<p align="right" class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-ALIGN: left">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 12pt">سلطان بن عبد الله العمري</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt">الدلائل العقلية والحالية:</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ويدلل على صحة تفوق الصحابة في خواص الأجيال الأولى دلائل عديدة من العقل والواقع، ومن تلك الدلائل:</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt">الدليل الأول:</span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 14pt"> </span><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">الارتباط الروحي والمعاشي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فالتاريخ يكشف لنا بصورة قاطعة مدى ارتباط الصحابة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حياتهم، فقد كانوا محيطين به لا يفارقونه في حضر أو سفر ويلازمونه في المسجد وفي البستان ويلتقون به في كل يوم لا يغيب عنهم ولا يغيبون عنه، وهذا الارتباط من أقوى الأدلة العقلية والواقعية التي تدل على منزلة الصحابة في فهم الدين وعلى عمق إيمانهم بقيمه وأصوله وشرائعه وعلى صلابة تدينهم وتمسكهم به؛ لأن الله -تعالى- اختار لخاتم أديانه وأكملها وأوسعها أكمل الخلق في المؤهلات المستوجبة لتبليغ الدين العظيم وغرسه في قلوب الناس ومشاعرهم، فهو -صلى الله عليه وسلم- أعلم الناس بالدين وبلغة العرب وهو أفصح الناس في البيان وهو أنصح الناس للناس وأحرصهم على الهداية، وهذه الأوصاف الثلاث متوفرة فيه في غاية الكمال.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وفي شرح هذه الكمالات وغيرها يقول ابن تيمية: "معلوم للمؤمنين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلم من غيره وأنصح من غيره للأمة وأفصح من غيره عبارة وبياناً، بل هو أعلم الخلق بذلك، وأنصح الخلق للأمة، وأفصحهم، فقد اجتمع في حقه كمال العلم والقدرة والإرادة.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ومعلوم أن المتكلم أو الفاعل إذا كمل علمه وقدرته وإرادته كمل كلامه وفعله، وإنما يدخل النقص إما من نقص علمه، وإما من عجزه عن بيان علمه، وإما لعدم إرادته البيان.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">والرسول هو الغاية في كمال العلم والغاية في كمال إرادة البلاغ المبين والغاية في قدرته على البلاغ المبين" </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 12pt">[الفتاوى 5/31]</span><b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وفضلاً عن ذلك ما وهبه الله من الكمالات التي اتصف بها والمواهب الإلهية التي تفيض عليه جراء اتصاله بالوحي الرباني، وهذا الأحوال تستوجب على المحيطين به الاستغراق في التفاني في محبته، والتعلق به والاندماج في التأسي بما بنصائحه وتوجيهاته، وقد وصف عروة بن مسعود يوم كان مشركاً حب الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمهم له فقال: "والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً -صلى الله عليه وسلم-" </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 12pt">[مسند الإمام أحمد 18928]</span><b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وهذا التأثير يعد من الكرامات الإلهية التي اختص الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وقد اعترف به القاضي والداني، وفي توصيفه، يقول حسن البنا: "تأثير النبي -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه لم ير التاريخ مثله في وقت من أوقاته ولا صفحة من صفحاته، وما رأت الدنيا جماعة من الجماعات سارت على هدى نبيها واتبعت سنة قائدها كتلك الجماعة المؤمنة المخلصة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-"، ويقول ول ديورانت وهو من أصحاب الانطباعات غير الجيدة عن الإسلام ونبيه، ومع هذا يقر بالعظمة التأثيرية للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر قلنا: إن محمداً كان من أعظم عظماء التاريخ، فلقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحاً لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله" </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 12pt">[قصة الحضارة 13/47]</span><b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ويسجل مستشرق آخر تأكيده على القوة التأثيرية للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول هارث: "إن اختياري لمحمد ليكون في رأس القائمة التي تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمي في مختلف المجالات ربما أدهش كثيراً من القراء.. ولكن في اعتقادي أن محمداً كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والسياسي </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 12pt">[قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل 145]</span><b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمتلك تلك القوة التأثيرية نتيجة الكمالات والمواهب الإلهية التي حلت به، فإنه من المستبعد عقلاً وذوقاً ومنطقاً ألا يستطيع أن يؤثر في من عاش معه ولازمه في حياته وأسفاره وحروبه، ولا يستطيع أن يغرس فيهم قيم الدين وأصوله والتقبل لشرائعه وينتزع من نفوسهم مبادئ الجاهلية.