حقيقة المهدي المنتظر
عبد الفتاح سعيد
الخميس 28 مايو 2009 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <b style="text-align: justify;"><span lang="AR-SA" style="font-size: 13pt; font-family: 'Simplified Arabic';"><img src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/rtb_uploaded_images/haqiw.gif" style="width: 400px; height: 250px;" /></span></b></p> <div>  </div> <p dir="rtl" style="text-align: center;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>حقيقة المهدي المنتظر</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">"المهدي المنتظر" أو "المنتظر".. تتحدث عنه الأديان المختلفة وتختلف فيه، بل يختلف تصوره والحديث عنه داخل مذاهب الدين الواحد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد تعددت الأقوال بين المسلمين عن المهدي، ونحن نستعرض هنا جملاً موجزة عن المهدي المنتظر ملخصة من عدة كتب ومقالات قديمة وحديثة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لم ترد أحاديث للمهدي في صحيح البخاري وصحيح مسلم مفصلة بل جاءت مجملة كما في الصحيحين من حديث ‏‏‏أبي هريرة قال: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«‏كيف أنتم إذا نزل ‏ابن مريم ‏فيكم وإمامكم منكم»</b></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد خرٍّج أحاديث المهدي جماعة من أئمة الحديث منهم أبو داود و الترمذي وابن ماجة والبزار والحاكم والطبراني وأبو يعلي الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد الله بن الحارث بن جزء. وأسانيد أحاديثهم بين صحيح وحسن وضعيف.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وعند أهل السنة فإن المهدي أصله قرشي من أهل بيت النبي من ولد فاطمة، وأنه سوف يأتي في آخر الأمة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد في بعض الأحاديث وهي لا تخلوا من مقال شيء من صفاته ومنها أن اسمه يشابه ويواطئ اسم النبي وكذلك اسم أبيه، ويشبه النبي في الخُـلـُق ولا يشبهه في الخلــْق، أجلى الجبهة أي منحسر الشعر من مقدم رأسه أو واسع الجبهة، أقنى الأنف أي به طول ودقة في أرنبته مع حدب في وسطه، يصلحه الله في ليلة أي كما يفسرها ابن كثير: يتوب عليه ويوفقه ويلهمه رشده.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولم يرد في أيِّ نص من النصوص حسب معتقد أهل السنة أن المسلمين متعبدين بانتظاره، ولا يتوقف على خروجه أي شعيرة شرعية نقول إنها غائبة حتى يأتي الإمام المهدي، فلا صلاة الجمعة، ولا الجماعة، ولا الجهاد، ولا تطبيق الحدود، ولا الأحكام، ولا شيء من ذلك مرهون بوجوده؛ بل المسلمون يعيشون حياتهم، ويمارسون عباداتهم، وأعمالهم، ويجاهدون، ويصلحون، ويتعلمون، ويُعلِّمون، فإذا وُجد هذا الإنسان الصالح، وظهرت أدلته القطعية - التي لا لَبْس فيها - اتّبعوه. وعلى هذا درج الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وتتابع على هذا أئمة العلم على تعاقب العصور.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>وهناك عدة أقوال بين المسلمين نوجزها في الآتي:</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>القول الأول:</b> أن المهدي هو المسيح بن مريم عليهما السلام، ودليله حديث ابن ماجه: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«لا مهدي إلا عيسى بن مريم»</b></font>، وهو حديث ضعيف، لتفرد محمد بن خالد به، ولورود أحاديث بوجود المهدي وصلاته مع عيسى بن مريم تمنع الحصر الوارد في هذا الحديث في عدم وجود مهدي إلا عيسى. على أن هذا الحديث لو صح لم تكن فيه حجة؛ لأن سيدنا عيسى عليه السلام أعظم مهدي بين يدي رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم والساعة، فيكون الحصر إضافيًّا، والمراد لا مهدي كاملاً إلا عيسى عليه السلام.