حزب الله والإرهاب الفكري الشيعي في لبنان
يحيي البوليني
الأحد 2 فبراير 2014 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="حزب الله والإرهاب الفكري الشيعي في لبنان" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86.jpg" /></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ظل كثير من عوام المسلمين وبعض خواصهم فترة طويلة مخدوعين في عقائد وأفكار الشيعة الاثني عشرية, وأحسنوا الظن فيهم حتى عدهم بعض العلماء مذهباً فقهياً خامساً معتبراً, واعتبر أن الخلاف بينهم وبين السنة خلاف شكلي في الفروع لا الأصول.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>وكان من أهم الأسباب التي كرست هذا المفهوم: </b>قلة الوعي بالشيعة لعدم توافر المصادر والأخبار في الأزمنة الأولى, بالإضافة لاستخدام الشيعة لتلك الوسيلة المسماة بالتقية التي يفترض ألا تطبق إلا أمام أعداء الدين حينما يخشى المؤمن على دينه وعلى نفسه, ولهذا كان أهل السنة يصدقون علماء الشيعة الذين ظلوا يتحدثون بالتقية ويبطنون ما لا يظهرون.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقويت شوكة الدولة الإيرانية بثورتها المسماة بالإسلامية، واستطالت وامتدت مخالبها في كل مكان, وأصبح الشيعة في غير حاجة لاستخدام التقية، وأظهروا كثيراً مما كانوا يبطنون من العداوة والحنق والبغض لأهل السنة، وخاصة إن تمكن الشيعة من السنة في أي بلد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ودولة لبنان حالة فريدة بذاتها, فيها من كل الطوائف والملل, ففيها السنة والشيعة الاثني عشرية والدروز والموارنة النصارى وغيرهم, وظلت معظم هذه الفئات متحاربة في أوقات كثيرة بدأت منذ عام 1940، وكان آخرها عام 1992.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهدأت الحروب الأهلية اللبنانية على عدة اتفاقات منها اتفاق الطائف, الذي اتفق فيها أن يتم تقسيم المناصب الرئيسية على الفصائل, فيكون الرئيس مسيحياً مارونياً، ورئيس مجلس النواب في البرلمان مسلماً شيعياً، ورئيس مجلس الوزراء مسلماً سنياً، ولكن لتنامي قوة حزب الله بدعم لا محدود من إيران بدأت هذه المعادلة في الاضطراب، وخاصة بعد الاصطفاف الشعبي خلفه في حربه - الحقيقة أو الوهمية - مع إسرائيل وانتفاشه بالانتصار عليها.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبعد انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005 حاولت بعض الأطراف الدعوة لنزع سلاح حزب الله باعتبار أنهم يملكون جيشاً منظماً ربما يفوق جيش الدولة الرسمي، فلم يستطع أحد فرض هذا الأمر على حزب الله الذي أصبح نتوءً غريباً في المجتمع اللبناني، حيث يمتلك جيشاً مسلحاً ومنظماً لا يأتمر بأمر الدولة بل يأتمر بأمر حسن نصر الله وقيادة حزب الله الذي أسمى هذه الأطروحات بـ "الأطروحات السخيفة والاستهبال والاستغباء".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبالفعل أصبح حزب الله بجيشه وأسلحته القوة الأولى في لبنان, وأصبح الحاكم الحقيقي من وراء ستار, وليصبح كل شيء خاضعا لسيادة الفكر الشيعي.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبعد الثورة السورية وانكشاف المساندة والدعم الشيعي اللبناني والإيراني ضد شعب سني أعزل سقطت الأقنعة عن حزب الله اللبناني, وسقطت الهالات التي طالما أخفت الوجه الحقيقي لهذا الحزب وزعمائه, وظهر من كانوا يوماً ملئ السمع والبصر على حقيقتهم, وبدت خفايا من كانوا يُنظر إليهم على أنهم المحررون والمقاومون والثوريون الصامدون أمام العدو الصهيوني, ظهرت وجوههم حينما تعاونوا بالمال والرجال والسلاح مع النظام السوري في قتل وذبح وتشريد المسلمين السنة هناك, وظهرت الوجوه الحقيقية بلا تُقية هذه المرة فلا حاجة لهم بها.