موقع البرهان - المجلس الرابع: موقف الشيعة الإثني عشرية من الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه(15/6)

<div> ولكني أحب بكل قلبي وأعلم أن ذاك من الصواب رسول الله والصديق حباً به أرجو غداً حسن الثواب والله إن المرء ليستشعر نقصه، ويعجز عن البداية، وعن بلوغ النهاية مع بعد الغاية، إذا أراد أن يكتب عن سيرة رجل لم تحمل الغبراء، ولم تظل السماء بعد الأنبياء والمرسلين رجلاً أفضل منه، رجل جمع الله فيه الفضائل كلها، والمزايا الخلقية جميعها، فكان خيراً كله. ذاكم هو الصديق أبو بكر أول الصحابة إسلاماً، وأخصهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضلهم على الإطلاق. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس، ولم يتردد في قبول دعوته إلى الإسلام حين تردد وأبى الأدنون، وواسى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، حتى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله}(<a href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn1" name="_ftnref1">[1]</a>). أسلم على يديه صفوة الأصحاب، وأعتق بماله الكثير من الرقاب، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقاً، واتخذه أخاً في الله وصديقاً، وانتقل إلى جوار ربه وهو عنه راض، فرضي الله تعالى عن أبي بكر وأرضاه. ولكن الشيعة الإثني عشرية لم يرقبوا في أبي بكر صدق صحبته وفضله، وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرموه بكل شين ونقيصة، واتهموه في إسلامه وأخلاقه وعرضه وأمانته، وسلقوه بألسنة حداد أشحة على الخير. وليس هذا القول افتراءً على الشيعة؛ فكتبهم هي الشاهد على صدق هذه الدعوى وعدم كذبها. وسأقتصر على ذكر بعض هذه المطاعن ليكون المسلم على بينة من أمر هذه الطائفة التي لم يسلم منها خيار عباد الله تعالى(<a href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn2" name="_ftnref2">[2]</a>). فمنها: <a name="_Toc74446129">أولاً: طعن الشيعة في صدق إيمان الصديق رضي الله عنه:-</a> يطعن الشيعة في صدق إيمان أبي بكر رضي الله عنه، ويصفونه بأنه رجل سوء،(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn3" name="_ftnref3">[3]</a>)، أمضى أكثر عمره مقيماً على الكفر خادماً للأوثان(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn4" name="_ftnref4">[4]</a>)، عابداً للأصنام(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn5" name="_ftnref5">[5]</a>)، حتى شاب قرنه وابيض فوده(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn6" name="_ftnref6">[6]</a>). ولم يكتفوا بهذا بل زعموا أن إيمانه كان كإيمان اليهود والنصارى؛ لأنه لم يتابع محمداً صلى الله عليه وسلم لاعتقاده أنه نبي، بل لاعتقاده أنه ملك،(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn7" name="_ftnref7">[7]</a>). لهذا لم يكن إسلامه صادقاً، فقد استمر على عبادة الأصنام حتى إنه -على حد قولهم- (كان يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله والصنم معلق في عنقه يسجد له)(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn8" name="_ftnref8">[8]</a>)، وكان يفطر متعمداً في نهار رمضان، ويشرب الخمر، ويهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn9" name="_ftnref9">[9]</a>). قال الطوسي الشيعي: (إن من الناس من شك في إيمانه؛ لأن في الأمة من قال: إنه لم يكن عارفاً بالله تعالى قط)(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn10" name="_ftnref10">[10]</a>). وأما ابن طاوس الشيعي فقد جزم بأن أبا بكر مشكوك في هدايته(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn11" name="_ftnref11">[11]</a>). وجزم المجلسي بعدم إيمانه(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn12" name="_ftnref12">[12]</a>). أما باطنه رضي الله عنه فقد زعموا أنهم اطلعوا عليه، وتبين لهم من خلال هذا الاطلاع أنه