عدالة الصحابة بين إنصاف السنة وإجحاف الشيعة
عامر الهوشان
الأحد 6 يوليو 2014 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> <img alt="عدالة الصحابة بين إنصاف السنة وإجحاف الشيعة" src="http://alburhan.com/upload/userfiles/images/%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9(1).jpg" style="width: 400px; height: 250px;" /></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لقد كانت هذه الوسيلة طريقة أعداء الإسلام من غلاة المبتدعة الرافضة, وكذلك الخوارج والمعتزلة والزنادقة, ومن لف لفهم من المستشرقين واليهود والنصارى, في الطعن والنيل من السنة النبوية الشريفة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">تكمن خطورة وأهمية موضوع عدالة الصحابة الكرام في كونه صمام الأمان للحفاظ على السنة النبوية الشريفة, المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم, ومن هنا كان التركيز عليه بالطعن من قبل أعداء الإسلام لا ينقطع, فبعد يأسهم من جدوى طعنهم بالقرآن الكريم, نظراً لحفظ الله تعالى له من التحريف والتبديل, لم يبق لهم إلا أن يطعنوا بالسنة النبوية الشريفة, وطريقهم الخبيث لذلك, هو الطعن بعدالة الصحابة الكرام, الجيل الأول الذي نقل إلينا سنة النبي صلى الله عليه وسلم, فإذا شككوا في عدالتهم فقد شككوا في الوسيلة التي وصلت السنة بها إلينا, وإذا سقطت الوسيلة أصبحت السنة بلا أصل تعتمد عليه, فتسقط تبعا لذلك.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لقد كانت هذه الوسيلة طريقة أعداء الإسلام من غلاة المبتدعة الرافضة, وكذلك الخوارج والمعتزلة والزنادقة, ومن لف لفهم من المستشرقين واليهود والنصارى, في الطعن والنيل من السنة النبوية الشريفة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقديما صرح بذلك أحد الزنادقة فيما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه عن أبى داود السجستانى قال: (لما جاء هارون الرشيد بشاكر - رأس الزنادقة ليضرب عنقه - قال: أخبرني، لم تعلمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض - أى الطعن فى الصحابة -؟ قال: إنا نريد الطعن على الناقلة، فإذا بطلت الناقلة؛ أوشك أن نبطل المنقول - أي السنة النبوية التي ينقلونها)<font size="3"><sup>(1)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إن أعداء الإسلام يعلمون تمام العلم, أن الصحابة هم حجر الزاوية في بناء الأمة, ومفتاح الوصول إلى القرآن والسنة, فعنهم تلقت الأمة القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, فالغض من شأنهم والتحقير لهم طريقهم الوحيد للطعن في هذا الدين, ووسيلتهم لتقويض دعائم الشريعة, فضلا عن أنه تجريح وقدح فيمن جاء مدحهم في القرآن الكريم بقوله تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[آل عمران/ 110]</font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">لذلك عنى علماء الإسلام قديما وحديثا, بالدفاع عن عدالة الصحابة، لأنه - كما رأيت - دفاع عن الإسلام، ولم يكن ذلك الدفاع نزوة هوى، ولا عصبية؛ بل كان نتيجة لدراسات تحليلية, وأبحاث تاريخية، وتحقيقات بارعة واسعة، عرضتهم على أدق موازين الرجال؛ مما تباهى به الأمة الإسلامية كافة الأمم والأجيال.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>تعريف الصحابة عند أهل السنة والشيعة:</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">كلمة الصحابة مشتقة من الصحبة كما هو معلوم في اللغة العربية, فكل شيء لازم شيئا فقد صحبه, ولا خلاف بين أهل اللغة أن ذلك جار على كل من صحب غيره قليلا أو كثيرا, فيقال: صحبت فلانا حولا ودهرا وسنة وشهرا ويوما وساعة, فيقع اسم المصاحبة بقليله وكثيره<font size="3"><sup>(2)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد أكد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأمر بقوله: والأصحاب جمع صاحب, والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه, وذلك يقع على قليل الصحبة وكثيرها<font size="3"><sup>(3)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وأما اصطلاحاً فقد كثرت تعريفات الصحابة, ولكن التعريف المعتمد هو ما قرره ابن حجر ووافقه عليه جمهور العلماء بقوله: وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام<font size="3"><sup>(4)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن خلال التعريف اللغوي والاصطلاحي, نلحظ ذلك التوافق بين اللغة التي وسعت من مفهوم الصحبة, وبين التعريف الاصطلاحي عند علماء الحديث والأصول وجمهور علماء أهل السنة والجماعة, بينما نلحظ اضطرابا وتناقضا عند الشيعة في تعريف الصحابة, حيث لا يجد الباحث تعريفا واضحا وصريحا يلتزمون به, كما هو الأمر عند أهل السنة والجماعة.