عائشة الطاهرة العفيفة .. د.علي الصلابي
مدير الموقع
السبت 9 أكتوبر 2010 م
<p align="left"><font color="#ff0000" size="3" face="Simplified Arabic"><strong>د. علي بن محمد الصّلابي</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>عائشة أم المؤمنين هي الصديقة بنت الصديق أبي بكر عبد الله بن عثمان، وأمها أم رومان بنت عويمر الكنانية، وُلدت بعد المبعث بأربع سنوات أو خمس، تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي بنت ست، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، وكان دخوله بها في شوال في السنة الأولى، وقيل في السنة الثانية من الهجرة، وهي المبرَّأة من فوق سبع سماوات، وكانت أحب أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه، ولم يتزوج بكرًا غيرها، وكانت أفقه نساء الأمة على الإطلاق، فكان الأكابر من الصحابة، -رضي الله عنهم- أجمعين، إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها، وقد تُوفّي عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وكانت وفاتها -رضي الله عنها- في سنة ثمان وخمسين ليلة السابع عشر من رمضان، وصلّى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ودُفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها([1])، ومناقبها، رضي الله عنها، كثيرة مشهورة فقد وردت أحاديث صحيحة بخصائص انفردت بها عن سواها من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن وأرضاهن- منها:</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">1- مجيء الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة</font>([2]) من حرير قبل زواجها به صلى الله عليه وسلم: فقد روى الشيخان من حديث عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي فأقول: إن يك هذا من الله يمضه([3]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">2- أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم</font>: وقد صرح بمحبتها لما سُئل صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه، فقد روى البخاري بإسناده إلى عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه على جيش ذات السلاسل([4])، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: فمن الرجال؟ قال: أبوها([5]). قال الحافظ الذهبي: وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان عليه الصلاة والسلام ليحبّ إلاّ طيبًا، وقد قال: «لو كنت متخذًا خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام أفضل»، فأحب أفضل رجل في أمته، وأفضل امرأة في أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضًا إلى الله ورسوله، وحبه عليه الصلاة والسلام لعائشة كان أمرًا مستفيضًا([6]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">3- نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من نسائه</font> عليه الصلاة والسلام: فقد روى البخاري بإسناده إلى هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان أو حيث ما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليّ ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: «يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة؛ فإنه والله ما نزل عليّ الوحي في لحاف امرأة منكن غيرها»([7]). وقال الذهبي: وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها([8]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">4- أن جبريل -عليه السلام- أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم</font>: فقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا: «يا عائشة، هذا جبريل يقرئك السلام»، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى – تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم-([9]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">5- بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بتخييرها عند نزول آية التخيير، </font>وقرن ذلك بإرشادها إلى استشارة أبويها في ذلك الشأن لعلمه أن أبويها لا يأمرانها بفراقه، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة؛ فاستن بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم، فقد روى الشيخان بإسنادهما إلى عائشة، رضي الله عنها، قالت: لما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: وقد علم أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه قالت: ثم قال: إن الله – جل ثناؤه- قال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآَخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا). [الأحزاب:28، 29] قالت: فقلت: ففي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت([10]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">6- نزول آيات من كتاب الله بسببها، </font>فمنها ما هو في شأنها خاصة ومنها ما هو للأمة عامة: فأما الآيات الخاصة بها والتي تدل على عظم