المبحث الأول
الآيـات الصـريحـة فـي وجـود فئتين
(صحابة ومنافقين)
القرآن الكريم هو الفصل ليس بالهزل، من تمسك به عصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.
ومن جملة ما جاء في كتاب الله تعالى، ما ذكره الله تعالى عن الصحابة والمنافقين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد جاءت آيات كثيرة تثني على الصحابة وتزكيهم، وتذم المنافقين وتعريهم، مع بيان صفاتهم وحقيقة أفعالهم.
«فالقرآن ذكر المؤمنين والمنافقين في غير موضع، كما ذكرهم في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والعنكبوت والأحزاب والفتح والقتال والحديد والمجادلة والحشر والمنافقين؛ بل عامة السور المدنية يذكر فيها المنافقين..»([1]).
وَذِكْرُ الطائفتين في موضع واحد يدل على التغاير بينهما والتمايز، كما قال سبحانه: ((وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ)) [التوبة: 56] الآية.
فبيَّن سبحانه وتعالى أن المنافقين يحلفون بأنهم من الصحابة رضي الله عنهم، ثم أخبر بأنهم ليسوا منهم..
فلكل طائفة صفاتها وخصائصها وما يميزها عن غيرها: ((وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)) [آل عمران: 141].
المبحث الثاني
الثناء على الصحابة وبيان صفاتهم وتفاضلهم
بعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فآمن به الفقراء والمستضعفون، فأُوذوا وصبروا، ثم أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، ولم يكن خروجهم إلا نصرة لله ورسوله؛ إذ ليس لهم مطمع مادي في مثل هذا الوضع الصعب.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة يبحث عمن ينصره من القبائل، إلى أن هاجر إلى المدينة، وقام الأنصار بنصرته خير قيام.
ولهذا جاءت آيات كثيرة تثني على الصحابة الذين ناصروا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجاهدوا معه ونشروا الإسلام، ويكفيهم شرفاً وفخراً أنهم صحبوا خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم وناصروه.
وإذا كان مما يُثنى به على طالب العلم كونه درس وتعلم على العالم الفلاني، ويعتبر هذا من مناقبه، فكيف بمن أخذ عن خير البشر صلوات ربي وسلامه عليه؟! فهذا والله هو الشرف والفخر، فبصحبته تحصل البركات، ويحل على من صحبه عظيم الخيرات، فالصحبة تاج فوق رءوسهم، وميزة لا يدركها من جاء بعدهم، فمنزلة الصحبة وشرفها راجح على سائر الأعمال.
وقد حصل للصحابة الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التزكية والعلم ما شهد به رب العالمين، فقال جل شأنه: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الجمعة: 2].
فبيَّن أنهم كانوا في ضلال مبين، ثم حصلت لهم التزكيةُ وعِلْمُ الكتاب والسنة بصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذهم عنه..
ومن ثَمَّ نقلوا القرآن والسنة إلى من بعدهم، فكانوا هم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبين من جاء بعدهم، ولو لم يكونوا عدولاً لما حصلت الثقة بنقلهم للقرآن الكريم، ولا للسنة النبوية، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.
والذين يقولون بأن علياً رضي الله عنه معصوم من السهو والنسيان والخطأ من حين ولادته إلى وفاته يخالفون مدلول هذه الآية التي بينت صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم علي رضي الله عنه، وأنهم كانوا قبل البعثة النبوية في ضلال مبين، يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار ، وفي غاية الجهل بعلوم الأنبياء، فبعث الله إليهم نبيه صلى الله عليه وسلم فزكاهم بالأخلاق الحميدة، وعلمهم الكتاب والسنة، فكانوا بعد هذا التعليم والتزكية من أعلم الخلق، بل كانوا أئمة أهل العلم والدين، وأكمل الخلق أخلاقاً، وأحسنهم هدياً وسمتاً..، فصاروا أئمة المهتدين، وقادة المتقين([2]).
ومن الآيات التي بينت فضلهم قوله سبحانه: ((لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ..)) [الحشر: 8-9] الآيات.
فوصف المهاجرين بالصدق، ثم وصف الأنصار بالفلاح، ثم قال: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10].
فمن صفاتهم: ((وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ)) ومواقف النصرة تراها جلية في غزواتهم مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفيما تلاها من الفتوحات الإسلامية..
