تاريخ الشيعة
مدير الموقع
الإثنين 2 يوليو 2012 م
<p style="TEXT-ALIGN: left" dir="rtl" class="MsoNormal" align="right"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red" lang="AR-SA">أ. طاهر العتباني</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">على الرَّغم من أن الخطَّ العام للتاريخ الإسلامي هو الخطُّ السُّنِّي، سواءٌ في الدولة الأمويَّة، أو الدولة العباسية، أو الدول التي تفرَّعت عن الدولة العباسية، أو الدَّولة العثمانية التي جَمَعَتْ أكبرَ عددٍ من المسلمين تحت لوائها، إلاَّ أن المَدَّ الشيعيَّ الذي تَمَثَّل في الحركات التي قام بها الشيعة تحت قيادة بعض رجال أهل البيت أو غيرهم، هذا المدُّ قد استطاع في فترات تاريخية أن ينشئ دُوَلاً اقتربت من الخَطِّ العام للتاريخ الإسلامي كما في دولة الأدارسة، أو ابتعدت وشَطَّت في تشيُّعِها كما في دولة القَرَامِطَة ودولة العُبَيْدِيِّين أو دولة الصَّفويِّين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفي هذا الباب نتناول:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أولاً: الحركات التي تنتسب إلى التشيُّع.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثانيًا: الدُّوَل الشيعية التي قامت على مَدَار التاريخ الإسلامي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">الفصل الأول: الحركات التي تنتسب إلى التشيُّع:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كَثُرت الثورات والحركات التي قام بها الشيعة في مواجهة كلٍّ من الدولَتَيْن: الأموية والعباسية، وأغلب هذه الثورات أو الحركات كان يقودُها رجالٌ من أهل البيت من ذُرِّية الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- فلقد كان الحسين بن علي غيرَ راضٍ عن الصُّلح الذي وقع بين أخيه الحسن وبين معاوية بن أبي سفيان، وظلَّ ينتظر الفرصةَ للثورة في وجه السُّلطة الحاكِمَة في الدَّوْلة الأموية؛ فثار في وجه يزيد بن معاوية بعد أن رَفَضَ ولايته للعهد، ورَفَضَ مبايعته بعد وفاة الخليفة معاوية بن أبي سفيان.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كذلك كانت ثورة المُخْتَار الثَّقَفِي الذي لم يَكُن من أهل البيت؛ ولكنَّه رَكِب موجةَ التشيع والثأر للحسين، وحارَبَ كلاًّ من الدولة الأموية والزبيريين، حتى استطاع الزبيريون القضاء عليه في معركته ضِدَّ مصعب بن الزبير.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثم في آخر العهد الأموي كانت ثورةُ زيد بن علي بن الحسين الذي بايَعَه أهلُ الكوفة، ثم انفَضُّوا عنه؛ لأنه صارَحَهم برأيه في أبي بكر وعمر فرفضوه، فأطلق عليهم لقبًا عُرِفَ به الشيعة وهو (الرافضة).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ومع انتقال السلطة إلى العباسيِّين الذين عاوَنَهم العَلَوِيُّون في حركتهم ضِدَّ الأمويِّين، ثم تَنَكَّروا لهم من بعد قيام الدَّوْلة، فكان مِمَّن ثار عليهم محمدُ (النَّفْس الزكيَّة) في ثورة عُرِفَتْ باسمه، كذلك كان مِمَّن ثار على العباسيين في أيام موسى الهادي بن المهدي: الحسينُ بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي نازَل العباسيين في موقعة (فخ) قُرْبَ مكة، وكان مِمَّن نجا في هذه المعركة إدريسُ بن عبد الله بن الحسن الذي هرب إلى مصر ومنها إلى المغرب الأقصى، حيث استطاع إقامةَ دولة الأدارسة التي دامت قَرْنَين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">على أنَّ هناك ثورات أخرى مُتَفَرِّقة هنا وهناك ولكنَّا آثَرْنَا أنَّ نعرِضَ لأكثر هذه الثورات شهرةً على النحو التالي:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أولاً: ثورة الحسين بن علي في عهد يزيد.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثانيًا: ثورة المختار الثقفي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثالثًا: ثورة زيد بن علي في عهد هشام بن عبد الملك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">رابعًا: ثورة محمد (النفس الزكية) في عهد المنصور.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">خامسًا: ثورة الحسن بن علي المُلَقَّب بالمثلث في عهد موسى الهادي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الأول: ثورة الحسين بن علي بن أبي طالب:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم يَقُم الشيعة بأي ثورة ضِدَّ معاوية بن أبى سفيان طوال مدة خلافته (41 - 60 هـ)، وإنَّما اندلعت أولى ثوراتهم بقيادة الحسين بن على في خلافة يزيد بن معاوية، بعد أن رَفَضَ الحسينُ بيعةَ يزيد، وكان قد رَفَضَ من قبل تعيينه وليًّا للعهد في زمن أبيه، اعتَصَم الحسين بمكَّة المكرمة، وهناك توالَت عليه رسائل أهل الكوفة يطلُبون منه الحضور إليهم؛ ليبايعوه بالخلافة، فاستجاب لهم على الرَّغم من تحذير ابن عباس -وهو من أقرب الناس إليه- من الذَّهاب إلى العراق؛ لأنها دعوةُ مَنْ لا أمان أو عهد لهم، وقد خَذَلَ أهلُ العراق أباه من قبل، لكنَّه أَصَرَّ على الذَّهاب، وأرسل -قبل أن يتحرَّك- ابنَ عمه مسلم بن عقيل بن أبى طالب إلى الكوفة؛ ليستطلع الأمرَ، ويكتب له بحقيقة الموقف هناك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وصل مسلمُ بن عقيل إلى الكوفة، فاستقبله الناس بحماسٍ شديد وبحفاوة بالغة، وبايَعه منهم نحو ثمانية عشر ألفًا، فانخدَع بهم بعد أن تغافل النُّعمان بن بشير والى الكوفة عنه، فكتب إلى الحسين يطمئنه، ويطلب منه الحضورَ إلى الكوفة، ولمَّا عَلِمَ يزيدُ بما فعله مسلم في الكوفة، اضطر إلى عزل النُّعمان بن بشير عن ولايتها لتغاضيه عمَّا يقوم به مسلم بن عقيل، وولَّى مكانه عبيد الله بن زياد، فحضر على الفور، وقَبَضَ على مسلم وقتله بعد أن انفضَّت عنه الآلاف التي تجمَّعت حوله من أهل الكوفة، وتركوه يلقى مصرعه وحده.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفى أثناء هذه الأحداث المتلاحِقَة كان الحسين في طريقه إلى الكوفة، فلما وَصَلَتْه أخبار مسلم، وتخاذُل الكوفيين عنه، قرَّر العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم أَصَرُّوا على مواصلة السَّيْر؛ طلبًا لثأر أخيهم، فلم يجد الحسين بُدًّا من مُطَاوَعَتِهم، وكان هذا من الأخطاء الكبيرة، فالذي قتل مسلمًا دولةٌ لا فرد، وليس في استطاعتهم -وهم قِلَّةٌ في عددهم- التصدِّي للدولة، فقد كانوا نحو سبعين رجلاً.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">واصل الحسين سَيْرَه حتى بلغ كربلاء بالقرب من الكوفة، فوجد جيشًا كبيرًا في انتظاره بقيادة عمر بن سعد بن أبى وقَّاص يزيد عددُه عمَّا معه من أفراد بنحو خمسين مرَّة، وعسكرت القُوَّتان دون تكافؤ بينهما في القوة، فعرضَ الحسين على عمر بن سعد ثلاثةَ حلولٍ للخروج من هذا المأزِق، إمَّا أن يتركه يعود إلى مكة، وإمَّا أن يتركه يذهب إلى ثغرٍ من ثغور الإسلام فيجاهد في سبيل الله، وإما أن يدعه يذهب إلى دمشق لمقابلة الخليفة يزيد بن معاوية ويضع يده في يده، وكانت هذه الخطوة من الحسين -رضى الله عنه- طيِّبَةً؛ لأن ذلك معناه أنه أنهى ثورته وجنح إلى السلام، كما سُرَّ بهذه الخطوة عمر بن سعد؛ لأنه لم يكن راغبًا في مواجهة الحسين، ولكن عليه أن يستشير عبيد الله بن زياد، فهو الوالي وصاحب القرار، فرحَّب بالفكرة لأوَّل وهلة؛ لأن فيها حَقْنَ الدماء، وبخاصَّةٍ دم الحسين حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أن شيطانًا من شياطين الإنس يُدعى شمر بن ذي الجوشن أشار على ابن زياد ألاَّ يقبل من الحسين إلاَّ أن يُسَلِّم نفسه باعتباره أسيرَ حرب، وأن يرسلَه بهذه الصِّفة إلى الخليفة يزيد بن معاوية في دمشق.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان من الطبيعي أن يرفض الحسين بن على هذا الطلب، فالموت عنده أهون عليه من هذا كما قال هو نفسه، ولو أنَّ مُشْرِكًا أو ذميًّا كان في مكان الحسين، وعرَض عليهم هذه الحلول السلميَّة لكان عليهم قبولُها، لكنَّ ابن زياد خضع لهذه الفكرة الشيطانية، ورفَضَ الحسين تسليمَ نفسه أسير حرب، فدارت معركةٌ غير متكافئة بين الفريقين في كربلاء (في العاشر من المحرم سنة 61 هـ)، استُشْهِد فيها الحسين -رضي الله عنه- وقُتِلَ من كان معه من أهل بيته، ولم ينجُ من القتل إلا ابنه علي الملقب بزين العابدين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الثاني: ثورة المختار الثقفي</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">يُعَدُّ المُخْتَار بن أبي عبيد الثقفي من الشخصيات التي كانت تسعى إلى السلطة بأيِّ ثمن، تقلَّب من العداء لآل البيت، إلى الاتِّصال بعبد الله بن الزبير حين أعلن نفسه خليفة سنة (64 هـ)، فلمَّا لم يَجِد تجاوُبًا منه، انطلق إلى الكوفة التي كانت تموجُ بالفَوْضَى بعد هزيمة التَّوَّابين فادَّعى أنه جاء مندوبًا من عند محمد بن على بن أبى طالب، المشهور بابن الحنفية للمطالبة بدم الحسين والأخذ بثأره.