ابن العلقمي وعلي بن طاوس في خدمة التتار
مدير الموقع
الثلاثاء 26 أبريل 2011 م
<p align="left"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>هيثم الكسواني </strong></font></p> <p align="right"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>لم ينجح الشيعةَ البويهيين فى إسقاط الخلافة العباسية، رغم محاولاتهم المستمرة طيلة أكثر من مائة سنة، وهي الفترة التي تسلط فيها البويهيون على دولة الخلافة، والتي ابتدأت منذ أن طلب الخليفة المستكفي منهم القدوم إلى بغداد في سنة 334هـ، لوضع حد للفوضى التي أحدثها الجند الأتراك، وانتهت باستنجاد خليفة عباسي آخر، هو القائم بأمر الله،  في سنة 447هـ، بقائد السلاجقة طغرلبك، لتخليصه من البويهيين، كما بيّنا في العدد السابق من هذه الزاوية من الراصد([1]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>وإذا كان سعي البويهيين لإلغاء الخلافة العباسية، وبالمقابل نقلها إلى أحد حكام الدولة العبيدية الفاطمية أو علماء الشيعة أو شخصيات آل البيت قد انتهى مع سقوط دولتهم على يد السلاجقة، فإن سعي الشيعة بعدهم لذلك لم ينتهِ، فالعباسيون، وأي دولة سنية أخرى هي في نظر الشيعة غير شرعية لأنها لا تقوم على مبدأ الإمامة.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>ومع قدوم القرن السابع الهجري، كانت ثمة متغيرات تصبُّ في صالح الشيعة، فقد شهد النصف الأول من هذا القرن ظهور قوة جديدة هي قوة التتار([2]) الذين استطاعوا احتلال مناطق واسعة في آسيا، وصارت البلدان تسقط في أيديهم، الواحدة تلو الأخرى، وبات قائدهم هولاكو على مقربة من العراق وعاصمة الخلافة بغداد.</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>الوزير ابن العلقمي</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>أما على الصعيد الداخلي للدولة العباسية، فقد أصبح الشيعي مؤيد الدين أبو طالب ابن العلقمي، وزيرا للخليفة المستعصم([3]) بدءا من سنة 642هـ، بعد أن كان في زمن أبيه المستنصر، أستاذ دار الخلافة، "وقد حصل له من التعظيم والوجاهة في أيام المستعصم ما لم يحصل لغيره من الوزراء"([4]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>إذا تهيّأت للوزير ابن العلقمي الظروف لتحقيق الحلم الشيعي بإسقاط الخلافة العباسية وإقامة دولة شيعية بدلا منها، أولها: وجود خليفة ضعيف على رأس الدولة، وثانيها: وزير شيعي له من المكانة والصلاحيات الشيء الكثير، وثالثها: وجود قوة خارجية. ومما زاد من رغبة ابن العلقمي في القضاء على الخلافة أنه كان بين السنة والشيعة في سنة 655هـ، حرب عظيمة نهبت فيها دور أقاربه فاشتد حنقه على أهل السنة "وكان ذلك من أقوى الأسباب في ممالأته للتتار"([5]).‏</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>رأى ابن العلقمي أن يستقدم التتار إلى بغداد ويسهل لهم القضاء على الخلافة العباسية، وعمل في سبيل ذلك على تنفيذ مخطط متدرج بدأه بنصح الخليفة بتخفيض عدد أفراد الجيش البالغ 100 ألف إلى العُشر، بزعم أن عدد الجيش الكبير لا فائدة منه، وعمل ابن العلقمي على مضايقة الجند في رواتبهم، وصار وضع الجيش العباسي مزريا، وقد وصف ابن كثير ذلك بقوله: "وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة، لا يبلغون عشرة آلاف فارس، وهم وبقية الجيش كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد‏، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي"([6]).</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#0000ff" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>أما المرحلة الثانية من مخطط ابن العلقمي فعمل فيها على مراسلة التتار وتشجيعهم على احتلال البلاد بعد أن أخبرهم بالضعف الذي تعيشه الدولة العباسية، وجيشها على وجه الخصوص.</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>وفي المرحلة الثالثة والحاسمة، قدم هولاكو إلى بغداد في المحرم من سنة 656هـ، ومعه 200 ألف مقاتل من التتار، قثبط ابن العلقمي الناس، ونصح الخليفةَ بعدم مقاتلة التتار، ثم أشار عليه بالخروج إلى هولاكو والمثول بين يديه للمصالحة، على أن يكون نصف خراج العراق للتتار ونصفه للخليفة. وفي نفس الوقت أشار ابن العلقمي على هولاكو بعدم مصالحة الخليفة مدّعيا أنه "متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاماً أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك.."