كافر(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn13" name="_ftnref13">[13]</a>)، حتى إنهم حرفوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن أبا بكر لم يسؤني قط} بما يوافق مزاعمهم الباطلة فقالوا: (هذه صيغة ماض وهي تستلزم أن كفر أبي بكر لم يسؤه عليه السلام)(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn14" name="_ftnref14">[14]</a>). وهذه المزاعم التي قالها الشيعة كلها كاذبة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة، وليس لهم دليل عليها إلا ما يعتمل في صدورهم من حقد على الصديق رضي الله عنه وإخوانه الصحابة، فالصديق رضي الله عنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً به من مبعثه إلى أن مات. وقد أجمع المسلمون على أن الصديق رضي الله عنه أول من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به من الرجال،(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn15" name="_ftnref15">[15]</a>). وعلياً أول من آمن من الصبيان، وخديجة أول من آمنت من النساء، وزيد بن حارثة أول من آمن من الموالي(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn16" name="_ftnref16">[16]</a>). وقد سئل الحبر ابن عباس رضي الله عنهما: [[من أول من آمن؟ فقال: أبو بكر الصديق، أما سمعت قول حسان: إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أوفاها وأعدلها بعد النبي وأولاها بما حملا والتالي الثاني المحمود مشهده وأول الناس منهم صدق الرسلا]](<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn17" name="_ftnref17">[17]</a>). وحين عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام عليه لم يتردد في قبوله ولم يتلعثم، بل أقبل عليه بكل جوارحه، وقد أخبر عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {وما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn18" name="_ftnref18">[18]</a>). بينما يروي الشيعة في قصة إسلام علي رضي الله عنه أنه تلعثم وتردد وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمهله وقال له: [[إن هذا الدين مخالف دين أبي وأنا أنظر فيه]](<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn19" name="_ftnref19">[19]</a>). -على حد زعم الشيعة أنفسهم-. أما ادعاء الشيعة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن مؤمناً حقيقة، وأنه عاش مشكوكاً في هدايته فكذب بإجماع المسلمين، ولا يوجد دليل واحد في أي كتاب من كتبهم يؤيد هذه المزاعم الباطلة، ولو كانت التهم تلقى جزافاً لأمكن لمبغضي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يدعو فيه ما ادعى الشيعة في الصديق رضي الله عنه، ولكن حاشاه وحاشا الصديق من أن ينسب إليهم ذلك، بل هما والصحابة الكرام من سادات أولياء الله، وأفضل الناس بعد أنبياء الله ورسله. ومما يشهد لكذب دعوى الشيعة عدم صدق إيمان الصديق رضي الله عنه: ما تواتر عن اختصاص الصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم وشدة لصوقه به، وما روي في شدة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم له -ولم يكن عليه الصلاة والسلام يحب إلا طيباً-: فقد أخرج البخاري وغيره من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقال من الرجال؟ قال: أبوها}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn20" name="_ftnref20">[20]</a>). أما قبل الهجرة وقبل أن يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه أحب خلق الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه: {لما توفيت خديجة رضي الله عنها قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن الأوقص امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه -وذلك بمكة -: أي رسول الله! ألا تتزوج؟ فقال: ومن؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً. فقال صلى الله عليه وسلم: ومن البكر ومن الثيب؟ قالت: أما البكر فابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر الصديق...}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn21" name="_ftnref21">[21]</a>). وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {كان أبو بكر سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn22" name="_ftnref22">[22]</a>). فإذا كان الشيعة لا يتورعون عن توجيه أمثال هذه التهم إلى سيد الصحابة وأفضلهم وأقدمهم إسلاماً، وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن باب أولى أن لا يتورعوا عن اتهام من دونه من فضلاء الصحابة بشتى أنواع التهم. فاحذر يا عبد الله! أن تغتر بأقوالهم أو يقع في قلبك شيء من بهتانهم، فإنها والله كذب كلها، ليس من دليل عليها، أملتها عليهم عقيدتهم في الصديق رضي الله عنه، وما يعتمل في قلوبهم من حقد عليه وعلى إخوانه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اصطفاهم الله واختصهم من بين الناس كلهم لصحبة أفضل رسله وخير أنبيائه، فإن أبغضت أبا بكر لقد أبغضت أحب الناس إلى قلب نبيك ورسولك صلى الله عليه وسلم، ولو كنت تحب نبيك صلى الله عليه وسلم لأحببت من يحبه؛ إذ من علامة المحبة: أن تحب ما أحب حبيبك صلى الله عليه وسلم. ومن المطاعن: <a name="_Toc74446130">ثانياً: زعم الشيعة أن أبا بكر كان يعتقد أن رسول الله ساحر وليس رسولاً:-</a> يزعم الشيعة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يعتقد أن رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم ساحر وليس رسولاً نبياً: فقد روى الصفار والقمي والمفيد -من الشيعة - بأسانيدهم الشيعية عن خالد بن نجيح(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn23" name="_ftnref23">[23]</a>). قال: قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق: {جعلت فداك! سمى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر: الصديق؟ قال: نعم. قال: فكيف؟ قال: حين كان معه في الغار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة. قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وإنك لتراها؟ قال: نعم. قال: فتقدر أن ترينيها؟ قال: ادن مني. قال: فدنى منه فمسح على عينيه، ثم قال: انظر، فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر، ثم نظر إلى قصور المدينة فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn24" name="_ftnref24">[24]</a>). ونسب الشيعة إلى أبي جعفر الباقر زوراً وبهتاناً أيضاً نحواً من هذه الحكاية(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn25" name="_ftnref25">[25]</a>). وزعم سليم بن قيس من الشيعة في كتابه السقيفة أنه سمع نحواً من هذه القصة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn26" name="_ftnref26">[26]</a>). فهذا هو إذن السبب الذي لأجله لقب النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر: الصديق كما يزعم الشيعة. والحق: إن المرء ليعجب من سخافة عقول هؤلاء وسوء فهمهم، وسهولة اختراعهم للقصص الباطلة دعماً لمعتقدهم، على الرغم مما فيها من تناقضات مكانية وزمانية، يلحظها من أول وهلة من له أدنى إلمام بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه رضوان الله عليهم، أضف إلى ذلك تفاهة هذه القصص وتهافتها، مع ما فيها من عجمة تدل على أصل واضعها، والكلام مع الشيعة في هذا الإفك -الذي نسبوه إلى أئمة أطهار بريئين منه ومنهم- ذو وجهين: أحدهما: يبين جهل الشيعة أو تجاهلهم للسبب الحقيقي الذي لأجله لقب أبو بكر رضي الله عنه بالصديق، والآخر: يبين تفاهة ما استدلوا به وتهافته وتناقضه. فلا تسلم للشيعة دعواهم أن سبب تلقيب أبا بكر بالصديق هو هذا الذي زعموه، فالصديق إنما سمي بذلك لكونه سارع إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وسبق غيره في ذلك. قال الحافظ ابن حجر: (لقب بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء)(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn27" name="_ftnref27">[27]</a>). ويشهد