موقع البرهان - رد التطاول على الصحابة الكرام رضي الله عنهم

رد التطاول على الصحابة الكرام رضي الله عنهم(*) قد شرفنا الله تعالى بدينة الإسلام، وجعله خاتمة رسالاته للناس، وحمله رسوله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه الغر الميامين، عبر تضحيات جسام، وجهاد موصول مبرور، وقد قام في وجوههم طواغيت الجاهلية طويلاً، ورموهم بكل نقيصة، ولكن الله تعالى أتم نوره، وأظهر دينه، واستخلف عباده المؤمنين في الأرض، فكانوا رحمة للعالمين، وأخرجوا الناس من عبادة العبيد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وصدق الله: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))[آل عمران:110]. ثم أدركت المسلمين غمرة من دنياهم، فعاد الضالون للتطاول على الإسلام، وإلى الطعن في الدين وأهله، وفي نبيه العظيم صلى الله عليه وسلم والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان-رضي الله عنهم أجمعين-. وفي هذا الباحث الموجز يتناول كاتبه هذه الظاهرة، والذين تولوا كبرها من خارج المسلمين عامة، ومن داخلهم خاصة، وقد ركز الكاتب على ظاهرة (التطاول من الداخل)؛ لأنها أخطر أثراً، وأفحش ضرراً، وبحسب رأي كلام الكاتب فإن القصد الأول من هذا البحث هو إبراز الأسباب، وبيان آثارها المدمرة على الدين والدنيا، والفرد والمجتمع، توصلاً إلى ما نرجوه من إصلاح الأمور، وتبصير أهل الغرور، وعودة الشاردين إلى صراط الله المستقيم. ويدور البحث حول إبراز فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- وأنهم صدارة الأمة الإسلامية المستخلفة في الأرض إلى يوم الدين، لتبليغ الرسالة الخاتمة وإقامة حجة الله على العالمين، ويحذر البحث غاية التحذير من الطعن في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- باعتبارهم حملة الدين ونقلة الشريعة، أو سبهم أو الطعن فيهم يؤدي إلى نتائج خطيرة جداً، منها تكذيب الوحي الإلهي، وهدم الدين الذي لم يصلنا إلا عن طريقهم، وهذا بدوره يفضي إلى ابتداع دين جديد ما أنزل الله به من سلطان. وقسم البحث إلى مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة. المقدمة: ذكر فيها الكاتب طبيعة بحثه والهدف منه. التمهيد: جاء تمهيد البحث تحت عنوان (خصائص الرسل عليهم السلام)، وفيه تحدث الكاتب عن جملة من الخصائص والصفات التي زود الله بها رسله لإعانتهم على الدعوة والبلاغ، وبين الكاتب أن هذه الخصائص نوعان: الأول (الخصائص المشتركة): وهي التي يشترك فيها الرسل جميعاً، كالإيمان بالله وباليوم الآخر، والصدق والأمانة والتبليغ والفطانة والإبانة..الخ. الثاني (الخصائص الذاتية): وهي الخصائص التي ميز الله بها كل رسول على حدة، لتناسب زمنه وقومه والمرحلة التي بعث فيها. ثم ختم الكاتب تمهيده ببيان أن الله قد اختص بنيه محمد صلى الله عليه وسلم بعموم الرسالة، وختم النبوة، لذلك زوده بكل الخصائص والصفات اللازمة لذلك، وجمع له ما تفرق في إخوانه المرسلين- عليهم السلام- ليبلغ برسالته ما بلغ الليل والنهار. الفصل الأول: الرسالة الخاتمة وحملتها. وفيه تحدث الكاتب عن أركان الأمة المستخلفة، حيث بين أن لها أربعة أركان، الأول منها هو الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم، والثاني هو القرآن الكريم، كتاب الله المعجز بلفظه ونظمه، والثالث هو الدين الشامل الكامل الذي شرعه الله لعباده على علم وحكمة. أما الركن الرابع فهو الأمة المستخلفة: وهي الجماعة البشرية المخاطبة بهذا الدين، والمكلفة به تطبيقا وبلاغا، ودعوة الناس في كل العصور إلى يوم الدين، وبين الكاتب أن هذه الأمة تتألف من طبقات: الطبقة الأولى: هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم. والطبقة الثانية: هم التابعون لهم بإحسان ممن جاءوا بعدهم حتى اكتمل القرن الثاني. والطبقة الثالثة: الذين