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">فالمنسجم مع العقل السليم والمتوافق مع المنهجيات التحليلية المنضبطة أن يكون تأثيره فيهم أبلغ تأثير وتغييره فيهم أعمق تغيير.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ومن المستبعد عقلاً وذوقاً ومنطقاً أن يكون المؤمن الصادق الذي ارتبط ارتباطاً معاشياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وسمع خطبه وتوجيهاته مباشرة وشاهد سيرته بالعيان وعاشها بالإبصار ضعيف التمسك بدينه وقيمه، ومن المستبعد في العقل السليم أن يكون من عاش مع النبي -صلى الله عليه سلم- وعرف طريقة حديثه وكيفية بيانه ضعيف الإدراك لحقيقة ما جاء به من الدين مع ذلك الكمال في الفصاحة والنصح والبيان، فكيف يستقيم في العقل أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنزلة العالية من الكمال وفي القمة المرتفعة من التأثير والبلاغة والفصاحة ثم مع ذلك لا يؤثر في من ارتبط به ولازمه وعاش معه سنوات عديدة.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">فإن من عايش شخصاً كاملاً كالنبي -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يتأثر به غاية التأثر ويتشرب مبادئه غاية التشرب، وتفتح عليه مغاليق العلم، فإذا كانت شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- تؤثر في المستمعين لها وتحدث أثر بالغاً في المطلعين عليها عن طريق القراءة، فكيف بمن عاش معه وسافر معه وأكل وشرب معه وحارب معه وصلى خلفه واستمع إلى قراءة القرآن منه مباشرة وجالسه وصادقه؟! ألا يدل العقل السليم على أنه أولى بالتأثر من غير؟!</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وقد حلّقَ أبو الحسن الندوي بقرائه وارتفع بأذواقهم في وصف تأثير النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحابة فقال: "الرسول -صلى الله عليه وسلم- يغذِّي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ويخضعهم أمام رب العالمين خمس مرات في اليوم عن طهارة بدن وخشوع قلب وخضوع جسم وحضور عقل، فيزدادون كل يوم سمو روح ونقاء قلب ونظافة خلق وتحرراً من سلطان الماديات ومقاومة للشهوات ونزوعاً إلى رب الأرض والسموات... ولم يزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يربيهم تربية دقيقة عميقة. </span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">ولم يزل القرآن يسمو بنفوسهم ويذكي جمرة قلوبهم. ولم تزل مجالس الرسول -صلى الله عليه وسلم- تزيدهم رسوخاً في الدين وعزوفاً عن الشهوات، وتفانياً في سبيل المرضاة، وحنيناً إلى الجنة، وحرصاً على العلم وفقهاً في الدين ومحاسبة للنفس. يطيعون الرسل في المنشط والمكره. وينفرون في سبيل الله خفافاً وثقالاً. قد خرجوا مع الرسول للقتال سبعاً وعشرين مرة في عشر سنين. وخرجوا بأمره لقتال العدو أكثر من مائة مرة. فهان عليهم التخلي عن الدنيا وهانت عليهم رزيئة أولادهم ونسائهم في نفوسهم. ونزلت الآيات بكثير مما لم يألفوه ولم يتعودوه. وبكل ما يشق على النفس إتيانه في المال والنفس والولد والعشيرة فنشطوا وخفوا لامتثال أمرها... لقد كان هذا الانقلاب الذي أحدثه -صلى الله عليه وسلم- في نفوس المسلمين وبواسطتهم في المجتمع الإنساني أغرب ما في تاريخ البشر، وقد كان هذا الانقلاب غريباً في كل شيء: كان غريباً في سرعته، وكان غريباً في عمقه، وكان غريباً في سعته وشموله، وكان غريباً في وضوحه وقربه إلى الفهم" </span></b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 12pt">[ماذا خر العالم بانحطاط المسلمين 102-104]</span><b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt">وهذا كله يجعل من المستبعد عقلا وواقعا أن يوجد أحد أصدق من الصحابة في التمسك بالإسلام أو يوجد أحد أعلم من الصحابة في إدراك حقيقة دين الإسلام ومعرفة أحكامه وتفاصيله.</span></b></p>
<p align="right" class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-ALIGN: left">
<b><span lang="AR-SA" style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 12pt">المصدر: المختار الإسلامي.</span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="rtl" style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">
</p>