لقول الحافظ ابن حجر ما رواه الإمام البخاري بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وفيه يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn28" name="_ftnref28">[28]</a>) ففي هذا الحديث الشريف إشارة إلى أن الصديق رضي الله عنه سبق الصحابة جميعاً إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك ما أخرجه الحاكم في مستدركه –وقال: صحيح الإسناد- من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: {لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس!! قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: وتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم. إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. فلذلك سمي أبو بكر بالصديق}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn29" name="_ftnref29">[29]</a>). والرسول صلى الله عليه وسلم قد لقب أبا بكر بالصديق في مواضع كثيرة، وذكر أن معنى الصديق الذي يصدق ويصدق ولا يزال يصدق ويتحرى الصدق؛ فقد أخرج الشيخان -واللفظ لمسلم - من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: {عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً}(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn30" name="_ftnref30">[30]</a>). وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ليست فضيلته في مجرد تحري الصدق؛ بل لأنه علم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم جملةً وتفصيلاً وصدق ذلك تصديقاًة كاملاً. وما زعمه الشيعة من أن الصديق رضي الله عنه إنما لقب بذلك؛ لأنه أضمر -وهو في الغار- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساحر باطل لأدلة كثيرة منها: أ) إن تعريف الصديق لغة: الدائم التصديق الذي يصدق قوله بالعمل ويوافق باطنه ظاهره، والذي يكثر صدقه ويغلب عليه، فهو للمبالغة في الصدق(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn31" name="_ftnref31">[31]</a>). وقد تقدم تعريفه الشرعي في حديث ابن مسعود المرفوع وهو الذي يصدق ويصدق ويتحرى الصدق. والشيعة قد زعموا أن أبا بكر أضمر في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساحر، واستدلوا بما زعموه على عدم صدق إيمانه، وعلى مخالفة باطنه لظاهره. والرسول صلى الله عليه وسلم قد اطلع على خبايا نفسه -بزعمهم- فكافأه على ذلك بمنحه هذا اللقب العظيم الذي لا يمنح إلا لمن أكثر من الصدق وعرف به. فكيف جرى هذا والكاذب لا يكون صديقاً كما رووا في كتبهم، فقد روى صاحب كتاب (الأشعثيات) بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يرفعه: [[الكذاب لا يكون صديقاً ولا شهيداً]](<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn32" name="_ftnref32">[32]</a>). ب) إن الهجرة إلى الحبشة كانت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ببضع سنين كما ذكر ذلك المؤرخون(<a title="" href="/articles.aspx?id=1155&selected_id=-2894&page_size=5&links=true#_ftn33" name="_ftnref33">[33]</a>). فكيف رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة جعفر بن أبي طالب تعوم في البحر وأراها أبا بكر، بالرغم من الفاصل الزمني الكبير بين الواقعتين، إذ الهجرة إلى الحبشة حدثت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعدة سنوات -كما أسلفنا-. ج) إن في سبب تلقيب أبي بكر بالصديق في الروايات الصحيحة المستفيضة عند أهل السنة ما يدمغ هذا الاحتجاج الكاذب ويبطله. وقد تقدم بعض هذه الروايات الصحيحة. وبهذا الرد الموجز يتبين أن الصديق رضي الله عنه إنما حاز هذا اللقب الشريف؛ لأنه صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر تصديقاً كاملاً في العلم والقصد والقول والعمل. وهذان المطعنان اللذان ذكرتهما قليل من كثير من المطاعن التي وجهها الشيعة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهما غيض من فيض مما في كتبهم من المفتريات الموجهة إلى خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين. <div style="mso-element: footnote-list" align="justify"> </div> <div style="mso-element: footnote-list" align="justify"> <hr align="left" width="33%" size="1"> </div> ([1]<a name="_ftn1"></a>) صحيح البخاري (5/67-68) كتاب المناقب، باب فضل أبي بكر.. ([2]<a name="_ftn2"></a><a name="_ftn2">) المطاعن التي وجهها الشيعة إلى الصديق رضي الله تعالى عنه كثيرة جداً، وهذا الذي ذكرته غيض من فيض مما في كتبهم..