وقد وصف من جاء بعدهم بالإيمان، وجعل من مستلزمات ذلك محبته إياهم وعدم الغل عليهم واستغفاره لهم، وفقدان هذه الأمور أمارة على زوال الإيمان أو ضعفه، فضلاً عما هو أشد منه.
وقد وصف الله تعالى أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم: ((أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)) [الفتح:29]. وفي هذا المعنى يقول علي رضي الله عنه: «لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما أرى أحداً يشبههم، والله إِنْ كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صُفراً بين أعينهم مثل ركب المعزى، قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذُكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين»([3]).
وقال تعالى: ((وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [الأنفال: 62-63]. فألَّفَ الله سبحانه وتعالى بين قلوبهم، ونصر نبيه بهم، في معركة بدر وما بعدها.
وقال سبحانه: ((لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى)) [الحديد:10] فتأمل قوله: ((وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى))، فهذه الآية شملت مسلمة الفتح، فقد أخبر سبحانه بأنه وعدهم الحسنى، مع كون مرتبتهم أقل من مرتبة من أسلم قبل الفتح.
والحسنى هي الجنة، كما قال سبحانه: ((إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ . لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ)) [الأنبياء:101-102].
وفي هذه الآية أيضاً دلالة على تفاضل الصحابة رضي الله عنهم، فلا يستوي مسلمة الفتح مع من كان قبلهم، وهكذا..
كما أن تزكية الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الصحابة مع تفاوت منزلتهم، ووعده لهم بالجنة فيه أعظم دليل على تبرئة هؤلاء الصحابة من النفاق، والشهادة لهم بالإيمان الصادق.
وقد ذكر الله من صفات المؤمنين خوفهم ألا تقبل أعمالهم، فيعملون الطاعات وقلوبهم خائفة وجلة أن لا تقبل منهم أعمالهم، كما قال سبحانه:
((وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)) [المؤمنون:58-60].
ومن ذلك خوفهم من النفاق أو حبوط الإيمان، ولهذا سأل عمر حذيفة رضي الله عنهما: هل عدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنافقين؟ ففيه دليل على فضل عمر وتقواه، وشدة خوفه من الله، وإلا لو كان يعلم من نفسه النفاق لما سأل حذيفة، ثم إن حذيفة قال له: لا، ولا أبرئ أحداً بعدك([4]). وقد قال بعض السلف عن النفاق: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق([5]).
ولعل من نافلة القول أن ثناء الله على الصحابة وتعديله لهم لا يعني عدم وقوعهم في المعاصي، بل ذلك من مقتضى بشريتهم وعدم عصمتهم، وسيأتي الكلام عليه مستوفى بإذن الله عند الحديث عن معنى الصحبة والعدالة.
وثمت آيات أخر سأذكرها في فصل مستقل بشيء من التفصيل، كقوله تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ)) [التوبة:100]، وقوله تعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)) [الفتح:29]، وقوله تعالى: ((لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)) [الفتح:18].
والآيات في هذا كثيرة، فحريٌّ بالمسلم أن يتدبر كتاب ربه سبحانه وتعالى، ففيه الهداية والنور، قال سبحانه: ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)) [الإسراء: 9].
المبحث الثالث
ذم المنافقين وبيان حقيقتهم وما تنطوي عليه نفوسهم
أدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فئامٌ من الناس، فاختص أناس من بينهم بالإيمان، وكفر أقوام بالرحيم الرحمن، وبقي طوائف من المنافقين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ((اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [التوبة: 9].
ظنوا أن أمرهم يخفى فاستخفوا من الناس ولم يستخفوا من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، فهتك الله سترهم، وفضح أمرهم، وبين عوارهم، وميز قبيح فعالهم وصفاتهم، مما جعل أمرهم ظاهراً، ووصفهم بيِّنا ((وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)) [محمد: 30]. فلم يختصوا بمنقبة، ولم ينالوا مكرمة.
والمتأمل في صفاتهم في القرآن الكريم يجد صفاتهم أشد ما تكون بعداً عن صفات من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وجاهد معه وآزره ونصره، وبذل الغالي والنفيس من أجله، وهل يستوي البحران ((هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)) [فاطر: 12].