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وتدل الأحاديث في كتب أهل السنة أن المهدي يملك العرب ويحكم سبع أو تسع سنوات، يحثي المال حثيا ولا يعده عدا، ويقسمه بالسوية، ويعمل بسنة النبي، ويملأ الدنيا عدلا كما مُلئت ظلما وجورا وتنعم في عهده الأمة نعيما لم ينعموا مثله قط ‏ ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها، وهو أمير الطائفة التي لا تزال تقاتل على الحق حتى ينزل المسيح عيسى بن مريم فيصلي خلفه ثم يقتل المسيح الدجال.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>القول الثاني:</b> أن المهدي رجل من آل البيت من ولد الحسين بن علي، يخرج آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً، كما ملئت جورًا وظلمًا، وأكثر الأحاديث تدل على هذا، وقد صحح بعضهم بعضًا منها وهو أمر لا يخلوا من تعقب.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومنها حديث أحمد وأبو داود: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث اللَّـه فيه رجلاً من أهل البيت يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا»</b></font>، وقال الذهبي: إسناده صالح.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>القول الثالث:</b> أنه المهدي الذي تولى الخلافة في الدولة العباسية في القرن الثاني الهجري، والأحاديث التي رويت في هذا أحاديث واهية، وعلى فرض صحتها فالمهدي هذا أحد المهديين، وهناك غيره، ويصح أن يقال: إن عمر بن عبد العزيز كان مهديًّا، بل هو أولى بهذه التسمية من مهدي بني عباس.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>القول الرابع:</b> الأقوال السابقة هي لأهل السنة، وهذا القول هو للشيعة الإمامية، حيث يقولون: إنه محمد بن الحسن العسكري المنتظر، ولد الحسين بن علي، ويقولون في صفته: الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، وأنه دخل سردابًا في "سامرا" وقيل في مدينة تدعى "جابلقا" وهي مدينة وهمية ليس لها وجود. وزعم أحمد الإحساني الممهد للبهائية أنه في السماء وليس في الأرض. دخلها وكان طفلاً صغيرًا منذ أكثر من خمسمائة عام، فلم تره بعد ذلك عين ولم يحس فيه بخبر، وهم ينتظرونه كل يوم، يقفون بالخيل على باب السرداب، ويصيحون به أن يخرج إليهم ثم يرجعون.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويعتقد الشيعة الإثنا عشرية بأن محمد المهدي هو آخر الأئمة الاثنى عشر الذي تولى الإمامة بعد أبيه الإمام الحسن العسكري وقد ولد الإمام المهدي في 15 من شعبان عام 255 هجري أي 874 ميلادي في مدينة سامراء شمال العراق و أمه السيدة نرجس زوج الإمام العسكري عليه السلام، ويقولون إن له غيبتين: الأولى هي الغيبة الصغرى وكانت مدتها 69 سنة، وبدأت عام260 هـجري وامتدت حتى عام 329 هـجري وكان اتصال الشيعة به عن طريق سفرائه وهم: عثمان بن سعيد، محمد بن عثمان، الحسين بن روح، علي بن محمد السمري.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">أما الغيبة الثانية فهي الغيبة الكبرى بدأت عام 329 هـجري، بعد وفاة آخر سفير من سفرائه و غيبته واحتجابه لأمر أراده الله.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهكذا فقد وردت في المهدي أحاديث كثيرة، صح بعضها وضعف الكثير منها، ويؤخذ من مجموعها أنه من آل البيت، وسيخرج آخر الزمان، ويلتقي مع سيدنا عيسى عليه السلام.