</a><a name="_ftn2"> </a><a name="_ftn2">([3]</a><a name="_ftn3"></a><a name="_ftn3">) كما ذكر ذلك الجزائري الشيعي في الأنوار النعمانية (4/60)..</a><a name="_ftn3"> </a><a name="_ftn3">([4]</a><a name="_ftn4"></a><a name="_ftn4">) ذكر ذلك البياضي الشيعي في الصراط المستقيم (3/155)، والكاشاني الشيعي في علم اليقين (2/707)..</a><a name="_ftn4"> </a><a name="_ftn4">([5]</a><a name="_ftn5"></a><a name="_ftn5">) ذكر ذلك الكركي الشيعي في (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) (ق: 3/أ)..</a><a name="_ftn5"> </a><a name="_ftn5">([6]</a><a name="_ftn6"></a><a name="_ftn6">) ذكر ذلك الكاشاني الشيعي في علم اليقين (2/707-708)، والفود: معظم شعر الرأس مما يلي الأذن، وفود الرأس: جانباه (انظر: لسان العرب لابن منظور (3/340)..</a><a name="_ftn6"> </a><a name="_ftn6">([7]</a><a name="_ftn7"></a><a name="_ftn7">) كما ذكر ذلك حيدر الآملي-الشيعي- في كتابه الكشكول (ص: 104)..</a><a name="_ftn7"> </a><a name="_ftn7">([8]</a><a name="_ftn8"></a><a name="_ftn8">) نفحات اللاهوت للكركي (ق: 3/أ)، والأنوار النعمانية للجزائري (1/53)..</a><a name="_ftn8"> </a><a name="_ftn8">([9]</a><a name="_ftn9"></a><a name="_ftn9">) البرهان للبحراني (1/500)..</a><a name="_ftn9"> </a><a name="_ftn9">([10]</a><a name="_ftn10"></a><a name="_ftn10">) تلخيص الشافي للطوسي (ص: 407)..</a><a name="_ftn10"> </a><a name="_ftn10">([11]</a><a name="_ftn11"></a><a name="_ftn11">) الطرائف لابن طاوس (ص: 32)..</a><a name="_ftn11"> </a><a name="_ftn11">([12]</a><a name="_ftn12"></a><a name="_ftn12">) مرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي (3/429-430)..</a><a name="_ftn12"> </a><a name="_ftn12">([13]</a><a name="_ftn13"></a><a name="_ftn13">) ذكر ذلك الكوفي الشيعي في كتابه الاستغاثة في بدع الثلاثة (ص: 20)..</a><a name="_ftn13"> </a><a name="_ftn13">([14]</a><a name="_ftn14"></a><a name="_ftn14">) ذكر ذلك البياضي الشيعي في الصراط المستقيم (3/149)..</a><a name="_ftn14"> </a><a name="_ftn14">([15]</a><a name="_ftn15"></a><a name="_ftn15">) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/223-227)، وتاريخ دمشق لابن عساكر، (9/529، 538-543)، والروض الأنيق لابن زنجويه (ق: 3/ب - 8/ب، 86/ب)، والسيرة النبوية لابن كثير (1/435)..</a><a name="_ftn15"> </a><a name="_ftn15">([16]</a><a name="_ftn16"></a><a name="_ftn16">) السيرة النبوية لابن هشام (1/240-250)، والسيرة النبوية لابن كثير (1/428-437)..</a><a name="_ftn16"> </a><a name="_ftn16">([17]</a><a name="_ftn17"></a><a name="_ftn17">) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/142)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (9/540)، والسيرة النبوية لابن كثير (1/435)، وانظر أيضاً المستدرك للحاكم (3/64)، ودر السحابة للشوكاني (ص: 151) -فهو مروي عن الإمام الشعبي أيضاً-..</a><a name="_ftn17"> </a><a name="_ftn17">([18]</a><a name="_ftn18"></a><a name="_ftn18">) مسند أحمد (2/253-366)، وسنن ابن ماجة (1/49)، وسيرة ابن هشام (1/252)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (9/543)، وانظر: السيرة النبوية لابن كثير (1/433)، ودر السحابة للشوكاني (ص: 142)..