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ولم يكنِ المختارُ صادقًا في دعواه، وإنَّما هداه تفكيرُه الانتهازي إلى استخدام مأساة الحسين ذريعةً للوصول إلى مطالبه، وكان الشيعةُ في تلك الفترة يفتقِرُون إلى الزَّعامة بعد مقتل سليمان بن صُرَد الخُزَاعي، فلمَّا وجدوا المختار -وكان بارعًا في الحِيَل وخداع الناس- التفُّوا حولَه وأسلَمُوا له القيادة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ازداد نفوذ المختار بعد أن حالَفَه التوفيقُ فانتصر على جيشٍ أموي، وقتل قائده عبيد الله بن زياد في معركة عند نهر (الخازر) بالقرب من الموصل سنة (67 هـ)، ولمَّا كان ابن زياد يُعَدُّ المسئول الأول عن قتل الحسين في كربلاء، فقد دعم مقتله المختار، وزاد من ثقة الشيعة به ووقوفهم خلفه، فاستفحل أمره، وعَظُم شأنه، واتَّسع نفوذُه، وقامت له دولة في الكوفة، اتَّسعت رقعتها لتشمل معظم العراق.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم يَنْعَم المختار بدولته طويلاً، فقد أزعج صعودُ أمره آل الزبير في مكة، وعبد الملك بن مروان في دمشق، فأرسل عبد الله بن الزبير أخاه مصعبًا بجيش ضخم، قضى به على المختار في سنة (67 هـ)، وانتهت بذلك حركةُ واحدٍ من كبار المغامرين المُتَطَلِّعين إلى السلطة في العصر الأموي، ولم تنفعه مزاعمه وادِّعاءاته حب آل البيت والثأر لقتلاهم، فقد انكشفت حِيَلُه، وتَخَلَّى عنه الشيعةُ وأسلموه إلى مصيره المحتوم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الثالث: ثورة زيد بن علي</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">مَضَتْ فترةٌ امتدت إلى أكثر من نصف قرن، منذ مصرع المختار الثقفي سنة 67 هـ، دون أن يقوم الشيعةُ بأيَّةِ ثورةٍ ضدَّ الدولة الأمويَّة، بسبب الضَّرَبات المُتَلاَحِقَة التي حاقَتْ بهم، وافتقارهم إلى الزَّعامة القوية التي تقودهم؛ لأن على بن الحسين -وهو الوحيد الذي نجا من مذبحة كربلاء- كان عازفًا عن الاشتغال بالسياسة، محبًّا للعلم مُتَفَرِّغًا للعبادة، غير أن ابنه زيد بن على -وكان عالمًا فاضلاً- حدَّثته نفسُه بالخلافة، ورأى أنه أهلٌ لها، وعرف أهل الكوفة منه ذلك، فزيَّنوا له الثورةَ على بني أمية، وقالوا له: إنَّا لنرجو أن تكون المنصورَ، وأن يكون هذا الزمان الذي يهلك فيه بنو أمية، تَشَكَّك زيدُ بن على في صدق نيَّتهم، وقوَّة عزيمتهم، وقال لهم: إني أخاف أن تخذلوني وتسلموني كفعلتكم بأبي وجدي، لكنه استجاب لهم على الرغم من تحذير أهله وأولاد عمومته من غدر أهل الكوفة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">انخدع زيد بن على بأهل الكوفة وأعلن الثورة على هشام بن عبد الملك سنة 121هـ، فتكرَّرت أحداث قصة جده الحسين، وأعاد التاريخ نفسه، فلم يتساهل الخليفةُ هشام مع ثورةٍ تُرِيد نَقْضَ ملكه والإطاحة بدولته، على الرَّغم من كراهيته لسفك الدماء، فأمر واليَه على الكوفة يوسف بن عمر الثقفي فتصدَّى لزيد بن على الذي انفضَّ عنه شيعتُه، وأسلموه إلى عدوِّه، كما أسلم أسلافُهم جدَّه الحسين، ولم يبقَ معه في اللحظات الحَرِجة من بين خمسة عشر ألفًا بايعوه وعاهدوه على النُّصرة، إلا نحو مائتي رجل، فاستطاع يوسف بن عمر أن يقضي في سهولة ويسر على تلك الثورة، وقتل زيد بن على في صفر سنة 122هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الرابع: ثورة محمد (النفس الزكية)</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">هو محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السَّبط بن علي بن أبي طالب، المعروف بالنَّفس الزكية، قاد هو وأخوه إبراهيم ثورةَ العلويين ضِدَّ أبي جعفر المنصور، وكانا يُعِدَّان العُدَّة للخروج على أبي جعفر المنصور، وينتظران الفرصة للانقضاض عليه، واختَفَيَا عن أنظار الخليفة يَبُثَّان رجالَهما وينشران الدعوة إليهما.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان محمدُ النَّفْسُ الزكية يرى نفسه أحقَّ بالخلافة من أبي جعفر المنصور، فامتنع عن بيعته، كما امتنع من قبلُ عن بيعة أبي العباس السَّفَّاح، فلمَّا ولي أبو جعفر المنصور رأى في بقاء محمد وأخيه خطرًا يُهَدِّد دولته، وأيقن أنَّهما لن يَكُفَّا عن الدعوة إلى أحقِّيَّة البيت العلوي بالخلافة، وأقلق اختفاؤهما الخليفة، فبذل ما في وُسْعِه لمعرفة مكانهما، فلم ينجح في الوصول إليهما، وعَجَز ولاةُ المدينة عن تَتَبُّع أخبارهما، فاستعان بوالٍ جديدٍ للمدينة غليظ القلب للوصول إلى مكان محمد النفس الزكية، فلجأ إلى القبض على عبد الله بن الحسن والد المختفيَيْن وهدَّده وتوعَّده، وقَبَضَ أيضًا على نفرٍ من آل البيت، وبعث بهم مُكَبَّلين بالأغلال إلى الكوفة فشدَّد عليهم الخليفةُ وغالى في التنكيل بهم، فاضطر محمد النفس الزكية إلى الظهور بعد أن مكث دهرًا يدعو لنفسه سرًّا، واعترف الناس بإمامته في مكة والمدينة، وتلقَّب بأمير المؤمنين، وكان الناس يميلون إليه لخُلُقِه وزُهْدِه وحِلْمِه، وبعده عن الظلم وسَفْكِ الدماء، حتى أطلقوا عليه "النفس الزكية".</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ولمَّا انتهت الأنباءُ بشهادة والده عبد الله وسائر السادة الذين كانوا معه إلى محمد، أعلن محمَّدٌ ثورته في المدينة وبايَعه الناس وحتَّى الفقهاء منهم، وحينما انتشر الأمر سارع أهالي اليمن ومكة إلى بيعته.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ولمَّا عَلِم المنصور بالثورة وجَّه جيشًا كبيرًا يُقَدَّر بأربعة آلاف فارس بقيادة عيسى بن موسى، وبعد أن اندلعت الحربُ بين الفريقين خارج المدينة؛ رغبة من محمد وحفاظًا على سكَّانها من عبث جيش المنصور، وأُصِيب محمدُ بن عبدالله بجراح خطيرةٍ؛ بسبب تفرُّق جنده، وكان ذلك في رمضان 145هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الخامس: ثورة الحسن المثلث</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">عاش مَنْ بقي من آل البيت العَلَوِي في هدوء، وربَّما استخفُّوا حتَّى يتمكَّنوا من إعداد العُدَّة للخروج وهم مكتَمِلو القوَّة والعَدَد، وظلَّت الأمورُ على هذا النحو من التَّربُّص والانتظار حتى حدث نزاعٌ صغير بين والي المدينة المُنَوَّرَة وبعض رجالٍ من آل البيت أساء التعامل معهم، وأهانهم وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحميَّة في قلوبهم، فثار العلويُّون في المدينة بقيادة الحسن بن علي بن الحسن، وانتقلَت الثورةُ إلى مكَّة بعد أن أعلن الحسن البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">انتهى خبرُ الحسن إلى الخليفة العباسي الهادي، وقد كان حجَّ في تلك السنة رجالٌ من أهل بيته منهم: محمد بن سليمان بن علي، والعباس بن محمد، وموسى بن عيسى، سوى مَنْ حَجَّ من الأحداث، وكان على المَوْسِم سليمانُ بن أبي جعفر المنصور، فأمر الهادي بالكتاب بتولية محمد بن سليمان على الحرب فلقيهم الكتاب وقد انصرفوا عن الحج، وكان محمَّدُ بن سليمان قد خَرَج في عُدَّة من السلاح فشمَّر للحرب وسار نحو الحسن بن علي، فلَقِيَه بفخٍّ في ذي الحجة على بعد ثلاثة أميال من مكة، وكانت عاقبة الواقعة أن قُتِلَ الحسنُ بن علي الثائر وجماعةٌ مِمَّن معه، وأفلت من الموقعة رجلان لهما تاريخ جليل وهما: إدريس بن عبد اللَّه بن الحسن بن علي، أخو محمد النفس الزكية، وهو مُؤَسِّسُ دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، والثاني أخوه يحيى بن عبد اللَّه الذي ذهب إلى بلاد الدَّيْلَم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">الفصل الثاني: الدُّوَل التي قامت على التشيع:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم تنجح كثيرٌ من الحركات والثورات التي تنسب إلى الشيعة في إقامة دُوَل مستقلَّة عن كل من الخِلافتَيْن الأموية والعباسية، كما لم تُفْلِح أيٌّ منها في إسقاط أيٍّ من الدَّولتين، ولكن على الرَّغم من ذلك فقد نجح التشيُّع في إقامةِ عددٍ من الدُّوَل على مدارِ التَّاريخ الإسلامي، هذه الدُّوَل التي تبايَنَتْ فيما بينها تباينًا عظيمًا، فبعضها لا يختلف عن الدَّولتين الأموية والعباسية سوى في التَّشَيُّع لأهل البيت وحبهم، دون أن يكون هناك أفكار شاذَّة أو غُلُوٌّ في التَّشَيُّع، مثلما كان حاصلاً في دولتي الأدارسة ودولة الحمدانيين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">والبعض الآخر مثل دولتي العُبَيْدِيِّين والقرامطة كان مغاليًا في التَّشَيُّع، مجاهرًا بعقائدَ وأفكار وأعمال لا تَمُتُّ إلى الإسلامِ بِصِلَةٍ، بل منهم من استباح حُرُمات الله في بيته الحرام وهو أبو طاهر القُرْمُطِي في أشدِّ عصور القرامطة غُلُوًّا وشذوذًا وسفكًا للدماء، حتى لقد نهبوا الحجر الأسود من مكانه في الكعبة المُشَرَّفة، حيث بقي في عاصمةِ القرامطة ما يُقَارِب