موقع البرهان - ملازم حسين الحوثي تحت المجهر [1]

الشيخ/ أبو زيد بن عبد القوي قرأت بعض ملازم حسين الحوثي في السابق، ورأيت أن تطوى ولا تروى بمجرد إطلاعي على عدد قليل منها!! لكن أذهلني إصرار أتباعه في صعده على جعلها منهجاً لهم!! بل وإجبار الناس على قراءتها وتوزيعها في ربوع اليمن!! فشمرت عن ساعد الجد وقضيت الليالي الطوال في البحث والتنقيب، ووضعتها تحت المجهر؛ حتى لا يغتر بها أحد. نفث صدره الموتور فأُلحق بالأخسرين أعمالاً عندما قال في ملزمته "دروس من سورة المائدة - الدرس الثاني (ص:25): "((وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) [المائدة:55] يقول المفسرون الآخرون في تفسير (وهم راكعون): أي: وهم خاشعون, لكن تعال فاقرأها وأنت ممن يدين بولاية الإمام علي عليه السلام، كم ترى فيها من أبواب الهداية من آية واحدة؟ لكن إذا لم يكن أمامك إلا أبا بكر فلا يعطيك القرآن بكله شيئاً، بل تخرُج منه وأنت ضال, تجعل القرآن حرباً لله سبحانه وتعالى, تخرج وأنت تعتقد أن الله سبحانه وتعالى مصدر كل فاحشة وكل ظلم بقضائه وقدره"!! ونعوذ بالله من هذا القول في حق الله!! نعوذ بالله من شره اللسان وفضول الهذر والحقد والغل على سلف الأمة الذي قاده وقاد غيره إلى الوقوع في الباري عز وجل، ونستغفر الله من هذا البهتان الذي لم يتفوه به إنسان إلا الحوثي الذي أفرح الشيطان! عمر أم الحسين؟! هل تعلم أن كل كارثة في الأمة المسئول عنها هو عمر بن الخطاب؟!! كما يقول الحوثي في ملزمته دروس من وحي عاشوراء (ص:6): "سنين طويلة من أيام عمر من أيام الفاروق, الفاروق الذي جعل هذه الأمة تفارق علياً, وتفارق القرآن, وتفارق عزها ومجدها من يوم أن ولى معاوية على الشام, وهو يعلم من هو معاوية.. إذاً كل بلية أصيبت بها هذه الأمة, كل كارثة مرت في هذه الأمة بما فيها كربلاء, إن المسئول الأول عنها هو عمر, المسئول عنها بالأولية هو عمر قبل أبي بكر نفسه, قبل أبي بكر نفسه"!! وقد يأخذك العجب كل مأخذ وتنتظر من الحوثي السبب فيقول بعد كلامه السابق مباشرة: "عمر الذي ولى معاوية الشام سنين طويلة"!! بل يقول بعد ذلك وفي نفس الصفحة: "فهنيئاً لفاروق هذه الأمة هنيئاً يوم يلقى الله فيسأل عن كل حادث حدث في هذه الأمة"!! لكننا -ومن باب الجدل فقط وإثبات مقدار جهله وزيف كلامه- نجري هذه القاعدة على الجميع فنقول: إذا كان عمر ولى معاوية الشام كوالي من الولاة -وما كان معاوية أو غيره من ولاة عمر يجسرون على عصيانه أو مخالفته أو عمل ما يغضبه، بل كان عزلهم أسهل من نزع الخاتم من أصبعه!!- ومع هذا يقول الحوثي بأنه وبسبب تولية معاوية على ولاية الشام "سيلقى الله فيُسأل عن كل حادث حدث في هذه الأمة!!" فماذا أبقى الحوثي للحسن بن علي بن أبي طالب وهو الذي ولى معاوية بن أبي سفيان على جميع الأمة الإسلامية؟!! ولّاه على مصر واليمن وفارس والعراق والشام وخراسان وأذربيجان وليبيا وتونس... إلخ عندما تنازل له بالخلافة عن كل هذه الدول!! مقابل: (ما يمكن من الشروط لتأمين مجتمع أهل العراق) حسب نص الحوثي نفسه في ملزمته "في ظلال مكارم الأخلاق - الدرس الأول (ص:6)، وهل سيقول في الحسن ما قال في عمر؟! أم سيكيل بمكيالين ويزن بميزانين؟! وأين العدل والإنصاف؟! أما نحن فنعلم أن كلامه مجرد صرير باب وطنين ذباب!! كذاب حتى في الشام!! حسين الحوثي كذاب حتى في قضية تولية عمر بن الخطاب الشام لمعاوية بن أبي سفيان، ففي العام السادس عشر من الهجرة كان "نائبه على مكة عتاب وعلى الشام أبو عبيدة بن الجراح، وعلى العراق سعد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى اليمن يعلى بن أمية على اليمامة والبحرين العلاء بن الحضرمي..." [البداية والنهاية 7/70] فهؤلاء هم كبار ولاة عمر في تلك السنة، وكان على الشام أبو عبيدة بن الجراح حتى توفي في العام 17هـ، فقسم الخليفة الإمام عمر بن الخطاب الشام إلى أقسام وأمّر معاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها، [المصدر السابق 7/75] فعمر لم يولِّ معاوية على سوى دمشق بعد وفاة يزيد بن أبي سفيان والي دمشق: "ولما مات كان قد استخلف أخاه معاوية على دمشق فأمضى عمر بن الخطاب له ذلك رضي الله عنهم" [المصدر السابق 7/91] فأين دمشق وخراجها من الشام بكلِّها؟ وعلى العموم: فالحوثي إنما ينشر هذه الأكاذيب لعلمه أن أتباعه لا يفقهون ولا يبحثون ولا يقرءون، وبالتالي سينمو الغل والحقد الذي زرعه الحوثي في صدورهم، ثم يتفجر في وجه العسكر وغيرهم من بني البشر. أكذب من الحوثي: لا يوجد أكذب من حسين الحوثي في قصة تولية عمر لمعاوية على الشام إلا ذلك الكذاب الذي زعم أن الفاروق بن الخطاب قد أحكم التخطيط ونسج الخيوط التي تحول بين أهل البيت والخلافة بتوليته الشام لمعاوية!! بل زعم -لا بارك الله فيه- أن المؤامرة حِيكت منذ اليوم الأول للفاروق في الخلافة!! ولكي نثبت كذبه نسوق ما جاء في الكامل لابن الأثير (2/392): "ولما هلك يزيد بن أبي سفيان استعمل عمر أخاه معاوية بن أبي سفيان على دمشق وخراجها" وللتأكيد أيضاً فقد جاء في تاريخ اليعقوبي الشيعي (2/42): "ومات يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة فأقر عمر معاوية على عمل يزيد" لكن الكذاب يكذب ويزيد ويزيد وتلك عادة كل مفتر بليد. لماذا يكره الحوثي عمر؟ راعني ذلك الغل والحقد والافتراء والكذب في ملازم حسين الحوثي على عمر بن الخطاب!! ورحت أفتش عن أسباب كره الحوثي للفاروق الإمام عمر بن الخطاب فوجدتها كثيرة، ومنها على سبيل المثال: 1- إخراج اليهود: قام الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بإخراج اليهود من الجزيرة العربية صاغرين أثناء خلافته، وأكتفي بما جاء في كتاب الشيعي اليعقوبي تاريخ اليعقوبي (2/47): "وأخرج عمر يهود خيبر من الحجاز لما قتل مظهر بن نافع الحارثي، وقال: سمعت رسول الله يقول: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان. وقسم خيبر على ستة عشر سهماً" فاليهود يكرهون الفاروق بن الخطاب؛ لأنه أخرجهم من خيبر، فهل الحوثي غضبان من عمر لذلك أم له أسباب أخرى نذكرها في باقي الفقرات؟ 2- الفتوحات العظيمة: فتوحات عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي لا مثيل لها!! وإسقاطه للإمبراطورية الفارسية المجوسية!! وإذلاله للإمبراطورية الرومانية وإخراجها مذمومة مدحورة من الشام!! وسأنقل بعضها على عجل من كتاب تاريخ اليعقوبي للشيعي أحمد اليعقوبي المجلد الثاني ففي (ص:29): "وأقبلت الروم، فكان أول من لقيهم خالد، فهزم الله الروم" ويقول في (ص:30) عن معركة اليرموك: "وكانت وقعة جليلة الخطب فقتل من الروم مقتلة عظيمة وفتح الله على المسلمين" وأما هزائم الفرس فتطول، نكتفي بما قال اليعقوبي عن معركة القادسية في (ص:34) من كتابه: "وزحف المسلمون، وأصبحوا في اليوم الرابع وللمسلمين علوم، وقُتل رستم... وقتل منهم مقتلة عظيمة، وانكشفوا مدبرين، وجمعت الأموال والأسلاب، وبيع سلب رستم... ونفرت جميع الفرس إلى المدائن - عاصمة الفرس- منهزمين لا يلوون على شيء، ويزدجرد الملك بها، فأتبعهم سعد بن أبي وقاص بالمسلمين فحاصرهم شهراً وخمسة عشر يوماً، ثم خرج الفرس هاربين وفتحت المدائن" وحسين الحوثي يبكي على فتح المدائن إلى اليوم، وإلا ما الذي فعله عمر بن الخطاب غير هذه الفتوحات التي لا مثيل لها على مدى الأزمان؟ هل تريدون المزيد من فتوحات عمر؟ أقول: نحتاج إلى مئات وآلاف الصفحات، فقد وقعت في خلافة عمر بن الخطاب معارك -سنفرد لها بحثاً إن شاء الله تعالى- غيَّرت وجه العالم إلى الأبد، وأصبحت الكلمة العليا للمسلمين في كل مكان، وأصبحت الدولة الإسلامية أقوى وأكبر دولة في العالم، تصديقاً لقوله تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) [التوبة:33] ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً)) [الفتح:28]، والحوثي قد أغضبه وأقضَّ مضجعه كل هذه الانتصارات، وإلا لماذا يكره عمر بن الخطاب. 3- عمر يتزوج أم كلثوم بنت علي: من أكبر الأسباب التي جعلته يكره الفاروق عمر بن الخطاب هو مصاهرته وزواجه بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. ننقل تاريخ هذا الزواج من الشيعي اليعقوبي صاحب كتاب تاريخ اليعقوبي (2/40) حيث يقول: "وفي هذه السنة –أي: سنة 17هـ- خطب عمر إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم بنت علي, وأمها فاطمة بنت رسول الله, .... فتزوجها" بل وقتل واستشهد وأم كلثوم في ذمته، كما جاء في كتب الشيعة الاثنى عشرية الأصلية المعتمدة، فقد جاء في كتاب الكافي - المجلد السادس – (ص:117) باب: المتوفى عنها زوجها, المدخول بها, أين تعتد؟ وما يجب عليها؟ ما نصه: "عن عبد الله بن سنان, ومعاوية بن عمار, عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها: أتعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت, إن علياً عليه السلام لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته" وهذه الرواية بنفس النص موجودة في كتاب الاستبصار (3/472) ورقمها (1257)، وهو من مصادرهم الأربعة المعتمدة: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه!! والرواية الأخرى وفي نفس الصفحة تأكيداً للأولى في الكافي، تقول ما نصه: "عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة توفي زوجها: أين تعتد, في بيت زوجها تعتد أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت, ثم قال: إن علياً عليه السلام لما مات عمر أتى أم كلثوم، فأخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته" وهي بنفس النص في الاستبصار: (3/472) ورقمها (1258)، وأمر هذا الزواج متواتر مشهور في كتب الأنساب والتاريخ وغيرها, ولكني آثرت أن أنقل الروايات الأربع من مصدرين معتمدين من مصادرهم الأربعة وهي الكافي والاستبصار؛ حتى لا يبقى للشك متسع وللجدال مرتع. لكن يبقى السؤال الهام: لو كان عمر بن الخطاب كما يقول الحوثي فلماذا زوّجه علي بن أبي طالب بابنته أم كلثوم شقيقة الحسن والحسين؟ ومن نصدق: علي بن أبي طالب الذي طبق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه) أم حسين الحوثي الموتور على هزائم المدائن ونهاوند وغيرها؟ 4- الوعد الحق: وعد الله عز وجل الصحابة رضي الله عنهم بالنصر والتمكين، وقد تحقق هذا النصر والتمكين في خلافة الخلفاء الراشدين؛ مصداقاً لقوله تعالى: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) [النور:55]، والآية واضحة وجلية، ففيها وعد من الله عز وجل بالاستخلاف والتمكين في الأرض للصحابة في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تحقق هذا الوعد بعد معارك دامية انتصر فيها الحق وزهق الباطل، وانتشرت خيول المسلمين في كل ميدان لنشر الإسلام، وفر من أمامهم كل عربيد رعديد، ورفرفت راية الله أكبر في أرجاء المعمورة مظفرة منصورة، وإثباتاً بأن الصحابة هم من: ((الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) وقد وعدهم الله بالاستخلاف وتمكين دينهم الذي ارتضى لهم: ((لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ)) وذكر من فضائلهم أنهم يعبدونه عز وجل ولا يشركون به شيئاً، وقد أطفئوا نار المجوس وأخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولا ذنب لهم عند حسين الحوثي إلا هذا!! ومن كان يبغضهم فإنما يبغضهم لانتشار الإسلام على أيديهم، ولقضائهم على عبادة الأوثان والصلبان والنيران! المصدر: جريدة الواقع.