موقع البرهان - بداية الفصل الجديد والأحداث الجديدة..(33/18)

عدنا من مدينة «مشهد» وبدأنا في إجراءات التسجيل في الجامعة، وبدأ الفصل الدراسي العاشر.<o:p></o:p> ذات يوم استدعيت أنا وصاحبي علي رضا محمدي إلى مكتب اللجنة الدعوية في الجامعة.<o:p></o:p> ذهبنا إلى مكتب اللجنة فوجدنا هناك رئيس اللجنة وأعضاء المجلس العلمي في الجامعة، وإمام مسجد الجامعة، وبعد الجلوس والتعارف والمجاملات المعروفة إذا برئيس اللجنة الدعوية يخاطبنا بشدة ويقول: اصدقوا، ولا تحاولوا إنكار الحقائق وتجاهل ما يجري في الجامعة، من الذي ضحك على عقولكم وحرَّف أفكاركم وسبب لنا هذه المشاكل والاضطرابات في البيئة الجامعية - كان يقصد الشعارات التي كتبت على السبورة - اكشفوا عن حقيقة الأمر أمام الجميع؟<o:p></o:p> تحدث السيد «الحسيني» بإسهاب عن مسائل كثيرة ثم عاد ليكرر: احكوا لنا الحكاية كما حدثت، لعلنا نستطيع أن نحل المشكلة قبل أن تكبر وتصل إلى الأماكن الخطيرة - كان يقصد المخابرات - فنحن أولى أن نعرف مشاكلنا ونحلها دون أن تتدخل في شؤون الجامعة الجهات الثانية، فذلك لا يليق بالمجتمع الجامعي والعلمي.<o:p></o:p> كان المسؤولون يحاولون بالإشارة أو الكناية أن يظهروا لنا بأن قضية تغييرنا للمذهب وانتقالنا من التشيع إلى أهل السُّنَّة والجماعة لا يهمهم كثيرًا، فالأمر يتعلق بنا، ولكنهم في دائرة واجبات اللجنة الدعوية لابد أن يعرفوا أسباب التوترات والاضطرابات التي بدأت تفسد النظام في الجامعة، وكانوا يقولون بأنهم لا يتابعون القضية ولا يهمهم إلا من هذا الباب.<o:p></o:p> لكننا أدركنا الأمر جيدًا، فلم تكن هناك أية اضطرابات ولا تشويش في المجتمع الجامعي، وكانت الأمور تجري على ما كانت، ولم نكن قد أحدثنا أية مشاكل بين الطلاب، ولم نُثِر أية اضطرابات ولا انقلابات طلابية.<o:p></o:p> كنا نشعر جيدًا بأن مسؤولي اللجنة الدعوية وإدارة الجامعة حزنوا جدًا على تحولنا من التشيع إلى مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، وهذا الأمر هو الذي يهمهم لا غير، وهذا هو الذي جعلهم يثورون بهذا الشكل ويحاولون لم شمله عسى أن يعيدونا إلى ما كنا فيه، لكننا أفهمناهم بأنه هيهات هيهات لما توعدون!!<o:p></o:p> مع هذا كله وضحنا للسيد «الحسيني» والحضور أننا لم نغير مذهبنا إلا بعد دراسة وبحث وبعد اعتقاد جازم، فليست هناك مؤامرات ولا أيادٍ خفية تخطط لتضليلنا وراء (الكواليس)، وإنما هي مشيئة الله وفضله وحكمته التي أدركتنا ونحن في ظلمات بعضها فوق بعض، فأخذت بأيدينا، رحمة منه سبحانه وتعالى بنا، وهي التي حملتنا إلى نور الإيمان.<o:p></o:p> لكن السادة كانوا يحاولون تهديدنا ويقولون: انتبهوا، إذا لم تكشفوا حقيقة الأمر ولم تعترفوا بالحقائق والأيادي المجرمة فسوف تخرج الأمور من أيدينا وتنتقل المسألة إلى المخابرات، ثم لا نستطيع أن نفعل شيئًا.<o:p></o:p> لم يرتح السادة لكلامنا، وفي نهاية الجلسة قدم رئيس اللجنة الدعوية قلمًا وورقة إلى السيد علي رضا محمدي رحمه الله، وقال له: اكتب بأننا أخطأنا ولن نعود إلى مثل هذه الأخطاء أبدًا.<o:p></o:p> فأخذ السيد محمدي الورق والقلم وكتب: لم نرتكب أي خطأ إلى الآن، اللهم إلا خطًا واحدًا وهو أننا أصبحنا نعشق دين الله عز وجل، ونريد أن نكون من الموحدين لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين.<o:p></o:p> قدم الورقة إلى السيد الحسيني، فثار السيد الحسيني غضبًا وحقدًا أكثر من ذي قبل بعد قراءة الورقة، ثم قام وأخرجنا من مكتب اللجنة الدعوية.<o:p></o:p> وبعد بضعة أيام من هذا الحديث، كنا نقف مع مجموعة من الزملاء في ساحة الجامعة، وإذا بسيارة من سيارات المخابرات المعروفة وقفت أمام الجامعة.<o:p></o:p> نزل منها رجلان دخلا الجامعة، ودون سؤال أو جواب أخذا بيدي وبيد السيد محمدي وأرادا أن يرغمانا على ركوب السيارة.<o:p></o:p> بدأنا نتشاجر معهم ونقاومهم، فاعتبر الطُّلَّاب هذا الموقف إهانةً للطلاب وللجامعة؛ فتجمعوا حولنا وكادوا يتضاربون مع الجنود.<o:p></o:p> لكن الجنود اعتذروا وقالوا بأنه ليس لهم من الأمر شيء، وإنما هم موظفون يجب أن يؤدوا ما أُمروا به، وبعد نقاش طويل ركبنا معهم السيارة وذهبنا إلى المخابرات.<o:p></o:p> وكان مما أفسد الجو الجامعي أكثر أن رجال المخابرات سبق وأن قبضوا على طالب سني من أهل «جرجان»(<a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftn1" name="_ftnref1"><span style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]</a>) كان يسمى «محمد رضا موسايي»، وكان هو الطالب النموذجي المتفوق دائمًا في كلية الطب في الجامعة، كان زميلًا لنا في الفصل العاشر، وكان يؤدي صلواته معنا جماعة. <o:p></o:p> ويبدو أنه نقل إلى المخابرات في نفس اليوم أو بعدنا بعدة أيام، أو قبلنا ببضعة أيام.. لا أذكر جيدًا.<o:p></o:p> أول ما وصلنا إلى المخابرات ربطوا أعيننا ونزعوا ملابسنا وألبسونا زي السجناء، ونقلوا كل واحد منا إلى سرداب فردي.<o:p></o:p> كان جو السجن مظلمًا ومخيفًا جدًا أكثر بكثير مما كنا نتصوره.<o:p></o:p> بعد فترة شعرنا أنها كانت طويلة جدًا، أخذونا إلى مكتب الرئيس أو شخص آخر كانوا ينادونه «الحاج».<o:p></o:p> بدأ «الحاج» يتحدث يمينًا وشمالًا ويحاول أن يُذكِّرنا بما قمنا به من الجرائم والخلافات، ويقرأ على آذاننا الاتهامات التي اتهمنا بها، وأخيرًا طلب منا أن نخبره بمن كان سببًا في ضلالنا.<o:p></o:p> وبما أننا لم نكن نعرف سببًا لهدايتنا غير المشيئة الإلهية ورحمته تعالى بنا، قلنا له بأن الأمر أولًا وأخيرًا يرجع إلى الله عز وجل وإلى لطفه ورحمته بنا.<o:p></o:p> وأن انتقالنا من التشيع إلى مذهب أهل السُّنَّة ليس وراءَه عاملٌ أو سبب غير أننا درسنا الأمر بتمعن وتعقل مدة طويلة، وناقشنا في الأمر أناسًا كثيرين، ودرسنا في الموضوع كتبًا كثيرة إلى أن هدانا الله عز وجل للحق المبين.<o:p></o:p> لكنه كذّبنا فيما نقوله واعتبر كلامنا كله نوعًا من الهروب عن الحقيقة.<o:p></o:p> قال لنا في وقاحة وتبجح وتكبر لا يوصف: أنا الآن قاضيكم، وأنا الآن ربكم والعياذ بالله إذا صدقتموني في الحديث أستطيع أن أساعدكم، وبغير هذا أستطيع أن أفعل بكم ما أشاء، واعلموا أنني لن أرحمكم.<o:p></o:p> ما كان «الحاج» يتوقع أن أمامه يجلس رجل بشجاعة السيد محمدي، فتحدث المحمدي بكلام في غاية الشجاعة والرجولة، وكان حقًا أفضل مني شجاعة وبسالة لا يخاف في الله لومة لائم، فغضب «الحاج» على علي رضا فثار في وجهه ولطمه لطمة شديدة، وبدأ يصرخ كالمجنون: أعرف كيف أخرج الحقيقة من حناجركم؟! هل تتصورون أننا جئنا بكم هنا للوليمة، أو لنقدم لكم الحلوى؟!