ثلاثين عامًا حتى أعاده بعضُ ولاتهم بعد ذلك في محاولةٍ للتقارب مع المسلمين ومع الخلافة العباسية، ونعرض في هذا الفصل بإيجاز لعدد من الدُّول التي تنتسب إلى التشيُّع وهي:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أولاً: دولة الأدارسة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثانيًا: الدولة الحمدانية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ثالثًا: الدولة البويهية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">رابعًا: دولة العبيديين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">خامسًا: دولة القرامطة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">سادسًا: دولة الصفويين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">المبحث الأول: دولة الأدارسة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">تُعَدُّ دولةُ الأدارسة أوَّلَ دولة علويَّة هاشميَّة تقوم في التاريخ الإسلامي، وتعود نسبتُها إلى مؤسِّسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي هرب مع مولاه راشد إلى مصر، ثم إلى المغرب الأقصى بعيدًا عن أيدي العباسيين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد أن استقرَّ إدريسُ في (وَلِيلَى) المغربية، اتَّصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة (أوربة) البربرية، وقد خلع إسحاق بن عبد الحميد طاعة بني العباس حيث كان من وُلاَتهم، وتنازل لإدريس عن الحُكْم، وذلك بعد تعرُّفه على نسب إدريس وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">استقرَّت الأمورُ لإدريس بن عبد الله، ودانَتْ له مُعْظَمُ قبائل البربر، وبدأ يَطْمَحُ إلى مدِّ نُفُوذِه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على اليهودية أو المسيحية، فدخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد وفاة إدريس بن عبد الله مسمومًا، تولَّى الحكم مولاه راشدٌ وصيًّا على ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه، فلما قُتل راشد، كفلَ إدريسَ أبو خالد يزيدُ بن إلياس العَبْدِي -أحدُ شيوخ البربر- حتى كَبُر إدريس، واستقلَّ بالحكم بنفسه في سنة 192هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بنى إدريس بن إدريس عاصمةً جديدةً لدولته سُمِّيَت (فاس)، وتوسَّع في فُتُوحاته، وضَمَّ المغرب الأوسط (الجزائر)، وسعى للقضاء على نفوذ الخوارج، ووصَلَت الدولةُ إلى قِمَّتِها في عهده، وحَكَم بعده ثمانيةٌ من الأدارِسَة، كان أعظمُهم قوةً وأعلاهم قدرًا يحيى الرابع بن إدريس بن عمر، الذي امتَدَّ ملكُه إلى جميع بلاد المغرب الأقصى.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أخذ الضَّعْفُ يتسرَّب إلى هذه الدولة في عهد خلفاء إدريس الثاني؛ وذلك بسبب تَشَرْذُم الدَّولة وتقسيمها بين الأبناء من ناحية، وبسبب القتال بين أبناء إدريس والخوارج من ناحية أخرى، ومن ثَمَّ عاشت دولة الأدارسة في فَوْضَى واضطراب، وساءت الحالة الاقتصادية والاجتماعية للدَّولة؛ مما أدَّى إلى استعادة الخوارج لنفوذهم، وعَمِلُوا على تقويض الدولة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأخيرًا: جاءت الضربةُ القاضية على يَدِ الدولة العُبَيْدِيَّة (الفاطمية) والدولة الأمويَّة الأندلسية، لتُغْلِقَ السِّتَار على دولة الأدارسة التي استمرَّت نحو قرنين من الزمان.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبالجملة فدولة الأدارِسَة ساعَدَتْ في تعريب المغرب، وقامَتْ بنشر الإسلام في غرب إفريقيا، وتثبيت البربر على الإسلام، وحاربت الخوارج وأفكارَهم، سُمِّيَتْ الدولة بالأدارسة نسبة إلى مؤسِّسِها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">قامت هذه الدولة بالمغرب الأقصى، ومذهَبُها هو أقربُ مذاهب الشِّيعة إلى أهل السنة، ويرى عددٌ من المؤرِّخين أنَّها دولةٌ سُنِّيَّةٌ، وأنَّ من الأخطاء الشائعة القول بأنَّ دولة الأدارسة دولةٌ شيعيَّة؛ لأنَّ مؤسِّسِيها وأمراءَها كانوا من آل البيت، والحقيقة أن الأدارِسَة رغم عَلَوِيَّتِهم لم يكونوا شيعيِّين، بل لم يكن أحدٌ من رجال دولة الأدارسة أو أتباعهم شيعيًّا، فقد كانوا سُنِّيِّين، لا يَعْرِفُون الآراءَ الشِّيعية التي شاعَتْ على أيَّام الفاطميين، ولم يَعْرِفوا في بلادهم غير الفقهِ السُّنِّيِّ المالِكِيِّ، ومن البَدِيهيِّ أنَّ آل البيت لا يُمْكِنُ أن يكونوا شيعةً لأحدٍ، أمَّا الشيعة فهم أنصارهم، والوَصْفُ الصحيح لهذه الدولة هو أنها كانت دولةً علويَّة هاشميَّة، وهي أوَّل تجربة نجح فيها أهل البيت في إقامة دولة لأنفسهم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كيف قامت دولة الأدارسة؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كان مِمَّن نَجَا من قادة الثائرين في معركة (فخ)، التي كانت بين العلويين بقيادة الحسين بن علي بن الحسن والدولة العباسية بالقرب من مكَّة: إدريسُ بن عبد الله بن الحسن، الذي اتَّجه إلى مصر ومعه خادمُه راشد، وظلَّ أمرُهُمَا مجهولاً حتَّى بَلَغَا مصر مُسْتَخْفِين في مَوْكِب الحَجِيج، ولم يكنِ اخْتِفَاؤُهما أمرًا سهلاً، فعيون الخلافة العباسية تتبعهما وتقتفي أثرهما، ولم تكن لتهدأ وتطمئنَّ قبل أن تَعْثُر على إدريس بن عبد الله حيًّا أو ميِّتًا، لكنَّهما نَجَحا في التَّحَرُّك والتَّخَفِّي؛ لا لمهارتهما في ذلك، ولكن لحب الناس لآل البيت، وتقديم يَدِ العون والمساعدة لهما.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ومن مصر خرج إدريسُ وخادِمُه راشد إلى بلاد المغرب، ويقال: إن هذا الخادم كان بربريَّ الأصل، وساعدهما على الخروج من مصر عاملُ البريد بها؛ فقد كان متشيِّعًا لآل البيت، فلمَّا علم بوجودهما في مصر قَدِمَ إليهما في الموضع الذي يستخفيان به، وحملهما على البريد المُتَّجِه إلى المغرب، وتذهب رواياتٌ تاريخيَّةٌ إلى أن الذي أعان إدريس على الفرار من مصر هو علي بن سليمان الهاشمي والي مصر، وأيًّا ما كان الأمر فإنَّ إدريس لَقِيَ دعمًا ومساعدة لتمكينه من الخروج من مصر، سواء كان ذلك بعَوْنٍ من والي مصر أم من عامل البريد.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد أن وصل إدريسُ بن عبد الله إلى (برقة) تَخَفَّى في زيٍّ خَشِن، يظهر فيه بمظهر غلام يخدم سيده راشد، ثم سَلَكَا طريقًا بعيدًا عن طريق إفريقيا؛ إمعانًا في التَّخَفِّي، وخوفًا من أن يلتقي بهما أحدٌ من عيون الدولة العباسية التي اشتدَّتْ في طلبهما، حتى وصلا إلى (تلمسان) سنة 170هـ، وأقاما بها عدة أيام طلبًا للراحة، ثم استأنفا سيرهما نحو الغرب، فعبرا وادي (ملوية)، ودخلا بلاد السُّوس الأدنى، حيث أقاما بعض الوقت في (طنجة) التي كانت يومئذ أعظم مدن المغرب الأقصى، ثم واصلا سيرهما إلى مدينة (وَلِيلَى)، وهي بالقرب من مدينة (مكناس) المغربية، واستقرَّا بها بعد رحلة شاقَّة استغرقت حوالي عامين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد أن استقرَّ إدريس في (وَلِيلَى) اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة (أوربة) البربرية، صاحبة النفوذ والسيطرة في (وليلى)، فلمَّا اطمأنَّ إليه إدريس عرَّفه بنسبه، وأعلمه بفراره من موطنه؛ نجاةً بنفسه من بطش العباسيين، وقد رحَّب إسحاق بضيفه الكبير، وأنزله معه دارَه، وتولَّى خدمته والقيام بشأنه شهورًا عديدة، حتى إذا حلَّ شهر رمضان من السَّنَة نفسها جمع إسحاق بن محمد إخوته وزعماء قبيلة (أوربة)، وعرَّفهم بنسب إدريس وبفضله وقرابته من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكرمه وأخلاقه وعلمه؛ فرحَّبُوا جميعًا به، وأعربوا عن تقديرهم له، وبايَعُوه بالخلافة في رمضان 172هـ، وبعد ذلك خلع إسحاق بن عبد الحميد طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وتَبِعَ ذلك الدعوةُ لإدريس بين القبائل المحِيطة؛ فدخلت في دعوته قبائل: (زناتة)، و(زواغة)، و(زوارة)، و(لماية)، و(سراته)، و(غياشة)، و(مكناسة)، و(غمارة)، وبايعته على السمع والطاعة، واعترفت بسلطانه، وقَصَدَه الناس من كل مكان.