</a><a name="_ftn18"> </a><a name="_ftn18">([19]</a><a name="_ftn19"></a><a name="_ftn19">) سعد السعود لابن طاوس (ص: 216)..</a><a name="_ftn19"> </a><a name="_ftn19">([20]</a><a name="_ftn20"></a><a name="_ftn20">) صحيح البخاري (5/68) كتاب المناقب باب: (لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً)..</a><a name="_ftn20"> </a><a name="_ftn20">([21]</a><a name="_ftn21"></a><a name="_ftn21">) أخرجه أحمد والحاكم وقال: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، مسند أحمد (6/210)، والمستدرك للحاكم (2/167)..</a><a name="_ftn21"> </a><a name="_ftn21">([22]</a><a name="_ftn22"></a><a name="_ftn22">) أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. (المستدرك للحاكم (3/66))..</a><a name="_ftn22"> </a><a name="_ftn22">([23]</a><a name="_ftn23"></a><a name="_ftn23">) شيعي، حسَّن المامقاني -من علماء الشيعة- حديثه (تنقيح المقال للمامقاني (1/393))..</a><a name="_ftn23"> </a><a name="_ftn23">([24]</a><a name="_ftn24"></a><a name="_ftn24">) بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص: 444)، وتفسير القمي (ط حجرية ص 157) (ط حديثة 1/290)، والاختصاص للمفيد (ص: 19)، وانظر: مختصر بصائر الدرجات للحلي (ص: 29)..</a><a name="_ftn24"> </a><a name="_ftn24">([25]</a><a name="_ftn25"></a><a name="_ftn25">) بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص: 444)، وروضة الكافي للكليني (ط حجرية ص: 338 ط حديثة: 218)، وانظر: تفسير الصافي للكاشاني (1/702)، والبرهان للبحراني (2 /125 – 126)، ومرآة العقول -شرح الروضة- للمجلسي (4/338)..</a><a name="_ftn25"> </a><a name="_ftn25">([26]</a><a name="_ftn26"></a><a name="_ftn26">) السقيفة لسليم بن قيس (ص: 224 – 225)..</a><a name="_ftn26"> </a><a name="_ftn26">([27]</a><a name="_ftn27"></a><a name="_ftn27">) فتح الباري (7/9)، وقد قال ابن الأثير وابن زنجويه نحواً من قوله. (منال الطالب لابن الأثير (ص: 274)، والروض الأنيق لابن زنجويه (ق: 29/أ)..</a><a name="_ftn27"> </a><a name="_ftn27">([28]</a><a name="_ftn28"></a><a name="_ftn28">) صحيح البخاري (5/67-68) كتاب المناقب – باب فضل أبي بكر.</a><a name="_ftn28"> </a><a name="_ftn28">([29]</a><a name="_ftn29"></a><a name="_ftn29">) المستدرك للحاكم (3/62) -وصححه-، وانظر: در السحابة للشوكاني (ص: 150)..</a><a name="_ftn29"> </a><a name="_ftn29">([30]</a><a name="_ftn30"></a><a name="_ftn30">) صحيح البخاري (8/46) كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، وصحيح مسلم (4/2013) كتاب البر باب قبح الكذب وحسن الصدق..</a><a name="_ftn30"> </a><a name="_ftn30">([31]</a><a name="_ftn31"></a><a name="_ftn31">) راجع الصحاح للجوهري (4/1506)، والمحكم المحيط الأعظم لابن سيده (6/118)، ومنال الطالب لابن الأثير (ص: 274)..</a><a name="_ftn31"> </a><a name="_ftn31">([32]</a><a name="_ftn32"></a><a name="_ftn32">) الأشعثيات للأشعث الكوفي (ص: 80)..</a><a name="_ftn32"> </a><a name="_ftn32">([33]</a><a name="_ftn33"></a><a name="_ftn33">) السيرة النبوية لابن هشام (1/321)، والسيرة النبوية لابن كثير (2/3-9)..</a></div><a name="_ftn33"> </a> <div align="center"><a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6501"> التالي: المجلس الخامس: موقف الشيعة الإثني عشرية من الفاروق أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه </a> <a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6499"> السابق: المجلس الثالث: إنكار الشيعة الإثني عشرية لعدالة الصحابة رضي الله عنهم </a></div>

تصفح الكتاب

بحث