موقع البرهان - السفر إلى كاشان وإلقاء محاضرة في مسجد بكاشان

سافرت برفقة صاحبي علي رضا محمدي بسيارتنا إلى «كاشان»..<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p> كنا قد وضعنا خطة محكمة لنطبقها في هذا السفر، فقد اتفقنا أن نذهب إلى ابن «آية الله مدني» رئيس الحوزة العلمية هناك، ونستأذنه في إلقاء محاضرة هناك.<o:p></o:p> كنَّا ندرك جيدًا أن هذه الحركة قد تسبب لنا مشاكل عديدة، وقد نفقد رؤوسنا في هذا الطريق، فطرح القضايا العقدية والحديث عن التوحيد في مثل هذه المدينة التي اشتهرت بالتعصب والعناد واللجاجة ليس أمرًا هينًا، لكننا كنا شعلة من الاعتزاز والفخر بما وصلنا إليه من الحق.<o:p></o:p> كنَّا نحاول أن نترجم ما في صدورنا بالخوض في مثل هذه المواقف الصعبة والحرجة..<o:p></o:p> كنَّا نرى بأن موقفنا هذا يشبه العمليات الاستشهادية في أعمق أراضي الأعداء وفي جمع من أكبر قياداتهم، وأننا إن عدنا من هذه الرحلة سالمين فسوف تكون هي بداية المعركة الحاسمة..<o:p></o:p> أعترف أن هذه العواطف والإحساسات التي كانت تترجم اعتزازنا وفخرنا بما نؤمن به جعلتنا لا نقرأ الواقع قراءة حكيمة، ولا نفكر جيدًا بالآثار التي قد تتركه مثل هذه المواقف، كنَّا نجازف بأنفسنا دون دراسة منهجية للواقع.<o:p></o:p> وصلنا إلى «كاشان» للخوض في هذه المجازفة الخطيرة، وذهبنا مباشرة إلى بيت السيد «المدني» ابن آية الله المدني، وكانت لنا صداقة قديمة معه، فاتحناه في قضية المحاضرة، وطلبنا منه أن يرتب لنا برنامجًا للمحاضرة.<o:p></o:p> لم يكن السيد المدني قد اطلع على المجريات الأخيرة وعلى أننا أصبحنا من أهل السُّنَّة والجماعة، ولم يكن سمع بما حدث لنا في الجامعة وما أحدثناه هناك، فرحب بنا..<o:p></o:p> وفي إحدى المناسبات المذهبية الخاصة رتب لنا برنامجًا حافلًا نحاضر فيه في إحدى المساجد الكبيرة في مدينة «كاشان».<o:p></o:p> واستطعنا أن نقدم برنامجًا أحر من الجمر أخرجنا فيه كل ما في جعبتنا، وتحدثنا عن كل حق وصلنا إليه خلال دراساتنا وبحوثنا على الملأ..<o:p></o:p> لا أنسى أن أشير بأن السيد محمدي <span lang="AR-JO" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-bidi-language: AR-JO">رحمه الله كان يعاني من مشكلة في لسانه لا يستطيع أن يفصح جيدًا، فكان يقدمني في المحاضرات.<o:p></o:p> حاولت في بداية حديثي أن أتحدث بشكل عام وأشرح الأصول العقائدية بشكل مجمل، ومن هناك أدخل في المبادئ والعقائد الصحيحة دون أن أثير مشاعر الناس وأحاسيسهم، لكن الأمر فيما يبدو خرج من يدي وقلت كل شيء أؤمن به بكل صراحة وصدق، ووضعت عدة علامات استفهام بارزة على المذهب الشيعي، كانت جديرة بأن تقلعه من جذوره وتصرخ ببطلانه.<o:p></o:p> تحدثت بإسهاب عن شخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب <span lang="AR-JO" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-bidi-language: AR-JO">رضي الله عنه، وعن مناقبه وعن مكانته بين الخلفاء الراشدين، وبين صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم زدت الطين بلّة بأن قلت: لم يكن إسلام سيدنا علي عليه السلام بتلك الأهمية التي يتحدثون عنها، فلا يستدعي الأمر كل هذه الدبدبة والكبكبة والاعتزاز والتفاخر والمباهاة والضجيج، فقد كان علي عليه السلام، صبيًا يعيش في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ربَّاه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكان ولابد أن يتجلى صدى أخلاقه وأفكاره وعقائده صلى الله عليه وسلم في هذا الصبي الذي يعيش في كنفه.<o:p></o:p> لكن الإسلام الذي لابد أن نفتخر به هو إيمان عمر <span lang="AR-JO" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-bidi-language: AR-JO">رضي الله عنه، الذي كان قائدًا يستطيع أن يحرك قبيلة وراءه، فهذا الذي كان كجلمود صخر صلب تغير وصار ذلك الأمير الذي غير العالم وسطر على صفحات التاريخ كل هذا المجد والعز للإسلام والمسلمين(<a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftn1" name="_ftnref1"><span style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]</a>).