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">استقرَّت الأمورُ لإدريس بن عبد الله، ورَسَخَت أقدامُه بانضِمَام كلٍّ هذه القبائل إلى دعوته، ودانَتْ له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح إلى مدِّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي لا تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أو اليهودية أو المسيحية، فأعدَّ جيشًا كبيرًا زَحَف به نحو مدينة (شالة) قُبَالة مدينة الرباط، ففتحها، ثم تحوَّل إلى كلِّ بلاد (تامسنا) فأخضعها، وأَتْبَع ذلك بإخضاع إقليم (تاولاً)، وفتح حصونَه وقِلاَعه، ودخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام، ثم عاد إلى (وليلى) للراحة والاستجمام في ذي الحجة 172هـ، ثم عاوَد حملته الظافرة عازمًا على دعوة من بقي من قبائل البربر إلى الإسلام، ونجح في إخضاع قبائل: (قندلاوة)، و(مديونة)، و(بهلولة)، وغيرها من القبائل البربرية التي كانت مُتَحَصِّنة بالجبال والحُصُون المَنِيعة، ثم رجع إلى (وليلى) في جمادى الآخرة 173هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أقام إدريس بن عبد الله شهرًا في (وليلى)، ثم عاوَد الفتح، واتَّجه ناحية الشرق هذه المرَّة، عازمًا على توسيع ملكه في المغرب الأوسط على حساب الدولة العباسية، فخرج في منتصف رجب 173هـ مُتَّجِهًا نحو (تلمسان)، وفي أثناء زحفه استولى على مدينة (سبتة)، ولم يَكَد يَصِل إلى (تلمسان) حتى خرج إليه صاحبها محمد بن خرز، وأعلن خضوعَه له دون قتال، وبايَع إدريس بن عبد الله، وتبعته قبائل: (مغراوة)، و(بني يفرده).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ويقول المُؤَرِّخُون: أَسْهَم الأدارسة في خدمة المسلمين عن طريق تثبيت البربر على الإسلام، فكان ظهور دولة الأدارسة مُقَدِّمة لظهور دولة المرابطين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">المبحث الثاني: الدولة الحمدانية:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الدولة الحمدانية هي دولةٌ عربية شيعية قامت في (الموصل)، و(حلب)، واستقلَّت عن الدولة العباسية في عصور ضعفها، وينتسب الحمدانيون إلى (حمدان بن حمدون) من قبيلة تغلب العربية الأصل التي قامت بضواحي مدينة الموصل.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بدايةً ثار الحمدانيون على الدولة العباسية، ولكن عَفَتْ عنهم عندما انتصر الحسين بن حمدان على هارون الشارِي الخارِجِيِّ وأَسَره وجاء به إلى المُعْتَضِد.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وقد كان الحمدانيون يُمَثِّلون القوَّةَ التي تلجأ إليها الخلافة إذا ضاقَتْ بها الأحوال في بغداد؛ فقد لجأ إليهم الخليفةُ المُتَّقِي فارًّا من قُوَّات البريدي التي زَحَفت على العراق، وعَجَزَ أميرُ الأُمَراء ابن رائِق عن الصُّمود لها، فناصر الحمدانيون الخلافةَ، وقتلوا ابن رائق، وطردوا البريديين، وأعادوا الخليفة إلى عاصمته؛ مِمَّا جعل الخليفة المُتَّقِي يُلَقِّب الحسن بن حمدان ناصرَ الدولة، ولقَّب أخاه عليًّا سَيْفَ الدولة، وذلك في شهر شعبان سنة 330هـ، وتولَّى إمرة الأمراء في بغداد ناصر الدولة أمير الموصل.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم يستقرَّ الحمدانيُّون كثيرًا ببغداد؛ لاضطراب أمورها بسبب الحروب الأهلية، وحَنِقَ الخليفة على ناصر الدولة لزيادة الضرائب؛ مِمَّا دفع الخليفة إلى انتهاز فرصة خروج ناصر الدولة إلى الموصل، فاستنجد بتوزون القائد التُّرْكي، ومهَّد له السبيل لدخول بغداد سنة 331هـ، ولم يَسْتَطِع زعماءُ الحمدانيين من العرب البقاءَ في بغداد أكثر من سنة، واضطروا إلى العودة إلى الموصل، ومع ذلك ظلَّت علاقة الحمدانيين حسنةً بالخلافة على الرغم من محاولة البُوَيْهِيِّين إزالتهم عن إمارتهم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفي حلب امتَازَ عهدُ سيف الدولة بكثرة حروبه مع البِيزَنْطِيِّين، وكان جهادُ الحمدانيين ضِدَّ الروم من أبرز الأعمال التي خَلَّدَت ذكرى هذه الدولة، وكان مِمَّن خلدوا ذكر الحمدانيين: أبو الطيب المتنبي، وأبو فِرَاس الحمداني.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وعندما أراد سيف الدولة أن يوسِّع مُلْكَه بالشام؛ ليتمكَّن من تقوية جبهتِه أَمام الروم، امتدَّ بنفوذه إلى دمشق، الأمر الذي أدَّى إلى حربٍ مع الإخشيد، انتصر فيها الإخشيدُ، وتوصَّلا أخيرًا إلى صُلْحٍ يدفع بموجَبِه الإخشيدُ جِزيةً سنويةً للحَمْدَانيين مقابلَ احتفاظه بدمشق، ولعلَّ الإخشيد كان يَرْمِي من وراء إبرام الصُّلح على هذه الصُّورَة أن يُبقي الدَّوْلة الحَمْدَانية حِصْنًا منيعًا يكفيه مؤونةَ محاربة البيزنطيين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وعندما مات الإخشيدُ نَقَضَ سيفُ الدَّولة الصُّلْح، فتصدَّى له كافور وهزمه، وتمَّ الصُّلح على بُنُود الصلح الأول ما عدا دفع الجزية السنوية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بدأت الدولةُ الحمدانيَّةُ في التفكُّك بعد سيف الدولة، ووَقَعَتْ في صِرَاعاتٍ داخلية أسريَّة أدَّت إلى أن يستعين بعضُهم على بعضٍ بالرُّوم والعُبَيْدِيِّين -الفاطميِّين- ثم سَقَطَتْ أخيرًا تحتَ الضَّغْط العبيديِّ المُتَعَاظِم في مصر، والنُّفُوذِ البُوَيْهِيِّ من جهة العراق، فوَرِثَها العُبَيْدِيُّون في النهاية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كبف قامت الدولة الحمدانية؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كان حمدان بن حمدون عاملاً على المَوْصِل للمعتضد بالله العباسي، ثمَّ استقلَّ الحَمدَانِيُّون عن الدَّولة العباسيَّة بقيادة ناصر الدولة الحَسَن في سوريا، وبقي ولاة الحمدانيِّين في المَوْصِل مُوَالِين للخليفة في بغداد، وكان أشهر قادتهم سيف الدولة الحمداني، الذي ضَمَّ حلبَ وحِمْصَ إلى سُلْطَانِه، وأمضى مُعْظَمَ فَتْرَة حُكْمِه في غَزَوات ضِدَّ البِيْزَنْطِيِّين الصليبيين في الشمال، وقد ازدهرت حلبُ وشمال الشام في عهد سيف الدولة؛ ففي بلاطه كَتَب المتنبي أَشْهَرَ قصائده، وكذلك أبو فِرَاسٍ الحمداني ابن عمِّ سيف الدولة، الذي أَسَرَه الرُّوم خلال إحدى المعارك، وقد اشتدت الحرب مع البيزنطيين في عهد سعد الدولة، وبدأت النِّزَاعات مع الفاطميين في الجنوب في عام، وبدأ الحمدانيون يفقِدون سيطرتهم على السلطة التي انتقلت فيما بعدُ إلى الفاطميين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">إلى مَنْ تُنْسَب الدولة؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">قام حمدون بدَوْرٍ مُهِمٍّ في الحوادث السياسية منذ سنة 260هـ، فقد تَحَالَف مع هارون الشاري الخارجي في سنة 272هـ، واستولى على قَلْعَة مَاردِين بعد ذلك بقليل؛ لذا حاربه الخليفةُ المُعْتَضِد في سنة 281هـ، فهرب حمدان تاركًا ابنه الحسين عليها، واستولى الخليفَةُ على مَارِدِين، وطارَدَ حمدان وظفر به بعد قليل، فسَجَنَه في بغداد، واستمرَّ في سجنه حتى هزم ابنه الحسين هارون الخارجي حليف أبيه؛ فعفا الخليفة عن حمدون، ووزَّع الأعمال عليه وعلى أولاده.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الثالث: الدولة البويهيَّة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">قامت الدولة البُوَيْهِيَّة الشيعية في الجزء الغربي من إيران وفي العراق، وأسَّسَتْها أُسْرَةُ بني بُوَيْه، وأَشْهَر رجال أسرة بني بُوَيْه الحاكمة ثلاثةٌ، هم: عليٌّ، والحسنُ، وأحمد، أبناء بُوَيْه، وتعود أصولُ هذه الأسرة إلى الفُرْس، وكان والِدُهم (بُوَيه) يتعيَّش من صيد الأسماك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان عُلُوُّ شأنها على يد الأخِ الأكبر علي بن بُوَيْه؛ فقد ولاَّه مرداويج الزياري بلاد الكَرَج، فاستطاع بفضل مقدِرَتِه العسكرية والإدارية وحسن معاملته لأتباعه - بناءَ جيشٍ قويٍّ انتزع به معظم بلاد فارس في خلال فترة قصيرة، واتَّخذ مدينة (شيراز) قاعدة لحكمه، وبعد مقتل مرداويج سيطر البُوَيْهِيُّون على (أصفهان)، و(الري)، و(همذان)، و(الكرج)، و(كرمان)، و(الأهواز).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كانت الحالة في العراق مضطربةً، كما كانت الخلافة واقعةً تحت نُفُوذ الأتراك، وظهر عجزُها في إقرار الأمور في العراق، فشعر الناس بهذا الفراغ السياسي؛ نتيجة لذلك تَطَلَّع الناس إلى هذه القوة الجديدة التي ظهرت بالقرب منهم لتنشلهم من الفوضى، ومن ثَمَّ كَاتَبَ القُوَّاد في بغداد أحمد بن بويه، وطلبوا منه المَسِيرَ للاستيلاء على بغداد، استجاب أحمد لهذا الطلب فدخل بغداد في عام 334هـ بعد ما خرج الأتراك منها، واستقبله الخليفة المستكفي بالله واحتفى به، وخلع عليه وعيَّنه أميرًا للأمراء، ولقَّبه (مُعِزَّ الدولة)، ولقب أخاه عليًّا (عماد الدولة)، كما لقب أخاه حسن (ركن الدولة).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لقد كان أهل بغداد قبل الدولة البُوَيْهِيَّة على مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، فلما جاءت هذه الدولة -وهي متشيِّعةٌ غالية- نما مذهب الشيعة ببغداد.