شأنها ورفعة مكانتها شهادة الباري -جل وعلا- لها بالبراءة مما رميت به من الإفك والبهتان، وهو قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ). [النور:11] إلى قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). [النور:26]. قال ابن القيم: ومن خصائصها أن الله سبحانه وتعالى برّأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيًا يُتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنها من الطيبات، ووعدها المغفرة والرزق الكريم. وأخبر سبحانه وتعالى أن ما قيل فيها من الإفك كان خيرًا لها، ولم يكن ذلك الذي قيل فيها شرًا لها ولا خافضًا من شأنها، بل رفعها الله بذلك وأعلى قدرها وأعظم شأنها، وصار لها ذكرًا بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء، فيا لها من منقبة ما أجلها! وتأمّلْ هذا التشريف والإكرام الناشئ عن فرط تواضعها واستصغارها لنفسها حيث قالت: لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رؤيا يبرئني الله بها([11]). فهذه صديقة الأمة وأم المؤمنين، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تعلم أنها بريئة منه مظلومة، وأن قاذفيها ظالمون مفترون عليها، وقد بلغ أذاهم إلى أبويها وإلى رسول الهأ صلى الله عليه وسلم([12]). قال ابن كثير: ولما تكلم فيها أهل الإفك بالزور والبهتان غار الله فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تُتلى على الزمان.. وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها([13]).وأما ما نزل بسببها من الآيات وهي للأمة عامة فآية التيمم وكانت رحمة وتسهيلاً لسائر الأمة، فقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة، رضي الله عنها، أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناسًا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلاّ جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرًا([14]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">7- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على أن يمرض في بيتها:</font> فقد كانت وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها وفي يومها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا، وأول ساعة من الآخرة، ودفن في بيتها([15])، فقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: أين أنا غدًا؟ حرصًا على بيت عائشة، قالت: فلما كان يومي سكن([16])، وعند مسلم عنها أيضًا قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول: «أين أنا اليوم، أين أنا غدًا؟» استبطاء ليوم عائشة، قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري([17])، وروى البخاري أيضًا بإسناده عنها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول: «أين أنا غدًا، أين أنا غدًا؟» يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه بأن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها. قالت عائشة: فمات في اليوم الذي كان يدور عليّ فيه في بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسحري، وخالط ريقه ريقي، ثم قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه مسواك يستن به، فنظر إليه رسول الله، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه فقصمته، ثم مضغته، فأعطيته رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستن به، وهو مستند إلى صدري. وفي رواية أخرى بزيادة: فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة([18]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">8- إخباره صلى الله عليه وسلم بأنها من أصحاب الجنة</font>: فقد روى الحاكم بإسناده إلى عائشة، رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، من أزواجك في الجنة؟ قال: أما إنك منهن؟ قالت: فخُيّل إليّ أن ذاك أنه لم يتزوج بكرًا غيري([19]). وروى البخاري بإسناده إلى القاسم بن محمد أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين، تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أبي بكر([20]). وفي هذا فضيلة عظيمة لعائشة، رضي الله عنها، حيث قطع لها بدخول الجنة؛ إذ لا يقول ذلك إلاّ بتوقيف([21]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">9- فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام</font>: ما رواه الشيخان بإسنادهما إلى عبد الله بن عبد الرحمن أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»([22]).