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويؤخذ من الأحاديث أن اسمه "محمد" وأن اسم والده "عبد اللَّـه" كاسم والد النبي صلى الله عليه وسلم. وتقول الشيعة إنه اختفى بعد موت والده. وذكر ابن حجر في "الصواعق" أن ظهوره يكون بعد أن يخسف القمر في أول ليلة من رمضان، وتكسف الشمس في النصف منه، وذلك لم يوجد منذ أن خلق اللَّـه السماوات والأرض، كما قرره علماء الفلك، فهل سيكون ذلك من باب الإعجاز؟!!</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>هذه صورة من أفكار المسلمين عن المهدي، وفي بعضها بُعْدٌ يصعب تعقله.</b></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>هذا</b>، وهناك مهديون كثيرون ظهروا في التاريخ، في الشرق وفي الغرب، واليهود ينتظرون الذي يخرج آخر الزمان لتعلو كلمتهم وينصروا به على سائر الأمم، وكذلك النصارى ينتظرون المسيح يوم القيامة، وبهذا تكون الملل الثلاثة منتظرة للمهدي.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد استغل كثير من الناس قضية المهدي فتكونت دول وظهرت شخصيات على مسرح التاريخ، وقامت دعوات تتمسح بها، وكل يدعي أن آخر الزمان المقصود في الكلام عنه هو زمانه الذي كثر فيه الظلم، وكل زمان لا يخلو من ذلك، كما يتصوره بعض الناس.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولقد استغلها الفاطميون وأقاموا دولتهم أولاً بالمغرب، ثم انتقلت إلى مصر واتسع نطاقها، واستغلها "ابن تومرت" فأسس دولة الموحدين بني عبد المؤمن، وفي أيام الدولة المرينية بفاس قام رجل اسمه "التوبرزي" مدعيًّا أنه المهدي أيضًا، كما ادّعاها مغربي من طرابلس قابل نابليون بين دمنهور ورشيد. وقيل إن المهدي هو صاحب ثورة السودان كان أتباعه يطلقون عليه المهدي المنتظر.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يقول القلقشندي في ادعاء الشيعة الإمامية لوجود المهدي: إنهم يقفون عند باب السرداب ببغلة ملجمة من الغروب إلى مغيب الشفق، وينادونه ليخرج حتى يقضى على الظلم الذي عم البلاد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويروي ياقوت أنهم كانوا في "كاشان" من بلاد الفرس يركبون كل صباح للقائه، وذلك في أواخر القرن الخامس الهجري، ويروي مثل ذلك ابن بطوطة. والكيسانية يدعون أنه <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«محمد بن الحنفية»</b></font> وكان من العادات في زمن ملوك الصفوية في فارس إعداد فرسين مسرجين دائمًا في القصر لاستقبال المهدي وعيسى.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهذا يشبه عمل المتهوسين من الإفرنج في القدس الذين ينتظرون مجيء المسيح يوم الدينونة. يقول "هوارث" الفرنسي في "تاريخ العرب": إن إنجليزيًّا ذهب إلى بيت المقدس وأقام بالوادي الذي ستكون فيه الدينونة، وفي كل صباح يقرع الطبل منتظرًا للحشر، وجاءت امرأة إنجليزية إلى القدس، وكانت تعد الشاي كل يوم لتحيي به المسيح عند ظهوره، ويقول "لامرتين" عند زيارته لجبل لبنان: إنه رأى في قرية "جون" السيدة "إستير ستاتهوب" بنت أخي "بيت" الوزير الإنجليزي الشهير، فرأى عندها فرسًا مسرجًا، زعمت أنها تعده ليركبه المسيح.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إن ظهور المهدي ليس له دليل صريح في القرآن الكريم، وقد رأى ابن خلدون عدم ظهوره كما جاء في الفصل الذي عقده في مقدمته خاصًّا بذلك، والشوكاني ألف كتابًا سمّاه <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح»</b></font> جاء فيه أن الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثًا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومهما يكن من شيء فإن ظهوره ليس ممنوعًا عقلاً، ولم تثبت استحالته بدليل قاطع.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولكن أولى لنا أن نتناقش في أمر عملي يعيد لنا قوتنا الأولى، أو على الأقل يخلص المسلمين من الوضع الذي هم فيه الآن، خير من الانتظار.</font></p>
التعليقات