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان سلطان مُعِزِّ الدولة بالعراق مبدأ خرابه بعد أن كان جَنَّة الدنيا، فلم تمضِ سنةٌ حتى اشتدَّ الغلاء ببغداد، فأكل الناس الميتة والسَّنَانير والكلاب، وأكل الناس خَرُّوبَ الشَّوْك؛ فلحق الناسَ أمراضٌ وأورامٌ في أحشائهم، وكَثُر فيهم الموت حتى عجز الناس عن دفن الموتى، فكانت الكلاب تأكل لحومهم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وقد أُصِيب نفوذ البُوَيْهِيِّين بضعفٍ شديد في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريَّيْن؛ بسبب ضعف سلاطينهم، وتَنَازُع الأمراء فيما بينهم، وقد ازداد نفوذُ الجند الأتراك، وتدخَّلوا في تولية وعَزْل سلاطين بني بُوَيْه، وحملوهم على طاعتهم، وعندما ظهر السَّلاجِقَةُ على مَسْرَح الأحداث كان نجم البُوَيْهِيِّين يأخذ في الأُفُول، فلم يجد السلاجقةُ صعوبةً في دخول بغداد، وإسقاط دولة بني بُوَيْه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كيف قامت الدولة البويهية؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ظهر بنو بُوَيْه على مسرح الأحداث في أوائل القرن الرابع الهجري، وأسَّسُوا دُوَلاً انفصاليَّة في (فارس)، و(الأهواز)، و(كرمان)، و(الرَّيِّ)، و(أصفهان)، و(همذان)، وبسطوا هيمنةً فعليَّةً على العراق، فشاركوا الخلافة العباسية في حكمها، وعظم نفوذ هذه الأسرة حتى سمِّي باسمها عصرٌ من عصور الخلافة العباسية، هو العصر العباسي الثالث.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وتمتدُّ هذه المرحلة مُدَّةَ ثلاث عشرة ومائة سنة، وتَعَاقَبَ في هذه المُدَّة أربعةُ خلفاء من بني العباس هم: المطيع لله، والطائع لله، والقادر بالله، والقائم بأمر الله.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وامتازت هذه المرحلة بسيطرة آل بُوَيْه الذين يَعُودُون في أصولهم إلى الفرس، وسَكَنَتْ هذه الأسرة بلاد الدَّيْلَم فعُرفوا كأنَّهم منهم، وكانوا من الرعيَّة العاديِّين، وأوَّل من برز منهم أبو شجاع بُوَيْه، وكان من صيَّادي السَّمَك في بحر الخَزَر، وكان له ثلاثة أولاد هم: علي، وحسن، وأحمد.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وقد اشتهرت هذه الأسرة على يد الأخ الأكبر من الإخوة البُوَيْهِيِّين الثلاثة، وهو عليُّ بن شجاع بن بُوَيْه الذي ولاَّه مرداويج الزياري بلاد الكَرَج.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ويبدو أنَّ عليًّا كانت تُرَاوِدُه نَزَعَاتٌ تَتَعدَّى الاستقلاليةَ إلى التَّوَسُّع على حساب جيرانه، إضافةً إلى الطُّموح السِّياسي الذي تحقَّق له سريعًا، حيث ما لبث أن أصبح صاحبَ شوكةٍ في هذه النواحي، واسْتَمَال الناس بحسن سياسته، وتمكَّن -بفضل مقدرته العسكرية والإدارية وكرمه وحسن معاملته لأتباعه- من بناء جيش قوي، انتزع به معظم بلاد فارس في خلال فترة قصيرة، واتَّخذ مدينة شيراز قاعدة لحكمه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد مقتل مرداويج سَيْطَر البُوَيْهِيُّون على (أصفهان)، و(الري)، و(همذان)، و(الكرج)، و(كرمان)، و(الأهواز).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم تقف الخلافة العباسية مكتوفةَ اليدين إزاء هذه التَّطوُّرات السياسية والعسكرية؛ لذلك انتهزت فرصةَ الصراع البُوَيْهِي - الزياري، وحاولت استعادة الأهواز، ولكنَّها لم تستطع ذلك، وأضحى نزولهم من الأهواز إلى العراق أمرًا ميسورًا، فراحوا يُرَاقِبُون الأحداث في عاصمة الخلافة حتى تَسْنَحَ لهم الفرصةُ لدخولها.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كانت الحالةُ في العراق مضطربةً، كما كانت الخلافة واقعة تحت نفوذ الأتراك، وظهر عجزُها في إقرار الأمور في العراق، فشعر الناس بهذا الفراغ السياسي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">نتيجة لذلك تطلَّع النَّاس إلى هذه القوة الجديدة التي ظهرت بالقرب منهم لتنشلهم من الفَوْضَى، كما تطلَّع بعض القادة المغلوب على أمرهم إلى قوة البُوَيْهِيِّين النامية، آملين أن يحصلوا بواسطتها على الامتيازات التي حُرِموا منها أو أُبْعِدوا عنها.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأخيرًا مال الخليفة المُتَّقِي لله لطلب المساعدة من البُوَيْهِيِّين، فَدَعَا الخليفةُ أحمدَ بن بُوَيْه وطَلَب منه دخولَ بغداد، كما كاتَبَه بعضُ القادة للغاية نفسها، فسار إليها في عام 332هـ، ودخلها في عام 334هـ بعد ما خرج الأتراك منها، واستقبله الخليفة المستكفي بالله واحتَفَى به، وخلع عليه وعيَّنه أميرًا للأمراء، ولقَّبه (مُعِزَّ الدولة)، ولقَّب أخاه عليًّا (عماد الدولة)، كما لقَّب أخاه حسن (ركن الدولة).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وهكذا أسَّس البُوَيْهِيُّون في (فارس)، و(العراق)، و(الأهواز)، و(كرمان)، و(الرَّيِّ)، و(همذان)، و(أصفهان) - إمارات وراثيَّة دامت حتى عام 447هـ، وقد أدَّى نظامُ الوراثة هذا إلى إيجاد نوع من الاستقرار السياسي في دولة الخلافة العباسية، سيطر البُوَيْهِيُّون أثناءها على مقاليد الأمور، وتصرَّفوا بشكلٍ مطلق، لكنَّ هذا الاستقرار كانت تَشُوبُه بعض الاضطرابات الناتِجَة عن النَّزَاعات المذهبية بفعل تشيُّع الأسرة البويهية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الرابع: الدولة العبيدية (الفاطمية):</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">نَشِط دعاةُ الشِّيعة في الدعوة إلى مذهبهم، وبخاصَّة في الجِّهات البعيدة عن مركز الخلافة، مثل أطراف فارس واليمن وبلاد المغرب.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان من هؤلاء الدُّعاة (أبو عبد الله الشيعي)، وهو رجلٌ من صَنْعاء اتَّجه إلى المغرب بعد أن رأى دُوَيْلات (الأغالبة) و(الأدارسة) وغيرهما تُنْشَأ وتُقَام بعيدًا عن يَدِ الدولة العباسية وسلطانها، وركَّز أبو عبدالله دعايَتَه بين البربر، وسرعان ما انضمُّوا إليه في آلافٍ عديدة، فأرسل إلى زعيمِه العُبَيْدي (عبيد الله بن محمد).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ويَدَّعي (عبيد) هذا بأنَّه شَرِيفٌ عَلَوِيٌّ فاطميٌّ، ولكن الخليفة العباسي عَلِم بالأمر فطارد (عبيد الله) هذا، وأمر بالقبض عليه، فاضطرَّ حين وصل مصر إلى أن يتنكَّر في زِيِّ التجار، ثم حاول أن يفلت من دُوَيْلات شمال إفريقيا، ولكنَّه سَقَط أخيرًا في يد أمير (سجلماسة).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الاستيلاء على القيروان:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كان أبو عبدالله الداعيَة الشيعي في هذا الوقت قد جمع قوَّاته من البحر، وهاجم بها دولة الأغالبة التي ما لبثت أن سقطت في يده سنة 297هـ، ودخل عاصمتها، وأخذ من الناس البَيْعَة لعبيد الله الأمير الأسير.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وما لبث أبو عبد الله الشيعي أن سار على رأس جيوش ضخمة نحو (سجلماسة) لينقذ عبيد الله، ولمَّا أدرك صاحب (سجلماسة) أن لا قِبلَ له بمواجهة الجيش المُغِير، هرب من عاصمته بعد أن أَطْلَق أسيره (عبيدالله الفاطمي).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">دخل عبيد الله القيروان التي اتَّخذها عاصمة للدولة الفاطمية، وهناك بايَعَه الناسُ ولُقِّب (المهدي أمير المؤمنين)، وصار خليفةً للمسلمين تأكيدًا لفكرة الشيعة عن أحقيَّة أبناء علي - رضي الله عنه - بالخلافة، ولقد اعتبر نفسه المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الاستيلاء على دولة الأدراسة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وتوالى الخلفاءُ من نسل المهدي عُبَيْد الله، وكان منهم (المُعِزُّ لدين الله الفاطمي) الذي أَرْسَل قائدَه الشهير (جَوْهَر الصَّقَلِّي) فأسقط دولة الأدارسة، ووصل إلى المحيط الأطلسي، ثم مَدَّ حدوده إلى مصر وفتحها عام 359هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الاستيلاء على مصر:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لقد أرسل المعز لدين الله العبيدي قائده الكبير جوهر الصقلي ليفتح مصر، فسار في جيشٍ ضخمٍ بعد أن مَهَّد الطرق لمسير الجيش، وحفر الآبار على طول الطريق، وأقام استراحاتٍ على مسافات معقولة في الطريق، وأحسن تدريب الجيش وتنظيمه وتموينه بعد أن جمع الأموال اللازمة لهذا كله.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وسار الجيش إلى (الإسكندرية)، وما لبث أن دخلها دون قتال، وأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، ثم سار إلى (الفسطاط) فسلَّم له أهلها.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لقد ساعَد علي نجاح هذا الغزو ضعفُ واضطرابُ الأحوال في مصر، وكثرة الشيعة الذين عاونوا الغزاة كل المعاونة آنذاك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية عُبَيْدِيَّة عام 359هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بناء القاهرة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وهنا بدأ جَوْهَر يَعُدُّ العدة لنقل مركز الدولة الفاطمية إلى مصر؛ فبنى للخليفة قصرًا فخمًا شمال الفسطاط، وبنى معه منازل الوُزَرَاء والجند، وكانت هذه بداية مدينة (القاهرة).