p></o:p> فقد قال تعالى مؤكدًا أن لم يبن ملكًا وراثيًا: ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ))[الأحزاب:40] ، لذلك لم يطع عمه العباس ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمن الأمر من بعده، وخشي إن منعه النبي إياها في حياته، وهو يعرف مكانة أبي بكر رضي الله عنه عنده، أن يحرم منها أبدًا من بعده، فيحتج عليه في إبعاده عنها بمنع النبي صلى الله عليه وسلم له في حياته. وهذه من حكمته رضي الله عنه. ولم يطلب رضي الله عنه الخلافة في عهدي أبي بكر وعمر، مع أنه أهل لها، وقبل الدخول في الستة الذي سيختار منهم الخليفة بعد عمر، ولم يحتج على الآخرين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان عنده شيء من عهد أو وصية لاحتج بها، وذكرهم بها، وأقام الحجة بها، ولرفض الدخول في الستة، لكنه لم يفعل، وظاهر فعل الصحابة رضي الله عنهم قائم على ذلك، فلم يقم أحد من الصحابة مطالبًا بالخلافة لعلي رضي الله عنه، ومحتجًا بشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين قالوا لعمر: لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا، فكيف يسكتون على أمر كهذا، إذا كانوا يرون في تولي علي الخلافة اعوجاجًا ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. <o:p></o:p> ولم يستحق الحسن والحسين رضي الله عنهما الوصف بأنهما سيدا شباب أهل الجنة لأنهما من ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم فقط؛ بل لعظيم وجلال ما فعلاه للإسلام؛ <o:p></o:p> أما الحسن فقد جمع الأمة في عام الجماعة على خليفة واحد بتخليه عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما، ولم يطع الداعين لبقاء الفرقة، الذي نعتوه بمذل المؤمنين بدل أمير المؤمنين، فتوقف سفك دماء المسلمين بفعله، وتواصلت بعد هذا الصلح الفتوحات لنشر الإسلام شرقًا وغربًا، فدخل في هذا الدين أمم وأقوام بفضل فعله رضي الله عنه، فنال ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم به. <o:p></o:p> وأما الحسين رضي الله عنه فقد فضل الموت والاستشهاد؛ فضحى بسبعة عشر من بيت النبوة رافضًا أن يضع يديه مكبلة - وهو ابن الطاهرة العفيفة؛ فاطمة الزهراء رضي الله عنها– بيد ابن ابن الزانية عبيد الله بن زياد بن أبيه، لتكون تضحيته مثلا في استعلاء أولاد الحرات على أولاد الزناة، ولا يحتج أحد من بعده بقبوله الذل والهوان .. ثم يدور الزمان ويغزوا أرض العراق ويحتلها من كان كلهم زناة، وأولاد الزناة، ومن لم يزن منهم يعد مريضًا، ويعرض على طبيب، ولم يتزوج أحد منهم حتى يزنى بمن تزوجها أولا، وقد يكون له أولاد بالزنا منها قبل أن يعلن زواجه منها، ويفخرون بحالهم هذا، ففي إحصائية قديمة أن (19) مليون طفل هم أولاد زنا في الولايات المتحدة، والعدد يزداد سنويًا عندهم... والعجيب من الذين يدعون أن الحسين إمامهم هم الذي دعوا زناة الأرض كلها لدخول العراق، وهم الذين يضعون أيديهم بأيديهم، ويرفضون خروجهم من أرضهم .. فمن اقتدى بالحسين رضي الله عنه هو أولى بالحسين رضي الله عنه، وأحق به ممن لم يقتد به، واجتنب هديه، وعدل عن سنته، ولو ادعى انه إمامه. <o:p></o:p> ولم يتعلموا من موقف الحسين رضي الله عنه واستشهاده شيئًا، بل جعلوا من التذكير السنوي باستشهاده طريقًا لتحقيق أهدافهم بعزل العرب عن هذا الدين، وإظهارهم بالمظهر السيئ، ولا يتكلمون عمن خدعه، وأرسل