بلا شك أن دمج العقيدة الإسلام في بوتقة واحدة مع عقائد إخرى كاليهودية والنصرانية والمجوسية والبوذية والزرادشتية والمانوية وأديان الهند القديمة والأفلاطونية الحديثة، ستتفاعل لتنتج عقيدة جديدة تفقد العقيدة الأصلية خواصها وجوهرها الأصلي. ستتبلور في أفكار هجينة بعيداً كل البعد عن الإسلام نفسه وكذلك بقية الأديان التي تفاعلت معه. هكذا كان حال الصفوية والصوفية فقد أخذتا من كل دين سماوي ووضعي ما يناسبهما من أفكار. ومن يعتبر إن هذه الحالة صحية فإنه على وهم كبير. سنناقش بعض الصفات المشتركة بين الصفويين والمتصوفة لنثبت صحة كلامنا.
الرحلات المكوكية الى السماء:
اعتبرت الصفوية عروج الأئمة إلى السماء واحدة من مميزات المذهب ونسبوا لجعفر الصادق الحديث: "ليس من شيعتنا من أنكر ثلاثة أشياء: المعراج، والمساءلة في القبر، والشفاعة". [أمالي الصدوق/177]. وتشير المصادر الصفوية ومنها تفسير القمي لـ(سورة النجم) بأن الأمام علي رضي الله عنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم عند عروجه إلى السماء، حيث ينقل رواية عن أبي بردة الأسلمي: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: إن الله أشهدك معي في سبعة مواطن. أولها ليلة أسري بي إلى السماء، حيث قال ليً جبرائيل: أين أخوك؟ فقلت: خلفته ورائي، قال: ادع الله فليأتك به، فدعوت الله" ويستمر في زعمه الكاذب: "كانت الملائكة تسلم على محمد في كل سماء وتسأل عن علي!".
لكن المولى محسن الكاشاني في (علم اليقين في أصول الدين) يذكر بأن الإمام علي لم يكن مع النبي في الرحلة السماوية، بل سألت الملائكة عن أحواله فقط وحيته: "سلمت الملائكة على محمد وقالت: يا محمد! كيف أخوك؟ إذا انزلت فأقرأه السلام". والغريب أن النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم متعجباً: أفتعرفونه؟ فيجيبون: كيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه منا.
حسناً! إذا كانت الملائكة تعرف كل شيء فلماذا تسال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإمام؟ كما إن المصادر الصفوية تذكر بأن الملائكة تلتقي بالأئمة يومياً فعلام تطلب من النبي نقل تحياتهم إلى الإمام؟
كما تذكر مصادرهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم عُرج به إلى السماء (120) مرة! ما من مرة إلا أوصى فيها بالولاية لعلي والأئمة أكثر مما أوصاه الله بالفرائض" [الخصال لابن بابويه/60]. وقسموا عدد مرات عروج النبي على (10) فحصلوا على عدد مرات عروج الإمام علي! حيث ذكروا إيفاداته في (تفسير الفرات/67) "وفدت إلى ربي (12) مرة فعرفني نفسه وأعطاني مفاتيح الغيب" ومن أطرف ما رُوي في هذا الصدد: "أن مريم بنت عمران حضرت مع ألف وصيفة زواج أم الحسن العسكري من أبيه، وأن المهدي لما نزل من بطن أمه نزل جاثياً على ركبتيه وعطس وحمد الله وصلى على النبي وآله وتكلم ثم عرج به إلى السماء". [الغيبة للطوسي].
ونسبوا للإمام القول: "أنا الذي أجوز السماوات السبع والأرضين السبع في طرفة عين". [مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين لرجب البرسي]. واختلقوا هذه المحاورة بين عبد بن مسعود وفاطمة عندما سألها: أين بعلك؟ فأجابته: عرج به جبريل إلى السماء لأن "نفراً من الملائكة تشاجروا، فسألوا حكماً من الآدميين. فأوحى الله تعالى إليهم أن تخيروا. فاختاروا علي بن أبي طالب". [بصائر الدرجات/213]. كأنك تقرأ عن أساطير الإغريق وليس عن تاريخ الإسلام.
