هل هو العمي أم التعامي في التعامل مع الأموات؟
علي الكاش
الخميس 28 نوفمبر 2013 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="هل هو العمي أم التعامي في التعامل مع الأموات؟" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%89.jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p> <p dir="rtl" style="text-align: center;"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>هل هو العمي أم التعامي في التعامل مع الأموات؟</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الانشغال بالصراعات الجانبية التي لا تقدم ولا تؤخر هي واحدة من مشاكل العراقيين التي لا تعد ولا تحصى؛ فبعض الصراعات ما زالت مستمرة بالرغم من أن نواة الصراع هياكل عظمية عفى عنها الزمن، ولا يرجى منها فائدة. صحيح أن التاريخ أبو الحاضر، والمستقبل ابن الحاضر، وحفيد الماضي، لكن هذا لا يعني أن الابن سيكون نسخة طبق الأصل من الأب، أو أن الحفيد يشابه الأب أو الجد في كل الخصائص.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">هذه المعادلة لا تصح إلا عندما تأبى العقول الحاضرة أن تغادر الماضي، وتبقى متشبثة به تشبث الغريق بطوق النجاة، مع أن من أبسط مقتضيات التفكير السليم والعقل الناضج هو الاستفادة من دروس الماضي لتلافي الوقوع في نفس الأخطاء، فالتاريخ دروس وعبر لمن اتعظ وتنور واعتبر، وعديم الفائدة لمن تعنت وتجاهل واغتر.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>التاريخ علم متخلف، والمؤرخون أناس ينظرون إلى الوراء دائماً؛</b> إنه ليس أكثر من عملية نبش الماضي، وفعله أشبه ما يكون بضوء السيارة الخلفي، يُشعر الآخرين بوجودنا، ويحذرهم من حركتنا، لكنه لا يكشف عما هو أمامنا من مطبات ومفاجئات. وهذا بحد ذاته مشكل، مشكل للحكام، ومشكل للشعوب، ومشكل لعلم التاريخ نفسه.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">البحث في التاريخ فيه الكثير من التداخلات والإشكالات التي لا يمكن الحكم عليها بالحسم والجزم، إنه ليس حقائق دائماً، فغالباً ما يكون ممزوجاً بنفسية ومشاعر ودوافع من كتبه، إنهم بشر لا يختلفون عنا، لهم أهواؤهم وطباعهم ورغباتهم، وهناك الكثير من المؤثرات النفسية والاجتماعية والدينية والثقافية والسياسية التي تجعلهم يميلون لهذا الطرف أو ذاك، مما يلغي الحيادية في رواياتهم. وهناك بعض المؤرخين كتبوا روايات، ونقلوا أحاديث عن آخرين لقوا حتفهم منذ أكثر من ألف عام، ولا نعرف من أين استقوا تلك الأحاديث والروايات، سيما أنه ليس فيها سند تاريخي؟! هل هي نتاج حلم أو رؤية أو كهانة أو ضرب بالرمل؟ ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة العصر والأجواء السياسية، ومحاولات التقرب من الخلفاء والملوك والحكام، سيتكشف لنا كنز من الحقائق، وبعضها مذهل للغاية.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فعلى سبيل المثال نجد أن كتاب الشاهنامة لأبي القاسم منصور، الملقب بالفردوسي له، أهمية كبيرة عند الفرس لا يضاهيها حتى القرآن الكريم نفسه، فقد أطلق البعض على الشاهنامة (قرآن الفرس)! وهذه الملحمة مع ديوان حافظ يكاد لا يخلو منها بيت إيراني، في الوقت الذي تخلو بعض الديار من القرآن الكريم.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يمجد الفردوسي في ملحمته التي حاول أن يقلد فيها ملحمة هوميروس، تاريخ وسجايا ملوك الفرس، سيما المجوس منهم، ويضفي عليهم مواصفات إلهية، ويشيد بالحضارة الفارسية التي يعتبرها تفوق حضارة بقية الأمم! وهي حضارة لا نعرف ما هي عظمتها مقارنة بحضارة وادي الرافدين التي كانت لهما منجزات كبيرة، مثل سن أول قانون، واختراع اللغة والدولاب وغيرها. إن الذي امتازت فيه الحضارة الفارسية لا يزيد عن تعظيم الملوك الفرس، والأباحية الجنسية، والحملات العسكرية، والدسائس والفتن والعدوان على دول الجوار، سواء قبل الإسلام أو بعده. لقد مزج الفردوسي الحقائق بالخرافات، والوقائع بالأساطير في كتاب الشاهنامة، وزادها بالطعن في العرب والإسلام فوصفهم بأقبح الأوصاف.