<o:p></o:p> ثم تحدثت عن «أبي لؤلؤة» المجوسي الملعون، وتلك المؤامرة النجسة التي أدت إلى استشهاد أمير المؤمنين عمر <span lang="AR-JO" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-bidi-language: AR-JO">رضي الله عنه.<o:p></o:p> ولعل الحضور لم يكونوا قد سمعوا مثل هذا الكلام في حياتهم أبدًا، ولم يكونوا قط يتصورون أن يسمعوا مثل هذا الحديث من عالم شيعي على منبر مسجد شيعي وفي مدينة مثل «كاشان»، فكانوا كمن ضربته الصاعقة يحترق في جلده فلا يستطيع الحراك.<o:p></o:p> كان الناس ينظرون إليَّ بأفواه فاغرة ملأتها الحيرة والتعجب، ولا يكادون يصدقون آذانهم فيما يسمعونه.<o:p></o:p> ولعل في صدور الجميع كان يدور: ماذا أصاب هذا العالم الشيعي؟ هل جن أم دخل في جلده العفاريت، يتحدث عن عمر عدو أهل البيت بهذا الاحترام والتبجيل، ويعتز بذكر اسمه والحديث عن سيرته.<o:p></o:p> شعرت بحركات مريبة في الحضور، فرأيت من الأفضل أن أكتفي بهذا فجمعت أطراف الحديث وأنهيت محاضرتي، ثم استطعنا أن نخرج من المسجد بسرعة، فركبنا سيارتنا وانطلقنا نحو طهران.<o:p></o:p> لم يمر وقت طويل إلا والإشاعات تنتشر في كل مكان عما حدث في «كاشان»، وصل الكلام إلى جامعتنا بأن مجموعة من الوهابيين من علماء السنة لبسوا زي علمائنا الشيعة وخطبوا في مسجد في «كاشان»، طعنوا في عقائد الشيعة ودعوا إلى عقائدهم الوهابية.<o:p></o:p> ما وصل إلى جامعتنا من الخبر كان صدى لخطبة إمام جمعة مدينة «كاشان» الذي وضع المسؤولية على عاتق المخابرات، وأمن الدولة التي لا تؤدي واجباتها كما ينبغي إلى درجة أن تجرأ اثنان من الوهابية أن يلبسا زي علماء أهل البيت ويلطخوا منابر مساجدنا ويتحدثوا عن أعداء أهل البيت حديثًا يفتت القلوب، فقد رفع هؤلاء الوهابيون شأن عدو أهل البيت الأول ومجدوه ووضعوا له فضائل ومناقب على منبر من منابر عشاق أهل البيت أصحاب المذهب الشيعي المبارك، وتباكى على غزوه في عقر داره.<o:p></o:p> لفترة طويلة ظلت أخبار ما دار في «كاشان» حديث مجالس الطلاب ينفخون فيها ويزيدون وينقصون ويعلقون ويفسرون حسب ما يحلوا لهم..<o:p></o:p> وما إن هدأ الجو حتى وصلت الأخبار بأن الطالب السني السجين «محمد رضا موسايي» الذي فقدنا أخباره من يوم أن دخل زنازين المخابرات الموحشة فقد عقله تحت التعذيب الروحي والجسمي ولاسيما الصدمات الكهربائية في الرأس والمخ، ونقل قبل أيام إلى مستشفى المجانين في طهران فذهبت برفقة صديقي «محمدي» إلى عيادته هناك.<o:p></o:p> وجدناه مسكينًا ذليلًا فقد عقله تمامًا، فما كان يعرفنا ولا يشعر بما يدور حوله أبدًا.<o:p></o:p> ظل أكثر من نصف ساعة يحملق في وجوهنا ويضحك بصوت عال.<o:p></o:p> تأثرنا جدًا بما رأينا من وضع زميلنا محمد رضا موسايي، وكدنا نموت حزنًا وغيظًا على حالته، فقد كان صاحب ذكاء وعقل لم نجد له مثيلًا، كان أبرز الوجوه العلمية بين طلاب كلية الطب، وكان من الممكن أن يصبح من عباقرة الطب في هذا العالم الضائع..<o:p></o:p> في منتصف الفصل الدراسي الثاني عشر سمعنا بأن الطالب «محمد رضا موسايي» استشهد على تلك الحالة المؤسفة فإنا لله وإنا إليه راجعون.. <o:p></o:p> <span lang="AR-JO" dir="rtl" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: mylotus; mso-hansi-font-family: mylotus; mso-bidi-language: AR-JO; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">أسأل الله القدير أن يغفر له ذنبه ويكتبه في الشهداء الأبرار، ويجمعنا به في عليين إخوانًا على سرر متقابلين، وأن يعوض الأمة خيرًا منه، وألا يحرمنا أجر جهاده وصبره وثباته رحمة الله عليه.. <div style="mso-element: footnote-list"> <hr align="left" width="33%" size="1"> <div id="ftn1" style="mso-element: footnote"> <p class="MsoFootnoteText" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 17pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; TEXT-INDENT: -17pt; LINE-HEIGHT: 90%; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftnref1" name="_ftn1"></a>(<span style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]) صدر مؤخرًا كتاب للأستاذ حسن العلوي بعنوان: (عمر والتشيع) وهو كتاب رائع في بابه.<o:p></o:p></div></div>

بحث