جاءوا بعدهم. الذين مكنوا للإسلام في أرض الله وحملوه إلى الناس في كل مكان. والطبقة الرابعة: أمة الإجابة جيلا بعد جيل. الفصل الثاني: الصحابة خير الأمة المستخلفة. بين الكاتب أن صحابة النبي هم خير هذه الأمة، ذلك لأنهم رأس الأمة جميعا، وعمادها وأساسها، فقد سبقوا إلى الإسلام ابتداء، وأخذوا من النبي صلى الله عليه وسلم وجاهدوا في الله جهادا طويلا، وحملوا علوم الإسلام والقرآن، ونقلوها لمن بعدهم في صدق وأمانة. وبين الكاتب كذلك أن لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خصيصتين لم يعرفا في تاريخ النبوات الأولى: الأولى: أنهم نقلوا الوحي السماوي كله فما سقط منه حرف واحد. ونقلوا السنة النبوية كذلك، وربوا الأتباع.. الثانية: هم الذين جعلوا عالمية الرسالة حقيقة واقعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد لحق بالرفيق الأعلى ودينه لم يتجاوز حدود الجزيرة العربية، وقد علم الأصحاب الكرام أنه مبعوث للعالم كله، فشرعوا ينساحون في الأرض مبشرين ومنذرين. وفي نهاية هذا الفصل أورد الكاتب عدد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة الدالة على عدالة الصحب الكرام وخيريتهم، لذلك فتزكية الصحابة وتعديلهم ضرورة لازمة لحفظ الدين كله، وفريضة جازمة لتحقيق الوعد الإلهي بحفظ القرآن والدين، وهو وعد الحق الذي قامت عليه أدلة التواتر التاريخي، والواقع العلمي، واليقين البدهي القطعي عن طريق نقل الكافة عن الكافة، وهو أقوى وأثبت من التزواتر المحدود بعدد ما في أسانيد الرواة. الفصل الثالث: الطاعنون في الصحابة رضي الله عنهم. في هذا الفصل أكد الباحث على أن أهل الضلالة قد ركزوا مطاعنهم على الصحابة توسلا بذلك إلى هدم الدين وإبطال حقائقه وشرائعه، وقد جعل هذا الفصل للحديث عن أصناف هؤلاء المبطلين، وقد أوجزهم في الآتي: أولا: المنافقون القدامى: وهم من الأعراب ومن أهل البادية ممن أبطنوا المكفر وأظهروا الإسلام خداعاً وكذباً. ومن مواقفهم رمي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالزنى، وسخريتهم من المؤمنين وهمزهم ولمزهم لهم. ثانيا: الخوارج: حيث تطاولوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرجوا على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ورموه بالكفر هو وجمهور الصحابة -رضي الله عنهم-. ثالثا: الشيعة: وقد كانوا عكس الخوارج حيث غلوا في محبة علي رضي الله عنه، وفي المقابل سبوا الصحابة ولعنوهم وكفروهم، إلا من ناصر عليا -رضي الله عنه. رابعا: المستشرقون: حيث ركزوا في الطعن في أصول ثلاثة، الطعن في القرآن، وفي النبي صلى الله عليه وسلم وفي صحابته -رضي الله عنهم-. خامسا المستغربون: وهم الذين فتنوا بالغرب وأفكاره، وطرائقه في العيش والحياة، وقد صار هذا الصنف أنكى واشد عداوة للإسلام وأهله من الغربيين. وينقسم هؤلاء إلى أقسام، فمنهم: تلامذة المستشرقين، ومنهم تلامذة المذاهب الإلحادية المعاصرة، ومنهم الزنادقة المعاصرون. وفي نهاية هذا الفصل أشار الكاتب إلى أمرين هامين: الأمر الأول: مسألة عدالة الصحابة وعصمتهم، فبين أنهم عدول بتصريح الكتاب والسنة، أما مسألة العصمة فلم يقل بها أحد من أهل السنة قط. الأمر الثاني: ويخص الآثار الخطيرة المترتبة على سب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أشار الكاتب أن في الأمر تكذيب للوحي الإلهي، وفيه للدين جملة، وأنه مدعاة إلى الابتداع والاختراع في الدين. فنسأل الله أن يجازي الكاتب خير الجزاء على ما قدم في بحثه، ونسأله تعالى أن يوفق علماء الإسلام ودعاته في الذب عن دين الإسلام ونقلته. ______________________ (*) جاء هذا البحث ضمن أبحاث مؤتمر تعظيم حرمات الإسلام الذي نظمته مجلة البيان ومبرة الأعمال الخيرية بالكويت في عام (1428هـ). المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث