خدعةُ التقريبِ بينَ السنةِ والشيعةِ
رمضان الغنام
السبت 8 يونيو 2013 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="خدعةُ التقريبِ بينَ السنةِ والشيعةِ" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%AE%D8%AF%D8%B9%D8%A9.jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p> <p dir="rtl" style="text-align: center;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>خدعةُ التقريبِ بينَ السنةِ والشيعةِ</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لقد استفزني مقال لأحد الكتاب بجريدة الوطن دعا فيه للتقريب بين السنة والشيعة، وازداد الأمر استفزازا عندما طفح قلمه بهذه الكلمات، قال:" وإن كل من يغذي وينشر فكرة التقريب بين الشيعة والسنة ويسعى جاهدا في الترويج لها ودعوة الناس إليها وشرح نتائجها وأبعادها الطيبة يكون من المجاهدين في سبيل الله وفي سبيل وحدة الصف الإسلامي وتوحيد كلمة الأمة، فإصلاح ذات البين هو خير من عامة الصلاة والصيام"</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">هكذا وبكل بساطة أصبح الداعي لطمس معالم الدين، ومحو الهوية الإسلامية، والعقيدة السلفية السنية مجاهدا في سبيل الله، بل جعل الكاتب هذا الفعل أفضل من ركني الإسلام، الصلاة والصيام.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولقد سعى الكثيرون قبله منذ خمسينات القرن الماضي للتقريب بين السنة والشيعة، والتقريب مسعى كل عاقل رشيد فطن يبغي الخير لدينه ولأمته، لكن ينبغي ألا يكون على حساب ديننا وعقيدتنا، فقد رفع القوم شعار الوحدة ولم الشمل، وتناسوا أمرا في غاية الأهمية، وهو أن الخلاف بين السنة والشيعة ليس خلافا فقهيا ناتجا عن فهم مختلف أو خلافا حول صحة دليل، أو خلافا ناتجا عن تنوع في الأدلة وإنما الخلاف واقع في أصل الدين ولب العقيدة، خلاف لا تقارب فيه ولا وحدة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فإما أن تتنازل الشيعة عن أصولها ومعتقداتها وتتسنن- وهو محال- وإما أن يتشيع أهل السنة ويستبدلوا عبادة الله بعبادة آيات الشيعة وأئمتهم الاثنى عشر، وهذا ما تسعى إليه الشيعة وتريده مراجعهم، متسترين بستار التقريب والجمع وهو خدعة منهم وخيانة ممن يطاوعهم إن كان واعيا لحقيقة مذهبهم الباطل.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء القدماء والمحدثين، يقول الإمام أبو يعلى- رحمه الله- واصفا حقيقة التناظر والتقارب بين أهل السنة والشيعة: " ولو ذهب ذاهب إلى ترك مناظرة الروافض ومكالمتهم لكان قد ذهب مذهباً ليس ببعيد، وذلك أن المتناظرين إنما يتناظرون ويُردَّان إلى أصل قد اتُّفِق عليه، والأصول التي ترجع إليها الأمة فيما اختلفت فيه إنما هي الكتاب والسُّنة وإجماع الأمة وحجج العقول، وهذه الأصول الأربعة لا يمكن الرجوع إليها على قول الرافضة".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولما سئل الشيخ بهجت البيطار رحمه الله عن جواز التعامل مع الشيعة قال: "يجوز التعامل معهم سياسة واقتصاداً أسوة بالدول والشعوب التي تعاهدت مع اختلاف في الأوطان والأديان، وبالله المستعان".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال الشيخ: "محمد رشيد رضا" رحمه الله: "هذا القول -بأن الخلاف بين السنة والشيعة في آراء لا تمس العقائد- إنما يضر أهل السنة فقط؛ لأن ذلك معناه أن أهل السنة موافقون للشيعة في شذوذهم الذي يهدم الدين والعقيدة، ولا يعتبرون ذلك الشذوذ ماسّاً بالعقيدة".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولما أتي الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وفد من آيات الرافضة للمناظرة والتقريب، قال لهم: " لو كنا نتفق على أصول واحدة لناظرتكم، ولكن لنا أصول، ولكم أصول وبصورة أوضح: (لنا دين، ولكم دين) وفوق هذا كله أنتم أهل كذب ونفاق"</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وعلى الجانب الآخر خرج علينا بعض الدعاة والعلماء المنادين بالتقارب لتوحيد هذه الأمة، وكان على رأسهم الشيخ محمود شلتوت رحمه الله، فقد أحسن الظن بالشيعة، وظن فيهم الخير، ولو كان يدري حقيقة عقائد القوم وأفعالهم، وما آلت إليه الأمور هذه الأيام لما جلس معهم، ولما ساير هذه الدعوى، ولا يسعنا هنا إلا إحسان الظن بالشيخ، والدعاء له بالرحمة والمغفرة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وكان الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله من الدعاة للتقريب حتى إنه قام بتدريس الفقه الشيعي الإمامي بكلية الشريعة بدمشق حرصا منه لإتمام الوحدة والتقارب، ولكنه اكتشف بعد زمن أن هذا التقارب لن يصب إلا في مصلحة الشيعة، فقال في مقدمة كتابه (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي):" كأنه المقصود من دعوة التقريب، هي تقريب أهل السنة إلى مذهب الشيعة، لا تقريب المذهبين كل منهما إلى الآخر"</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد صدق فيما ذهب إليه فإن المستفيد الوحيد من هذا التقارب هم الشيعة، فقد استطاعوا تحت هذا الستار نشر عقيدة الرفض، كتكذيبهم للقرآن وطعنهم في الصحابة، وكانوا يشنعون على كل من يرد عليهم، متهمين إياه بإعاقة الوحدة والتقريب بين صفوف الأمة، كما استفادوا من ذلك في نشر كتبهم في ديار السنة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فكيف نتقارب مع قوم يطعنون في كتاب الله ويتهمونه بالتحريف والنقص، حتى إنّ أحدهم وهو الميرزا النوري الطبرسي ألَّف كتابا سماه" فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وكيف نتقارب مع قوم يرون أئمتهم أفضل من الأنبياء، ويزعمون أن كتبا إلهية تنزلت عليهم بعد القرآن، وكيف نتقارب مع قوم يكفرون صحابة النبي كلهم سوى ثلاثة أو أربعة، أو سبعة، على اختلاف في الروايات، وكيف نتقارب مع قوم يكفرون أهل السنة قاطبة ويستحلون دماءهم وأموالهم ونساءهم، حتى قال أحد شيوخهم، وهو نعمة الله الجزائري، في الأنوار النعمانية في الجزء الثاني: "نحن لا يجمعنا من أهل السنة لا رب ولا كتاب ولا نبى".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وما العراق وأحداثها عنا ببعيدة، فقد كان المسلم السني يقتل في بغداد والبصرة على الهوية، من قِبَل الميليشيات الشيعية، وكيف نتقارب مع من يؤمن بعصمة الأئمة، والتقية والغيبة والرجعة، ومن يجيز على الله البداء.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إن غالب الشيعة إذا تكلموا عن التقارب لزموا عقيدة التقية، فيقولون مالا يعتقدون، ويظهرون خلاف ما يبطنون، غير أنهم مع هذا قد يصرح بعضهم ويصدع بمعتقده، بنفس المنطق اليهودي: إن أهل السنة لا يقرؤون ولا يسمعون وإذا قرؤوا أو سمعوا لا يفهمون، فتجد بعض المنادين بالتقارب، إذا خلا وشيعته جهر بمعتقده الخبيث في الله وفي كتابه ورسله، والمؤمنين من أهل السنة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">نقول لدعاة التقريب إنَّ خمسين عاما أو يزيد من التقريب مضت فهل كسب أهل السنة شيئا؟ هل كف الروافض عن سب الصحابة، وعن سب أمهات المؤمنين؟ هل عدل الروافض عن قولهم في القرآن؟ وهل غيروا معتقدهم في كفر أهل السنة؟ والإجابة للأسف هي (لا).</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وعلى الجانب الأخر، هل كسب الشيعة من هذا التقارب؟ هل زاد عددهم وتشيع الكثير من أهل السنة؟ هل اقتنع غالب المسلمين بأن فكر الشيعة كفكر إسلامي وأن مذهبهم معمول به كغالب مذاهب أهل السنة؟ والإجابة هي (نعم).</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">نعم لقد خسر أهل السنة الكثير بسبب الدعاوي التي انتشرت في غالب البقاع الإسلامية، والتي نادت بالتقارب والوحدة، نعم لقد لبَّس ودلَّس الرافضة على الكثيرين من أهل السنة، وأوهموهم أنَّ الخلاف بين السنة والشيعة محصور في بعض المسائل الفقهية التي يمكن تجاوزها، وكذلك استطاعوا عبر هذه الدعاوي نشر معتقدهم في ديار السنة، والدعوى إلي مذهبهم تحت شعار محبة آل البيت ونصرتهم، حتى استمالوا البعض إليهم.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وأخيرا أقول لدعاة التقريب كفانا تقريبا، كفانا تخريبا لعقل هذه الأمة، وأقول إن طريق التقريب بين السنة والشيعة مزروع بآلاف السدود والعقبات في الأصول والفروع، أزيلوا هذه السدود أولا ثم تكلموا على التقريب، وأبشركم؛ بأنكم فور الانتهاء من إزالة آخر سدٍ في هذا الطريق لن تجدوا في الأمة سوى من يؤمن بالله وكتبه ورسله، ويجلّ الصحابة وأمهات المؤمنين، أبشركم لن يبقى في الأمة إلا أتباع الصحابة وسلف هذه الأمة، أبشركم لن تجدوا في الأمة خائنا أو عميلا أو مُضَللا يتخذ بينه وبين ربه واسطة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align: left;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="DarkRed" face="Simplified Arabic" size="3"><b>المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث</b></font></font></p>
التعليقات