في التشيع السياسي
مدير الموقع
الأربعاء 12 يونيو 2013 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="في التشيع السياسي" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%8A%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A.jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p> <p dir="rtl" style="text-align: center;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>في التشيع السياسي</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">من المعروف في الفكر الشيعي أن الفكرة الأساسية للتشيع سياسية لا دينية، وأن الإمامة هي محور التشيع، حيث انطلق التشيع من رحم صراع سياسي لا ديني، حين كان المسلمون دينياً مجتمعين على الأصول الدينية المعروفة في الإسلام في بداية تكون التشيع.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويمكن فهم محورية "فكرة الإمامة" في الفكر الشيعي القديم والمعاصر إذا ما نظرنا للظروف التاريخية التي أحاطت بالشيعة، حيث شكلوا حالة أقلية سياسية معارضة للنظام السياسي السائد آنذاك، وكان من الطبيعي أن يولـِّد حرمانُ الشيعة من السلطة فيهم رغبة جامحة للوصول إليها، وهذا ربما كان السبب الذي جعل "فكرة الإمامة" تأخذ هذه الأهمية في الفكر الشيعي على مر العصور، حيث عـُدت عند كبار محققيهم أصلاً من أصول الإسلام، يعد منكرها "كافراً وخالداً مخلداً في النار"، كما عند الشيخ المفيد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">التشيع برمته – إذن - قام كردة فعل لحرمان الشيعة من ممارسة ما رأوه حقهم السياسي في السلطة، ولو فرضنا أن الشيعة تاريخياً كانوا هم السلطة الزمنية في ذلك الوقت، لربما رأينا مذهباً آخر اليوم باسم العباسيين أو الأمويين يعطي لهم حقاً إلهياً في الحكم، ويتمحور حول فكرة إمامة العباس – مثلاً - الذي ربما عـُد الإمام الأول الذي حرمه العلويون وبقية قريش - على سبيل المثال - من حقه، أو إمامة عثمان الذي ربما كان في "المذهب العثماني" المفترض إماماً معصوماً منصوصاً على إمامته وإمامة أولاده من السماء.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبمعنى آخر يفترض المرء أن السلطة لو آلت منذ البداية إلى علي، فربما تبادل المذهبان الإسلاميان اليوم الأدوار فحمل سنة اليوم أفكار الشيعة، وباء الشيعة الأكثرية المفترضة باللعن والسب بسبب اعتدائهم على الحق الإلهي للأمويين والعباسيين التي نص عليها الكتاب والسنة حسب هذا الافتراض.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومثلما لا يمكن فصل نشأة التشيع الأولى عن الطموح السياسي للعلويين، فإنه كذلك يصعب فصل هذه النشأة عن طبيعة الأفكار الجديدة التي حملتها إلى الإسلام الشعوب الجديدة التي دخلت فيه، والتي وجدت في التشيع نوعاً من المواءمة بين ثقافاتها القديمة والأفكار التي ينشرها الدين الجديد، حيث تضرب كثير من الأفكار الشيعية بجذورها في ثقافة هندية إيرانية قديمة. والحقيقة أن هناك جدلاً واسعاً بين الدارسين حول فكرة "التشيع" وهل نشأ سياسياً أو دينياً، غير أنه يمكن القول أن التشيع في أصله الأول نشأ كنظرية سياسية تتمحور حول أحقية علي وأبنائه بالإمامة، دون أن تكون هناك فروق مذهبية فقهية كبيرة تميزه عن غيره من المذاهب الإسلامية، مما أتاح المجال للقول بنشأة "التشيع السياسي"، غير أنه مع تقدم الزمن حاول أصحاب هذه النظرية السياسية تمييزها عن عامة المذاهب الأخرى بأحكام فقهية خاصة، لتمتزج النظرية السياسية الشيعية بالتميز الفقهي الجديد، وعندها أمكن الحديث عن "تشبع ديني" فقهي جاء لاحقاً بعد مراحل التكوين والنشأة، ثم حدث إضفاء الطابع الديني على فكرة "الإمامة" مما جعل التشيع يشبع بأفكار سياسية في ثوب ديني ثيوقراطي.