أسئلة في الطينة
مدير الموقع
الثلاثاء 20 مايو 2008 م
<b><font size="4" face="Arial"><br /> عقيدة الطينة من مقالاتهم السرية، وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها حتى من عامتهم، لئلا يطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة.<br /> وكانت هذه المقالة موضع إنكار من بعض عقلاء الشيعة المتقدمين كالمرتضى وابن إدريس؛ لأنها في نظرهم وإن تسللت أخبارها في كتب الشيعة إلا أنها أخبار آحاد مخالفة للكتاب والسنة والإجماع فوجب ردها.<br /> <font color="blue">تواتر أحاديث الطينة عند الشيعة:</font><br /> لكن هذه الأخبار تكاثرت على مر الزمن حتى قال شيخهم نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ): (إن أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكاثرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال في إنكارها، والحكم عليها بأنها أخبار آحاد، بل صارت أخباراً مستفيضة بل متواترة). قال هذا في الرد على من أنكرها من شيوخهم السابقين.<br /> والذي تولى كبر إرساء هذه العقيدة -فيما يظهر- هو شيخهم الكليني الذي بوب لها بعنوان (باب طينة المؤمن والكافر) وضمّن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطينة [أصول الكافي (2/ 2-6)].<br /> ثم ما زالت تكثر هذه الأخبار من بعد الكليني حتى سجل منها شيخهم المجلسي سبعة وستين حديثاً في باب عقده بعنوان: (باب الطينة والميثاق) [بحار الأنوار (5/ 225 -276)].<br /> وكأن القارئ يتطلع إلى تفاصيل هذه المقالة التي تجعل الشيعي يعتقد بأن كل بائقة يرتكبها فذنبها على أهل السنة، وكل عمل صالح يعمله أهل السنة فثوابه للشيعة، ولذلك فإن شيوخ الشيعة يكتمون ذلك عن عوامهم حتى لا يفسدون عليهم البلاد والعباد.<br /> وهذه العقيدة أوسع تفصيل لها هو في رواية ابن بابويه في علل الشرائع، حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه [انظر: علل الشرائع: ص606-610]، ورأى بعض شيوخهم المعاصرين أن هذا كمسك الختام، فقال: (إنه ختم بهذا الحديث الشريف كتاب علل الشرائع) [انظر: بحار الأنوار(الهامش) (5/ 233)].<br /> <font color="red">ملخص عقيدة الطينة:</font><br /> <font color="blue">يقول: إن الشيعي خلق من طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة.</font><br /> وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستين رواية من رواياتهم.<br /> <font color="blue">سبب القول بهذه العقيدة:</font><br /> يمكن أن يستنبط سبب القول بهذه العقيدة من الأسئلة التي زُعم أنها وجهت للأئمة، والشكاوي التي رفعت إليهم، فالشيعة يشكون من انغماس قومهم بالموبقات والكبائر، ومن سوء معاملة بعضهم لبعض، ومن الهم والقلق الذي يجدونه ولا يعرفون سببه.<br /> ولكن تعزو الرواية المنسوبة كذباً إلى الإمام ذلك كله لتأثر طينة الشيعي بطينة السني في الخلقة الأولى.<br /> <font color="blue">أسئلة مثيرة تكشف واقع المجتمع الشيعي المغلق:</font><br /> ولنستمع إلى بعض هذه الأسئلة المثيرة التي تكشف واقع المجتمع الشيعي المغلق:<br /> (روى ابن بابويه بسنده: عن أبي إسحاق الليثي قال: [[ قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر -عليه السلام-: يا بن رسول الله! أخبرني عن المؤمن المستبصر -يعني الشيعي- إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: اللهم لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا. قلت: فيأتي بكبيرة من الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: لا. قلت: يا بن رسول الله! إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطريق، ويخيف السبل، ويزني، ويلوط، ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم، ويأتي الكبائر فكيف هذا ولم ذاك؟ فقال: يا إبراهيم! هل يختلج صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك، فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟! قال: فقلت: يا بن رسول الله! وأجد من أعدائكم ومناصبيكم -يشير إلى أهل السنة- من يكثر من الصلاة والصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحرص على الجهاد، ويأثر -كذا- على البر، وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط، وسائر الفواحش فما ذاك؟ ولِمَ ذاك؟ فسّره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي، وضاق ذرعي ]] [علل الشرائع: (ص 606- 607)، بحار الأنوار: (5/ 228-229)].<br /> هذا وحده من الأسئلة والشكاوي التي تكشف انزعاج الشيعة من واقعهم المليء بالمعاصي والموبقات، بالمقارنة بواقع سلف هذه الأمة وأئمة أهل السنة ومعظم عامتهم من تقى وأمانة وصلاح، وقد أجيب السائل بمقتضى عقيدة الطينة وهي: أن المعاصي الموجودة عند الشيعة بسبب أهل السنة، والأعمال الصالحة التي تسود المجتمع السني بسبب طينة الشيعي.<br /> ويأتي سائل آخر يدعى إسحاق القمي فيقول لأبي جعفر الباقر: [[ جعلت فداك! أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي، ويدين الله بولايتكم، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب المسكر، ويزني، ويلوط، فآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي، بطيئاً فيها، وقد رأى الناصب المخالف لما أنا عليه ويعرفني بذلك -أي: يعرف بأنه شيعي- فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعاً في حاجتي، فرحاً بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويُستودع فيؤدي الأمانة ]] [علل الشرائع (ص489-490)، بحار الأنوار (5/ 246-247)].<br /> فهذا السائل يزيد عن سابقه بشكواه من سوء معاملة أصحابه، وجفاء طبعهم، وقلة وفائهم، على حين يجد أهل السنة -وهم خصومه- أحسن له من أصحابه وأقضى للحاجة، وأفضل للخلق والمعاملة والعبادة.<br /> - وقريب من ذلك ما شكاه بعض الشيعة إلى أبي عبد الله، فقال: (أرى الرجل من أصحابنا -ممن يقول بقولنا- خبيث اللسان، خبيث الخلطة، قليل الوفاء بالميعاد؛ فيغمني غماً شديداً، وأرى الرجل من المخالفين لنا حسن السمت، حسن الهدي -الهدي: الطريقة والسيرة (بحار الأنوار: 5/ 251)- وفياً بالميعاد فأغتم غماً) [ البرقي المحاسن (ص137-138)، بحار الأنوار (5/ 251)].<br /> - ويأتي سائل رابع يشكو ما يجده من قلق وهم لا يعرف له تفسير. تقول روايتهم: (عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله ومعي رجل من أصحابنا فقلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله! إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سبباً...) [بحار الأنوار (5/ 242)، وعزاه إلى علل الشرائع (ص:42)]<br /> ويبدو أن مصدر القلق هو تلك العقيدة غير الواضحة، والمستقرة التي تأخذ بها الشيعة، ولكن "إمامه" يفسر هذا القلق بمقتضى عقيدة الطينة.<br /> هذه الأسئلة والشكاوي وغيرها كثير -تجدها في أبواب الطينة في الكافي والبحار، وسيأتي "نماذج" أخرى في باب أثر الشيعة في العالم الإسلامي- توضح طبيعة التركيبة الشيعية في نفسيتها، وعلاقاتها، وخلقها، ومعاملاتها ودينها.. وقد احتال شيوخ الشيعة لمواجهة هذا الإحساس الذي ينتاب بعض الصادقين من الشيعة، إزاء هذه الظواهر المقلقة والمخيفة فكانت محاولة الخروج من إلحاح هذه التساؤلات والشكاوي بقولهم بهذه العقيدة.