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>أما لماذا قام الفردوسي بهذا العمل الذي أخذ منه أكثر من ثلاثين عاماً؟</b></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>أولاً:</b> لأنه عبر عن نزعة الحقد والكراهية واللؤم والغدر التي كانت تختلج نفوس معظم الفرس ضد العرب والمسلمين.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>ثانياً:</b> التعبير عن مشاعر الحنين والشوق الى المجوسية.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>ثالثاً:</b> محاولاً إرضاء السلطان محمود الغزنوي بالتهجم على العرب والمسلمين من جهة أخرى، وكان المقرر أن يستوفي الفردوسي من الذهب ما يعادل وزن كتابه كما وعده الغزنوي. ولكن السحر انقلب على الساحر! فالسلطان استغرب وامتعض من كثرة الإشادة بآل سامان بدلاً عنه، والنزعة المجوسية الحادة في الكتاب التي لا تتوافق مع إسلامه، فخفض المكافأة إلى (20) ألف درهم من الفضة؛ لذلك فالذهب كان الدافع الرئيس وراء الكتابة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن الكتاب أيضاً اليعقوبي، وهو من أصول فارسية من مدينة أصفهان، وقد كناه العاملي بـ (الأصفهاني) في كتابه أعيان الشيعة، كان جد اليعقوبي من موالي الخليفة المنصور، مع أنه يكني نفسه بالعباسي، وأطلق اسم الدعوة الهاشمية على الدعوة العباسية، فقد تولت أسرته وظائف مرموقة، وكان لديهم حظوة عند الخلفاء العباسيين، فاستمال العباسيين، وحمل الضغينة والكراهية لبني أمية؛ لذا العرق والجاه والمناصب كانت الدوافع وراء كتاباته.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومنهم ابن قتيبة، وهو من أصول فارسية أيضاً من مدينة مرو الروذ، تولى قضاء الدينور في زمن الخليفة المتوكل، وأهدى كتابه (أدب الكاتب) للوزير عبيد الله يحيى بن خاقان، فكافئه بالمال الجزيل. وأهدى كتابه الشهير (المعارف) إلى أحد إخوان الخليفة المعتضد فأعطاه (10000) دينار. وقد قدح قدحاً كبيراً في سيرة خلفاء بني أمية كسابقيه دون أن يفحص ويتمحص الروايات بل أخذها على علاتها من مصادرها الضعيفة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>إذن</b> المصالح المادية والمعنوية لها دورها الفاعل في اتجاه الراوي، مما يتطلب التأني والحذر مما يروى، وهناك المئات من الرواة ينطبق عليهم الأمر نفسه.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لذلك يعتبر التاريخ سلاح ذو حدين، وعلى من يبحث فيه أن لا يعتمد على راوية ويعتبرها هي الصواب والبقية باطلة، والأهم من هذا وذاك أن يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المناخ السياسي، ونزعة الراوي وأهوائه، وأن يطلع على الروايات المعارضة لها، وإلا فالأولى به أن يترك بحر التاريخ جنباً ويعوم في شاطئ آخر.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الكثير منا اطلع على مأساة كربلاء، وما تركته من جراح في تاريخ الإسلام، وما زال الجرح يتجدد يوماً بعد آخر بدلاً من أن يلتئم؛ بفعل ألاعيب دهاقنة الدين وأفانين السياسيين، ولا أحد يجهل أن خروج الإمام الحسين لم يكن لأسباب دينية وإنما سياسية ورغبة في بالحكم، وهذا أمر طبيعي في التاريخ السياسي للأمم، فالإسلام في عصره كان قوياً متسماً بالاستقرار والهدوء، والفتوحات تجري على قدم وساق، والأمة الإسلامية تزدهر وتتوسع، ومهما كان من أمر فإن أي مسلم لا يرتضي النتيجة التي انتهى إليها الإمام الحسين؛ بغض النظر عن الأسباب والدوافع لخروجه ومدى صحتها، فما تعرض له من إذلال وقتل غير مقبول أبداً، لا في تعاليم السماء ولا قوانين الأرض، لكن ما ترتب على المأساة من مآسي، وما أعقبها من نزيف دم لا يمكن قبوله أيضاً، فغالبية الجرائم التي ارتكبت في التاريخ الإسلامي علقت برقبة أهل البيت سيما الحسين، ولو كان الإمام الحسين قد عرف بأن خروجه سيؤدي إلى فتح حمام من الدماء لأربعة عشر قرناً، لأقفل الباب على نفسه بألف قفل وما خرج منه بتاتاً، ولعن السياسة والرئاسة بكل ما فيها من ويلات وكوارث.