وذكروا عن الإمام علي بن الحسين "دخلت في أربعة عشر عالماً، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات". [بصائر الدرجات الكبرى/320]. والطريف أن هذه العوالم تباينت بين مؤرخيهم فهي (12) عند أبي جعفر الصفار، و(14) عند الشيخ المفيد، ووصلت عند بعضهم آلاف العوالم! ويحدثنا الكليني بأن "موضع قبر الحسين روضة من رياض الجنة. ومنه معراج يعرج منه بأعمال زواره إلى السماء. ولا نبي في السماوات إلا ويسأل الله الإذن في زيارة قبره. فوج ينزل فوج يعرج". [الكافي4/588]. يعني صار قبر الحسين قاعدة جوية للأنبياء هبوط وصعود! الغريب في الحديث أن الكليني أدخله في باب النوادر؟ فهل استسخفه أم ماذا؟
وكذلك حال المتصوفة حيث أشار الشعراني في كتابه الطبقات بأن معراج الصوفية، وخرقهم السماوات، ومكالمتهم الرب، ومخاطبته إياهم جائز شرعاً ونقلاً، وهو المنقول عن الشاذلي وابن عطاء ومحمد السنوسي وغيرهم. فقد ادعى العديد منهم بالعروج الى السماء كالشيخ عبد الكريم الجيلي الذي زعم أنه التقى بالرسل والانبياء والولياء والأولياء والفلاسفة وناقشهم في قضايا العلم والمعرفة ودونها في كتابه (الانسان الكامل).
ويصف الشيخ إسماعيل بن عبد الله السوداني في كتابه (مشارق شموس الأنوار/135) مشاهداته الحسية في السماء السابعة حيث احتفل الرسل والانبياء والملائكة بزيارته الميمونة! ويصف لقائه بالنبي ابراهيم عليه السلام حيث وجده جالساً على منبر من نور أحمر ومتكئ على نمارق من نور أخضر "سلمت عليه فرد السلام وأكرمني بالقيام، عرفني ورحب بيٌ وبشرني ببلوغ مطلبي". ويحدثنا يزيد بن إبراهيم الدسوقي حول معراجه: "رأيت المشرقين والمغربين وما تحت النجوم وصافحت جبريل عليه السلام". [الطبقات الكبرى/ عبد الوهاب الشعراني]. ويدعي الشيخ أحمد الفاروقي "كثيراً ما كان يعرج بي فوق العرش، وأرتفع بمقدار ما بين مركز الأرض وبينه، وأعلم أني كلما رغبت العروج تيسر ذلك لي". [كتاب المواهب السرمدية/ ص:184]. ونُسب للشيخ أحمد بن الجعد القول: "لا يكون الشيخ شيخاً حتى يمحو سيئات مريده من اللوح المحفوظ".
أما كيف يتم ذلك؟ فهذا ما يوضحه الرفاعي عند حديثه عن الشيخ عثمان أبادي عند صعوده يومياً إلى ديوان الربوية بغد غروب الشمس حيث "ينظر في ديوان ذريته فما يجد من سيئة يمحوها، ويكتب عوضها بلا معارضة". [قلادة الجوهر/193]. يعني: الشيخ يمارس الغش فيمحو السيئات ويضح بدلاً عنها الحسنات! والملائكة مرتشون لأنهم لا يعارضون هذا العمل الذي يقوم به الشيخ الغشاش!
وهذا قطبهم الأعظم عبد القادر الكيلاني يزعم بأنه عُرج به الى السماء مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الاسراء والمعراج. وكذلك أحمد التيجاني (مؤسس الطريقة التيجانية). وأحمد هلال الحساني ونجم الدين كبري وأبو الحسن الخرقاني والنفزي الرندي والجيلي وعزيز الدين لنسفي وصالح بن بان ودفع الله الكاهلي وفتح الله القيرواني المرسي أبو العباس. ولكثرتهم سنستعرض بعض من النماذج.
عروج الغيث الأعظم ابن عربي ولندعه يصفه لنا مشاهداته:
"بينما أنا نائم، وسر وجودي متهجد قائم جاءني رسول التوفيق، ليهديني سواء الطريق، ومعه براق الإخلاص، عليه لبد الفوز ولجام الإخلاص، فكشف عن سقف محلىّ، وأخذ في نقضى وحلىّ، وشق صدري بسكين السكينة، وقيل لي: تأهب لارتقاء الرتبة المكينة، وأخرج قلبي في منديل، لآمن من التبديل، وألقي في طست الرضا، بموارد القضا، ورمى منه حظ الشيطان، وغسل بماء: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان. ثم أتيت بالخمر واللبن، فشربت ميراث تمام اللبن، وتركت الخمر حذراً أن أكشف السر بالسكر. استفتح لي سماء الأجسام فرأيت سر روحانية آدم عليه السلام. فاستفتح الرسول الوضاح سماء الأرواح". [رسائل ابن عربي/18]. كما جاء في كتاب (الوصية الكبرى لشيخ العروسية عبد السلام الفيتري) بأن بوراس ذكر "في السماء السابعة شاهدت ربٌي وكلمته. وفوق العرش والكرسي قد ناداني وخاطبته. وما في اللوح المحفوظ من الآي والأمر والنهي قد حفظته. وبيدي باب الجنان قد فتحته ودخلته".
