موقع البرهان - الهجرة إلى باكستان ومؤامرة الاغتيال(33/31)

<a name="_Toc213981660"><o:p> </o:p></a>بعد الهروب من السجن كما أشرت، لم يكن لي ملجأ ولا مكان آوي إليه.<o:p></o:p> كنت أعاني من وضع نفسي سيئ جدًا، وآلام وأمراض شديدة، فقررت أن أسافر إلى بلوشستان الإيرانية ومنها إلى بلوشستان الباكستانية في سفر كله مخاطر وحكايات مؤلمة..<o:p></o:p> وصلت إلى باكستان دون أن أعرف أحدًا أو مكانًا ألجأ إليه، ودون أن أعرف لغة تمكنني من التفاهم بها لا الأردية ولا البلوشية أو البشتوية..<o:p></o:p> كان الجو الأمني في باكستان متدهورًا جدًا نتيجة الحرب الأمريكية على طالبان والقاعدة، والغارات المتتابعة على أفغانستان.. فأثَّر هذا كله علي عكسيًا، وزاد الطين بلة بالنسبة لي.<o:p></o:p> كلما كنت أطرق باب أي مدرسة دينية للالتحاق بها كانوا يرفضونني، وحتى أحيانًا ما كانوا يتركونني أستريح في المساجد، فلم أكن أستطيع أن أتفاهم معهم لعدم معرفتي للغاتهم..<o:p></o:p> قضيت أيامًا صعبة جدًا، فقد كانت تمر عليَّ في السفر أيام لا أجد فيها لقمة خبز جاف لآكلها..<o:p></o:p> قضيت ليالي عديدة في الصحاري والفيافي والجبال بين باكستان وإيران، ولم يكن لي من يصاحبني في وحدتي إلا الحيوانات الوحشية من الذئاب والثعالب والثعابين..<o:p></o:p> كنت وأنا أتنقل من قرية إلى أخرى في المناطق الحدودية بين إيران وباكستان أشعر أحيانًا وكأن المخابرات تتبعني، فكنت ألتجئ إلى الجبال الموحشة، فقد كان خطر الحيوانات الوحشية أقل بكثير من خطر المخابرات وسجونها الشيطانية..<o:p></o:p> هكذا مرت عليَّ أيام عصيبة..<o:p></o:p> وبعد فترة طويلة بقيت في باكستان مهاجرًا ألتحف سقف السماء وأتقلب على فراش الأرض، اتصلت بأحد أصدقائي السابقين في طهران وشرحت له وضعي الصحي وظروفي الصعبة، وأعطيته عنواني الكامل في باكستان عسى أن يساعدني، لكنه - سامحه الله - خاب ظني فيه.<o:p></o:p> لا أدري لماذا؟ <o:p></o:p> هل كان تحت ضغط من المخابرات أو كان عميلًا لهم، أو أنهم وعدوه بمال أو مقام أو لأي سبب آخر؟! لا أدري.<o:p></o:p> قدم صديقي عنواني إلى المخابرات وأخبرهم بحكايتي وما كان من المخابرات إلا أن بعثوا فريقًا من جنودهم لاغتيالي.<o:p></o:p> لم أكن أدري عن حكايتهم شيئًا، وكنت في إحدى الليالي أتوضأ في المسجد الذي آويت إليه، وأستعد للصلاة، وإذا بشاب أفغاني دخل المسجد وسلم عليَّ وقال لي: هل أنت إيراني؟ قلت: نعم. وعرَّفته بنفسي ظنًا مني أن الفرج قد جاء..<o:p></o:p> تحدثنا قليلًا وأخبرته بمشاكلي الصحية وما أعانيه من الأمراض - هدايا السجون وشياطين الإنس - وأن الأدوية التي كنت استعملها قد انتهت من زمن بعيد.<o:p></o:p> فقال لي الشاب الأفغاني: بأنه يعرف مكانًا يمكننا أن نحصل على الأدوية من هناك.<o:p></o:p> خرجت معه عسى أن نحصل على بعض الأدوية، وكانت سيارة أجرة فيها عدد من المسافرين تنتظر أمام المسجد، كان الجو مظلمًا، فلم أستطع التعرف على من في السيارة، فركبنا السيارة وبعد أن قطعنا شيئًا من الطريق وإذا بصوت يخاطبني من ورائي: السيد رادمهر! حضرتُ من طهران لآخذك معي، فلا تعمل لي ولا لنفسك مشاكل ورافقني مثل أي إنسان محترم..