قال النووي: قال العلماء: معناه: أن الثريد من كل طعام أفضل من المرق، فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه، والمراد بالفضيلة نفعه والتشبع منه وسهولة مساغه، والالتذاذ به وتيسر تناوله، وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة وغير ذلك، فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة. وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية لاحتمال أن المراد تفضيلها على نساء هذه الأمة([23]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">هذه بعض الأحاديث التي أشارت إلى فضل السيدة عائشة ومكانتها وسبقها؛ وعلو شأنها في الدين، وعظيم مكانتها،</font> ومع هذا فقد تعرضت السيدة عائشة أم المؤمنين للطعن والتجريح والكذب والافتراء من قبل الشيعة الرافضة ومن تأثر برواياتهم المختلفة، وآثارهم الموضوعة، وجاؤوا لآثار صحاح، وأحاديث مسندة صحيحة وأوّلوها على غير حقيقتها ومرادها، كما فعل ذلك صاحب كتاب «ثم اهتديت» وهو لم يأت بجديد، وإنما سار على منهج أسلافه ممن سبقوه من الشيعة الروافض، وطعن في أم المؤمنين عائشة بقول عمار: والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي([24]). وليس في قول عمار هذا ما يطعن به على عائشة – رضي الله عنها – بل فيه أعظم فضيلة لها، وهي أنها زوجة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، فأي فضل أعظم من هذا؟! فإن غاية كل مؤمن رضا الله والجنة، وعائشة – رضي الله عنها – قد تحقق لها ذلك بشهادة عمار – رضي الله عنه – الذي كان مُخالفًا لها في الرأي في تلك الفتنة، وأنها ستكون في  أعلى الدرجات في الجنة بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم([25])، وبهذا قد جاء الحديث الصحيح المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، على ما روى الحاكم في المستدرك من حديث عائشة – رضي الله عنها – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟ قالت: بلى والله، قال: فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة([26]). فيكون هذا الحديث من أعظم فضائل عائشة – رضي الله عنها – ولذا أورد البخاري الأثر السابق عن عمار في مناقب عائشة رضي الله عنها([27])، وأما قوله في الجزء الأخير من الأثر: ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها([28]). فليس بمطعن على أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – وبيان ذلك من وجوه:</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">أ- أن قول عمار هذا يمثل رأيه، وعائشة – رضي الله عنها – ترى خلاف ذلك، </font>وأن ما هي عليه هو الحق، وكل منهما صحابي جليل، عظيم القدر في الدين والعلم، فليس قول أحدهما حجة على الآخر([29]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">ب- أن غاية ما في قول عمار هو مخالفتها أمر الله في تلك الحالة الخاصة، </font>وليس كل مخالف مذمومًا حتى تقوم عليه الحجة بالمخالفة ويعلم أنه مخالف، وإلاّ فهو معذور إن لم يتعمد المخالفة، فقد يكون ناسيًا أو متأوّلاً فلا يُؤخذ بذلك.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">جـ- أن عمارًا – رضي الله عنه – ما قصد بذلك ذم عائشة ولا انتقاصها، </font>وإنما أراد أن يبين خطأها في الاجتهاد نصحًا للأمة، وهو مع هذا يعرف لأم المؤمنين قدرها وفضلها([30])، وقد جاء في بعض روايات هذا الأثر عن عمار أن عمارًا سمع رجلاً يسبّ عائشة، فقال: اسكت مقبوحًا منبوذًا، والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم أتطيعوه أو إياها([31]). وأما قول الشيعة الروافض؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام خطيبًا، فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان، وطعنهم على عائشة – رضي الله عنها- بذلك، وزعمهم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد أن الفتنة تخرج من بيتها. فهذا الكلام فيه تضليل وقلب للحقائق، وتدليس على من لا علم عنده من العامة، وذلك بتفسيره قول الراوي: فأشار (نحو مسكن عائشة) على أن الإشارة كانت لبيت عائشة وأنها سبب الفتنة، والحديث لا يدل على هذا بأي وجه من الوجوه، وهذه العبارة لا تحتمل هذا الفهم عند من له أدنى معرفة بمقاصد الكلام، فإن الراوي قال: أشار نحو مسكن عائشة، ولم يقل: إلى جهة مساكن عائشة، والفرق بين التعبيرين واضح وجليّ، وهذه الرواية التي ذكرها أخرجها البخاري في كتاب فرض الخمس([32])، وهذا الحديث قد جاء مخرجًا في كتب السنة من الصحيحين وغيرهما من عدة طرق وبأكثر من لفظ، وجاء النص فيها على البلاد المشار إليها بما يدحض دعوى الشيعة الروافض، ويغني عن التكلف في الردّ عليهم بأي شيء آخر، وها هي ذي بعض روايات الحديث من عدة طرق عن ابن عمر – رضي الله عنهما -، فعن ليث عن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مستقبل المشرق يقول: «ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان»([33])، وعن عبيد بن عمر قال: حدثني نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عند باب حفصة فقال بيده نحو المشرق: «الفتنة من حيث يطلع قرن([34]) الشيطان». قالها مرتين أو ثلاثًا، وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وهو مستقبل المشرق: «ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان»([35]). وفي هذا الروايات تحديد صريح للجهة المشار إليها وهي جهة المشرق، وفيها تفسير للمقصود بالإشارة في الرواية التي ذكرها الشيعة الروافض([36])، كما جاء في بعض الروايات الأخرى