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فتارة يشترطون طول الصحبة والملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم دون تحديد فترة معينة لهذه الصحبة, وتارة يشترطون السيرة العطرة إلى حين مماته, دون تحديد معنى السيرة العطرة, وتارة يشترطون كونه منتجباً, ويتهمون التعريف السني للصحابة بأنه مبسط وواسع لغاية سياسية, كما ادعى ذلك الشيخ السبحاني بقوله: ولا يخفى أن التوسع في مفهوم الصحابي على الوجه الذي عرفته في كلماتهم - أهل السنة - مما لا تساعده اللغة والعرف العام, فلا تصدق على من ليس له حظ من الرؤية عن بعيد أو سماع الكلام أو المحادثة فترة يسيرة, وأظن أن في هذا التبسيط والتوسع غاية سياسية, فأرادوا بهذا التبسيط صرف النصوص الواردة في ردة ثلة من الصحابة<font size="3"><sup>(5)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وهنا تكمن الطامة الكبرى في تعريف الصحابة الكرام عند الشيعة, فهم لا يعترفون بالصحابة الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حسب زعمهم, وبالتالي فإن الذين لم يرتدوا - بزعمهم - قلة قليلة جدا, تصل في إحدى رواياتهم إلى ثلاثة فقط, كما جاء في رواية الكليني في الفروع, عن أبي جعفر عليه السلام: كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة, فقلت من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي)<font size="3"><sup>(6)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومن جانب آخر يزعمون أن هناك غير هؤلاء الثلاثة صحابة منتجبون كأمثال: عمار بن ياسر وجابر بن عبد الله وحجر بن عدي وهاشم بن عتبة وخزيمة بن ثابت, وغيرهم ممن يختارونهم بغير منهج محدد أو ضابط معتبر.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>عدالة الصحابة بين أهل السنة والشيعة:</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">العدالة في اللغة بمعنى الاستقامة وهي ضد الجور, وأما اصطلاحاً فهي: ملكة راسخة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة, وليس المقصود بالعدل أن يكون برئا من الذنب, وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين والتحري في فعل الطاعات<font size="3"><sup>(7)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فمعنى عدالة الصحابة عند أهل السنة والجماعة: أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما اتصفوا به من قوة الإيمان، والتزام التقوى والمروءة، وسمو الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور, وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصي أو من السهو أو الغلط, فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ومما ينبغي أن يعلم أن الذين قارفوا إثما ثم حدوا - كان ذلك كفارة لهم - وتابوا وحسنت توبتهم، وهم في نفس الوقت قلة نادرة جداً؛ لا ينبغي أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة الكرام, الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم، وجانبوا المآثم والمعاصي ما كبر منها وما صغر، وما ظهر منها وما بطن، والتاريخ الصادق أكبر شاهد على هذا<font size="3"><sup>(8)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويؤكد ذلك الإمام الإبياري بقوله: وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم، واستحالة المعصية عليهم، وإنما المراد: قبول روايتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية، إلا أن يثبت ارتكاب قادح، ولم يثبت ذلك ولله الحمد! فنحن على استصحاب ما كانوا عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يثبت خلافه، ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإنه لا يصح، وما صح فله تأويل صحيح<font size="3"><sup>(9)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ولكن الشيعة الرافضة أنكروا عدالة الصحابة جملة وتفصيلا, وزعموا أن حكم الصحابة من حيث العدالة كحكم غيرهم, ليس لهم مزية على غيرهم - فهم على حد زعمهم - قوم من الناس لهم ما للناس وعليهم ما على الناس.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">قال المجلسي - شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- في معرض حديثه عن عدالة الصحابة, بعد أن ذكر قول أهل السنة فيها: (وذهبت الإمامية إلى أنهم - أي الصحابة - كسائر الناس, فيهم العادل وفيهم المنافق والفاسق الضال, بل كان أكثرهم كذلك)<font size="3"><sup>(10)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال الشيرازي - من الشيعة -: (حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم, ولا يتحتم الحكم بالإيمان والعدالة بمجرد الصحبة, ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار, إلا أن يكون مع يقين الإيمان وخلوص الجنان, فمن علمنا عدالته وإيمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته, وأنه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار, واليناه وتقربنا إلى الله بحبه, ومن علمنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت عاديناه لله تعالى وتبرأنا إلى الله منه)<font size="3"><sup>(11)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال التستري الشيعي: (الصحابي كغيره لا يثبت إيمانه إلا بحجة) وقال في موضع آخر: (ليس كل صحابي عدلاً مقبولاً)<font size="3"><sup>(12)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد تكلم الكاشاني - من مفسري الشيعة - في مقدمة كتابه, عن أخذ الناس من تفاسير الصحابة لآيات القرآن فقال: (إن هؤلاء الناس لم يكن لهم معرفة حقيقة بأحوالهم - يعني بأحوال الصحابة - لما تقرر عنهم أن الصحابة كلهم عدول, ولم يكن لأحد منهم عن الحق عدول, ولم يعلموا أن أكثرهم كانوا يبطنون النفاق ويجترئون على الله ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق)<font size="3"><sup>(13)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبين الزنجاني - من الشيعة المعاصرين - موقف الشيعة من عدالة الصحابة فقال: (قول الشيعة في الصحابة أنهم كغيرهم من الرجال فيهم العدول من الرجال والفساق...)