حكم الشرع في من يصف أئمته بالعصمة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الخميس 18 يوليو 2013 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="حكم الشرع في من يصف أئمته بالعصمة" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%85%D8%A9(1).jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p> <p dir="rtl" style="text-align: center;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>حكم الشرع في من يصف أئمته بالعصمة</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4">السؤال: ما حكم الشرع في نظركم فيمن يصفون أئمتهم أنهم معصومون، ويقولون إنهم أرباب الظهور، وألباب الدهور، والعلماء بخفيات الأمور؟</font></b></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>الجواب:</b> من زعم أن أئمة الشيعة الرافضة الاثني عشر هم يعلمون الغيب، أو أنهم معصومون، أو أنهم يعلمون خفيات الأمور، خفيات الغيب مما كان أو يكون هذا ردة عن الإسلام، يقول الله عز وجل: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [النمل:65]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويقول الله جل وعلا عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الأنعام:50]</font>، فالنبي صلى الله عليه وسلم نفى عن نفسه أنه يعلم الغيب، فغيره من باب أولى، وهكذا قال نوح، أول الرسل جاء إلى الأرض بعد ما وقع الشرك فيها، يقول جل وعلا عن نوح: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الأنعام:50].</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالغيب إلى الله جل وعلا، هو الذي يعلم الغيب، لا يعلمه عليٌ، ولا أئمة الشيعة الاثني عشر، ولا غيرهم، لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">والمقصود من هذا كله أن الواجب على جميع المسلمين اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على دينه، وذلك بالإيمان أن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن الله بعثه إلى الثقلين الجن والإنس، وأن الواجب طاعته واتباع شريعته، مع الإيمان بأنه لا يعلم الغيب، ومع الإيمان بأنه يُدعى مع الله، ولا يستغاث به مع الله، ولا يعبد مع الله، وهكذا الصديق، وهكذا عمر، وهكذا عثمان، وهكذا علي، وهكذا طلحة، وهكذا الزبير، وهكذا بقية العشرة، وهكذا بقية الصحابة، كلهم لا يعلمون الغيب، الغيب عند الله، وكلهم لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطاف بقبورهم، وعلم الغيب عند الله سبحانه وتعالى، والله هو الذي يعبد جل وعلا دون كل ما سواه، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الزمر:2]</font>، وقال تعالى في سورة البينة: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [البينة:5]</font>، وقال جل وعلا في كتابه الكريم: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الإسراء:23]،</font> وقال سبحانه: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الفاتحة:5]</font>، وقال عز وجل: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الجن:18]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالمقصود أن حق الله هو العبادة، حقه سبحانه: هو أن يعبد وحده لا شريك، وأن يطاع أمره، وأن ينتهى عن نهيه، وأن يوقف عند حدوده، أما المخلوق مهما بلغ من الفضل فإنه لا يجوز أن يعبد من دون الله، لا صديق ولا من دون الصديق، جميع المخلوقين لا يعبدون من دون الله، لهم حقهم بحسب طاعتهم لله، لهم فضل وميزة، والمنزلة العالية عند الله جل وعلا على حسب طاعتهم لله، وقيامهم بحقه، والرسل هم أفضل الناس، ثم يليهم أصحابهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الناس، وأصحابه هم أفضل الأمة، وخير الأمة، كما قال عليه الصلاة والسلام: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«خير الأمة قرني ثم الذين يلونهم»</b></font>، وفي اللفظ الآخر: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«خير الناس قرني»</b></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء رضي الله عنهم، وأفضلهم الصديق أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، والحسن والحسين من أفضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هما سيدا شباب أهل الجنة، وهكذا عبد الله بن جعفر، وجعفر بن أبي طالب، والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأولاده كلهم من أهل البيت ولهم فضلهم، لكن لا يعلمون الغيب، ولا يجوز أن يعبدوا مع الله عز وجل، وهكذا بقية الصحابة، وأهل البيت لهم