للحديث تحديد البلاد المشار إليها، فعن نافع عن ابن عمر قال: ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا([37])، فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان([38]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>وعن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال: يا أهل العراق، ما أسألكم عن الصغيرة وأَرْكَبكم للكبيرة، سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الفتنة تجيء من ههنا وأوْمَأ بيده نحو المشرق، من حيث يطلع قرنا الشيطان([39]). وفي بعض الروايات جاء ذكر بعض من يقطن تلك البلاد من القبائل ووصف حال أهلها، فعن أبي مسعود قال: أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده نحو اليمن فقال: «ألا إن الإيمان ههنا، وإن القسوة وغلظ القلب في الفدادين([40])، وعند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر»([41]). فدلت هذه الروايات دلالة قطعية على بيان مراد النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله: الفتنة (ههنا) وأن المقصود بذلك بلاد المشرق، حيث جاءت الروايات مصرحة بهذا، كما جاء في بعضها وصف أهل تلك البلاد وتعيين بعض قبائلها، مما يظهر به بطلان ما ادّعى الشيعة الروافض من أن الإشارة كانت إلى بيت عائشة، فإن هذا قول باطل، ورأى ساقط، لم يفهمه أحد، وما قال به سوى الشيعة الروافض([42]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#ff0000">10- المفاضلة بين عائشة وخديجة وفاطمة رضي الله عنهن</font>: قال ابن تيمية: وأفضل نساء هذه الأمة خديجة وعائشة وفاطمة، وفي تفضيل بعضهن على بعض نزاع([43])..وسُئل ابن تيمية عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين أيهما أفضل؟ فأجاب: بأن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين، وتأثير عائشة في آخر الإسلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها([44])، وقال ابن حجر: وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة، وبقي الخلاف بين عائشة وخديجة([45])، وقال في شرح حديث أبي هريرة أن جبريل أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يقرئ خديجة السلام من ربها وفيه قال السهيلي: استدل بهذه القصة أبو بكر بن داود على أن خديجة أفضل من عائشة؛ لأن عائشة سلم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها، وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة، ورد بأن الخلاف ثابت قديمًا، وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم([46]). عند التحقيق والنظر في النصوص الواردة في تفضيل كل واحدة منهن – رضي الله عنهن- نجد أنها تدل على أفضلية خديجة وفاطمة ثم عائشة رضي الله عنهن، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «لقد فضلت خديجة على نساء أمتي»([47])، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية»([48])، قال ابن حجر: وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل([49])، وقال صلى الله عليه وسلم: «حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون»([50]).وهذا نص في أن خديجة -رضي الله عنها- أفضل نساء الأمة، ثم إن اللفظ الوارد في تفضيل فاطمة -رضي الله عنها- وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟» ([51]). وفي لفظ:«سيدة نساء أهل الجنة»([52])، فهو صريح لا لبس فيه ولا يحتمل التأويل، وهو نص في أنها أفضل نساء الأمة وسيدة نساء أهل الجنة، وقد شاركت أمها في هذا التفضيل فهي وأمها أفضل نساء أهل الجنة، وهي وأمها أفضل نساء الأمة، بهذا وردت النصوص([53])، وأما ما ورد في تفضيل عائشة، رضي الله عنها، في قوله صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» فهو لفظ لا يستلزم الأفضلية المطلقة كما قال ابن حجر([54]): وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة، رضي الله عنها، على غيرها؛ لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسير المؤونة وسهولة الإساغة، وكان أجلَّ طعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل وجهة، فقد يكون مفضولاً بالنسبة لغيره من جهات أخرى([55]). فالحديث إذًا دال على أفضلية عائشة، رضي الله عنها، على سائر نساء هذه الأمة ماعدا خديجة وفاطمة، رضي الله عنهما، لورود الدليل على ذلك مما قيد تلك الأفضلية لعائشة، رضي الله عنها([56])، وأما ما ورد من حديث عمرو بن العاص لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي النساء أحب إليك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: عائشة([57]). فقد أشار ابن حبان إلى أنه مقيد في نسائه صلى الله عليه وسلم؛ إذ عقد عنوانًا في صحيحة فقال: ذكر خبر وهم في تأويله من لم يحكم صناعة الحديث، وساق تحته حديث عمرو بلفظ: قلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: إني لست أعني النساء وإنما أعني الرجال، فقال: أبو بكر أو قال: أبوها. ثم قال ابن حبان: أذكر الخبر الدال على أن مخرج السؤال كان عن