إليه، وعاهده بالوقوف بجانبه، ثم تخلى عنه، ووقف جنديًا في صفوف أعدائه محاربًا ومشاركًا في قتله. ثم متباكيًا عليه بعد ذلك. <o:p></o:p> وقد نال حمزة رضي الله عنه لقب سيد الشهداء، لأنه كان أسد الله ورسوله الذي لا يخشى الموت شهيدًا في سبيل الله، حتى نال الشهادة بعد أن أثخن في المشركين، وأذلهم بمن قتل من عظمائهم بسيفه. <o:p></o:p> فعلى هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحلال العترة محل أهل بيته؛ لأنه نبي مرسل وليس بصاحب سلطان يورث للذرية والأقرباء؛ فإن كل عترته من الصحابة كانوا في التنافس لخدمة هذا الدين، فقد نافس الصحابة من الأنصار إخوانهم من المهاجرين في قيادة هذه العترة لتخلف النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، في خدمة هذا الدين، لولا أن تدارك الأمر أبو بكر رضي الله عنه، فغلبهم بالحجة، ورد الأمر إلى المهاجرين فبايعوه على الخلافة، ولم يحتج أحد بأن عصبة النبي صلى الله عليه وسلم هم أولى بهذا الأمر من بقية عترته صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار. <o:p></o:p> فلما أحل صلى الله عليه وسلم عترته محل أهل بيته، وجعل أهل بيته جزءًا منهم، بالتوصية بكتاب الله وعترته، خشي استخفاف الناس بأقربائه من أهل بيته؛ فجاءت التوصية عليهم خاصة من بين عترته: <o:p></o:p> ففي صحيح مسلم: (4425) عن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : (قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ)، وفي رواية أخرى: (هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي؛ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بيتي.) رواه مسلم. <o:p></o:p> فراوي جميع الأحاديث التي استشهدنا بها هو نفسه زيد بن أرقم رضي الله عنه، والجمع بين الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم بعد قوله : (إني تارك فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، - ثم أوصى بأهل بيته- ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي؛ أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بيتي).<o:p></o:p> بعد اطمئنانه صلى الله عليه وسلم على أمته بأنه ترك فيهم الثقلين، وهي الرسالة التي أرسله الله تعالى بها لتكون خاتمة الرسالات، جاءت التوصية بأهل بيته، وتكرار التوصية بهم، وتذكير الأمة بهم، ثلاث مرات بالله، ليحسنوا إليهم من بعده، دل على أنهم ليسوا هم المقصودين بالثقل الثاني بعد كتاب الله؛ كما جاءت التوصية أيضًا في كتاب الله في قوله تعالى : (( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ))[الشورى:23] فالمودة في القربى هو غاية ما يتمناه ويخص به النبي صلى الله عليه وسلم آل محمد، وليس سلطانًا وحكمًا من بعده. <o:p></o:p> وأهل بيته تشمل ساكنيه بالدرجة الأولى؛ وهن أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وذريته ثانيًا، ثم أقاربه ثالثًا...لأن أزواجه سينقلن من سنته في بيته ما لم يطلع عليه أحد إلا أزواجه؛ وهو القائل عليه الصلاة والسلام عن عائشة: خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء. <o:p></o:p> وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وكسرت رباعيته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رافعا يديه يقول: إن الله عز وجل اشتد غضبه على اليهود أن قالوا: عزير ابن الله، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا أن المسيح ابن الله، وأن الله اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي. [الدر المنثور 4/ 173...]