<font size="3"><sup>(14)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ونقل المامقاني - من علماء الرجال عند الشيعة - إجماع الإمامية على ذلك فقال: (قد اتفق أصحابنا الإمامية على أن صحبة النبي بنفسها وبمجردها لا تستلزم عدالة المتصف بها ولا حسن حاله, وأن حال الصحابي حال من لم يدرك الصحبة في توقف قبول خبره على ثبوت عدالته أو وثاقته أو حسن حاله ومدحه المعتد به مع إيمانه)<font size="3"><sup>(15)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وممن نقل إجماع الشيعة الإمامية على إنكار عدالة الصحابة:(محمد جواد مغنية) وهو من الشيعة المعاصرين, حيث قال: (قال الإمامية: إن الصحابة كغيرهم فيهم الطيب والخبيث والعادل والفاسق)<font size="3"><sup>(16)</sup></font> إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي ذكرها الشيعة منكرين من خلالها عدالة الصحابة رضي الله عنهم.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="red" face="Simplified Arabic" size="4"><b>أدلة عدالة الصحابة عند أهل السنة:</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إن العدالة الصحابة الكرام ليست منحة من أحد حتى يتحكم بإعطائها لهم أو لا, بل هي ثابتة لهم جميعا بنص الكتاب العزيز, والسنة الشريفة, سواء منهم من تقدم إسلامه ومن تأخر، ومن هاجر ومن لم يهاجر، ومن اشترك فى الغزوات ومن لم يشترك، ومن لابس الفتنة ومن لم يلابسها.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">من القرآن الكريم: قال تعالى: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة/ 143]</font>, وجه الاستدلال أن وسطاً تعني (عدولاً خياراً) وهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة, واللفظ وإن كان عاما إلا أن المراد به الخصوص.<font size="3"><sup>(17)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقال تعالى <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾</b></font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[آل عمران 110]</font>, أثبتت الآية الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها, وأول من يدخل بهذه الخيرية المخاطبون بالآية مباشرة عند النزول, وهم الصحابة الكرام بلا شك, مما يقتضي بذلك استقامتهم وعدالتهم, فمن البعيد أن يصفهم الله تعالى بكونهم خير أمة, ولا يكونوا أهل عدل واستقامة<font size="3"><sup>(18)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وأما من السنة النبوية الشريفة: فالأحاديث في عدالة الصحابة وبيان فضلهم ومكانتهم أكثر من أن يحصى, ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب»</b></font><font size="3"><sup>(19)</sup></font>, ففي هذا الحديث أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح، ولا ضعيف إذ لو كان فيهم أحد غير عدل، لاستثني في قوله صلى الله عليه وسلم ولقال: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«ألا ليبلغ فلان منكم الغائب»</b></font> فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ لمن بعدهم، دل ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويقول صلى الله عليه وسلم: <font color="green" face="Simplified Arabic" size="4"><b>«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ قوم تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِم يَمِيَنهُ ويَميِنُهُ شَهَادَتَهُ»</b></font><font size="3"><sup>(20)</sup></font>, وهذه الشهادة بالخيرية مؤكدة لشهادة رب العزة سبحانه بقوله: <font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾</b></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويؤكد ابن مسعود رضي الله عنه ما سبق من الآيات والأحاديث قائلاً: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه<font size="3"><sup>(21)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font color="blue" face="Simplified Arabic" size="4"><b>إجماع الأمة:</b></font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وقد أجمعت الأمة - إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافهم - على ما سبق من تعديل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم للصحابة أجمع، والنقول في هذا الإجماع كثيرة عن علماء الأمة، من المحدثين والفقهاء والأصوليين.