أهله دون سائر النساء من فاطمة وغيرها، وأخرج بسنده عن أنس قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة قيل له: ليس عن أهلك نسألك، قال: فأبوها([58]). وبهذا يتبين أن عائشة تلي خديجة وفاطمة في الفضل، رضي الله عنها. إذًا فكل ما ورد من دليل على عموم تفضيلها رضي الله عنها مقيد بالنص الوارد في خديجة وفاطمة، رضي الله عنهما، ولا ينكر أن لعائشة، رضي الله عنها، من الفضائل كالعلم مثلاً ما تختص به عن خديجة وفاطمة رضي الله عنهن، إلاّ أنه لا يلزم من ثبوت خصوصية شيء من الفضائل ثبوت الفضل المطلق([59])، وعلى كل حال فليس فضل إحداهن على الأخرى بمطعن على المفضولة، بل في هذا أكبر دليل على علوّ مكانة هؤلاء النساء الثلاث فاطمة وخديجة وعائشة رضي الله عنهن؛ حيث إن الخلاف لم يخرج عنهن في أنهن أفضل نساء الأمة، فما الذي يضر أم المؤمنين عائشة لو كانت ثالثة نساء الأمة في الفضل؟! وهل هذا مدعاة لاحترامها وتقديرها أم للنيل منها والطعن فيها، كما يفعل الشيعة الروافض؟! ([60]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">* هل استباحت السيدة عائشة أم المؤمنين قتال المسلمين في معركة الجمل؟</font>: قد تقدم أنها ما خرجت لذلك وما أرادت القتال، وقد نقل الزهري عنها أنها قالت بعد موقعة الجمل: إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبدًا([61]). وهذا القول بأن السيدة عائشة استباحت قتال المسلمين باطل لا يثبت أمام الروايات الصحيحة التي بينت أن عائشة ما خرجت إلاّ للإصلاح كما مر معنا، وإنما هذه الأقوال من الروايات التي وضعتها الشيعة الروافض، والتي شوّهت تاريخ صدر الإسلام، وجعلت مما حدث بين علي وطلحة والزبير وعائشة -رضي الله عنهم- حربًا أهلية، وتأثر بعض الباحثين بتلك الروايات حتى قال بعضهم: وأسرت عائشة، ويصورون المسألة كحرب أهلية مخطط لها، وهو قول طبيعي من باحثين لا يستقون معلوماتهم في هذا الشأن إلاّ من الروايات المقدوحة، ومن المصادر غير الموثوق بها مثل الإمامة والسياسة، والأغاني، ومروج الذهب، وتاريخ اليعقوبي، بل وتاريخ التمدن الإسلامي لجورجى زيدان([62]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">* هل يصح هذا الحديث: </font>تقاتلين عليًا وأنت له ظالمة؟ إنه لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف، وهو بالموضوعات المكذوبة أشبه منه بالأحاديث الصحيحة، بل هو كذب قطعًا، فإن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين الناس.. لا قاتلت ولا أمرت بقتال، هكذا ذكر غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار([63]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">* أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- يردّ عائشة إلى مأمنها معززة مكرمة: </font>جهز أمير المؤمنين علي عائشة بكل شيء ينبغي لها من مركب وزاد ومتاع، وأخرج معها من نجا ممن خرج معها إلاّ من أحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وقال: تجهز يا محمد «ابن الحنفية»، فبلغها، فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه جاءها حتى وقف لها، وحضر الناس، فخرجت على الناس، وودعوها وودّعتهم وقالت: يا بني، تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة، فلا يعتدين أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلاّ ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار.. وقال علي: يا أيها الناس، صدقت والله برّت، ما كان بيني وبينها إلاّ ذلك، وإنها لزوجة نبيك صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة ست وثلاثين، وشيعها عليّ أميالاً وسرح بنيه معها([64]) يومًا. وبتلك المعاملة الكريمة من أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- نراه قد اتبع ما أوصاه به نبي الأمة -صلى الله عليه وسلم- عندما قال له: «إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر. قال: أنا يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: أنا؟ قال: نعم. قلت: فأنا أشقاهم يا رسول الله. قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها»([65]). وقد خالف الصواب من ظن أن خروج أم المؤمنين إلى البصرة كان لشيء في نفسها من علي -رضي الله عنه- لموقفه منها في حديث الإفك حين رماها المنافقون بالفاحشة فاستشاره النبي -صلى الله عليه وسلم- في فراقها. فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك([66]). وهذا الكلام الذي قاله علي إنما حمله عليه ترجيح جانب النبي صلى الله عليه وسلم، لِما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل، وكان شديد الغيرة، فرأى علي أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها، فيمكن رجعتها، ويُستفاد منه ارتكاب أخف الضررين لذهاب أشدها([67]). قال النووي: رأى علي أن ذلك هو  المصلحة في حق النبي صلى الله عليه وسلم، واعتقد ذلك لما رأى من انزعاجه، فبذل جهده في النصيحة، لإرادة راحة خاطره صلى الله عليه وسلم([68]). وعلي -رضي الله عنه- لم