المدخل المنهجي في التعامل مع جيل الصحابة [1-4]
مدير الموقع
الأحد 25 مارس 2012 م
<p align="right" class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-ALIGN: left"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 12pt">سلطان بن عبد الله العمري</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">يمثل الصحابة -رضي الله عنهم- الجيل الأول من دعوة الإسلام، ويكونون اللبنة الأولى التي قام عليها الدين الختام للأديان.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وبالتالي فهم بالضرورة يتمتعون بالخواص التي تتمتع بها الأجيال الأولى من الدعوات العملاقة، وتتصف بها اللبنات الأساسية فيها.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">فالمستقرئ لمسيرة التاريخ السحيق لنشوء الدعوات الدينية يجد أن النماذج الأولى التي انبنت عليها تتصف بخواص لا توجد في غيرها من الأجيال اللاحقة، ويؤكد المفكر المصري: إبراهيم مدكور هذه الملاحظة فيقول عن الدعوات الدينية: "تقوم إبان نشأتها على معتنقين اتجهوا نحوها بقلوبهم وتفانوا فيها بأرواحهم" </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[في الأخلاق والاجتماع 26]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 13pt">ومن أبين تلك الخواص خاصيتان:</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">الأولى:</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> الصدق الإيماني، فالجيل الأول عادة يكون أصدق الأجيال في الأخذ بمبادئ الدعوة، وأعمق إيماناً بأصولها، وأشد تفانيا في الأخذ بقيمها.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">والثانية:</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> العمق الإدراكي، فالجيل الأول عادة يكون أوسع الأجيال إدراكاً لحقيقة الدعوة، وأعمق تصوراً لأحكامها، وأكثر خبرة بتفاصيلها.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ومستند تلك الخواص يرجع إلى أن الجيل الأول يعيش حالة الانبثاق الأولى للدعوة، ويشعر بلذة الإحساس بحالة الانتقال إليها، ويعايش مؤسس الدعوة ومرشدها الأول، ويشاهد اللحظات الأولى من ولادتها وبنائها، ويبصر تطوراتها وأحوالها وملابساتها، ويعاني من مصاعب تأسيسها وويلات نشرها ومتاعب الدعوة إليها وإقناع الناس بها، وبالتالي سيكون ولاؤه لها في غاية الشدة، وحبه إياها في نهاية المحبة، وإدراكه لحقيقتها في منتهي الوضوح.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وإذا كان هذا الأمر عاما تشترك فيه كل الأجيال الأولى من كل دعوة، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- يفوقون غيرهم في تلك الخواص، فهم أصدق جيل عرف في التاريخ في التمسك بمبادئ دعوته، وهم أعلم جيل عرف في التاريخ في الإدراك لأصول ما آمن به، فليس في الأمة المحمدية ولا في غيرها من الأمم مثل الصحابة في الصدق الإيماني وفي العمق الإدراكي، فقد حازوا قصبات السبق وارتقوا أعلى المعالي، وفي تأكيد هذا التفوق يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: green; FONT-SIZE: 13pt">«خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[البخاري:3650]<b>، والخيرية هنا مطلقة تشمل كل خيرة، الخيرة الدينية والخيرة العلمية.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وفي تصوير حال الصحابة في الخيرية يقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: "كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم" ويؤكد عبد الله بن مسعود ذلك الوصف فيقول: "إن الله -تعالى- نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- خير القلوب، فاصطفاه لنفسه واستخلصه، وانبعث بالرسالة، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- فوجد قلب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، يقاتلون على دينه".</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وهذا التوصيف متعلق بمجمل جيل الصحابة، وليس المراد منه التوصل إلى القول بعصمة الصحابة من الوقوع في المعاصي والذنوب، فهم ليسوا معصومين من ذلك، وليس المراد التوصل إلى القول بعصمتهم من الوقوع في الخطأ العلمي، وإنما غاية المراد بذلك القول بأن الصحابة لم يقع منهم ما يخرم القيم الإسلامية الكبرى ولا ما يتناقض أصوله الظاهرة، ولم يقع من أحدهم ما يعد خطأ منهجياً في الاستدلال، بل أكثر الأقوال التي خالف فيه أحدهم الكتاب والسنة راجعة إلى عدم علمه بالنص الشرعي لا إلى طريقته الاستدلالية، وأقلها راجع إلى خطئه الجزئي في فهم النص المعين.