. <o:p></o:p> والمناسبة أن قول اليهود: العزير ابن الله، وقول النصارى: عيسى ابن مريم؛ جعلهم مشركين بالله، وكانت أقوالهم هذه بعد موت أنبيائهم، وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم في عترته يبعدهم عن أخذ السنة من عترته صلى الله عليه وسلم التي معهم، ثم التقول على كتاب الله وسنة نبيه، ثم المغالاة في أهل بيته إلى حد الإشراك بالله. وقد حدث كل هذا بعد موته صلى الله عليه وسلم، فغضب الله شديدًا على من فعل ذلك بنص هذا الحديث الصحيح... وما قدوم المشركين إلى المدينة إلا للقضاء على هذا الدين بالقضاء على عترته صلى الله عليه وسلم. <o:p></o:p> والذي آذاه في عترته في حياته هو من قتل سبعين شهيدًا من المسلمين، وعلى رأسهم عمه حمزة رضي الله عنهم، ولا نقول أن الأذى جاءه من مقتل حمزة رضي الله عنه وحده، وما فعل به فقط، وأنه لم يتأثر لمقتل الآخرين؛ فهذا أمر قبيح لو وصف به أي قائد لجنده .. فكيف يوصف بهذا الأمر النبي صلى الله عليه وسلم... إنه لعظيم وقبيح جدًا ... ولقد احتضن صلى الله عليه وسلم أحد الشهداء الذي اشترى بالمهر الذي جمعه لزواجه سلاحًا، وخرج به إلى أحد، فقتل سبعة من المشركين أو ثمانية قبل أن يستشهد، فقال فيه: إنه مني وأنا منه، فليس عترته صلى الله عليه وسلم الذي آذوه فيهم إلا جميع أصحابه في حياته، ومن كان على مثل ما كان عليه هو وأصحابه من بعدهم .... فمن آذى عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذاه، وحل عليه غضب الله. <o:p></o:p> فقوله النبي صلى الله عليه وسلم: وعترتي أهل بيتي، هو أعظم تزكية للصحابة رضي الله عنهم، وكان الأولى بهذا الحديث أن يرد الذين أخرجوا أنفسهم من العترة، واستحلوا من عترته صلى الله عليه وسلم ما حرم الله؛ من بهتانهم على عائشة رضي الله عنها، وسب الصحابة، وعلى رأسهم خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم، وحديث العترة يلزمهم بسنة صلى الله عليه وسلم التي حملتها عترته، وحافظوا عليها، ونقلوها لمن جاء بعدهم من المسلمين، فأنكروها وهجروها، وتقولوا على كتاب الله بالنقصان فيه والزيادة، فأنزلوا على أنفسهم لعنة الله ورسوله لمن كان فعله على الوصف الذي جاء في الحديث الذي رواه الترمذي رقم (2080) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِي الْمُزَنِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ، وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ، وَكُلُّ نَبِيٍّ كَانَ؛ الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُعِزَّ بِذَلِكَ مَنْ أَذَلَّ اللَّهُ، وَيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللَّهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ لِحُرُمِ اللَّهِ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي) وَهَذَا أَصَحُّ * الترمذي. <o:p></o:p> فحديث العترة لو فهموه على حقيقته لكان الهادي لهم بدلا من أن يخروا على أنوفهم في ضلالات التفريق بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقبيلته وقومه ونسائه وبقية ذريته وأقاربه، ويستحلوا من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يحل لهم طوال هذه القرون التي