ينل عائشة رضي الله عنها بأدنى كلمة يفهم منها أنه قد عرض بأخلاقها أو تناولها بسوء، فإنه على الرغم من قوله للنبي صلى الله عليه وسلم: لم يضيق الله عليك([69])، إلاّ أنه عاد فقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناصحًا: وسلِ الجارية تصدقك([70]). فهو قد دعاه إلى التحري أولاً قبل أن يفارقها، أي أنه قد رجع عن نصيحته الأولى بالمفارقة إلى نصيحة أخرى بسؤال الجارية، وتحري الحقيقة([71])، وقد سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجارية التي كانت أكثر التصاقًا بعائشة، فأكدت أنها ما علمت من أمر عائشة إلاّ خيرًا، وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه الذي سأل فيه الجارية، واستعذر من عبد الله بن أبي قائلاً: يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيرًا([72]). لقد كانت نصيحة علي في صالح عائشة، فقد ازداد صلى الله عليه وسلم قناعة بما علم من خير في أهله([73]). ولم يكن موقف علي في حادثة الإفك هو الذي جعل عائشة تغضب منه -رضي الله عنه- لأجله، أو تحقد الحقد الذي يجعلها تتهمه زورًا بقتل عثمان، وتخرج عليه مؤلبة الأعداد الهائلة من المسلمين، كما زعم كثير من الباحثين ممن تورط في روايات الشيعة الرافضة التي لفقوها ووضعوها.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong><font color="#0000cc">* ندمهم على ما حصل منهم:</font> قال ابن تيمية:..وهكذا عامة السابقين، ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزّبير وعليّ وغيرهم، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم([74]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>أ- فأمير المؤمنين علي ورد عنه عندما نظر وقد أخذت السيوف مأخذها من الرجال، أنه قال: لوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة([75]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>ب- وروى نعيم بن حماد، بسنده إلى الحسن بن علي، أنه قال لسليمان بن صرد: لقد رأيت عليًا حين اشتد القتال وهو يلوذ بي، ويقول: يا حسن، لوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة([76]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>جـ- وعن الحسن بن علي قال: أراد أمير المؤمنين علي أمرًا، فتتابعت الأمور، فلم يجد منزعًا([77]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>د- وعن سليمان بن صرد، عن الحسن بن علي أنه سمع عليًا يقول – حين نظر إلى السيوف قد أخذت القوم-: يا حسن، أكل هذا فينا؟ ليتني مت قبل هذا بعشرين أو أربعين سنة([78]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>هـ- وأما عائشة: فقد ورد عنها أنها كانت تقول حين تذكر وقعة الجمل: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، وكان أحب إليّ أن أكون ولدت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعة عشر، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومثل عبد الله بن الزبير([79]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>و- وكانت إذا قرأت قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب:33] تبكي حتى تبل خمارها([80]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>ز- قالت عائشة: وددت أن لو كان لي عشرون ولدًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأني ثكلتهم، ولم يكن ما كان مني يوم الجمل([81]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>حـ- قال ابن تيمية: فإن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنّت أنّ خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أنّ ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها، وهكذا عامّة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعليّ وغيرهم، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم([82]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>ط- قال الذهبي: ولا ريب أن عائشة ندمت ندمة كلية على مسيرها إلى البصرة، وحضورها يوم الجمل، وما ظّنت أن الأمر يبلغ ما بلغ([83]).</strong></font></p> <p align="justify"><strong><font size="3" face="Simplified Arabic"></font></strong> </p> <p align="justify"> </p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([1]) سير أعلام النبلاء (2/135- 201) طبقات ابن سعد (8/58)، البداية والنهاية (8/95).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([2]) أي في قطعة من جيد الحرير، انظر: النهاية لابن الأثير (2/362).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([3]) مسلم رقم (2438).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([4]) مأخوذ من السلسل وهو العذب الصافي من الماء، والنهاية لابن الأثير (2/389).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([5]) البخاري رقم (4358).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([6]) سير أعلام النبلاء (2/143).