ويصف ابن البان عروجه إلى السماء "أوقفني الحق على بساط الأسرار، وارتقيت إلى السماء الأولى ثم ارتقينا إلى السماء الثانية. ثم انتهينا إلى السماء السابعة. وفيها ملك على كرسي من نور. وفي هذه السماء رضوان خازن الجنان، وأجمل الملائكة من جنده، وفيها إسرافيل رئيس عالم الجبروت، وهو الذي بشرني بالقرب والمنزلة الكريمة عند ربي، وبالسعادة في الآخرة والشفاعة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي هذه السماء رأينا إبراهيم الخليل مسنداً إلى البيت المعمور. ثم انتهينا إلى سبعين حجاباً آخر. حتى انتهيت إلى آخر حجاب هناك، وإذا بكرسي من اللؤلؤ منصبة قوائمه من الجوهر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، فأخذ آخذ بيدي وأجلسني عليه، ثم نزل علىّ شيء ودخل جوفي من حيث لا أعلم، فقال لي شيئا في قلبي. ها قد أكرمك مولاك بالسكينة الربانية". [كتاب المواقف الإلهية لابن الباز/164].
علاقتهم الحميمة بإبليس والجان:
يذكر صاحب (كتاب المحاسن) بإسناده عن عمر بن يزيد قال: "ضللنا سنة من السنين -ونحن في طريق مكة- فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده، فلما أن كان في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا، فتحنطنا وتكفنا بأزرنا -أزر إحرامنا- فقام رجل منا فنادى: يا صالح يا أبا الحسن! فأجابه مجيب من بعد، فقلنا: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا من النفر الذين قال الله تعالى في كتابه -سورة الأحقاف:29- ((واذ صرفنا اليك نفراً من الجن يستمعون القرآن)) إلى آخر الآيات، ولم يبق منهم غيري، وأنا مرشد الضلال من الطريق، قال: فلم نزل نتبع الصوت حتى خرجنا إلى الطريق". وأن جنياً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى علياً ارتعد واستغاث بالنبي قائلاً: "أجرني يا رسول الله من هذا الشاب المقبل (علي)! فقال له: ما بك؟ قال: تمردت على سليمان فأرسل إلي نفراً من الجن، فطلت عليهم. فجاءني هذا الفارس فأسرني وجرحني. وهذا مكان الضربة إلى الآن لم تندمل" [كتاب مدينة المعاجز/ السيد هاشم البحراني 1/142]. كأنك تقرأ احدى الأساطير اليونانية!
وانظر الى هذه القذارة المنسوبة للإمام علي عليه السلام من قبل حفيده أنه قال: "عدوت خلف ذلك اللعين (يعني: إبليس) حتى لحقته وصرعته إلى الأرض وجلست على صدره!! ووضعت يدي على حلقه لأخنقه! فقال: لا تفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، والله يا علي أني لأحبك جداً وما أبغضك أحد إلاّ شاركت أباه في أمه فصار ولد زنا فضحكت وخلّيت سبيله". [عيون أخبار الرضا1/77، بحار الأنوار27/149]. ونسبوا لإبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد إنه قال: "ما من مولود يولد إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فإن علم الله أن المولود من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن المولود من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه في دبر الغلام فكان مأبوناً، وفي فرج الجارية فكانت فاجرة". [تفسير العياشى2/218]. هذه هي أخلاق الأئمة كما يصورها الصفويون! فهل يصلح من ينضح حقداً وكراهية كهؤلاء لقيادة الأمة الإسلامية؟
أما المتصوفة فيعتبرون إبليس هو أفضل الموحدين؛ لأنه رفض أن يسجد لآدم ولم يسجد إلا لله! ويليه فرعون لأنه قال "أنا ربكم الأعلى". يذكر الحلاج بهذا الشأن: "وما كان في أهل السماء موحد مثل إبليس". [كتاب الطواسين/ طاسين الأزل والالتباس]. وفي مكان آخر يقول: "صاحبي وأستاذي إبليس وفرعون، إبليس هدد بالنار، وما رجع عن دعواه. وفرعون أغرق في اليم، وما رجع عن دعواه... إن قتلت أو صلبت، ما رجعت عن دعواي". [كتاب الطواسين/100].