مرت. جالبين لأنفسهم لعنة الله ورسوله، وكل الأنبياء. <o:p></o:p> أما قوله عليه الصلاة والسلام في حديث العترة : (وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)؛ فليس المقصود بورود الكتاب والسنة حوض النبي صلى الله عليه وسلم، بل المراد بذلك أنهما هما اللذان يوصلان حاملهما إلى حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فكأن وارد حوض النبي صلى الله عليه وسلم هو كتاب الله وسنته، لشدة دلالة الوارد عليهما، وأنه لن يرد حوض النبي صلى الله عليه وسلم من فرق بين القرآن والسنة، وهو محرم عليه، وأن هذا التلازم بين كتاب الله وسنة نبيه؛ لم يكن إلا عند عترته من أهل السنة إلى يوم الدين ... فمن هذا الذي يحل لتارك سنته صلى الله عليه وسلم ورود حوضه ؟!. <o:p></o:p> فإن كان هذا الفعل من العجم والفرس قبيح، فمن العرب أقبح لأنهم أخرجوا أنفسهم من العترة أولاً وفارقوها، وعقوا آباءهم الذين أذلوا عباد النار من الفرس، وعباد الصليب من الروم، بسبهم ولعنهم، وهذا لم تفعله أحط الشعوب وأرذلها من قبل. والله تعالى يقول: (( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ))[الزخرف:44] وقوله تعالى أيضًا: (( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ))[الفرقان:30]. <o:p></o:p> وقد قال لي أحد الشيعة: عندما نذهب إلى قم، ويكتشفون أننا عرب يحتقروننا. <o:p></o:p> فقلت: وهل تريدون غير ذلك .. فقد أرادكم الله رأسًا في هذا الدين فأبيتم إلا أن تكونوا ذيلا لهم، وبدلا من أن تهدوهم وتبينوا لهم الطريق صرتم تبعًا لأهوائهم وضلالاتهم، ومقيدين بها، وبدلا من أن تعتزوا بآبائكم الذين قهروهم من قبل، صرتم تشاركوهم لعنهم وسبهم... فمن باع أهله وقومه السابقين خيار أهل الأرض عند الله، فهل يستحق التكريم على فعل مثل هذا.<o:p></o:p> ويؤسفنا ويؤلمنا أن نراهم قد أخرجوا أنفسهم من أمتهم، ولا نستطيع أن نفعل لهم شيئًا يعيدهم إلى الحق، فالحق منا غير مقبول عندهم؛ بالحجب التي وضعت وحالت بيننا وبينهم، فالحال الذي هم عليه يحزننا ولا نتمناه لهم، ونسأل الله تعالى أن يردهم إليه، وإلى كتابه، وعترة نبيه، وسنته ردًا نقيًا جميلاً. <o:p></o:p> وأهل الاستقراء للآثار الواردة والتي تتحدث عن الحال القادم، الموعود فيه أن تعود الأمة إلى دينها وعزها، يرون أن أهل العراق سيعودون إلى السنة بعد أن يفيقوا من الخديعة التي عاشوا فيها، فجعلتهم مطية للعجم ولأهل الكتاب، لإسقاط هذا الدين؛ بإسقاط حملته بعد أن أعجزهم إسقاط كتاب الله، وتبقى بقية في فارس يحاربهم المهدي. <o:p></o:p> وللحقيقة نقول إن معظم أهل فارس أقبلوا على الإسلام بصدق، وتخلوا عن عبادة النار، فكان منهم علماء أجلاء خدموا هذا الدين خدمات عظيمة، حتى جاءتهم الدولة الصفوية، فأخرجتهم بالقوة والسيف من أهل السنة، فجاءت ذريتهم من بعدهم لا تدري عن الدين إلا ما وضعته الدولة الصفوية لهم، فأصبحوا على ما هم عليه اليوم من غلبة القومية الفارسية على دينهم. <o:p></o:p> والعجب العجيب أنه يُتحدى الشيعة في العراق وإيران، وحيثما كانوا، على الفضائيات التي يصل بثها إلى كل أهل الأرض، بأن يأتوا بحديث واحد صحيح من أعظم كتبهم ومراجعهم؛ "كتاب الكافي" وتمر السنين دون أن يفعلوا ... ولو علمت أي أمة أخرى بأن لديها كتابًا بهذه الصفة لا حديث صحيح واحد فيه؛ لما أودعته غير النار، فأظهر التحدي عجز علمائهم، وأنه ليس لديهم من