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([7]) البخاري رقم 3775، ك فضائل الصحابة.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([8]) سير أعلام النبلاء (2/143).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([9]) البخاري، ك فضائل الصحابة رقم 3768.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([10]) البخاري، ك التفسير رقم (4789).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([11]) البخاري رقم (4141).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([12]) جلاء الإفهام: ص(124، 125).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([13]) البداية والنهاية (8/95)، تفسير القرآن العظيم (3/268).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([14]) البخاري، رقم (336).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([15]) سير أعلام النبلاء (2/189)، البداية والنهاية (8/95).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([16]) البخاري، ك فضائل الصحابة رقم (3774).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([17]) مسلم، ك الصحابة رقم (2443).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([18]) البخاري، رقم (4450، 4451).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([19]) المستدرك (4/13) صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([20]) البخاري، رقم (3771).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([21]) فتح الباري، (7/108)، العقيدة في أهل البيت: ص(95).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([22]) البخاري، رقم 3770.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([23]) شرح صحيح مسلم (15/208، 209).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([24]) البخاري، ك فضائل الصحابة رقم (3772).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([25]) الانتصار للصحب والآل ص: (448).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([26]) المستدرك (4/10)، الصحيح المسند لمصطفى العدوى: ص(356).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([27]) البخاري رقم (3772).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([28]) البخاري رقم (3772).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([29]) الانتصار للصحب والآل: ص(448).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([30]) الانتصار للصحب والآل: ص(450، 451).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([31]) البداية والنهاية (7/248).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([32]) البخاري رقم (3104).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([33]) البخاري رقم (7093)، مسلم رقم (2905).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([34]) مسلم، ك الفتن (4/2229).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([35]) مسلم، ك الفتن (4/2229).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([36]) الانتصار للصحب والآل: ص(453).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([37]) نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([38]) البخاري رقم (7095).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([39]) مسلم، ك الفتنة من المشرق (4/2229).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([40]) الفدادون: الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([41]) البخاري رقم (3302)، الانتصار للصحب والآل ص(455).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([42]) الانتصار للصحب والآل: ص(455).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([43]) مجموع الفتاوى (4/394).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([44]) المصدر نفسه (4/393).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([45]) فتح الباري (7/109).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([46]) فتح الباري (7/139).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([47]) فتح الباري (7/135)، مجمع الزوائد (9/223).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([48]) الإحسان لابن حبان (9/73)، صحيح الجامع للألباني (1/371).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([49]) فتح الباري (7/135).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([50]) فضائل الصحابة (2/755) رقم (1325) وصححه الألباني في تخريج المشكاة (3/1745).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([51]) البخاري رقم (6285).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([52]) فتح الباري (7/105).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([53]) العقيدة في أهل البيت: ص(97).