ويذكر عبد الكريم الجيلي في كتابه (الإنسان الكامل) بأن "إبليس مخلوق من نفس محمد" رغم أن إبليس خلق قبل آدم! ويضيف بأن رفض إبليس السجود لآدم يدل على "أن إبليس من أعلم الخلق بآداب الحضرة وأعرفهم بالسؤال وما يقتضيه من الجواب". [راجع كتاب الإنسان الكامل]. وذكر السلمي (كتاب طبقات السلمي/23) عن حاتم الأصم قوله: ما من صباح إلا ويقول لي الشيطان: ما تأكل؟ ما تلبس؟ أين تسكن؟ فأجيبه: آكل الموت، وألبس الموت، وأسكن القبر.
ونسب للشيخ الرفاعي قوله: "قال لي الشيخ يعقوب: رأيت الشيطان واقفاً على باب داري، فهممت بضربه. فقال لي: أي يعقوب! أنتم أهل الإنصاف، إن في بيتكم الأحمر والأصفر وهما لي. فكيف لا أجيء إلى بيتكم؟ [قلادة الجوهر لمحمد أبي الهدى الرفاعي/135]. ويزعم المتصوفة بأنه "كان الجن يحضرون دروس الشعراني ويعابثونه ويزعجون أولاده، ومرة دخل معه الى الحمام أحد الجان، فتمكن الشيخ من الركوب عليه وأزهق روحه".. لا نعرف كيف تمكن الشيخ من ركوبه وأزهق روحه؟ ويزعمون كذلك بأن بعض الجان استعصي عليها فهم بعض المسائل فوجهت للشعراني مجموعة من الأسئلة فأجاب عنها في كتابه (كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان) وقد حققه محمد عبد الله.
أبواب الجنة والنار بيد الأئمة والشيوخ:
وأمرهما بيد الله وحده، وقد جاء في سورة الممتحنة: ((إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ)) [الممتحنة:4]. وفي سورة الأعراف يأمر الله نبيه أن يخاطب الناس بقوله: ((قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ))[الأعراف:188]. لكن الشعوبيين كالعادة أدخلوا الأئمة والشيوخ في هذه المسألة كشركاء لله تعالى. فقد ذكر المجلسي في البحار "أن علياً يدخل الجنة من يشاء ويدخل النار من يشاء". وفي تفسير الفرات للكوفي وبحار المجلسي ورد "إن الديان يوم القيامة ليس الله. وإنما علي بن أبي طالب". وفي رجال الكشي جاء "إن الإمام يستطيع أن يضمن الجنة لمن يشاء". وفي شرح إحقاق الحق للمرعشى نُسب للإمام علي: "أنا الذي بيدي مفاتيح الجنان ومقاليد النيران". الأغرب منه ما ورد في كتاب (علل الشرائع) فقد نسب لأبي عبد الله عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة وضع منبراً يراه جميع الخلائق يقف عليه رجل يقوم ملك عن يمينه وملك عن يساره فينادي الذي عن يمينه يقول: يا معشر الخلائق! هذا علي بن أبي طالب صاحب الجنة يدخل الجنة من يشاء، وينادي الذي عن يساره: يا معشر الخلائق! هذا على بن أبي طالب صاحب النار يدخلها من يشاء"! فما الذي أبقاه الإمام علي - حاشاه من ذلك الأفك المبين - لله تعالى؟
ويغالي الصفويون في هذا الأمر بشكل مقزز، فقد نُسب للإمام الحسن بن علي القول "إن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم كما تساقط الريح الورق من الشجر". [اختبار معرفة الرجال للكشي/117]. ونسب لجعفر للصادق القول: "إلينا الصراط، وإلينا الميزان، وإلينا حساب شيعتنا، والله إننا لكم أرحم من أحدكم بنفسه". [المصدر السابق/337]. وجاء في بصائر الدرجات عن جعفر الصادق هذا القسم العجيب "أما والله لا يدخل النار منكم اثنان. لا والله ولا واحد". بما معناه مهما فعلتم من ذنوب وكبائر وحتى شرك بالله فالجنة مأواكم! فقسم الصادق لا يختلف عن مفاتيح الجنة التي وزعها دجال قم على جنوده في حربه على العراق. ولكن من أن للصادق هذه القدرة؟ هذا ما يشرحه الكليني بحديث منسوب للصادق نفسه "قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل، وضمان رسوله". [روضة الكافي 8/180]. ويبدو أن الصادق لم يضمن الجنة شيعته فحسب، بل لمن أحبهم أيضاً حتى لو كان على غير دين أو مذهب! حيث خاطب شيعته "من أحبكم على ما أنتم عليه دخل الجنة، وإن لم يقل كما تقولون". أهذه جنة الله أو روضة للصادق يدخل فيها من يشاء؟ أليس هذا الشرك يوجب حكم الردة عليه لكونه يتجاوز على الله وقدراته وصلاحياته ويكذب عليه وعلى الناس؟