العلم إلا الوصف بأنهم علماء ليأكلوا أموالهم، ويستحلوا فروج نسائهم بزواج المتعة منهن .. وعامتهم لا تجرؤ على حض علماءهم للرد بسبب ما تربوا عليه من الخنوع المؤسف لهم. <o:p></o:p> لقد جعلت بعض الفئات من حب آل النبي سترًا؛ من خلفه كفر، وضلال، وتفريق، وشرك ينصب لبسطاء الناس للإيقاع بهم؛ ممن تغلب عاطفتهم عقولهم، فينساقوا خلف فئات نصبت العداء سرًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وعترته، وأهله، ولقومه، ولدين الله، باسم هذا الحب، فإذا امتد به الأمد خلفهم، ابتعدوا عن طريق العودة للأمة، ثم يورثوا ما وقعوا فيه إلى ذرياتهم من بعدهم، التي تكون هي أشد تمسكًا بما ورثوه، وأشد ضعفًا من آبائها في اتباع الحق. <o:p></o:p> ومع أن القرآن نزل بكلام الله المعجز، والمحفوظ من الله تعالى، ليكون حجة على الناس، ويكون حجة لكل صاحب حق لا يخرج عنه، نرى كيف يقرأ القرآن من وضع على عينيه قناعًا، وجعل فيه فتحة صغيرة لا تسمح إلا بقراءة جزء من آية ليفسرها على هواه؛ كما فعلوا في فهم قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))[الأحزاب:33] في النص الذي لم يتحدث قبله ولا بعده إلى على نساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)) [الأحزاب 28-34]. <o:p></o:p> والله تعالى خاطب في مثلها، زوج إبراهيم عليه السلام: (( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ))[هود:73]، ولم يكن في البيت غير إبراهيم وزوجه فقط.<o:p></o:p> هل يستطيع أحد أن يفعل شيئًا للابس هذا القناع؟!! إن كان هو لا يريد أن يخلع هذا القناع ليرى ما يراه أسوياء الناس. <o:p></o:p> فالطهارة وذهاب الرجس كما بيته الآيات هو نتيجة؛ إرادة الله ورسوله والدار الآخرة، والعمل الصالح والإحسان، وطاعة الله ورسوله، وملازمة البيت وعدم التبرج، وعدم الخضوع في القول، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وتلاوة القرآن... هذا ما أرشدته الآيات ... فلا طهارة بدون العمل الصالح والبعد عن المعاصي لأي أحد من الناس، وليس هذا خاصًا بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم. <o:p></o:p> وقد قال تعالى لنبيه: (( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ))[الزمر: 66-65]. <o:p></o:p> فمن هذا الذي يأمن الله على معصية لله وهو يقرأ مثل هذا القول في كتاب الله؟! <o:p></o:p> في الختام نقول إن عترة الرسول صلى الله عليه وسلم قائمة على رباط الإيمان والإسلام؛ فهي شاملة لكل صحابته رضي الله عنهم، ومن سار على نهجهم، بمن فيهم ذريته، ومن اتصل إليه بنسب، فأخلص عمله لله، ولم يتكل على نسب بلا عمل يخلص فيه لله عز وجل. <o:p></o:p> ونسأل الله تعالى أن نكون من عترة النبي صلى الله عليه وسلم الذين عملوا بما وصل إليهم من الحق، فكانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وأن يحشرنا الله تعالى في زمرته، ويسقينا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا. ويدخلنا عز وجل برحمته في عباده الصالحين، فيجعلنا من عباده المقربين. <o:p></o:p> وددت أن يصل هذا الموضوع إلى كل مسلم سني وشيعي، ولا يفوتهم قراءته، حتى تتوحد الأمة خلف عترة النبي صلى الله عليه وسلم الذين امتد فيهم أثره ؛ من علم، وتربية صالحة، وحمل للدين، وحفظ للقرآن، وعمل بالسنة، واستمر حتى وصلنا، فأنقذنا الله تعالى بهم من الكفر والشرك.

تصفح الكتاب

بحث