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">باسم الحسين قتل الملايين من العرب والمسلمين، وباسم الحسين سرقت الملايين، وباسم الحسين هُجر الملايين، وباسم الحسين تشكلت أعتى الميليشيات الإرهابية في التاريخ من القرامطة الى الحشاشين وانتهاءً بحزب الله وغيرها، وباسم الحسين ترملت ملايين النسوة، وتيتم ملايين الأطفال، وباسم الحسين انتشر الإيدز والأمراض الجنسية، وباسم الحسين شاعت تجارة المخدرات في دول الإسلام، وباسم الحسين بلغ الفساد الأخلاقي القمة بسبب زواج المتعة والزواج الجماعي للزينبيات، وباسم الحسين تغتصب النساء في السجون، وباسم الحسين تحرق وتغتصب جوامع أهل السنة، وتتحول من مساجد الله إلى مساجد الحسين، وباسم الحسين ينتشر الجوع والفقر والمرض والجهل، وباسم الحسين تراجعت الأمة الإسلامية قرون إلى الخلف، وباسم الحسين انشق الإسلام إلى شقين لا يمكن ترقيعهما ولو بعد قرون قادمة، وباسم الحسين تصاعدت حالات الانتحار عند الشباب، وباسم الحسين يتم التعاون مع أعداء الإسلام، وباسم الحسين توقف الجهاد في انتظار إمام الحفرة .. كل الموبقات وكل الكبائر والرذائل والخيانات سجلت باسم الحسين، وهو منها براء، وما زال الصراع مستمراً بين أتباع الحسين وممن لا يحسبون من أتباعه ولنفس الغرض، السياسة والمناصب.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الصراع بين الأحياء على الأموات زوبعة تاريخية لا تتوقف ولا تهدأ، بل اتسعت لتضم عائدية الأموات وهذا أمر غريب! وربما ينفرد فيه العراق عن غيره من بين خلق الله، سيما أن هذا الانفراد يتصف بالعنف والأنانية والحقد، ويصل إلى التكفير والقتل، فقد أقام أتباع آل البيت الدنيا في سبيل إعادة العتبات المقدسة في سامراء إلى الوقف الشيعي وسجلوا انتصاراً ماحقاً على الوقف السني، وتبادولوا التهاني والتبريكات كأنهم وصلوا للمريخ، وليس استعادة قبور لا نفع منها ولا ضرر، كما جاء في سورة فاطر: {<font color="DarkRed" face="Simplified Arabic" size="4">إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ</font>} [فاطر: 14].</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهذه الأيام شهدنا فصول تراجديا جديدة على مسرح مجلس شورى الدولة حول الأموات بالطبع، فالأحياء خارج إطار اهتمامهم! الصراع كان حول الرئيس السابق عبد الكريم قاسم، هل هو شهيد أم قتيل؟ إنها فعلاً مسألة مصيرية للعراقيين، لهذا تناقش في أعلى المستويات رغم أن مضمون النقاش هيكل عظمي سواء اعتبر شهيداً أو قتيلاً فالأمر سيان. رحم الله جحا فقد سُئل أيهما أفضل المشي أمام الحنازة أم خلفها؟ فقال: لا تكن فيها وامش كيفما تريد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الطرف الأول من المتصارعين في مقبرة الزعيم الأوحد ما يسمى بمجلس شورى الدولة العراقية، الذي رفض اعتبار الزعيم قاسم شهيداً. والطرف الثاني لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين البرلمانية (خاصة بالعملاء والجواسيس والخونة) مصممة على منحه لقب شهيد، وسيتم عرض الموضوع للتصويت في مجلس النواب العراقي لاحقاً.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لكن هل سيتم أيضاً شمول العائلة الملكية بلقب شهداء أيضاً، سيما أن طريقة قتلهم كانت بشعة للغاية، ولم يستثنَ منهم النساء والأطفال والشيوخ؟ وهل سيعرض الأمر على البرلمان لمناقشته؟ إن جرى الأمر كذلك وهذا هو العدل والإنصاف، فإن القاتل والمقتول سيعتبران من الشهداء، وهذا إشكال فلسفي نحتاج في حله إلى المرحوم سقراط في محاورة جديدة (محاورة الزعيم الأوحد)، إن عملية قتل العائلة المالكة تمت بأمر الزعيم قاسم ودماء العائلة المالكة برقبته، فالجمع بين القتل والشهادة أمر صعب هضمه! وكان من الأجدى بالفريقين المتصارعين أن يتركوا الأموات وشأنهم فهم بين أيادي الرحمن، وقد انتهى نفاذ قوانين الأرض عليهم، وبدأ نفاذ قوانين السماء.