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يذكر أحمد الكاتب في حديثة عن "التشيع السياسي والتشيع الديني" أن النصوص الثابتة" تؤكد على كون التشيع الأول ذا طبيعة سياسية وليس عقيدة دينية، وأن الشيعة الأوائل استمروا في فهمهم للتشيع كولاء سياسي مجرد لأهل البيت حتى بداية القرن الثاني الهجري على الأقل، تاريخ نشأة الفكر الإمامي، حيث دخل الشيعة (العلوية) في صراع طويل مع "الإمامية" الذين فشلوا في تقديم أدلة كافية على صحة نظريتهم <font face="Simplified Arabic" size="3">[في التشيع الديني. د. محمد جميح]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ثم إنه بعد مراحل التكوين بفترات تاريخية امتزجت السياسة بالدين في نسيج التشيع، بعد أن أضفى "الإماميون" من الشيعة على "الإمامة" - التي هي مجرد نظرية سياسية - طابعاً دينياً إلهياً على اعتبار أنها حق من الله للأئمة المعصومين حيث الإمام لا يختارها لنا سبل يعين بالنص من "الإمام سلفها لمعين من سلفه إلى النبي إلى الله". وهذه المقولات وغيرها ليست على وجه التحقيق موجودة في التراث الذي تركه علي بن أبي طالب، ولا أي من أولاده، بل ثبت عنه القول في أحد ردوده على معاوية بن أبي سفيان أن الأمر "شورى بين المهاجرين والأنصار"، وهو الأمر الذي سار عليه الحسن عندما سلم لمعاوية وبايعه فيما بعد على اعتبار أن الإمامة قضية سياسية فرعية لا دينية أصولية.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وعلى كل فيبدو أن اعتناق فكرة "إلهية الإمامة" أدى إلى تصور ثيوقراطي للدولة الإسلامية من منظور شيعي، حيث يرأس "الإمام" الدولة بتكليف من الله، مما يرفعه إلى أن يكون "نائب الله" في الأرض، وهي فكرة ثيوقراطية بامتياز. وظلت الفكرة تترد عبر تاريخ التشيع إلى أن وصلت إلى المعاصرين، حيث ينظر الخميني إلى نفسه على أساس أنه "نائب الإمام" الذي هو أصلاً "نائب الله"، وبالتالي فإن لـ"نائب الإمام" ما لـ"نائب الله" من حقوق سياسية وتشريعية، ولذا لا يستغرب أن يجعل الخميني نفسه فوق الدستور، ينقضه متى شاء.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">هذا على المستوى النظري، وأما على المستوى العملي فإن التشيع قديماً وحديثاً قد استغل لأغراض سياسية بحتة لا علاقة لها بالدين، ولا بأهل بيت النبوة، حيث عـُد التشيع وسيلة دينية اتخذها بعض العلويين لانتزاع الملك من بني أمية وبني العباس فيما بعد. ومن أكبر الشواهد التاريخية على تسييس التشيع أن ألد أعداء العلويين من العباسيين قد تدثروا بادئ الأمر بمسوح التشيع لأهل البيت، حتى إذا ما وصلوا إلى عرش بغداد ودانت لهم الدنيا، أعمل أول خلفائهم في العلويين ذبحاً وتنكيلاً حتى لقب بالسفاح.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن الأفكار الدينية التي ابتكرها الشيعة الطامحون سياسياً، فكرة "الإمام الغائب"، تلك الفكرة التي جاءت حقيقة من أجل التخلص من فكرة "الإمامة" بتغييبها حتى يتسنى لمن لا تنطبق عليهم شروط الإمامة - بالانتساب لذرية علي - ممارسة صلاحيات "الإمام" الذي غيبوه عن قصد من أجل التخلص من فكرة الإمامة التي وجدوا أنفسهم مقيدين بها على الرغم من أنهم ابتكروها لأغراض سياسية، وعندما لم تؤد الغرض بحكم الأمر الواقع الذي سيطر فيه سياسياً الأمويون والعباسيون آثر الإماميون التخلص منها بطريقة لا تقضي عليها نظرياً وإن أبطلتها على المستوى العملي.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ابتكرت – إذن - فكرة "الإمام الغائب" من أجل صياغة فكرة أخرى جديدة تقوم على أساسها، وهذه الفكرة الجديدة هي فكرة "نائب الإمام" التي أتاحت للنائب ممارسة صلاحيات الإمام، كما سبقت الإشارة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يقول أحمد الكاتب: "استغل أكثر من أربعة وعشرين شخصاً على رأسهم "النواب الأربعة" (للإمام المهدي) حكاية وجود الولد (الإمام الغائب)؛ ليدَّعوا لأنفسهم "النيابة الخاصة" عنه، ويجبوا المال من الشيعة بدعوى إيصالها الى "الإمام الغائب" المهدي المنتظر".