<o:p></o:p> لما عجز الحاج أن يحصل منا على شيء، ووجد السيد محمدي يقاومه بهذه الصراحة والشجاعة حاول أن يجرب أسلوب اللطف والنصح والإرشاد، فقال في لين ولطف: يا أولادي! هل تعرفون من أنا؟ فقال السيد محمدي مباشرة: لا يهمني من حضرتك، كل ما يهمني أنني أحبك جدًا! اقترب الحاج وهو يبتسم كالمنتصر إلى السيد محمدي وقال له في لين: أشكرك جدًا يا ولدي، ولكن لماذا تحبني يا حبيبي؟ فقال السيد محمدي في شجاعة: لأنك رجل أحمق جدًا.<o:p></o:p> ثم بعد ضيافة مفصلة أعادونا مكسورين منهكين والدماء تنزف من أنوفنا ووجوهنا إلى زنازين انفرادية.<o:p></o:p> بعد ذلك كانوا يأخذوننا واحدًا واحدًا إلى التحقيق.<o:p></o:p> كان السجن عالمًا آخر لا نهار فيه، فقد كان الجو ليلًا أبدًا، لا نعرف أوقات الصلاة ولا نرى بصيص نور من الشمس، فقد كنا نسمع أصوات بعضنا البعض ولا نرى شيئًا.<o:p></o:p> بعد عشرة أيام لا ندري ماذا حدث، فإذا بهم ألبسونا ملابسنا وربطوا أعيننا ثم خرجوا بنا في سيارتهم، وعلى مقربة من الجامعة فتحوا أعيننا وتركونا وانصرفوا!<o:p></o:p> استدعينا في نفس اليوم إلى اللجنة الدعوية، وكان قد حضر هناك السيد آية الله وحيد الخراساني والوالد، فأول ما رآني أبي قام إلي وبدأ يضربني ويشتمني ويلومني على تصرفاتي.<o:p></o:p> فقال السيد محمدي للوالد: قد ضربوه بقدر الكفاية، وقد شبع ضربًا وشتمًا، على الأقل حضرتك لا تضربه أكثر.<o:p></o:p> فثار الوالد في وجه السيد «محمدي» وبدأ يشتمه بألفاظ ركيكة وقال له: بأن الأمر لا يهمك.<o:p></o:p> بعد هذه الرحلة إلى مدرسة سيدنا يوسف <span lang="AR-JO" style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: 'Traditional Arabic'; mso-ascii-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-hansi-font-family: 'CTraditional Arabic'; mso-bidi-language: AR-JO">عليه السلام، قررنا ألا نقوم بأية حركات حماسية مثيرة، ولابد أن ندرس أي عمل نقوم به مسبقًا لنعرف عواقبه وآثاره. <o:p></o:p> قررنا ألا نصرح بعقائدنا على الملأ وألا نقيم صلاة الجماعة في الجامعة، وألا نكتب الشعارات على السبورة وقد رجعت - كما كان يقول هؤلاء السادة - عقولنا، وأصبحنا ندرك الواقع.<o:p></o:p> وكنت أشعر بأن السبب الرئيسي وراء كل ما حدث لنا هو الدكتور حكاكيان عضو المجلس العلمي في الجامعة، ولعله كان من عناصر المخابرات كذلك.<o:p></o:p> <div style="mso-element: footnote-list"> <hr align="left" width="33%" size="1"> <div id="ftn1" style="mso-element: footnote"> <p class="MsoFootnoteText" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 17pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; TEXT-INDENT: -17pt; LINE-HEIGHT: 90%; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftnref1" name="_ftn1"></a>(<span style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1])گرگان.<o:p></o:p></div></div> <div align="center"><a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6589"> التالي: اللقاء بـآية الله "وحيد الخراساني" وآية الله "أستادي" </a> <a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6317"> السابق: السفر إلى مدينة مشهد </a></div>

تصفح الكتاب

بحث