([7]).</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>فاجعة لا مثيل لها</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>أدى هذا المخطط إلى فاجعة لم يشهد المسلمون لها مثيلا: قتْل عدد كبير جدا من المسلمين، قُدر بين 800 ألف ومليونين، وتدمير بغداد، وقتل الخليفة المستعصم وقادة الدولة، وإسقاط الخلافة، وظل التتار يمارسون القتل والترويع والبطش طيلة 40 يوماً، "ولما انقضى الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها، ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس، والقتلى في الطرقات كأنها التلول.." ([8]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>ويبين ابن كثير أنه لم ينج من القتل أحد "سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً، بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم"([9])‏.‏</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>الأمان لأهل الحلة</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong> وتؤكد بعض المصادر الشيعية أن الشيعة في ذلك الوقت كانوا من الذين أعطاهم التتار الأمان، وخاصة أهالي مدينة الحلة، يقول نور الدين الشاهرودي: "ومن هنا، فحينما احتُلت بغداد من قبل الغزاة المغول، أرسل أهل الحلة وفدا إلى القائد المغولي يطلبون منه الأمان لمدينتهم، وقد استجاب لهم هولاكو، وآمنهم على بلدهم، بعد أن خبر صدق نواياهم، وهكذا بقيت مدينة الحلة في منأى عن النكبة التي حلّت بسائر المدن في العراق من جرّاء هذا الغزو الكاسح"([10])</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>ويبدو أن الشيعة كان يهمهم في المقام الأول الاستفادة من الظروف للحفاظ على مذهبهم ومدارسهم ومؤسساتهم، يقول الشاهرودي عن مدينة الحلة بعد أن حصلت على الأمان من التتار: "ثم أخذت تستقطب الشاردين من طلاب العلم والأساتذة والفقهاء. وبالتتابع اجتمع فيها عدد كبير من هؤلاء، وانتقل معهم النشاط العلمي من بغداد، ومن ثم تطور وتوسع هذا النشاط إلى الحد الذي أصبحت معه مدينة الحلة أهم مركز علمي وديني للشيعة الإمامية"([11]).</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>المحقق الحلي</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>وبرز في تلك الفترة من علماء الشيعة في مدينة الحلة: نجم الدين الحلي، المعروف عند الشيعة بالمحقق الحلي (602 ـ 676هـ) وبسبب ما حصل عليه الشيعة من أمان المغول ودعمهم، نشط الحلي في التأليف والتدريس، وظهر له الكثير من الكتب، حتى أن الشيعة استغنوا بمؤلفات الحلي، وخاصة كتابه "شرائع الإسلام" عن مؤلفات شيخ الطائفة الطوسي([12])، أما مجلسه فكان مزدحما، يفد إليه علماء الشيعة وطلبتهم.</strong></font></p> <p align="justify"><font color="#ff0000" size="4" face="Simplified Arabic"><strong>علي بن طاوس</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>ولم يكن ابن العلقمي الشخصية الشيعية الوحيدة التي ساندت التتار، وأيّدتهم ضد أهل السنة، وحاولت استغلال الظرف لتقوية وضع طائفتها، فالمصادر الشيعية تتحدث عن عدد آخر من علماء الشيعة ورؤوسهم، من هؤلاء: علي بن طاوس (589 ـ 664هـ)، يقول الشاهرودي: "ولما احتل المغول مدينة بغداد، أمر قائدهم الكبير هولاكو خان بأن يُستفتى من العلماء والفقهاء حول هذه المسألة وهي: أيهما أفضل: السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong>ثم جمع هولاكو للإجابة على سؤاله هذا عددا كبيرا من العلماء الكبار بالمدرسة المستنصرية في بغداد، ومن بينهم السيد علي بن طاوس، ولكن عندما علموا بالفتيا أحجموا عن الجواب، فلما رأى ابن طاوس إحجامهم تناول هو الفتيا ووضع خطه فيها، وذلك بتفضيل السلطان الكافر العادل([13]) على السلطان المسلم الجائر، فوضع سائر العلماء خطوطهم بعده، بسبب أنه كان محترما ومقدَّما لديهم"([14]).