ومن تدبر الآيات عَلِمَ عظيمَ الفرق بينهم، وعَلِمَ أَنَّ هؤلاء المنافقين كانوا نشازاً في المجتمع الإسلامي، ولم يكن لهم دور ألبتة في الجهاد ولا في العلم ولا في تبليغ هذا الدين.
«..والله سبحانه وتعالى يعلم المؤمنين من المنافقين لا تخفى عليه سبحانه وتعالى خافية، ولكنه سبحانه لم يعلم نبيه بكل من لم يظهر نفاقه؛ بل قال: ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ)) [التوبة:101]، ثم إنه ابتَلى الناسَ بأمور تميز بين المؤمنين والمنافقين، كما قال سبحانه: ((وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)) [العنكبوت:11]، وقال تعالى: ((مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) [آل عمران:179] ..»([6]).
وإليك شيئاً من صفاتهم التي تميزوا بها عن المؤمنين:
1- فمن صفات المنافقين وخصالهم: عدمُ الخروج للجهاد([7])، وهذا في غالب أحوالهم، وقد يخرجون نفاقاً أو إرجافاً أو غير ذلك، وهذا في القليل النادر.
قال تعالى عن المنافقين: ((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ . يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ)) [التوبة:93-94].
فهم لا يألون جهداً في الاعتذار من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن صحابته رضي الله عنهم في عدم الخروج للجهاد: ((يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ)) فالمنافقون لم يخرجوا في غزوة تبوك، باستثناء بضعة أشخاص من المنافقين نزلت فيهم آيات بخصوصهم، وجل المنافقين ممن تخلف في المدينة، بينما خرج الصحابة رضي الله عنهم وكان عددهم قرابة ثلاثين ألفاً.
إن المنافقين لا يجدون بداً من التخلف عن الجهاد وإبداء الأعذار الواهية، فبعضهم يعلل عدم خروجه للقتال بعدم تمكنه من إعداد العدة، ولكن الله يفضحهم ويبين أن سبب عدم خروجهم للقتال هو عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر، كما قال سبحانه: ((إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ . وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)) [التوبة:45-46].
«فهذا إخبار من الله بأن المؤمن لا يستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في ترك الجهاد، وإنما يستأذنه الذي لا يؤمن، فكيف بالتارك من غير استئذان؟!»([8]).
وعلل بعضهم بخشية الفتنة كما زعم! قال سبحانه: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ)) [التوبة: 49].
وتقاعس بعضهم عن الخروج لبُعد السفر وحصول المشقة؛ قال سبحانه: ((لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) [التوبة:42].
ولك أن تتخيل أشكالهم عندما يُذكَرُ القتال فتدور أعينهم من الخوف والهلع، كما قال جل شأنه: ((فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ)) [محمد: 20]، وقال سبحانه عنهم: ((فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ)) [الأحزاب:19].
وقد سماهم الله بـ(المخلفين) في غير ما آية، كما قال سبحانه: ((فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 81].
ولا ينافي هذا خروجهم في القليل النادر، سواء كان إرجافاً أو طمعاً في غنيمةٍ أو غيرَ ذلك، كما قال سبحانه عن طائفة منهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [المنافقون:8].
وقال عن طائفة منهم خرجوا في غزوة تبوك ونالوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قالوا مستهزئين: «ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء قط أرغب بطوناً، ولا أكذب أَلْسُناً، ولا أجبن عند اللقاء» فأنزل الله فيهم: ((يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)) [التوبة:64-66]([9]).
وإذا كان من تخلف في المدينة هم المنافقون ومن عذر الله، فإنه تخلف ثلاثة من الصحابة، فبرأهم الله من جملة المنافقين، وأخبر أنه تاب عليهم في عدم خروجهم، فقال سبحانه: ((وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) [التوبة:118] وهم: مرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وكعب بن مالك..
فأي بيان أوضح من هذا البيان في كشف حقيقة المنافقين وحالهم؟! كيف لا وقد تعهد الله بفضحهم وبيان ما تخفيه صدورهم؟! كما قال سبحانه: ((يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ)) [التوبة: 64].
فأخرج الله ما يحذرون وفضحهم، فلم يعد شأنهم خافياً -في الجملة- على الصحابة رضوان الله عليهم، فضلاً عن أن يلتبس هؤلاء بهؤلاء ولا يميز بينهم.