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 13pt">المؤكدات الشرعية:</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وهذا ما يفسر لنا كثرة الثناءات الشرعية التي جاءت في حق الصحابة -رضي الله عنهم-، فالقارئ للقرآن الكريم وللسنة النبوية، تستوقفه عشرات النصوص التي تضمنت مدح الصحابة والإعلاء من شأنهم، وقد جاءت في سياقات مختلفة ومشاهد متنوعة:</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">فالقرآن تارة يمتدح الصحابة على مواقفهم المشهودة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في قوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِين وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَام * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَان))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[الأنفال:9-12]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة ينوه على جهادهم وبذلهم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما في قوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[التوبة:89]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة يصرح برضى الله عنهم ويظهر ما في قلوبهم من الرضى عن الله، كما في قوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رضي الله عنهم وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[التوبة:100]<b>، وكما في قوله تعالى: <span style="COLOR: blue">((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا))</span> </b>[الفتح:18]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة يخبر بصدقهم ويلفت الأنظار إلى تضحيتهم وبذلهم، كما في وقوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[الحشر:8-9]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة يشير إلى أن لهم أمثالاً مضروبة في كتب الأمم السابقة كالتوراة والإنجيل، كما في قوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[الفتح:29]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة يصرح بتحقق توبة الله عليهم ونزول رحمته بهم، كما في قوله تعالى: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt">((لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيم))</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[التوبة:117]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وتارة يعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن صحابته أمنة لأمته وحفاظ لها، وأنهم لأمته كالنجوم للسماء، كما في قوله: </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: green; FONT-SIZE: 13pt">«النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتي السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتى ما يوعدون»</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt"> </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">[مسلم:2531]<b>.</b></span></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">والتزكيات البليغة للصحابة في نصوص الشريعة مستفيضة بدرجة عالية، وكلها تؤكد على مدى العمق الإيماني الذي كان الصحابة يتمتعون به وعلى الصلابة الدينية التي اتصفوا بها وعلى العمق الإدراكي التي توصلوا إليه.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ومن المستبعد عقلاً أن تأتي تلك الثناءات في حق أقوام مصابون بالضعف في التمسك بقيم الإسلام، أو يتصفون بالليونة في الأخذ بتعاليم دينهم وقيمه، أو يعانون من السطحية الإدراكية لحقيقته، فهل من المقبول عقلاً أن يكثر الله - تعالى- من الثناء على الصحابة في القرآن وهو يعلم أنهم غير صادقين في دينهم أو غير صارمين في التمسك به أو غير مدركين لحقيقة أصوله؟! </span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وهل من المقبول عقلاً أن يثني الله عليهم بذلك الثناء وهو يعلم أنهم سينقلبون على تعاليم دينه وسيتخلون عن قيمه وأصوله بعد موت رسوله ويعودون إلى قيم الجاهلية؟!</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">إن إمكان حدوث ذلك من أكبر القوادح في بيان القرآن، ومن أفتك الخروقات التي تنخر في هدايته وإرشاده للخلق، ومن أعظم ما يصرف الناس عن قبول أحكامه والرجوع إليه.</span></b></p> <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">بل إمكان حدوث ذلك سيفتح الباب أمام الباطنية القديمة والمعاصرة الذين أولوا المعاني الكبرى في القرآن، كالصلاة والزكاة والصيام والحج بمعاني مختلفة تماما عن المراد منها وعما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيقولون: إذا جاز أن تكون تلك الثناءات الكثيرة التي جاءت في القرآن على الصحابة ليست تأكيداً على إيمانهم ولا على صلابة تدينهم ولا على عمق علمهم، وأنها جاءت في حق أناس سينقلبون على ما أظهروه بعد موت نبيهم، فإنه يجوز لنا أن نؤل المعاني المستفيضة على غير ظاهرها.</span></b></p> <p align="right" class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-ALIGN: left"> <b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 12pt">المصدر: المختار الإسلامي.</span></b></p>
التعليقات