موقع البرهان - استشهاد أخي "أرسطو رادمهر"(33/29)

ظل عملاء المخابرات يبحثون عني في كل مكان، كنت أتحرك خفية بين بيوت الأقارب والأصدقاء..<o:p></o:p> لم أكن أذهب إلى بيتي ولا ألتقي بأسرتي، بلغ الأمر بوالديَّ مبلغه فكانا في شدة الغضب والحزن، ولعلهم كانوا يتمنون أن يتم القبض علي ليتخلّصوا من شري..<o:p></o:p> كانت أجنحة المخابرات تراقب حركاتهم وسكناتهم وتحاول أن تصل إليَّ بأي طريق كان، ليغتالوني أو ليقبضوا علي..<o:p></o:p> في هذه الظروف الصعبة وقد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت لم يكن لي من يواسيني إلا أخي الشقيق «أرسطو»..<o:p></o:p> لم يكن يوافقني في أفكاري وعقائدي لكن صلة الرحم ورابطة الدم والحب الفطري الذي وضعه الله بيننا كان يجعله يهتم بي ويفكر في نجاتي من هذه الورطة، إلى أن حدثت لنا هذه الحادثة:<o:p></o:p> سبق لي أن رتبت مجموعة من المقالات تحت عنوان «الجيل المحروق»(<a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftn1" name="_ftnref1"><span style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]</a>) تتحدث عن عقائد ورؤى الشباب بعد الثورة، وكنت قد كتبت بعضها في السجن، والبعض الآخر في أيام اختفائي وهروبي عن أعين المخابرات، وكنت سلمتها لمؤسسة «سروش» لتنشرها، وجدتها فرصة لأذهب إلى المؤسسة لأستلم الكتاب إن كانوا قد طبعوه، ويبدو بأن أخي شعر أنني وقعت في فخ المخابرات، وأنهم وصلوا إليَّ، وعَلِمَ بخروجي إلى مؤسسة سروش..<o:p></o:p> فجأة وجدته دخل «دار نشر سروش» خائفًا مضطربًا ومعه الدكتور «هدايت» ويبدو أنه رافقه دون أن يعرف ما يجري حوله، وقال لي: المخابرات وراءك، هيا اهرب والحق بي بسرعة..<o:p></o:p> خرجنا مباشرة وركبنا سيارته وتحركنا، وقد رآنا جنود المخابرات فكانوا يتبعوننا بسيارتهم..<o:p></o:p> كنَّا نتحرك نحو طريق «قم» ولم نبتعد كثيرًا فإذا بسيارة المخابرات اقتربت منَّا وبدءوا يطلقون النار علينا..<o:p></o:p> نزل وابل من الرصاص على السيارة فمزقها تمزيقًا، وأصيب أخي في رأسه ورقبته..<o:p></o:p> بعدما رأيت نزيف الدم الذي أُصيب به عرفت بأنه انتقل إلى رحمة الله عز وجل من ساعته، فإنا لله وإنا إليه راجعون..<o:p></o:p> أخذت أخي الشهيد في نفس السيارة إلى البيت، وأخبرت والدي بكل ما حدث من سماعة جرس البيت - آيفون - وكنت أخاف أن ألتقي به، فتركت جثمان الشهيد في السيارة وهربت من هناك، ولم أتمكن أن أشارك في صلاة الجنازة على أخي الشهيد رحمة الله عليه..<o:p></o:p> بعد استشهاد أخي لم يبق لي من يساندني أو يقف بجواري في طهران، وكأن المدينة الكبيرة التي ولدت فيها وقضيت فيها أجمل أيام صباي أصبحت لي موحشة لا مأوى لي فيها ولا ملجأ، فقررت أن أخرج من البلد إلى تركيا، ولكن الظروف لم تسمح بذلك، فاضطررت إلى الذهاب إلى مدينة «كرمانشاه»، وبعد أشهر قليلة تم القبض عليَّ في «كرمانشاه» وأدخلت السجن، فقد ضعت في مدينة «كرمانشاه» وبقيت تحت ظِلال الخوف والهروب من مكان إلى آخر، وفي النهاية ألقي القبض عليَّ، وتجدد السجن والتعذيب.<o:p></o:p> حكاية مؤلمة لا تتحملها هذه الخواطر السريعة، ولا أرى ضرورة لسردها هنا، فعالم المأساة سماء داكنة سوداء تقذف نارًا، وأرض ضيقة لا تتجاوز سم الخياط وتحمل فوقها ألوان العذاب..<o:p></o:p> <span lang="AR-JO" dir="rtl" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: mylotus; mso-hansi-font-family: mylotus; mso-bidi-language: AR-JO; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">كنت أعيش هذه المآسي وحدي، وقد ذهب شهيد آخر ممن كانوا يواسونني.. أخي «أرسطو» الذي لم يتركه أعداء السعادة أن يذوق حلاوة عرسه، فقد استشهد في السادس والعشرين من الشهر، وكانت الأسرة قد رتبت برنامج زواجه في التاسع والعشرين، فلعنة الله على أعداء الحرية.. شياطين الإجرام.. عشاق الظلام.. <div style="mso-element: footnote-list"> <hr align="left" width="33%" size="1"> <div id="ftn1" style="mso-element: footnote"> <p class="MsoFootnoteText" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 17pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; TEXT-INDENT: -17pt; LINE-HEIGHT: 90%; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftnref1" name="_ftn1"></a>(<span style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]) نسل سوخته.<o:p></o:p></div></div> <div align="center"><a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6578"> التالي: السجن في كرمانشاه </a> <a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6580"> السابق: استشهاد "علي رضا محمدي" رحمه الله </a></div>

تصفح الكتاب

بحث