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([54]) فتح الباري (7/107).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([55]) المصدر نفسه (6/447).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([56]) العقيدة في أهل البيت: ص(97).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([57]) البخاري رقم (4358).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([58]) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (9/11).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([59]) فتح الباري (7/108)، العقيدة في أهل البيت: ص(98).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([60]) الانتصار للصحب والآل: ص(461).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([61]) المغازى للزهري: ص(154).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([62]) انظر: دراسة وتحليل للعهد النبوي الأصيل، محمد جميل، الحزبية السياسية، رياض عيسى، الحريم السياسي، النبي والنساء، الدولة العربية فلهاوزن، نقلاً عن دور المرأة السياسي، ص(442).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([63]) منهاج السنة (2/185).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([64]) تاريخ الطبري (5/581).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([65]) مسند أحمد (6/393) إسناده حسن.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([66]) البخاري رقم (4786).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([67]) دور المرأة السياسي: ص(462).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([68]) شرح النووي على صحيح مسلم (5/634).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([69]) البخاري رقم (4786).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([70]) البخاري رقم (4786).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([71]) دور المرأة السياسي: ص(462).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([72]) البخاري رقم (4786).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([73]) دور المرأة السياسي: ص(462).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([74]) المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال، ص(222).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([75]) الفتن لنعيم بن حماد (1/80).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([76]) الفتن لنعيم بن حماد (1/80).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([77]) المصدر نفسه (1/81).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([78]) أحداث وأحاديث فتنة الهرج. ص(217).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([79]) الفتن، نعيم بن حمّاد (1/81).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([80]) سير أعلام النبلاء (2/177)، الطبقات (8/81).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([81]) التمهيد للباقلاني: ص(232)، عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي كان من نبلاء الرجال، وهو من أشرف بني مخزوم، توفي قبل معاوية.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([82]) المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض: ص(222، 223).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="3" face="Simplified Arabic"><strong>([83]) سير أعلام النبلاء (2/177).</strong></font></p>
التعليقات
محمد الأحد 2 نوفمبر 2014 م
السلام عليككم ورحمة الله .... شكرا وبارك الله فيكم على هذه المقالة وجعلها في مزان حسناتكم يو م نلقاه...... سئل أحد السلف عن الذين يشتمون أمهات المؤمنين والصحابة؟ فقال: زنادقة، إنما أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا أحداً من الأمة يتابعهم على ذلك فشتموا أزواجه وأصحابه.
محمد الأحد 2 نوفمبر 2014 م
السلام عليككم ورحمة الله .... شكرا وبارك الله فيكم على هذه المقالة وجعلها في مزان حسناتكم يو م نلقاه...... سئل أحد السلف عن الذين يشتمون أمهات المؤمنين والصحابة؟ فقال: زنادقة، إنما أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا أحداً من الأمة يتابعهم على ذلك فشتموا أزواجه وأصحابه.
محبة أمهات المؤمنين الإثنين 25 أكتوبر 2010 م
جزاكم الله خيراً على المجهود الواضح في الذب عن عرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبيان خطر الشيعة الروافض وجهلهم، فهم اكذب الناس في المنقول وأجهلهم في المعقول عليهم من الله ما يستحقون
محبة أمهات المؤمنين الإثنين 25 أكتوبر 2010 م
جزاكم الله خيراً على المجهود الواضح في الذب عن عرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبيان خطر الشيعة الروافض وجهلهم، فهم اكذب الناس في المنقول وأجهلهم في المعقول عليهم من الله ما يستحقون