<o:p></o:p> كان هذا صوت عمي «فرشيد رادمهر» فعرفت أنني وقعت في الفخ، وبدأت أتضارب وأتقاتل معهم في السيارة عسى أن أتمكن من الهروب، لكن عمي بدأ يطعنني بالسكاكين ويقول بأن أباك أوصاني إن لم تستطع أن تأتي به حيًا فأتني برأسه، ثم بدأ يرش على جسمي «ماء النار»(<a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftn1" name="_ftnref1"><span style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]</a>)، وجرحني في يدي وقطع الوريد في رقبتي، لكنني لم أصبر وكنت أضربهم بيدي وأركلهم برجلي..<o:p></o:p> ضربت السائق ضربة فانحرفت السيارة من الشارع وتوقفت، واستطعت أن أخرج من السيارة وأتضارب معهم في الشارع، واجتمع الناس حولنا فصرخت فيهم بما تعلمته من الكلمات الأردية والبلوشية: أنا سني وهؤلاء شيعة يريدون قتلي.. <o:p></o:p> تدخل الناس وأخرجوني من بين أيديهم، واستطاع المجرمون أن يهربوا من هناك..<o:p></o:p> وهكذا فشلت مؤامرتهم وباءت قضية اغتيالي أو إرجاعي إلى إيران بالفشل، فالحمد لله رب العالمين..<o:p></o:p> بعد ذلك، أخذني الناس إلى المستشفى وبقيت عدة أيام في المستشفى تحت الرعاية الطبية الشديدة إلى أن التأمت جروحي وخرجت من المستشفى..<o:p></o:p> تركت هذه الحادثة الرخيصة وهذا الاغتيال الفاشل آثارًا سيئةً عليَّ، أصبحت كثيرًا ما أُصاب باختلال نفسي خطير، وكثيرًا ما يغمى عليَّ، وبدأت حالتي تزداد سوءًا، فأراجع المراكز الطبية للعلاج، لكن لأنني لم أكن أملكُ مالًا فكانوا لا يهتمون بي اهتمامًا كبيرًا ولا يعالجونني كما يجب.<o:p></o:p> راجعت المراكز الطبية للعلاج وأخذت عدة تحليلات طبية، ودخلت المختبر الطبي أكثر من مرة، وكانت النتيجة الأخيرة أنني أعاني من مشكلة خطيرة في المخ - التومور -.<o:p></o:p> حكاية ما عانيته في بلوشستان الشرقية والغربية - أو الباكستانية والإيرانية - حكاية مؤلمة تحتاج إلى صفحات كثيرة لأصور فيها قصة الضياع والوحدة، وما عانيته من الأمراض والمشاكل النفسية والروحية، ولا داعي لفتح هذه الصفحات المؤلمة وأكتفي بهذه الإشارة السريعة، وأترك الصفحات الموحشة عسى أن تكون صفحات نور وثواب وأجر في صفحات آخرتي، يوم أن أستلم بإذن الله كتابي بيميني وأصرخ بين الخلائق معتزًا فخورًا: ((هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ)) لأنتقل بعدها إلى ((فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)) [الحاقة: 19- 24].<o:p></o:p> <span lang="AR-SA" dir="rtl" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Arabic11 BT'; mso-ascii-font-family: mylotus; mso-hansi-font-family: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US"> <div style="mso-element: footnote-list"> <hr align="left" width="33%" size="1"> <div id="ftn1" style="mso-element: footnote"> <p class="MsoFootnoteText" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 17pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; TEXT-INDENT: -17pt; LINE-HEIGHT: 90%; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftnref1" name="_ftn1"></a>(<span style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]) تيزاب أو الأسيد.<o:p></o:p></div></div> <div align="center"><a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6576"> التالي: الكلمة الأخيرة </a> <a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6578"> السابق: السجن في كرمانشاه </a></div>

تصفح الكتاب

بحث