2- ومن صفات المنافقين: تظاهرهم بالإيمان أمام الصحابة عند حصول أي ريب، فعندما يحس هؤلاء المنافقون بافتضاح أمرهم يحاولون جاهدين أن يُقسموا الأيمان المغلظة أنهم من الصحابة، ولكن الله يفضحهم ويبين كذب دعواهم، قال سبحانه: ((وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ)) [التوبة: 56].. فالصحابة صنف والمنافقون صنف آخر.
3- ومن صفات المنافقين: أعمالهم المشينة التي فُضحوا بها، كما قال تعالى: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) [التوبة:107] ومسجد الضرار معروف، ومن بناه معروف([10])..
وقال تعالى: ((وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)) [محمد:30].
4- ومن صفات المنافقين أيضاً: التكاسل عن الصلاة وقلة ذكر الله، والشح والبخل، والجبن والخوف والهلع.. قال تعالى: ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلاً . مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)) [النساء:142-143].
فقال عن المنافقين: ((وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلاً)) وأعظم الذكر هو القرآن، ولهذا لم يكن للمنافقين أي دور في حفظه أو إقرائه أو تبليغه.
وإنما نقله إلينا بالتواتر الصحابة الكرام: كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت..
ولو طعنَّا في نقلة القرآن هؤلاء لحصل الطعن في القرآن الكريم وفي تواتره، بل لوقع الطعن في الدين كله...
وإذا علمنا هذا تبين سببُ أمرِ الله لنا باتباعهم بإحسان؛ إذ الدين نقل عن طريقهم رضي الله عنهم.
وخلاصة القول: أن الله بين من صفات المنافقين ما يميزهم عن غيرهم «ولهذا لما كشفهم الله بسورة براءة بقوله: ومنهم ومنهم، صار النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعرف نفاق ناس منهم لم يكن يعرف نفاقهم قبل ذلك، فإن الله وصفهم بصفات علمها الناس منهم، وما كان الناس يجزمون بأنها مستلزمة لنفاقهم، وإن كان بعضهم يظن ذلك، وبعضهم يعلمه، فلم يكن نفاقهم معلوماً عند الجماعة، بخلاف حالهم لما نزل القرآن..»([11]).
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: «التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل ومنهم ومنهم، حتى ظنوا أنها لن تبقي أحداً منهم إلا ذكر فيها»([12]).
«..وإن جاز أن يخفى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حال بعض الناس فلا يعلم أنه منافق، كما قال: ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ)) [التوبة:101] فلا يجوز أن يخبر عنهم بما يدل على إيمانهم، ولهذا لما جاءه المخلفون عام تبوك، فجعلوا يحلفون ويعتذرون، وكان يقبل علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، لا يصدق أحداً منهم، فلما جاء كعب وأخبره بحقيقة أمره، قال: (أما هذا فقد صدق) أو قال: (صدقكم)..»([13]).
ولهذا لم يقع للمنافقين أي تزكية أو وعد بالجنات، بل أظهر الله من صفاتهم ما ميَّزهم به عن المؤمنين، وتوعدهم بالعذاب الأليم، وبالدرك الأسفل من النار.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذيفةَ بنَ اليمان رضي الله عنه بأسماء جُملَةٍ من المنافقين، وفي ذلك حِكَمٌ كثيرة، منها: أن وظيفةَ حذيفةَ رضي الله عنه أن يفضح هؤلاء المنافقين إذا ما حاولوا إثارة الفتنة أو التصدي لمواقع قيادية، أو ممارسة التحريف في أي شكل من أشكاله، ثم إن أسماء هؤلاء المنافقين ليس لها صلة بتبليغ الرسالة، ولا في إذاعتها لكافة الناس مصلحة، وإلا لأخبر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه جملة ولم يُؤْثر بها حذيفة رضي الله عنه ، فدل هذا على أن المصلحة في كتمها.
ولو رأى حذيفةُ رضي الله عنه أحداً من المنافقين يتولى قيادة الأمة أو شيئاً من ولاياتها، لم يجز له أن يسكت بحال من الأحوال، وإلا لعُدَّ غاشاً للأمة.
اللهم اهدنا للحق ووفقنا إليه، ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.