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن هنا نخلص إلى "المطبات" النظرية التي وقع فيها الفكر السياسي الشيعي في سعي الإماميين الحثيث للوصول إلى السلطة: فقد ابتكروا فكرة "الإمامة"، وعندما وجد أنها لا تستطيع تحقيق الطموح السياسي بالوصول إلى السلطة "غيبوها"، ثم أسسوا لنظرية "الإمام الغائب"، من غير إدراك لمطب التنظير الذي جاء لاحقاً، والذي لا يجيِز أن تكون للشيعة دولة حال غياب (الإمام الغائب) حتى يخرج ويكون هو قائد الدولة. وبعد التأسيس لهذه المقولة وجد الأصوليون الشيعة أنفسهم في ورطة أخرى، حيث حرموا على أبناء مذهبهم ممارسة العمل السياسي الذي يفضي إلى دولة لهم، غير أنهم خرجوا من نظرية "الإمام الغائب" إلى نظرية أخرى تتفادى نقض النظرية الأولى، وهذه النظرية هي "نظرية نائب الإمام" التي جاء الخميني من المعاصرين وطورها ليقول إنه يجوز للولي الفقيه أن ينوب عن الإمام حال غيبته، ويمارس مهامه السياسية والدينية بتوجيه مباشر من "الإمام الغائب"، وهي النظرية التي ولدت من رحمها الجمهورية الإيرانية بعد ثورة الخميني الذي قامت أفكاره على أساس ولاية "الولي الفقه".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وكما استغل العباسيون التشيع لأغراضهم السياسية، واستغل الشيعة المتقدمون في الماضي نظرية "الإمامة" لأغراض سياسية، واستغل وكلاء الأئمة نظرية "الإمام الغائب" ليمارسوا باسمه المهام السياسية والاقتصادية، جاء الخميني مستغلاً نظرية "نائب الإمام" ليصل إلى عرش شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، في تسييس واضح للتشيع لا علاقة له بالدين ولا بأهل البيت.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن هنا يتضح حجم التلاعب الكبير بـ"الديني" على يد "السياسي" من أجل تمرير أهداف سياسية لا علاقة لها بالدين، في وقت وصم الدين ذاته بطابع هذه الأفكار مما جعل منه منظومة ثيوقراطية مغلقة وظفها الطامحون سياسياً لأغراضهم قديماً وحديثاً.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align: left;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="DarkRed" face="Simplified Arabic" size="3"><b>المصدر: مأرب برس</b></font></font></p>
التعليقات
طالب علم الخميس 29 أغسطس 2013 م
صراع الأبناء :- مسألة غريبة! موجودة في كتب الشيعة الإثناعشرية . يبدو أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يشرح لجميع أبنائه مبادئ الإمامة الإثناعشرية كما نعرفها اليوم ! فمثلاً : عندما إستشهد الحسين (ع) جاء محمد بن الحنفية إلى علي السجاد (ع) فقال له : يا ابن أخي، أنا عمك وصنو أبيك وأسنّ منك ، فأنا أحق بالإمامة والوصية ( البحار 92 / 160 ) . الغريب أن السجاد (ع) لم يقل لعمه محمد بن الحنفية: ألم يخبرك أبوك (علي بن أبي طالب) بأن الإمام بعد الحسين هو أنا وليس أنت! ألم يخبرك بأنه لا يجوز الإعتراض على الإمام المعصوم! ألم يخبرك بأن الإمام معصوم من الخطأ والسهو والنسيان! ويبدو أن السجاد (ع) لم يستغرب أن عمه لا يعلم التسلسل الإثناعشري للأئمة! الواضح من الرواية أن أمير المؤمنين علي (ع) لم يُخبر جميع أولاده بالتسلسل الإثناعشري، رغم أن محمد بن الحنفية كان أهم أولاده بعد الحسن والحسين (ع). فقد كان محمد بن الحنفية حامل الراية في معركة الجمل وصفين، لأن علياً (ع) كان يخاف على حياة الحسن والحسين، فكان (ع) يقول لجنوده في صفين: أملِكوا عني هذين الفتيين، أخافُ أن ينقطع بهما نسل رسول الله (عليه الصلاة والسلام) ( بحار الأنوار 42/ 99 ) . وهذا غريب أيضاً ، فلو كان علي بن أبي طالب (ع) يعلم بأسماء الأئمة مسبقاً، لعَلِمَ أن الحسن والحسين سيعيشان بعده، ويكونا أئمة . فلماذا الخوف على حياتهما ؟؟!!