فضلهم، وهم بنو هاشم، من استقام منهم على دين الله فله فضله، ومن حاد عن دين الله، وخرج عن دين الله فهو الطريد البعيد، كأبي لهب فقد مات على الكفر بالله، وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم، أنزل الله في حقه: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [المسد:1]</font>، وهكذا أبو طالب، وهو عم النبي، نصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه على دين قومه، وصار أيضاً من أهل النار والعياذ بالله، وأنزل الله في حقه: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [القصص:56]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالواجب على الشيعة جميعاً، والواجب على جميع من ينتسب إلى الإسلام أن يعبد الله وحده، وأن يؤمن بالله، وأنه هو الإله الحق كما قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [البقرة:163]</font>، وأن يعبده وحده دون كل من سواه، وأن لا يعبد معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، لا أهل البيت ولا غيرهم، يجب على الشيعة وغير الشيعة أن يعبدوا الله وحده، وأن يخصوا الله بعباداتهم، أما علي رضي الله عنه والحسن والحسين وغيرهم، لهم فضلهم رضي الله عنهم، وهم من أولياء الله ومن أحباب الله، لهم فضلهم، ونترضى عنهم، ويُدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولا يجوز سبهم كما لا يجوز سب غيرهم من الصحابة، ولكن لا يعتقد فيهم أنهم يصلحوا للعبادة، أو أنهم يعلمون الغيب، يجب الإيمان بأنهم مثل غيرهم، غير معصومين، ولا يعلمون الغيب، لكنهم لهم فضلهم لأنهم من الصحابة، لهم فضلهم ولهم منزلتهم عند الله، العباس وأبناءه عبد الله بن عباس وغيره، هكذا الحسن والحسين، وهكذا علي هو أفضلهم وأفضل أهل البيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل أهل البيت، وأفضل الصحابة بعد الصديق، وبعد عمر وعثمان، فلهم منزلتهم ولهم فضلهم، ويجب على الشيعة هداهم الله، يجب عليهم هداهم الله أن يعرفوا الفضل لأهله، وأن يؤمنوا بما أخبر الله به ورسوله، وأن يعتقدوا أن أفضل الأمة الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وأن يعرفوا لهم فضلهم، وأن لا يعتقدوا فيهم خلاف الشرع، وأن لا يعبدوا أحداً مع الله؛ بل يخصوا الله بالعبادة دون كل من سواه، فلا يُدعا إلا الله، ولا يستغاث إلا بالله، ولا ينذر إلا لله، ولا يذبح إلا لله، هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى، قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> </font>يعني ذبحي <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ﴾</b></font><font face="Simplified Arabic" size="3"> [الأنعام:162-163]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال علي رضي الله عنه في الحديث الصحيح: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض»</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[رواه مسلم في الصحيح من رواية علي رضي الله عنه]</font>، وبعث أبا الهياج الأسدي، بعثه علي رضي الله عنه قال: "أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته"، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعث علياً رضي الله عنه على أن يسوي القبور المشرفة، وأن يطمس الصور، فالقبور المشرفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسويتها، وأمر علياً بذلك، فلا يجوز البناء على القبور لا على قبور أهل البيت ولا على غير أهل البيت، لا يبنى عليها، ولا يتخذ عليها المساجد ولا قباب؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك، ولكن تكون ظاهرة مكشوفة، مثل قبور البقيع الآن مكشوفة، هذا هو المشروع.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها.. جاء رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»</b></font> يحذر ما صنعوا.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فالواجب على المسلمين جميعاً الشيعة وغيرهم، الواجب على الجميع الامتثال لما قاله الله ورسوله، والطاعة لما أمر به الله ورسوله، وألا يُبنى على القبور لا مساجد ولا غيرها، وأن لا يعبدوا أحداً من دون الله، وأن لا يستغاث بهم، فلا ينذر لهم، لا بطن علي ولا غيرهم، بل يجب أن تكون العبادة لله وحده دون كل من سواه، والصحابة يدعى لهم، ويعرف لهم فضلهم، لكن لا يعبدون مع الله لا علي ولا غير علي.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">نسأل الله للجميع الهداية، نسأل الله لنا وللشيعة، ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق.</font></p>
التعليقات