</strong></font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic"><strong></strong></font> </p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">للاستزادة:</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">1-   الإمام ابن كثير، البداية والنهاية، نسخة إلكترونية، ج 13.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">2-   نور الدين الشاهرودي، المرجعية الدينية ومراجع الإمامية، طهران 1995.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[1] - يمكن قراءة المقال على الرابط: </font><a href="http://alrased.net/site/topics/view/1902"><font size="4" face="Simplified Arabic">http://alrased.net/site/topics/view/1902</font></a></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[2] - التتار أو المغول (ويطلق عليهم أيضا: المنغول والتتر) شعب بدوي انطلق من صحراء منغوليا في القرن السابع الهجري على شكل موجات بشرية مدمرة باتجاه آسيا وأوروبا، وهم سكان براري، وحياتهم رعوية ونظامهم قبلي، ومشهورون بالشر والغدر. وقد استطاع أحد زعمائهم، وهو جنكيز خان، توحيد القبائل المغولية تحت سيطرته، ونظّم دولته القبلية من خلال قانون أصدره وصار لدى المغول كالكتاب السماوي أطلق عليه اليسا أو الياسق (انظر: التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، ج6، ص 345 ، وموسوعة الأديان الميسرة، إصدار دار النفائس، ص 456).</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[3] - آخر الخلفاء العباسيين بالعراق، ولد سنة 609هـ، وبويع له بالخلافة في سنة 640هـ، وقتل على يد التتار في صفر من سنة 656هـ. قال فيه ابن كثير: "وقد كان حسن الصورة جيد السريرة، صحيح العقيدة مقتدياً بأبيه المستنصر في المعدلة وكثرة الصدقات وإكرام العلماء والعباد.. ولكن كان فيه لين وعدم تيقظ ومحبة للمال وجمعه" البداية والنهاية، ج 13، وفيات سنة 656هـ.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[4] - البداية والنهاية، ج 13، وفيات سنة 656هـ.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[5] - المصدر السابق، أحداث  سنة 656هـ.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[6] - المصدر السابق.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[7] - المصدر السابق.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[8] - المصدر السابق.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[9] - المصدر السابق.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[10] - المرجعية الدينية ومراجع الإمامية، ص 21.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[11] - المصدر السابق.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[12] - المصدر السابق، ص 64.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[13] - من المؤسف أن يعتبر ابن طاوس قائدَ التتار هولاكو، الذي ارتكب أبشع الجرائم بحق المسلمين، سلطانا عادلا، لكن الاستغراب ربما يزول عندما نعلم أن هولاكو قدم خدمات كبيرة للشيعة بإسقاطه الخلافة العباسية وتدمير بغداد كما مر بنا في ثنايا هذا المقال.</font></p> <p align="justify"><font size="4" face="Simplified Arabic">[14] - المرجعية الدينية ومراجع الإمامية، ص 58.<strong> </strong></font></p> <p align="left"><strong><font size="4"><font face="Simplified Arabic"><font color="#ff0000">مجلة الراصد</font> </font></font></strong></p>
التعليقات
عمار البصري السبت 20 ديسمبر 2014 م
لو كنت حقا باحث عن الحقيقة لما اتهمت ابن العلقمي او غيرة لانك تعلم ان الملوك الامويين والعباسيين اشد انحرافا وتحريفا للاسلام ولرايت ان ان اخر الملوك العباسيين كان جل اهتماهم النساء والبذخ وقاموا بتاخير رواتب الجند وتقليص حجم الجيش لكن السنة وقياداتها دائما تحب الخيانة وبعد الخيانة يوجد امثالك من يزيد الخيانة بتحريف الحقائق وهذا ما جعل الكثير من اهل السنة الشرفاء بالانتقال الى المذهب الجعفري لان رمز قادتة هم اهل البيت عليهم السلام وان قادة السنة ابو سفيان معاوية يزيد كن منصف ولا تتهموا الناس بالباطل وليمونا هذا السنه ضيعوا فلسطين والوطن العربي تم تخريبة من قبل قادة السنة ولازلتم توجهون الاتهامات للرافضة اتقوا الله