المسكوت عنه في المسألة الحوثية
تركي الحمد
الأحد 19 فبراير 2012 م
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: center;"> <img src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/rtb_uploaded_images/المسكوت-عنه-في-المسألة-الحوثية.png" style="font-family: 'Simplified Arabic'; font-size: 17px; font-weight: bold; text-align: justify; width: 400px; height: 250px;" /></p> <div> <strong style="font-family: 'Simplified Arabic'; font-size: 13pt; text-align: justify;">منذ أن بدأ التمرد الحوثي على الدولة اليمنية في النصف الأول من العقد الحالي، ثم تصاعد خلال السنوات اللاحقة، طارحين أنفسهم على أنهم الممثلون للطائفة الشيعية الزيدية "المضطهدة" في اليمن، وقبل ذلك ظهور حزب الله في لبنان وغيره من البلدان، طارحاً نفسه على أنه ممثل الطائفة الشيعية الإثني عشرية، وتحالف هذه الحركات مع قوى أجنبية على حساب الصالح الوطني أو المصلحة الوطنية، وهذه القوة هي إيران بالنسبة لهذه الحركات، وسؤال يدور في الذهن: لماذا تتعاون مثل هذه الحركات مع دولة مثل إيران على حساب المصلحة الوطنية؟</strong></div> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>أنا أعلم أن مفهوم "المصلحة الوطنية" مفهوم واسع ومرن، قد يختلف تفسيره من طرف لآخر وفق الخلفية الإيديولوجية، أو حتى المعرفية، إن أحسنا الظن، أو هو خاضع للمصلحة الخاصة والذاتية إن أسأنا الظن، ولكن المفهوم يبقى غائماً إلى حد كبير، ولذلك فإن ما تحدده القيادة الشرعية للدولة من فهم للمصلحة الوطنية هو الذي يسود في ظل الضبابية السائدة واختلاف الأذهان والتوجهات. وعودة إلى السؤال المؤرق: لماذا؟</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>قد يرى البعض أن التقارب المذهبي هو الأساس، فإيران دولة تجعل من المذهب الجعفري البند الأول في دستورها، وتقدم نفسها على أنها نصير المستضعفين في الأرض، وممثلة الشيعة في كل مكان، ومزلزلة الأرض تحت أقدام الطغاة، وبما أن الطائفة الزيدية في اليمن والطائفة الجعفرية الإثني عشرية في لبنان هما من الشيعة، فكان لزاماً أن يكون هناك تحالف بين الجميع على أساس عقدي أو مذهبي، ولكني لا أرى الأمر كذلك، فحكم الملالي في إيران ليس له علاقة بالمسألة العقدية في المذهب الإثني عشري بقدر ما له علاقة بتسييس، أو لنقل حقيقة أدلجة هذا المذهب من أجل أهداف سياسية تتعلق بنفوذ ومصلحة الدولة الإيرانية في نهاية المطاف، وهذا ما كان يرنو إليه آية الله الخميني حين طرح مفهومه لولاية الفقيه، والذي يعني في حقيقة الأمر ديكتاتورية الفقيه، وتحويل قم إلى مركز لهذه الولاية العامة، وبالتالي تصبح إيران سيدة لعالم الإسلام، وقوة معتبرة في عالم اليوم. </strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>فإيران حين تدعم هذا الفريق أو ذاك فإنها لا تسعى إلى مجرد نشر المذهب، أو تصدير الثورة من أجل نصرة المستضعفين في الأرض، وإن كان هذا مهماً ولأهداف سياسية أيضاً، ولا يهمها وضع الشيعة في هذا البلد أو ذاك، بقدر ما أن المهم هو تحقيق أهداف سياسية معينة وجدت في تلك الفرق خير معين على تحقيقها، وعندما تتحقق الأهداف، تلقى الوسائل جانباً. </strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>والسؤال ليس عن السلوك الإيراني، فذاك شيء لا يحتاج إلى فطنة كبيرة لإدراكه، ولكن السؤال: لماذا يستجيب الحوثيون في اليمن، أو قطاع عريض من الشيعة في لبنان وغيرها إلى الدعوة الإيرانية؟</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>وهنا يكمن المسكوت عنه.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>في ظني الأقل من متواضع، فإن أسباباً لا علاقة لها بمذهب أو دين أو معتقد، هي التي تقف وراء ارتماء هذا الفريق الوطني أو ذاك في أحضان قوة خارجية لها أهداف معينة، ولكن هذه الأهداف لا تهم الفريق الوطني بقدر ما أن مصلحته تأتي في المقام الأول، فالقضية في النهاية قضية التقاء مصالح ليس إلا، فحزب الله في لبنان، وهو الذي يطرح نفسه ممثلاً لشيعة لبنان، ما كان له أن يكون بهذا الحجم وهذه القوة لولا الدعم الاقتصادي والعسكري الإيراني، ولكن ماذا فعل الحزب كي ينال "الرضى" الإيراني، ويصبح الطفل الإيراني المدلل في لبنان؟ </strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>كل ما فعله هو اللعب على أوتار الحقوق المهضومة للشيعة في لبنان، وهي في الحقيقة كلمة حق أُريد بها باطل. فشيعة لبنان، رغم أنهم الأكثرية، إلا أنهم كانوا مهضومي الحقوق نتيجة النظام الطائفي اللبناني والإقطاعية السياسية والاقتصادية. شيعة لبنان كانوا يشعرون بذلك، ولذلك ما أن جاء موسى الصدر، ومن بعده حزب الله، مروراً بأمل الذين وفروا له خدمات كان من المفروض أن توفرها الدولة اللبنانية، حتى ارتموا بأحضانه، وبأحضان حاضنه، وهكذا عرفت إيران كيف تلعب اللعبة.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>وفي اليمن، فإن الحوثيين مذهبياً وعقدياً هم أقرب إلى الشيعة الإثني عشرية منهم إلى الزيدية التي لا تعترف بكثير من ثوابت الإثني عشرية (عصمة الأئمة مثلاً)، كما أن الإثني عشرية لا تعترف بإمامة زيد بن علي ابتداء، لدرجة أن البعض صنف الحوثيين منذ القدم بأنهم ليسوا زيديين، بل هم فئة خارجة عنها تسمى "الجارودية"، ولكن هذا ليس مهماً حين تكون السياسة هي حقل النقاش، وللنقاش المذهبي رجاله. </strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt"><strong>السؤال هو: ما الذي يدفع الحوثيين إلى الارتماء في الأحضان الإيرانية، الباحثة عن دائرة من دول شيعية مسيسة تحيط بقلب جزيرة العرب -أي السعودية- من العراق ولبنان شمالاً، إلى تهييج شيعة الخليج شرقاً، فدولة شيعية جنوباً؟</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>ليس للحوثيين مصلحة في فتح جبهة مع الرياض، وأنا أثق بتصريحاتهم في هذا المجال، ولكن لطهران مصلحة في فعل ذلك، ولأجل ذلك يفعلونها، فلماذا يفعلها الحوثيون؟ </strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>الجواب هو: فتش عن الداخل، ففي الداخل دائماً يكمن كل جواب، لا أستطيع التفكير في مسألة الحوثيين دون التفكير في مسألة مظاهرات الانفصال في جنوب اليمن، فكلاهما يلتقيان في نقطة واحدة.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>لقد همشت المناطق الزيدية في شمال اليمن منذ ثورة 1962م، كما همشت مناطق الجنوب منذ حرب الانفصال عام 1994م، وهذه حقائق أرجو أن لا تدفن الرءوس في الرمال لتجاهلها، الزيدية حكمت في اليمن لقرون عديدة وفجأة يجدون أنفسهم من المهمشين، وأهل الجنوب كان لهم دولة مستقلة فإذا بهم رغم التضحيات يجدون أنفسهم أتباعاً رغم التضحيات، فهل إن ارتموا بأحضان هذا أو ذاك نلومهم؟ نعم نلومهم، ولكن نبحث عن السبب أولاً، وذلك كي نجد الحل.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>والحل يكمن في نقطة رئيسية في ظني تشكل الحاضن لكل ما يأتي بعدها من حلول: دولة حديثة تبعدنا عن مفهوم الدولة العربية التقليدية، الدولة في المفهوم العربي التقليدي هي من فعل تداول الأمر، أي أصبح دولة بينهم، أي أنه شأن خاص بفرقة دون فرقة، وهذا أمر يجب تنقيته، فالدولة الحديثة تقوم على العدل والمساواة وحكم القانون في إطار من المواطنة المتساوية، والتعامل مع الفرد على أساس أنه مواطن وكفى من خلال أجهزة ومؤسسات الدولة الحديثة، فإن الفرد والجماعة يستطيع التعبير عن نفسه ومشكلاته بحيث تجد لها في النهاية حلولاً في جو يكفل الحقوق وحرية التعبير عن هذه الحقوق، وبغير ذلك، فإن العنف أو الارتماء في أحضان الغريب مسألة وقت ليس إلا.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"><strong>ظاهرة الحوثيين وأحزاب الله أمور سيعفي عليها الزمن، كما عفى الزمن على فرق الحشاشين وأمثالهم، ولكننا لا نستطيع التأكيد على عدم ظهورها من جديد طالما بقيت الدولة العربية قبلية، فئوية، طائفية، أبعدنا الله وإياكم عن العصبية بكل أنواعها.</strong></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="text-align: left;"> <span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt"><strong>المصدر: الإسلام اليوم</strong></span></p>
التعليقات