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد أن تمَّ إنشاؤها دعا جوهرُ المُعِزَّ أن ينتقل إليها، وأصبحت القاهرة عاصمة الخلافة العُبَيْدِيَّة التي تسمي نفسها الفاطمية 362هـ؛ أي: بعد أربع سنوات من فتحها، وأمر المُعِزُّ بمنع صلاة التراويح في رمضان، وأمر بصيام يومين مثله، وقَنَتَ في صلاة الجمعة قبل الركوع، وأسقط من أذان صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم"، وزاد "حي على خير العمل... محمدٌ وعليٌّ خير البشر".</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الاستيلاء على الحجاز:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وما لَبِثَتْ جيوشُ المُعِزِّ أن سارت نحو الحجاز ففتحته، وأصبحت المدينتان (مكة، والمدينة) تحت سلطان العُبَيْدِيِّين لا العبَّاسيين، كما فَتَحَتْ جيوشُهم بلادَ (الشام)، و(فلسطين)، و(جزيرة صَقَلِّيَة)، وهكذا أصبحت دولة العُبَيْدِيِّين تَضُمُّ (الحجاز)، و(الشام)، و(فلسطين)، و(مصر)، وشمال إفريقيا حتى المحيط الأطلسي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بداية نهاية الدولة العُبَيْدِيَّة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لكلِّ شيءٍ نهايةٌ، ففي آخر عهد الدولة الفاطمية حَكَمَها عددٌ من الخلفاء الذين كانوا ضِعَافَ الشخصيَّة وصِغَار السن، فكان من نتيجة ذلك أن سَيْطَر الوزراء على الدولة وأداروها لِمَكَاسِبِهم الخاصَّة، مُهْمِلِين شؤونَ الدولة إهمالاً تامًّا.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لقد كانت ظاهرة الاعتماد على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى واضحةً في هذه الدولة، فمن هؤلاء كان كثيرٌ من الوزراء وجُبَاة الضرائب والزكاة والمستشارين في شُؤون السياسة والاقتصاد، والعلم والطب، ولقد تَرَك الخليفة العزيزُ العُبَيْدِيُّ لوزيره اليهودي (يعقوب بن كِلِّس) أمرَ تعليم الناس فقه الطائفة الإسماعيلية التي ينتمي إليها الفاطِمِيُّون، وهي من أشدِّ فِرَق الشيعة تَطَرُّفًا وبُعْدًا عن حقيقة الإسلام، وقد ألَّف يعقوبُ نفسه كتابًا في فقه هذه الطائفة!!</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">فلا عجب إذًا أن شهدت الدولة كثيرًا من المؤامرات والفتن والدسائس والقلاقل، فقامت ثوراتٌ داخلية وانتفاضاتٌ، وراح الناس يستجيرون من تَسَلُّط اليهود والنَّصارى فلا يُجَارُون، وزادت الحالُ سُوءًا بظهور أفكار دينية شاذَّة؛ كالاعتقاد بحلول روح الله في الخليفة، وأنَّ الخليفة أعلى من بني الإنسان، وأنَّ الخلفاء إلى الله أقرب، كما حدث للحاكم بأمر الله الذي كان له كثيرٌ من البدع والخرافات التي أدخلها في دين الله -تعالي- وألَّهه بعضُ الناس وراح البعض ينتظر عَوْدَتَه بعد اختفائه، وعُرِفَ هؤلاء بـ(الدروز) الذين يوجد أسلافُهم ببلاد الشام، وكَثُرت الأمراض، وهلك عددٌ كبير من الناس، في حين كان الأمراء والحُكَّام الفاطميون يَنْعَمُون بالثَّرَوات ويعيشون في تَرَفٍ وبَذَخٍ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأسهمت المجاعاتُ والأوبِئَة -نتيجةَ انخفاضِ ماءِ النِّيل عِدَّةَ مرَّاتٍ- في اختلال الأمن، وكثرة الاضطرابات، وسوء الأحوال في البلاد، ولم تَرَ البلاد صلاحًا، ولا استقام لها أمر، ولم يَسْتَقِرَّ عليها وزيرٌ تُحْمَد طريقته.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">تفكُّك الدولة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أمَّا في الخارج فقد خَرَج بعضُ الولاة على الخلفاء الفاطميين خصوصًا في شمال إفريقيا؛ مما أدَّى إلى استقلال (تونس) و(الجزائر)، واستولت الدولة السَّلجُوقية السُّنِّية التي قامت بـ"فارس والعراق" على معظم بلاد الشام التابعة للفاطميين، وإلى جانب هذا كلِّه عَمِل الصليبيون في الاستيلاء على الأراضي المُقَدَّسة؛ فاستَوْلَوا على بيت المقدس من أيدي الفاطميين سنة 492هـ، ثم أخذوا يُغِيرُون على أطراف الدولة مصر.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وهكذا أَخَذَتِ الدولة في الضَّعف حتى جاء صلاحُ الدِّين الأيوبي، وقَضَى على الخلافة العُبَيْدِيَّة وذلك في سنة 567هـ، وانقضَّ الصليبيون فهاجموا عِدَّة مرَّات هذه الدولة التي طالَمَا أعانتهم في بداية أمرهم على ضرب المسلمين من أهل السنة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث الخامس: دولة القرامطة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كان ابتداءُ أمر القرامطة من سنة 278 في خلافة المُعْتَمِد على الله بن المُتَوَكِّل بن المُعْتَصِم، وقَوِيَ أمرُهم في سنة 286 في خلافة المُعْتَضِد، واستَمَرَّ أمرُهم سنين متطاولة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان أوَّل مَن ظهر منهم رجلٌ قَدِم من (خوزستان) إلى سَوَاد الكوفة يُظْهِر الزهد والتَّقَشُّف، ويأكل من كسب يده ويُكْثِر الصلاة، وأقام على ذلك مُدَّةً وكان إذا قَعَد إليه رجلٌ ذاكَرَه أمرَ الدين وزهَّده في الدنيا، ثم أَعْلَم الناسَ أنَّه يدعو إلى إمامٍ من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يَزَل على ذلك حتى استجاب له خلقٌ كثير، ومَرِضَ بقريةٍ من سَوَاد الكوفة فحمله رجلٌ من أهل القرية يقال له: (كرميته) لحمرة عينيه -وهو بالنبطية اسمٌ لحمرة العين- فلمَّا شُفِي من مَرَضِه سُمِّي باسم ذلك الرجل (كرميته) ثمَّ حُرِف فقالوا: قُرْمُط، ويقال للتابعين له: القَرامِطَة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكَثُر أتباع القُرْمُطي من أهل السَّوَادِ والبَادِيَة ممَّن لا عقل لهم ولا دين، وأخبرهم بعقائد باطلة وبأحكام مخالفة للشرع في الصلاة والأذان وغيرهما، فاعتقدوا صِدْقَه، واغْتَرُّوا بعبادته وزهده وتَقَشُّفِه فأجابوه، ثمَّ انتقل إلى ناحية الشام، وانقطع خبرُه إلاَّ أنَّ مذهبه انتشر وكَثُر المُتَمَسِّكون به، وزَعَم كثيرٌ منهم أنَّهم يَدْعُون إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وقيل: إنهم يدعون إلى محمد ابن الحنفية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كيف قامت دولة القرامطة؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وظهر من القرامطة بناحية (سماوة) رجل يقال له: ذكرويه يحيى، ويُكَنَّى أبا القاسم، وسمَّوه الشيخ، وزعموا أنه محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن جعفر الصادق، قال ابن الأثير: وقيل: لم يكن لمحمد بن إسماعيل ولدٌ اسمه عبد الله، وكانوا يُسَمُّونه يحيى بن المهدي، فقَصَد القَطِيف ونزل على رجل يُعْرَفُ بعلي بن المُعَلَّى، وكان من غُلاَةِ الشيعة فأظهر له يحيى أنه رسول المهدي، وذكر له أنه خرج إلى أتباعه في البلاد يدعوهم إلى أمره، وأن ظهوره قد قَرُب، فجمع له ابنُ المُعَلَّى أتباعَه من أهل القَطِيف، وأقرأهم كتابًا مع يحيى بن المهدي يَزْعُم أنَّه من المهدي، فأجابوه وقالوا: إنهم خارجون معه إذا ظَهَر أمره، ووجَّه إلى سائر قرى البحرين يدعوهم لذلك فأجابوه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان مِمَّن أجابه أبو سعيد الجنَّابي -بتشديد النون- فاجتمع على أبي سعيد خلقٌ كثير من الأَعْرَاب والقرامطة، فقَتَل مَنْ كان حوله من أهل القرى -مِمَّن لم يدخل تحت طاعته- ثم سار إلى القَطِيف ففعل كذلك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأظهر في سنة 286 هـ أنه يريد البصرة، فكتب عامل البصرة إلى الخليفة المعتضد بن الموفق طلحة بن المُتَوَكِّل، فأمره ببناء سُورٍ على البصرة، فبناه وأنفق في عمارته أربعة عشر ألف دينار، ثم أغار أبو سعيد بمن معه من الجيوش على نواحي (هَجَر) وقوي أمره، فجهز المعتضد لقتاله الجيوش ووَقَع بينهم وبينه وقائع كثيرة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان لهم دعاةٌ كثيرون مُنْتَشِرون في أقطار الأرض حتى أَحْدَثُوا في كل موضع فتنة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ومن دعاتهم: علي بن الفضل القرمطي الخارج في (صنعاء)، و(اليمن)، وكان يُعاهِد الناس على بَيْعَة المهدي الذي بَشَّر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وتَبِعَه خلقٌ كثيرٌ، وأحدث باليمن فِتَنًا كثيرةً، وقَتَلَ خلقًا كثيرًا، وصار له مُلْكٌ ضَخْمٌ، واستَمَرَّ من سنة 290 هـ إلى سنة 303 هـ حتى دَسُّوا له مَنْ قَتَلَه بالسُّمِّ في ذلك العام.