لا حدود لتخاريفهم أبداً! فالجنة كما يزعمون خُلقت من نور الحسين "أن الله خلق الجنة من نور الحسين" [المعالم الزلفى/249]. وأن "الإمام يستطيع أن يضمن الجنة لمن يشاء" [رجال الكشي ص:431]. و"الآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء" [الكافي 1/409]. "وأن الله أمهر فاطمة الجنة والنار وربع الأرض". [المعالم الزلفى ص:249] وهنا نقع في حيرة.. إن كان مهرها ربع الأرض! فلماذا خاصمت أبي بكر الصديق رضي الله عنه على قطعة أرض صغيرة ليست ذات أهمية؟ وينسب للصادق القول: "لقد مات الرسول وهو ساخط على أمته إلا الشيعة". حديث خبيث تفوح منه رائحة الكذب والافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام الصادق نفسه -حاشاه من هذا الافتراء المقيت- هل مات الرسول فعلاً ساخطا على أمته؟ وعلى ماذا سخطه؟ على نجاح رسالته ونشر الإسلام؟ أم على إكمال الدين؟ أم على توحيد العرب تحت خيمة الإسلام؟ وهل كان هناك شيعة في زمنه واسترضوه؟ ومن البقية الذين سخط عليهم النبي؟ السنة أم هناك فرق أخرى؟ أليس هذا الحديث يعني فشل النبي -معاذ الله- من توحيد المسلمين في زمنه فتشتتوا إلى نحل وملل وهو عائش بينهم؟ فكيف الحال بعد موته؟ لا نفهم كيف تنسب كل تلك الأكاذيب لأمام يصفونه بالصادق! فإن كان الصادق هكذا فما بالك بالكاذب؟
سار المتصوفة على نفس طريق الشعوبيين والصفويين فأحاطوا شيوخهم بهالة من القدسية المغالي فيها. فهم من جهة يسخرون من الجنة، ومن جهة أخرى يمنحون شيوخهم مفاتيحها! فقد ذكر البسطامي "لله عباد لو بدت له الجنة بزينتها لضجوا منها، كما يضج أهل النار من النار". [النور من كلمات ابن طيفور للسهلجي/ 147]. وقال إبراهيم بن أدهم "اللهم إنك تعلم أن الجنة لا تزن عندي جناح بعوضة"! يا لرخصها ليس حتى بعوضة بل جناحها! (راجع جمهرة الأولياء لأبي الفيض المنوفي الحسيني2/130). ويذكر مطرف بن عبد الله بأنه لو خُير بين الجنة والنار أو أن يصير ترابا" لأخترت أن أصير ترابا". (الطبقات للشعراني1/33).
ويذكر على حرازم عن الشيخ أبي العباس التيجاني إن النبي(ص) أخبره" كل من أحب التيجاني فهو حبيب النبي، ولا يموت حتى يكون وليا قطعا". ومرة ثانية يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم التقى به يقظة لا منام ولا رؤية وقال له: "كل من أحسن إليك بخدمة أو غيرها أو أطعمك، يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب". أي استجداء أكل وخدمة مجانية من الناس! ويذكر الشيخ إبراهيم الدسوقي "بيدي أبواب النار أغلقتها، وبيدي جنة الفردوس فتحتها. من زارني أسكنته جنة الفردوس"! [كتاب الطبقات للشعراني 1/153]. كأن الشيخ يتحدث عن أبواب بيته وليس رياض الجنة! ويتساءل أبو زيد البسطامي " ما النار؟ ويجيب على سؤاله: والله لئن رأيتها لأطفأتها بطرف مرقعتي". [كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي]. ويذكر شيخ الصوفية محمد عثمان الميرغني: "من رآني، ومن رأى من رآني إلى خمسة لا تمسه النار". [كتاب تاج التفاسير لمحمد عثمان الميرغني/4]. ويذكر الشيخ عطار النيسابوري في كتابه (تذكرة الأولياء) بأن شمعون المجوسي "وضع يده في النار فلم تحترق فأسلم، فكتب له الحسن البصري كتاباً ضمن له الجنة، فأمضى الله ما كتبه الحسن ونفذه". ولم يخبرنا البصري لمن عَنونَ كتابه المذكور لله تعالى أم للملائكة؟ تعالى الله عن سفاهاتهم.
للحديث بقية بعون الله.