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لا نزعم بأننا ضد هذا الطرف أو ذاك فالجميع أموات، ولا يعنيهم منا سوى الترحم عليهم، والدعاء من الله تعالى أن يضمهم برحمته الواسعة، ويغفر لهم ذنوبهم. هذا هو أفضل ما يؤديه الأحياء تجاه الأموات. أما بقية الأمور فإنها مجرد سفسطة لا تنفع الميت ولا تضره، قال الإمام علي: "هم جيرة لا يجيبون داعياً ولا يمنعون ضيماً ولا يبالون مندبة"، وفي حديث آخر: "لا هم في حسنة يزيدون ولا هم من سيئة يستعتبون" [نهج البلاغة1/220].</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">الزعيم عبد الكريم قاسم شأنه شأن بقية الزعماء في العالم له من الحسنات والسيئات، فهناك من انتفع منه، مثل أهل مدينة الثورة (مدينة صدام وأخيراً الصدر) الذين أسكنهم قاسم في العاصمة بغداد، ووزع عليهم الأراضي مجاناً، فاستقروا فيها، فهم يعتبرونه قائداً فذاً؛ لأنهم استفادوا منه، وهناك من تضرر من هذه السياسة التي كانت سبباً مباشراً في تدهور الزراعة، وانتشار العادات والتقاليد البالية والجهل والفقر في العاصمة، فيعتبرونه قد ارتكب جريمة بحق العاصمة بغداد وأهلها الأصليين، وكان من الأجدر به أن يوزع لهم الأراضي في محافظاتهم، ويمنع الهجرة من الريف إلى المدينة. ولكل من الطرفين بالطبع وجهة نظره سواء المستفيد أو المتضرر ويرى الحق بجانبه.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يبدو أن البعض ينطلق في دعواه باعتبار الزعيم قاسم شهيد من منطلق أنه كان على عداء من البعثيين والقوميين، وهذا ثوابه بالنسبة لهم. أي الأمر لا يتعدى النكاية بحزب البعث والقوميين العرب، وليس حباً بقاسم نفسه. فرئيس لجنة احتفالات (14 تموز نجم الساعدي) ألغى كل الشهداء العراقيين قبل قاسم معتبراً أن قاسم "هو الشهيد الأول وزعيم الشهداء"، قد عرفنا الزعامة في الحياة، أما الزعامة في الموت فهذا أمر مثير جداً، ويستحق العبقري الساعدي عليه براءة اختراع! والأدهى منه أن النائب خالد العطية (كتلة دولة القانون) طالب بتشريع قانون خاص وأوحد بشأن الزعيم الأوحد!</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وكالعادة انتقل النزاع حول قاسم من السياسيين إلى الشارع العراقي بين مؤيد للشهادة ومعارض لها، وخرجت تظاهرات في شارع المتنبي رفعوا فيها لافتات منها "صفة الشهادة لا يمنحها من لا يعرف معنى التضحية في سبيل الوطن"، ‏ونجح ملعوب السياسيين، فقد انشغل الناس بالأموات متناسين مصائب الأحياء، ومن المؤسف حقاً أن الكثير من المثقفين انطلت عليهم اللعبة، سيما أن التظاهرات انطلقت من شارع المتنبي الذي يرتاده عادة النخبة المثقفة والواعية من المجتمع العراقي، فما بالك بالجهلة والأميين.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>نقول للشعب المنكوب: </b>أنتم أحق من الأموات بالرعاية والاهتمام، وإن الشهادة يقررها الرب تبارك وتعالى، وليس المستفيدين أو المتضررين من الميت، فمتى تصهركم التجارب وتصقلهم المحن، وتستفيقون من غفوتكم الطويلة؟ رحم الله من قال: "رب يوم بكيت منه، فلما صرت في غيره بكيت عليه"، كأنه يعني بذلك العراقيين.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ونقول للمتظاهرين: هل مشكلتكم هي شهادة الزعيم؟ أليست لديكم مشاكل أخرى؟ أم انتم تعيشون في كوكب آخر؟ وإن كنتم فعلاً تعرفون قيمة الشهادة! أليس من الأولى بكم أن تتظاهروا ضد من يرفع صور المجرمين الخميني والخامنئي في الساحات والشوارع، اللذان ملئوا شوارع العراق بلافتات الشهداء؛ إن تظاهرتكم هي من قبيل دفن الرؤوس في الرمال ليس إلا.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>كلمة أخيرة لمجلس شورى الدولة ومجلس النواب:</b> اتركوا الأموات بسلام، ألم يكفيكم ما فعلتم بالأحياء؟</font></p>
التعليقات