المبحث الرابع
موقف الشيعة من آيات الثناء على الصحابة
تبين مما سبق ثناء الله على الصحابة وتزكيته لهم، وذمه للمنافقين وفضحه لهم، وقد بَيَّن الله من صفات المنافقين ما ميَّزهم عن الصحابة رضوان الله عليهم، فعرفوا بأوصافهم كتثاقلهم عن الصلاة والذكر، أو بأعيانهم كما في غزوة تبوك، وأصحاب مسجد الضرار..
والشيعة -هداهم الله للحق- جعلوا جمهور الصحابة الذين أثنى الله عليهم من المنافقين، بل وصفوا أعلام الصحابة ومن شُهِدَ لهم بالجنة بالنفاق؛ متذرعين بعموم تلك النصوص.
ولا ريب أن هذا من لبس الحق بالباطل، واستدلال بالنصوص على غير دلالتها، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
الآية الأولى:
قال الله تعالى: ((لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)) [الفتح:18].
فهذه البيعة سُمِّيَت ببيعة الرضوان لإخبار الله عز وجل أنه رضي عنهم.
وعدد الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة في أصح الأقوال ألف وأربعمائة.
وقد أقرَّ بهذا بعض علماء الشيعة الكبار.
يقول أحدهم وهو الطبرسي في تفسيره: «يعني بيعة الحديبية، وتُسَمَّى (بيعة الرضوان)؛ لهذه الآية، ورضا الله سبحانه عنهم، وإرادته تعظيمهم وإثابتهم، وهذا إخبار منه سبحانه أنه رضي عن المؤمنين إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السمرة...، وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل: وأربعمائة، وقيل: وخمسائة، وقيل: وثمانمائة»([14])اهـ.
فهؤلاء الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة حصل لهم ثلاثة أمور: أن الله رضي عنهم، وأنزل عليهم السكينة، وأثابهم فتحاً قريباً..
وإذا كانت الآية بهذا الوضوح فكيف يسوغ سبهم وشتمهم والوقيعة فيهم؟.
ولهذا اضطرب الشيعة تجاه هذا النص..
فزعم بعضهم أن فيهم منافقين، وأنهم بايعوا مع المؤمنين، والرضا إنما هو خاص بالمؤمنين.
وزعم بعض من ينتسب إلى التحقيق والفقه بأن الله رضي عنهم وقت المبايعة ثم سخط عليهم بعد ذلك. وكان فيهم منافقون! وهذا ما يصرح به علماء الشيعة الكبار حتى في هذا العصر([15]).
والجواب عن هذا أن يقال:
إن هذا القول فيه نسبة الجهل إلى الله تعالى؛ إذ كيف رضي سبحانه وتعالى عنهم وفيهم المنافقون؟!
ثم إن الله عز وجل لا يرضى إلا عن القوم المؤمنين، وقد أخبر في هذه الآية أنه رضي عنهم حين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل وزكى بواطنهم وشهد لهم بإخلاص النية، فقال: ((فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ)) [الفتح:18] وأنزل السكينة عليهم، ووعدهم بثواب فتحٍ قريب ومغانِمَ كثيرة.
فرضاه عنهم وإخباره بذلك دليل على إيمانهم، أما المنافق فلا يمكن أن يرضى الله عنه أبداً حال نفاقه؛ لأنه سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقوله: ((إِذْ يُبَايِعُونَكَ)) فيه أمران:
أولاهما: أن فيه إشارةٌ إلى أن من خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبايع أنه حينئذ ليس بمؤمن، ومعلوم أنه لم يحضر في الحديبية أحدٌ من المنافقين على الصحيح إلا الجدُّ بن قيس كما ذكر ذلك النووي في شرح مسلم([16])، وبعض علماء التاريخ والسير([17])، ولكنه لم يبايع وتنحى بعيداً.
وثانيهما: أن الظرف «إذ» متعلق بقوله: رضي، وفي تعليق هذا الظرف «إذ يبايعونك» بفعل الرضا إشارة إلى أن سبب الرضا هو ذلك الظرف الخاص وهو المبايعة، مع ما يعطيه توقيت الرضا بهذا الظرف «إذ» من إشارة لطيفة بتعجيل حصول الرضا، وكون الرضا حصل عند تجديد المبايعة ولم ينتظر به تمامها.