<br /> <font color="blue">جواب أبي جعفر الباقر بعقيدة الطينة:</font><br /> ولنستمع إلى بعض الأجوبة على تلك الشكاوي - والجواب المذكور هو على السؤال الذي قالوا: إنه سأله إسحاق القمي- يقول (إمامهم): [[يا إسحاق -راوي الخبر- ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني، فقال: يا إسحاق! إن الله عز وجل لما كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب -أي: نشح ماؤه ونشف- [بحار الأنوار (5/ 230 /هامش3)] الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم ولا سرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئاً مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضته، وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون -الحمأ: الطين الأسود المتغير، والمسنون: المنتن- وهي طينة خبال -الخبال: الفساد، النقصان- [المرجع نفسه من المصدر السابق، هامش رقم (3)] وهي طينة أعدائنا، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين، ولم يقروا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين -طينتكم وطينتهم- فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالماءين فما رأيت من أخيك من شر لفظ، أو زنا، أو شيء مما ذكرت -من شرب مسكر أو غيره- ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان.<br /> قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه؟ قال لي: يا إسحاق! أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم فرّدها على أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول.<br /> قلت: جعلت فداك! تؤخذ حسناتهم فترد إلينا، وتؤخذ سيئاتنا فترد عليهم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو]] [علل الشرائع (ص490-491)، بحار الأنوار (5/ 247-248)].<br /> هذه عقيدة الطينة عندهم، وقد جاء في سياق رواية القمي في أولها قوله: [[خذ إليك بياناً شافياً فيما سألت، وعلماً مكنوناً من خزائن علم الله وسره]] [علل الشرائع (ص: 607)، بحار الأنوار (5/ 229)].<br /> وجاء في خاتمتها: [[خذها إليك يا أبا إسحاق! فو الله إنه لمن غرر أحاديثنا، وباطن سرائرنا، ومكنون خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرنا أحداً إلا مؤمناً مستبصراً، فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك]] [ علل الشرائع (ص610)، بحار الأنوار (5/ 233)].<br /> فهي -كما ترى- عقيدة سرية في إبان قوة الدولة الإسلامية، يؤكد على سريتها في بدايتها ونهايتها، فهل خطر ببال مخترع هذه العقيدة أنها ستقع في أيدي أهل السنة، ويعلنوها أمام الملأ كإحدى الفضائح؟!<br /> <font color="blue">نقد عقيدة الطينة:</font><br /> أولاً: إن هذه الروايات ناقضت نفسها بنفسها، فالشيعي -كما ترى في عرض الشكاوي والأسئلة- أغرق في الجريمة، وأكثر إيغالاً في المعاصي والموبقات، وأسوأ معاملة، وأردأ خلقاً وديناً، فكيف يكون -من هذه حاله- أفضل طينة، وأطهر خلقة؟<br /> ثانياً: قد خلق الله سبحانه الناس جميعاً على فطرة الإسلام، قال تعالى: (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ))[الروم:30].<br /> والتفريق بينهما مما شذت به أساطير الشيعة.<br /> ثالثاً:ناقضت الشيعة في أخبار الطينة مذهبها في أفعال العباد، لأن مقتضى هذه الأخبار أن يكون العبد مجبوراً على فعله وليس له اختيار له، إذ أفعاله بمقتضى الطينة. مع أن مذهبهم أن العبد يخلق فعله كمذهب المعتزلة<span lang="ar-sa">.</span><br /> رابعاً: تقرر أخبار طينتهم أن موبقات الشيعة وأوزارها يتحملها أهل السنة، وحسنات المسلمين جميعاً تعطى للشيعة، وهذا مخالف للعدل الرباني ولا يتفق مع العقل الصريح ولا الفطرة السليمة، فضلاً عن نصوص الشرع وأصول الإسلام، قال تعالى: ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى))[الأنعام:164، فاطر:18، الزمر:7]، وقال عز وجل: ((كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ))[الطور:21] وقال تعالى: (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ))[المدثر:38] وقال تعالى: (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه ))[الزلزلة:7-8] وقال تعالى: ((الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ))[غافر:17] وغيرها كثير.</font></b></p>
التعليقات