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهذه الأيام وربما لأول مرة في لبنان يُعتقل شيخ سني على خلفية فتوى نسبت إليه - ولا سبيل للتأكد من ذلك - فلأول مرة يضيق صدر الحكومة ولا تتحمل قول قائل في لبنان الذي طالما ادعى ساسته أنهم مزيج حر يستطيع الإنسان أي يعتقد فيه أي معتقد.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ففي الوقت الذي يتباهى الآلاف في لبنان على القنوات الفضائية بأنهم ملحدون أو لا دينيون لا يؤمنون لا بدين ولا بإله ممن يسمون أنفسهم بالمفكرين الأحرار، ومنهم من يسمون أنفسهم بجماعة "لا أدري", وهم منتشرون بكثرة في الجامعات بين الشباب والشابات, والدستور والقانون اللبناني لا يجرمان الإلحاد ولا يعاقبان عليه, فالمادة التاسعة من الدستور تكفل حرية الاعتقاد في أي ملة أو دين أو مذهب، وتضمن كذلك ولا تعاقب على إنكار أي معتقد أيضاً, ولا تعتبر هذا الأمر جريمة إلا إذا سب أحدهم معتقد الآخر لا إن يكفر به فقط!!</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ففي الوقت الذي تصان فيه حرية الكفر يعتقل رجل مسلم أفتى بفتوى وهو الشيخ عبد الله حسين - إن صحت نسبتها له - والأمر متعلق بفتوى اجتهادية ربما يوافقه عليها علماء الإسلام أو يخالفونه, ولكن الأمر يتضح إن صدرت تلك الفتوى من شيخ سني لا تروق لحزب الله الذي ألقى التقية جانباً وأظهر ما كان يخفيه.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فاعتصم مئات المسلمين السنة في لبنان يوم السبت عند مدخلي مدينة طرابلس رافعين لافتات كتب عليها "لا إله إلا الله" مرددين التكبير اعتراضاً على احتجاز الشيخ الذي يتجاوز عمره الستين عاماً في مبنى المخابرات، مطالبين بالإفراج الفوري عنه لكونها سابقة لم تحدث من قبل.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><b>وتحدث الشيخ "رائد كبارة" </b>أحد علماء السنة اللبنانيين المشاركين في الاعتصام موضحاً الموقف فقال: "أوقفت مخابرات الجيش اللبناني الشيخ عبد الله حسين، وهو مدرس في مساجد طرابلس ذو توجه سلفي، وبعد مراجعات مع الأجهزة الأمنية فهمنا أنه متهم بإصدار فتوى بعدم جواز الدخول في الجيش اللبناني, وهذه التهمة غير صحيحة, وفي كل الأحوال نحن نعتقد أن المسالة فقهية ولا يجوز محاسبة أحد عليها".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وذكر "كبارة" أنه قد نما لعلمه أن الشيخ عبد الله حسين قد نُقل إلى بيروت، فقال: "سنستمر في الاعتصام حتى يتم الإفراج عنه, وسنتجه نحو التصعيد في حال لم يتم ذلك".</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">واعترف الجيش في بيان له بالاعتقال متكتماً على الاتهام الموجه للشيخ بدعوى إن هذا من شأن القضاء, بيد أنه بعد فترة من الاعتصام أفرج عن الشيخ عبد الله حسين إلا أن المعتصمين زادت مظاهراتهم واحتشادهم للإفراج عن باقي المحتجزين من المسلمين السنة في سجون لبنان.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إن هذا الأمر لمؤشر خطير على مدى تغلغل نفوذ حزب الله في تحريك السياسة اللبنانية، وعلى تغول جيش حزب الله لدرجة فرض سطوته الفكرية على لبنان, ويدل أيضاً على بدء مرحلة تخلص الشيعة من التقية, ونحمد الله على ذلك حتى تظهر للناس كل عوراتهم وسوءاتهم؛ فيفيق من انخدع فيهم ومن ارتبط بهم، ومن كان يتصور أن حسن نصر الله هو صلاح الدين الجديد, وهم لا يدركون مدى العداوة التي يكنها نصر الله لصلاح الدين الذي هدم الدولة الشيعية الفاطمية وأعاد مصر إلى الإسلام السني بعد اختطافها على أيدي العبيديين.</font></p>
التعليقات