ويشهد لهذا قوة المؤكدات في هذا الرضا، حيث أتى باللام الموطئة للقسم، وقد -وهي للتحقيق- والقسم المقدر.
ثم إن الله سبحانه وتعالى لم يخبر أنه سخط على من بايع تحت الشجرة كما أخبر برضاه عنهم، ولهذا يقول ابن عباس رضي الله عنها كما ترويه عنه كتب الشيعة: «أخبرنا الله أنه رضي عن أصحاب الشجرة، فعلم ما في قلوبهم، هل حدثنا أحد أنه سخط عليهم بعد؟»([18]).
بل هذه الآية تتلى إلى يوم القيامة، فهل يتلى الرضا ويستمر ذكر الثناء إلى يوم القيامة على أناس قد بدلوا وغيروا ونافقوا؟!! سبحانك هذا بهتان عظيم.
وأما من قال بأن الرضا حصل لدقائق محدودة ثم سخط عليهم بعد ذلك، فيقال له:
هل كان الله يعلم أنهم سيبدلون أم لا؟ فإن قال: لا، فهي طامة كبرى؛ حيث اتهم الله بالجهل عياذاً بالله! وإن قال: نعم، فيقال: كيف يجعل الله الرضا يتلى إلى يوم القيامة وهو يعلم أن الفضل لن يستمر إلا سنواتٍ محدودة ثم يبدلون؟! فقائل هذا كأنه يصف القرآن بغش الأمة.. وحاشا ذلك أن يكون!
اللهم اجعلنا ممن رضوا عنك ورضيت عنهم يا رب العالمين..
الآية الثانية:
قال تعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)) [الفتح:29].
هذه الآية من أعظم الآيات في الثناء على الصحابة، ومن أدل الدلائل على إعجاز القرآن، وعلى عظمة الباري وسعة علمه..
وهي دالة على فضل جميع الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((وَالَّذِينَ مَعَهُ))، والذين كانوا معه هم الصحابة رضوان الله عليهم، وقد تجلت شدتهم على الكفار في غزوة بدر وأحد وغيرها.
وهم كذلك رحماء بينهم، تسودهم المحبة والألفة، مما كان سبباً في المصاهرات بينهم، كزواج عمر رضي الله عنه بأم كلثوم بنت علي رضي الله عنه ، وسيأتي ذكر ذلك في مبحث مستقل.
وقد اضطرب بعض الشيعة تجاه الآية السابقة، فقالوا بأنها لا تدل على فضل الصحابة رضي الله عنهم؛ لأن الله قال في آخرها: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ)) فمنهم للتبعيض أي بعضهم، وهو من آمن وعمل صالحاً فلا تشمل جميع من كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كل آية لا تروق لهم يحاولون صرفها وتأويلها، حتى لو أدى ذلك إلى ضرب القرآن بعضه ببعض.
وقول الشيعة بالتبعيض في هذه الآية ضرب لبعض القرآن ببعض؛ وذلك من عدة وجوه:
الأول: أن حصر «من» في قوله سبحانه: ((مِنْهُمْ)) بأنها تبعيضية تَحكُّم بلا دليل، ولا يجوز القول على الله بغير علم!!
الثاني: أن أوّل الآية لم يذكر إلا من آمن وعمل الصالحات: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)).
فهذه الصفات لا يتصف بها غيرُ المؤمنين، والمؤمنون كلهم أهل للمغفرة والثواب، ولو أن الآية شملت المنافقين لصح قولنا بأن «منهم» للتبعيض، ولكنها لم تذكر إلا صنف المؤمنين الصادقين والذين وصفهم الله بقوله:
((سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا)) فتأمل!
وقد لجأ بعض الشيعة إلى القول بالتبعيض؛ لعلمهم بدلالة الآية على فضل من كان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والذين جاهدوا معه في حياته، وبعد وفاته جاهدوا المرتدين، ومدَّعي النبوة، ومانعي الزكاة، وهم الذين فتحوا الأمصار، وفتحوا بلاد فارس والروم.
الثالث: أن هذا الوصف -كما نصت الآية- قد جاء في التوراة والإنجيل، فهو وصف وثناء عليهم قبل أن يُخلقوا، ولو كانوا سيبدلون ويغيرون لاستحقوا الذم لا المدح..