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وامتَدَّ مُلْكُ القرامِطَة إلى نواحي (الشام) و(مصر) و(اليمن) و(الحجاز)، ومَلَكُوا جانبًا من (العراق)، وتُوُفِّي الخليفة المعتضد سنة 289 هـ وبُويِع بالخلافة ابنُه المُكْتَفِي، وبَقِيَ القتالُ بينه وبين القَرَامِطَة، وزاد أمرُهم وانتشرت جيوشُهم في أقطار الأرض، وتَعَرَّضُوا للحُجَّاجِ ونهبوا الحجيج، وقتلوا كثيرًا من الحُجَّاج سنة 294هـ، وتُوُفِّي المُكْتَفِي سنة 295 هـ وبُويِع بَعْدَه أخوه المُقْتَدِر، وبقي القتال بينه وبين القرامطة في مواضع كثيرة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">إفساد القرامطة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفي سنة 301 هـ قُتِل أبو سعيد الجنَّابي رئيسُ القرامطة وقائدُ جيوشهم، وكان قد عَهِد إلى ابنه سعيد فانتزع الأمر منه أخوه أبو طاهرٍ وقامَ بأمرِ القتال، وقيادة الجيوش، والدعوة إلى مذهب القرامطة، وكان أبو سعيد قد استولى على (هَجَرَ)، و(الأحساء) و(القطيف)، و(الطائف)، وسائر بلاد البحرين، ولم يَزَل أمرهم منتشرًا وفتنتهم قائمة إلى أن دخل أبو طاهر مكة سنة 317 هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكان لهذه الطائفة اعتقادٌ قبيح - بل كفرٌ صريح - كانوا يستبيحون دماءَ المسلمين، ويَرَوْن ضلال كافَّة المسلمين، وعَظُم فيهم خبث وباطل أبي طاهر القرمطي؛ فإنه بنى دارًا في (هَجَر) وسماها دار الهجرة، وأراد نَقْلَ الحج إليها، وكَثُر فَتْكُه بالمسلمين وسفكُه دماءهم وأخذه أموالهم، واشتد الخَطْب في أيامه حتَّى انقطع الحجُّ في أيَّامه خوفًا منه ومن طائفته الفاجرة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">واشتدَّت شوكتُهم؛ ففي أواخر سنة 317 هـ لم يشعُر الحُجَّاجُ بمكَّة يوم الثامن من ذي الحجة إلاَّ وقد وَافَاهُم عَدُوُّ الله أبو طاهر القرمطي في عسكر جرَّار، فدخلوا بخيلهم وسلاحهم إلى المسجد الحرام، ووضعوا السيف في الطَّائِفِين والمُصَلِّين والمُحْرِمِين إلى أن قَتَلوا في المسجد الحرام وفي مكَّة وشِعَابها نحو ثلاثين ألفًا وسَبَوا من النساء والذِّرية مثل ذلك، وتلك مصيبةٌ ما أُصِيب الإسلامُ وأهلُه بمثلها، ورَكَضَ عدُوُّ الله أبو طاهرٍ عند الكعبة بسيفه مشهورًا بيده - قيل: وهو سكران - وصفر لفرسه عند البيت الشريف فبَال وَرَاثَ، والحُجَّاج يطوفون حول البيت والسُّيوف تنوشهم، وأُحْصِي مَنْ قُتِلَ في المَطَاف فبلغوا ألفًا وسبعمائة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وملئوا برءوس القتلى بئرَ زمزم وما بمكَّة من آبار وحُفَر، ودُفِنَت الموتى بلا غُسْلٍ ولا كَفَن ولا صلاة، وطلع أبو طاهر إلى باب الكعبة وقلع بابها وصار يقول وهو على عتبة الباب:</span></b></p> <p style="TEXT-ALIGN: center" dir="rtl" class="MsoNormal" align="center"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">أَنَا  بِاللهِ  وَبِاللهِ  أَنَا ** يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَأُفْنِيهِمْ أَنَا</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وصاح في الحُجَّاج وهو على فرسه يقول لهم: يا حمير!أنتم تقولون: </span><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">((وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا))</span><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA"> </span></b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic" lang="AR-SA">[آل عمران: 97]</span><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">، فأين الأمان وقد فعلنا ما فعلنا؟!</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأراد قَلْع ميزاب الكعبة -وكان من ذهب- فأَطْلَع قرمطيًّا على الكعبة فأصيب بسهم من جبل أبي قُبَيْس فخرَّ ميتًا، فأَطْلَع آخرَ مكانَه فَخَرَّ من فوق إلى أسفل على رأسه فمات، فَهَابَ الثالثُ الإقدامَ على القَلْع فترك ذلك أبو طاهرٍ على رغم أنفه، وقال: اتركوه حتى يأتي صاحبه -يعني: المهدي الذي يزعُم أنه يدعو الناس إليه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وقَتَل كثيرًا من العلماء والعُبَّاد والزُّهاد يطول الكلامُ بذكرهم، ولم يَسْلَم إلاَّ مَنْ هرب من مكة، أو صَعَد في جبالها، ونهبوا دُور مكَّة، ولم يَحُجَّ في هذا العام أحدٌ إلاَّ مَنْ سمحوا بأرواحهم، وأخذ أبو طاهر خِزانَة الكَعْبة وما كان فيها من الأموال، واقتلع الحجر الأسود من مكانه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وأقام بمكَّة ستَّة أيَّام - وقيل: أحد عشر يومًا - ثمَّ انصرف إلى (هَجَرَ) وحَمَل معه الحجرَ الأسودَ يريد أن يُحَوِّل الحَجَّ إلى مسجد الضِّرَار الذي بناه وسمَّاه (دار الهجرة)، وعلَّق الحجر في الاسطوانة السابعة مِمَّا يلي صَحْن ذلك المسجد من الجانب الغربي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبقي موضعُ الحجر الأسود خاليًا يضع الناس أيديهم فيه ويلمسونه تَبَرُّكًا بمَحِلِّه، واستمرَّ الحجر الأسود عندهم اثنين وعشرين سنة يَسْتَجْلِبُون به النَّاس طمعًا أن يتحوَّل الحَجَّ إلى بلدتهم، ويأبى الله ذلك.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ولمَّا يَئِسَتْ القرامِطَة من تَحَوُّل الحَجِّ إلى (هَجَرَ)، رَدُّوا الحجر الأسود إلى مَحِلِّه سنة 339هـ؛ فكان مُكْثُه عندهم اثنين وعشرين سنة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">نهاية دولة القرامطة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ووقائع القرامطة في مشارق الأرض ومغاربها طويلة مبسوطة في التَّواريخ، وما زالوا مُسْتَمِرِّين على البغي والإفساد إلى سنة 375، فاختَلَّ أمرُهم وظهر الضعف في دولتهم، فوقعت واقعةٌ بينهم وبين صَمْصَام الدولة ابن عَضُدِ الدولة بن بُوَيْه في العام المذكور، فهزمهم هزيمةً منكرة، وقتل كثيرًا منهم، وزال من حينئذ ناموسهم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفي سنة 378 جَمَعَ إنسانٌ يُسَمَّى الأصغرَ من بني المُنْتَفِق جمعًا كثيرًا وقاتلهم قتالاً شديدًا، وقتل مقدم القرامطة، فعدل إلى القَطِيف، فأخذ ما كان فيها من عبيدهم وأموالهم ومَوَاشِيهم وسار بها إلى البصرة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وبعد هذه الواقعة لم يَزَل أمرُ القرامطة في انحلال وضعف حتى اضمَحَلُّوا ولم تَبْقَ لهم دولة، ومُدَّة دولةِ القرامِطَة كُلِّها تَقْرُب من مائة سنة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: red; FONT-SIZE: 14pt" lang="AR-SA">المبحث السادس: الدولة الصفوية:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">يمثل تاريخ الدولة الصفوية في إيران مُنْعَطَفًا خطيرًا في تاريخها، فبقيامها اتَّخَذَتْ إيرانُ المَذْهَبَ الشِّيعي الاثني عشري مذهبًا رسميًّا، وكان لهذا التَّحوُّل آثارُه البعيدةُ في تاريخ إيران خاصَّةً، وتاريخ العالم الإسلامي عامَّةً.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وينتَسِب الصفويون إلى أحد شُيُوخ التَّصَوُّف يسمى (صفي الدين الأردبيلي) عاش في الفترة من 650هـ، وكان رجلاً نشيطًا دائبَ الحركة والسعي؛ استطاع أن يجذب الأتباع حوله في فارس، وأن ينشر بينهم المذهب الشيعي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">نجح أبناءُ الأَرْدَبِيلِي وأحفادُه في نشر المذهب، والتَّمكين له، وصارت لهم قوةٌ وقدرةٌ على المشاركة في الأحداث السياسية في المناطق التي يقيمون بها، وتحوَّلوا من أصحاب دعوة وشيوخ طريقة إلى مؤسِّسي دولةٍ لها أهدافها السياسية والمذهبية.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وكانت الأجواءُ التي تعيشُها إيران في أواخر القرن التاسع الهجري من التَّمَزُّق السياسي وشيوع الفوضى أفضل مناخٍ استغلَّه الصفويون لجذب المزيد من الأنصار، والتطلُّع إلى قيام دولةٍ تدين بالمذهب الشيعي.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كيف قامت الدولة الصفوية؟</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">في الفترة التي كانت الدولة في فارس تعيش فترة صراعات بين أفراد أسرة (آق قويونلو) التي كانت تحكم فارسَ آنذاك، استغلَّ أنصارُ الصفويين هذا الصراع، وأمَّروا عليهم إسماعيل الصَّفوي، وكان صغيرًا لم يتجاوَز الرابعةَ عشرةَ من عُمُره، لكنَّه كان مهيَّأً للقيادة والزعامة بفضل الرعاية التي أحاطه بها حاكم (لاهيجان).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">تمكَّن إسماعيلُ الصفويُّ وأنصارُه من خوض عِدَّة معارك ضِدَّ حُكَّام بعض المناطق في إيران والتَّغَلُّب عليهم، وتساقطت في يده كثيرٌ من المدن الإيرانية، وتَوَّجَ جهودَه بالاستيلاء على مدينة (تبريز) عاصمة (آق قويونلو)، ودخلها دخولَ الفاتِحِين، ثم أعلنها عاصمةً لدولته، وبدخول إسماعيل مدينة (تبريز) تم تَتْوِيجُه مَلِكًا على إيران، ولقَّبه أعوانُه بأبي المُظَفَّر شاه إسماعيل الهادي الوالي، وذلك في سنة 907 هـ وأصدروا العملة باسمه.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">المذهب الشيعي... المذهب الرسمي للدولة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كانت إيرانُ سنيَّة المذهب -وإن كانت العناصر الشيعية مُتَمَرْكِزَة في بعض المدن مثل: (كاشان)، و(قم)، و(الرَّي)- وعَقِب تتويج إسماعيل الصفوي مَلِكًا على إيران أعلن فَرْضَ المذهب الشيعي مذهبًا رسميًّا للدولة دون مُقَدِّمَات.