موقع البرهان - السفر إلى مدينة مشهد(33/17)

أردنا أن نبتعد عن الأجواء المضطربة والسيئة التي كانت مسيطرة على الجامعة في تلك الأيام، فقررنا السفر إلى «مشهد»..<o:p></o:p> بعد يوم أو يومين من وصولنا إلى «مشهد» ذهبنا إلى مكان «مسجد شيخ فيض محمد»(<a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftn1" name="_ftnref1"><span style="FONT-SIZE: 15pt; COLOR: black; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]</a>) لأهل السُّنَّة الذي هدَّمته الحكومة وأقامت مكانه حديقةً عامةً للتنزه.<o:p></o:p> وجدنا هناك شابًا سنيًا من منطقة «خواف» كان يلبس زي منطقته، ودون معرفة سابقة ودون مقدمات بدأنا نتحدث معه عن المسجد وعن أسباب تخريبه وعن نوايا الحكومة في القضاء على الأقلية السنية، وتذويبهم في المجتمع الشيعي.<o:p></o:p> كنَّا نشعر تجاه المسجد بحنين خاص وذلك لأننا - أنا وصاحبي علي رضا محمدي - كنَّا يوم أن خربوا المسجد طلابًا ندرس في حوزة «نواب صفوي» العلمية في «مشهد»، ورأينا بأم أعيننا كيف تجمعت الأقلية السنية في الشارع العام أمام بناية البنك المركزي في مشهد، وكانوا قد فرشوا عمائمهم على الشارع ليصلوا عليها، وكانوا يبكون بكاء المرأة الثكلى ويسكبون الدموع ويرفعون عويلهم إلى السماء على فقدان مسجدهم، لكن دون جدوى..<o:p></o:p> فقد كانت الجالية السنية في (مشهد) تعيش مأساة لم تعشها في تاريخها، فقد سلبوا منهم مركزهم التبعدي الوحيد الذي كان يجمعهم وكانوا من خلاله يتعارفون، وفي رحابه يرفعون أكفهم إلى خالقهم يدعونه ويتضرعون أمامه..<o:p></o:p> خرجت الجالية يومذاك عن بكرة أبيها في الشوارع شباب وشيوخ، صغار وكبار، يلبسون ملابس قديمة بالية كالأيتام على موائد اللئام!<o:p></o:p> كان أحد الطلاب من منطقة «تقي آباد» يقول: رأيت ذات يوم رجلًا عجوزًا يمشي متذلِّلًا مسكينًا، يلبس ملابسًا ممزقة، فتقدمت إليه وأردت أن أقدم له شيئًا من الطعام.<o:p></o:p> نظر العجوز إليَّ والدموع تنهمر من عينيه، فقال لي بصوت حزين خافت: يا بني! دمروا مسجدنا.. غص بالحسرة فسكت لحظة ليصرخ بعدها: خربوا بيت الله ملأ الله بيوتهم وقلوبهم نارًا.. وتريدني أن آكل الطعام.. لا طعام بعد اليوم، وما قيمة الحياة بعد بيت الله؟!<o:p></o:p> صورة العجوز وحالته الرثة كانت تجرح كل قلب فيه ذرة من الرحمة.. كانت كافية لتجعل كل إنسان حر في قلبه ذرة إيمان أن يتفاعل معه..<o:p></o:p> بعد الحديث عن مسجد «شيخ فيض» مع ذلك الشاب ومراجعة تلك الأيام العصيبة والخواطر المؤلمة جرنا الكلام إلى الحديث عن مكانة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأن كثيرًا من الجهال ينسبون إليه الكثير من الكذب والخرافات، فيهينونه ويحرفون شخصيته دون أن يشعروا، ويقدمونه وكأنه أسطورة خرافية لا محل له من الحقيقة وليس رجلا يمكن اتباعه.<o:p></o:p> ونحن نتحدث عن مناقب سيدنا علي عليه السلام ومكانته في الإسلام إذا برجل عجوز كان يجلس على مقربة منَّا ويلبس عمامة خضراء - ولعله كان ممن يزعم نفسه سيدًا - ظنًا منه أننا من السُّنَّة وأننا نطعن في مقام الإمام علي عليه السلام، فرمانا بحجر كبير أصاب رأس علي رضا محمدي وجرحه جرحًا عميقًا وبدأ الدم يتدفق منه..<o:p></o:p> بعد هذا السفر الذي دام يومين رجعنا إلى طهران..<o:p></o:p> انهينا هذا الفصل الدراسي، ونجحنا فيه بدرجات لا بأس بها.<o:p></o:p> وبعد خمسة أيام فقط طلبونا إلى اللجنة الدعوية، وطلبوا منَّا أن نقدم توضيحًا كاملًا عن أعمال الشغب التي ارتكبناها، فكان هذا الموقف بداية الصراع المباشر وأحداث الفصل العاشر الجامعي..<o:p></o:p> <div style="mso-element: footnote-list"> <hr align="left" width="33%" size="1"> <div id="ftn1" style="mso-element: footnote"> <p class="MsoFootnoteText" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 17pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; TEXT-INDENT: -17pt; LINE-HEIGHT: 90%; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"><a title="" style="mso-footnote-id: ftn1" href="/adminsa/../articles.aspx?id=3000&page_id=0&page_size=30&links=True#_ftnref1" name="_ftn1"></a>(<span style="FONT-SIZE: 14pt; FONT-FAMILY: mylotus; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: SimSun; mso-bidi-font-family: 'Traditional Arabic'; mso-fareast-language: ZH-CN; mso-ansi-language: EN-US">[1]) «مسجد شيخ فيض» كان المسجد الوحيد لأهل السُّنَّة في «مشهد» يرجع تاريخ بنائه إلى بضعة قرون، وكان المركز التبعدي الوحيد الذي يجمع أهل السُّنَّة في هذه المدينة ويحفظهم من الضياع والذوبان في المجتمع الشيعي الكبير، دمرته الحكومة في (3/1/1994م) الموافق لـ(23/رجب/1414هـ).<o:p></o:p></div></div> <div align="center"><a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6590"> التالي: بداية الفصل الجديد والأحداث الجديدة.. </a> <a class="btn btn-primary" style="color:#fff;" href="/Article/index/6592"> السابق: السفر إلى كردستان مدينة "سنندج" الإيرانية ومدينة "السليمانية" العراقية </a></div>

تصفح الكتاب

بحث