ولهذا فآخر الآية تأكيد لما سبق، ولا يمكن أن تناقض كلمات الله بعضها بعضاً.. وكذا القرآن لابد أن يؤخذ بجميعه؛ فلا يؤخذ بعضُه ويترك البعضُ الآخر، ولا يؤخذ جزءٌ من آية ويترك الجزءُ الآخر منها..
ومن ادعى أن سيبدلون ويغيرون فقد وصف الله تعالى بغش الأمة وتضليلها، بل وغش المؤمنين من بني إسرائيل ممن أَنْزَلَ عليهم التوراة والإنجيل، وذكر لهم هذه الأوصاف الموجبة لمحبتهم والدعاء لهم.
وعليه يكون معنى (من) في الآية أحد أمرين:
الأمر الأول: إما أنها لبيان الجنس، أي: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات من جنس هؤلاء وأمثالهم مغفرةً وأجراً عظيماً، وذلك كقوله سبحانه: ((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ)) [الحج:30] أي: من جنس هذه الأوثان، وليس معناها: اجتنبوا الرجس من الأوثان وأما باقي الأوثان فلا تجتنبوها! وهذا ما ذكره علماء أهل السنة كما ذكره بعض علماء الشيعة([19])..
والأمر الثاني: أن تكون مؤكدة، أي: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات من هؤلاء بالذات مغفرةً وأجراً عظيماً، وذلك مثل قوله سبحانه: ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)) [الإسراء:82] وليس قوله: ((مِنَ الْقُرْآَنِ)) أي: بعض القرآن شفاء ورحمة وبعضه ليس كذلك، بل (مِن) هناك مؤكدة فكذلك هنا([20])..
ودليل ذلك سياق هذه الآية، وصريح الآيات الأخرى.
ثم إن هذا الوصف لمجموع الصحابة رضوان الله عليهم، فهذه الصفات المذكورة في الآية تنطبق تماماً على أصحابه الذين قاتلوا معه في غزواته كلها، بل وقاتلوا بعد وفاته المرتدين والنصارى والمجوس، فهم كما وصفهم الله:
((أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)) [الفتح:29].
والمعية في قوله: (والذين معه) ظاهرة بينة؛ فهم معه في سلمه وحربه، وفي حله وسفره، وفي سائر أحواله، وقد خرج معه في غزوة تبوك وحدها نحو ثلاثين ألفاً.
ثم تأمل هذا الحديث من كتب الشيعة:
جاء في كتاب (كامل الزيارات)([21]) وهو من كتب الشيعة، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من مات في أحد الحرمين: مكة أو المدينة، لم يعرض على الحساب، ومات مهاجراً إلى الله، وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر.
فالرواية تشير بوضوح إلى فضل أصحاب بدر خاصة، من دون تقييد بأَحَدٍ دون أَحَد، وفي مقدمتهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة رضي الله عنهم.
ويقول رضي الله عنه كما في (نهج البلاغة): «لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فما أرى أحداً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب»([22]).
وخلاصة القول: أن الله أثنى على الصحابة رضي الله عنهم، وشهد لهم بالإيمان في التوراة والإنجيل والقرآن، وجعل هذا الثناء يتلى في القرآن إلى يوم القيامة.
ولا يفهم من الآيات إلا شمول هذا الثناء لجميع الصحابة الذين معه، ولذا حاول الشيعة جعل الوعد بالثواب خاصاً ببعضهم.
والقرآن دستور الأمة، فمن أخذ به نجا، ومن أبى ولاه الله ما تولى، ولا يظلم ربك أحداً.
الآية الثالثة:
قال سبحانه: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ)) فذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ووعدهم جنات تجري تحتها الأنهار، ثم قال: ((وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)) [التوبة:100-101].
فَفَرَّق سبحانه بين السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وبين المنافقين.
فالسابقون وصف عام لكل من حصل منه السبق للهجرة أو النصرة..
وقد بين بعض علماء الشيعة؛ كالطباطبائي في (تفسير الميزان)؛ أن السابقين من المهاجرين والأنصار هم كل من توفرت فيه صفات السبق، كأصحاب الهجرتين..