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">استقبل الناسُ هذا القرارَ بعدم رضا، حتى إن علماء الشيعة أنفسهم ذهبوا إلى الشاه إسماعيل، وقالوا له: "إن ثلاثة أرباع سكان (تبريز) من السنة، ولا يدرون شيئًا عن المذهب الشيعي، ونخشى أن يقولوا: لا نريد مُلك الشيعة"، لكن إسماعيل لم يهتم باعتراضهم، وأمر الخطباء والمؤذِّنين أن يتلوا تشهد الشيعة "أشهد أن عليًّا ولي الله، حيَّ على خير العمل" في الأذان.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">استسلم الناس لهذا الجبر في فرض مذهب الشيعة عليهم، ما عدا بعضهم الذين لَقَوا حَتْفَهم على يَدِ إسماعيل الذي تَمَكَّن من فَرْضِ المذهب الشيعي بِحَدِّ السيف، بالإضافة إلى سَعْيِه لإنشاء عدد من المدارس لتدريس المذهب ونشره بين الناس.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الصفوي في مواجهة الأوزبك:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">بعد أن فرغ إسماعيل الصفوي من القضاء على مُنَافِسِيه المُتَفَرِّقِين في مختلف أنحاء إيران، بدأ يُوَجِّه همَّه إلى تَدْعِيم الوَحْدَة السياسية لدولته، ويَعُدُّ العُدَّةَ ليضع يده على كلِّ بلاد فارس، وكان لا بد من الاصطدام بقبائل الأوزبك التي كانت تموج في المناطق الشمالية الشرقية من فارس.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كانت قبائل الأوزبك تعتنق المذهب السُّنِّيِّ، وتحت زعامة محمد شيباني الذي نجح في أن يقيم مُلْكًا على حساب الدولة التَّيْمُورِية، وأن يستولى على عاصمتها (سمرقند) وأن يَمُدَّ سيطرته على (هراة) في مطلع سنة 913هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وهكذا أصبح الأوزبك وجهًا لوجهٍ أمام إسماعيل الصفوي، وزاد من الصراع بينهما النِّزَاعُ المذهبي بينهما، وبلغ من اعتداد محمد شيباني أن أرسل إلى إسماعيل الصفوي يدعوه إلى ترك المذهب الشيعي والعودة إلى مذهب السنة والجماعة، ويُهَدِّدُه بحرب ضَرُوس في قلب إيران ذاتِها، وبهذا أصبح لا مَفَرَّ من الحرب بينهما.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">كان شيباني يتَّصف بالجرأة والإقدام، لكنَّه لم يكن على مستوى عدوِّه إسماعيل الصفوي في المُرَاوَغَة والخداع في الحروب، فاستَغَلَّ إسماعيلُ ذلك، وجرَّ خصمه إلى معركة كان قد استعد لها تمامًا، وتمكَّن من إلحاق هزيمة مدويَّة به في (محمود آباد) -وهي قرية تبعد قليلاً عن (مرو)- وذلك في سنة 916 هـ.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">استُشْهِد شيباني نفسُه في المعركة، وبعد استشهاده أَعْمَل إسماعيل الصفوي القتل في أهل (مرو)، وأمضى فصل الشتاء في (هراة)، وأعلن فيها المذهب الشيعي مذهبًا رسميًّا، على الرغم من أن أهالي هذه المناطق كانت تدين بالمذهب السني.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">الصراع بين الصفويين والدولة العثمانية:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">اتَّسَمت العلاقات بين الدولة الصفوية الناشئة والعثمانيين بالهدوء، وساعَدَ على ذلك أن السلطان با زيد الثاني الذي تولَّى بعد محمد الفاتح كان رجلاً يُحِبُّ السلام، ويحب الأدب والفلسفة، ويميل إلى دعم العلاقات العثمانية الصَّفوية، لكنَّه حين علم أن إسماعيل الصَّفوي يَتَمَادَى في إلحاق الأذى بالسُّنَّة، مِمَّا جعلهم يهربون إلى الأراضي العثمانية، كَتَب إليه أن يَلتَزِم بالعقل والحكمة في معاملتهم.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ومع تولِّي السلطان سليم الأول مَقالِيد الحُكْم في الدولة العثمانية ازداد التَّوتُّر بين الدولَتَين، وكان سليم الأول ينظر بعين الارتياب إلى تَحَرُّكات الصفويين، ويخشى من تَنَامِي قوَّتهم وتهديدهم لدولته؛ فعزم على مهاجمة خصمه وتسديد ضربة قوية قبل أن يستعدَّ للنزال.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة (أدرنة) في المحرم 920هـ، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي وحكومته الشيعية في إيران، وأنَّه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، وأنَّه فَصَل بدولته الشيعية المسلمين السُّنِّيِّين في وَسَط آسيا، و(الهند)، و(أفغانستان)، عن إخوانهم في (تركيا)، و(العراق)، و(مصر).</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ولم يجد السلطان العثماني صعوبةً في إقناع الحاضرين بضرورة محاربة الصفويين؛ لأنهم صاروا خطرًا داهمًا يُهدِّدُ وجود العثمانيين، وخرج بعد 3 أيام من هذا الاجتماع على رأس جيشٍ كبير مُتَّجِهًا إلى إيران، ولم يَنْسَ وهو في طريقه أن يكتب إلى (عبيد لله خان) قائد الأوزبك يُذَكِّره بقتل عمِّه شيباني، ويحُثُّه على الانتقام من إسماعيل الصفوي، ومهاجمة خراسان بمجرَّد وصول الجيش العثماني إلى إيران، وكان هدف سليم من ذلك أن يجعل إيران بين شِقَّي الرَّحَى من الغرب بهجومه، وَمِنَ الشَّرْق بهجوم عبيد لله خان على خراسان.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">حين عَلِم إسماعيلُ الصفوي بقُدُوم القُوَّات العثمانية -وكان مشغولاً بإخراج الأوزبك من خراسان - عمل على تعطيل وصولها، فأمر بتخريب الطرق والقرى الواقعة في طريق الجيش العثماني؛ الأمر الذي أخَّر وصول العثمانيين، وأنهك قواهم، لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة السَّيْر إلى إيران، والإقامة في (سيواس) انتظارًا للمعركة الحاسمة.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">لم يُبْدِ إسماعيل الصفوي حماسًا للمعركة، وحاوَل أن يتجنب ملاقاةَ العثمانيين باستدراج الجيش العثماني إلى داخل إيران، ليقطع خطوط الإمدادات عليه، لكنَّ سليم الأول كان مُنْتَبِهًا لما يدور في ذهن خصمه، فعزم على الإسراع في لقاء الصفويين، وخاصَّة بعد أن بدأ التَّذَمُّر يَشُقُّ طريقَه إلى جنود العثمانيين من طول الانتظار وكثرة الانتقال من مكان إلى آخر.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">التقى الفريقان في صحراء (جالديران) في شرق الأناضول في رجب سنة 920هـ وانتهت المعركة بهزيمة إسماعيل الصفوي هزيمة نكراء، وفراره من أرض المعركة إلى (أذربيجان)، ووقوع كثير من قواده في الأسر.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وفي رجب 920هـ دخل سليم الأول مدينة (تبريز) عاصمة الصفويين واستولى على أموال إسماعيل الصفوي وبعث بها إلى إستانبول، ثم قَفَل راجعًا إلى بلاده، مكتفيًا بهذا النَّصر الكبير، غير راغب في اقتفاء أثر إسماعيل الصفوي والتوغُّل في بلاده.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">ما بعد الهزيمة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وعلى الرغم من الهزيمة المدويَّة التي لحقت بإسماعيل الصفوي، فإنها لم تَحْسِم الصِّراع لصالح العثمانيين، وظلَّ كلُّ طَرَف يتربَّص بالآخر ويَنْتَهِز الفرصةَ للانقضاض عليه، ونظرًا لفَدَاحَة خسائر الصفويين؛ فقد حَاوَل إسماعيلُ الصفوي أن يُبْرِمَ صُلْحًا مع السلطان سليم الأول، لكن محاولته لم تَلْقَ قبولاً لدى السلطان العثماني، بل زَجَّ السفيرين اللذين أرسلهما إسماعيل في السجن؛ تعبيرًا عن رفضه للصلح.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">وترتَّب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء كردستان -وكانوا من السنة- لمساندة العثمانيين، ولم يَمْضِ وقتٌ طويلٌ حتى انضمَّت 25 مدينة للحكم العثماني، على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">توسَّع العثمانيُّون فضمُّوا إليهم (ديارَ بكر) و(مارِدِين) وسائر مدن (كردستان)، حتى أصبح الجزء الأكبر من أراضي الأكراد في يد العثمانيين، وأصبح الإيرانيون وجهًا لوجهٍ أمام العثمانيين، وبات من الصَّعب على الصفويين التَّوسُّع على حساب العثمانيين.</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">آثار السقوط والهزيمة:</span></b></p> <p style="TEXT-JUSTIFY: kashida; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%" dir="rtl" class="MsoNormal"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; FONT-SIZE: 13pt" lang="AR-SA">تركت الهزيمةُ التي لَقِيَها إسماعيلُ الصفوي آثارًا قاسية في نفسه، ولم يكن قد لحقت به هزيمةٌ قبل ذلك؛ فانصرف إلى العُزْلَة، وغلب عليه اليأس، وارتدى لباسًا أسودَ اللون، ووضع على رأسه عمامةً، وكتب على أعلامه السوداء كلمة "القصاص"، وانصرف إلى معاقرة الخمر حتى أدمنها، وشغل نفسه بالتفكير في طريقة الانتقام من غريمه سليم الأول، إلاَّ أن المنية عاجلت سليم الأول وهو في طريقه لغزو إيران مرة أخرى.</span></b></p> <p style="TEXT-ALIGN: left" dir="rtl" class="MsoNormal" align="right"><b><span style="FONT-FAMILY: Simplified Arabic; COLOR: blue" lang="AR-SA">المصدر: شبكة الألوكة.</span></b></p>
التعليقات
رامي الخميس 20 نوفمبر 2014 م
موقع رائع, شكرا