يقول الطباطبائي: «المراد بالسابقين هم الذين أسسوا أساس الدين، ورفعوا قواعده، قبل أن يشيد بنيانه وتهتز راياته؛ صِنْفٌ منهم بالإيمان واللحوق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على الفتنة والتعذيب، والخروج من ديارهم وأموالهم بالهجرة إلى الحبشة والمدينة، وصِنْفٌ بالإيمان ونصرة الرسول وإيوائه وإيواء من هاجر إليهم من المؤمنين والدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع»([23]).
وعلى كلٍّ ففي المسألة خلاف في وَضعِ حَدٍ يحصل به السبق، وأمثل الأقوال وأعدلها في هذا أنه في فترة ضعف الإسلام، وذلك قبل غزوة بدر؛ إذ ليست المزية فيمن آمن في وقت ضعف الإسلام واستذلال أهله كمن آمن في وقت قوته وتمكنه، ولهذا لم يظهر النفاق في الفترة المكية؛ فلما ظهر الإسلام وقوي، ظهر النفاق.
وفي الآية دلالة على مشروعية الاقتداء بهؤلاء السابقين، فإن الله وعد من اتبعهم بإحسان بأن يرضى عنه ويدخله جنات تجري تحتها الأنهار خالداً فيها أبداً، ولذا قال سبحانه: ((وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [التوبة:100]، وأخبر بأنهم يشاركونهم في الخير، كما قال سبحانه:
((وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)) [الجمعة:3]، وقال سبحانه: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)) [الحشر:10].
فهذه الآيات وغيرها تبين مشروعية الاقتداء بهؤلاء الأعلام من الصحابة رضي الله عنهم، بأخذ العلم عن طريقهم، هذا العلم الذي أخذوه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبمحبتهم ومعرفة فضائلهم والذب عن أعراضهم، ورَدِّ الكذب عنهم..، ولا يكون بالكذبِ عليهم وسبِّهم وشتمِهم وتَنَقُّصِهم والطعنِ فيهم..
وهذا يرد مزاعم الشيعة بأن العلم لا يمكن أن يؤخذ إلا عن طريق الأئمة المعصومين، فقد بين سبحانه وتعالى أن العلم يؤخذ عن طريق العلماء الراسخين، ولذا قال سبحانه وتعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الجمعة:2].
فهذا نص جلي يدل على فضل الصحابة رضي الله عنهم وتزكية الله لهم، وعلى عدم عصمتهم، كما يدل على أخذهم علم الكتاب والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يجعلهم أهلاً لتبليغه ونشره.
والشيعة بقولهم: إن علياً رضي الله عنه معصوم من حين ولادته إلى حين وفاته يخالفون وصف الله تعالى لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم بأنهم كانوا قبل البعثة في ضلال مبين، وقد سبق بيانه([24]).
ثم إن قولهم بأن العصمة شرط فيمن ينقل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم باطل؛ وإلا لم يصح أخذهم عن العلماء غير المعصومين من حين الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا، فإن قالوا بل يصح، قيل وكذلك يصح أخذه عمن سبقهم من العلماء غير المعصومين.
وجماع الأمر، أن الله سبحانه وتعالى زكى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليهم، وأمر بالاقتداء بهم وأخذ العلم عن طريقهم.
فإن قيل: وهل يعني ثناء الله عليهم أنهم لا يعصون الله أبداً؟ وما هو مفهوم الصحبة الذي نعرف به الصحابي من غيره. فجواب هذا في المبحث التالي.
([7]) جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق" رواه مسلم: (1910).
([10]) قال الطبري رحمه الله: «والذين ابتنوا مسجداً ضراراً وهم فيما ذكر اثنا عشر نفسا من الأنصار» ثم أورد روايات في بيان أسمائهم، ولهذا فالذين بنوه ليسوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بل من المنافقين، والصحابة يعرفونهم ولا شك.
([15]) وهو آية الله جعفر السبحاني في كتابه: حوار مع الشيخ صالح بن عبدالله الدرويش القاضي بالمحكمة الكبرى بالقطيف حول الصحبة والصحابة: (159)..
([17]) انظر: الاستيعاب: (1/3)، البداية والنهاية: (4/168)، الكامل في التاريخ: (2/200)، تاريخ الطبري: (2/279).
([19]) فتح القدير للشوكاني: (3/81)، تفسير الثعالبي: (4/119)، وذكره من علماء الشيعة الطبرسي في مجمع البيان: (9/157)، عند كلامه عن قوله سبحانه: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)) [الأحقاف:35].