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">يقول ابن الصلاح: للصحابة بأسرهم خصيصة، وهى أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به فى الإجماع من الأمة<font size="3"><sup>(22)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويقول الخطيب البغدادي: إنه لو لم يرد من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شئ مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة، وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين: القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين, هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء<font size="3"><sup>(23)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">أما الشيعة الروافض, فرغم وجود كثير من النصوص في كتبهم ومراجعهم تؤكد عدالة الصحابة ومكانتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم<font size="3"><sup>(24)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">إلا أنهم مع ذلك بالغوا في العداء للصحابة الكرام, ولم يكتفوا بعدم إثبات العدالة لهم, بل راحوا يسبونهم ويشتمونهم بأقبح الألفاظ وأشنع العبارات, مما لا يستسيغ المسلم وصفه لمسلم عادي, فكيف لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يسلم من هذا الطعن إلا من ثبت في التاريخ ولاؤه لعلي رضي الله عنه, ضمن شروطهم وأهوائهم.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">فقد وصفوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بصنمي قريش وبالجبت والطاغوت, ويطعنون في زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم, وخاصة عائشة وحفصة بنتي أبي بكر وعمر, رغم أنهم يدعون ويزعمون حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟!!<font size="3"><sup>(25)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وبينما أورد أهل السنة والجماعة أدلة كثيرة من القرآن والسنة على إثبات عدالة الصحابة, لم يورد الشيعة الروافض أي دليل على عدم عدالتهم, اللهم إلا تلك الروايات المزعومة الباطلة عن أئمتهم المعصومين - كما يدعون - التي تذكر ارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة كما سبق.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ويكفي في الرد عليهم قول شيخ الإسلام ابن تيمية: (من زعم أنهم ارتدوا - أي الصحابة - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا, أو أنهم فسقوا عامتهم, فهذا لا ريب في كفره, لأنه مكذب لما نص عليه القرآن الكريم في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم, فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة القرآن والسنة كفارا أو فساقا, وأن الأمة التي وصفها الله في الآية: (خير أمة أخرجت للناس) وخيرها هو القرن الأول, كان عامتهم كفاراً أو فساقاً, ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم, ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق..)<font size="3"><sup>(26)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">وأختم بمقولة رائعة للشيخ الزرقاني: وبعد هذا التحقيق والتدقيق، خرج الصحابة الكرام من بوتقة هذا البحث، وإذا هم خير أمة أخرجت للناس، وأسمى طائفة عرفها التاريخ، وأنبل أصحاب لنبي ظهر على وجه الأرض، وأوعى وأضبط جماعة لما استحفظوا عليه من كتاب الله عز وجل, وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد اضطر أهل السنة والجماعة، أن يعلنوا رأيهم هذا كعقيدة، فقرروا أن الصحابة كلهم عدول, ولم يشذ عن هذا الرأي إلا المبتدعة والزنادقة قبحهم الله<font size="3"><sup>(27)</sup></font>.</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt">ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(1) تاريخ بغداد 4/308</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(2) لسان العرب 1/519, أسد الغابة 1/119</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(3) الصارم المسلول 575</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(4) الإصابة في تمييز الصحابة 1/10 - 12</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(5) عقائد السنة وعقائد الشيعة صالح الورداني 198</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(6) فروع الكافي للكليني كتاب الروضة 115</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(7) الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم لابن الوزير اليماني 1/28</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(8) دفاع عن السنة الدكتور محمد أبو شهبة 92 - 244 بتصرف.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(9) فتح المغيث للسخاوي 3/96 إرشاد الفحول 1/278</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(10) بحار الأنوار للمجلسي 8/8 ونقله عنه المعلق على كتاب الإيضاح لابن شاذان ص 49 وعلى كتاب أمالي المفيد ص 38 أي كان أكثر الصحابة منافقا وفاسقا وضالا - على حد قوله -</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(11) الدرجات الرفيعة للشيرازي ص11.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(12) الصوارم المهرقة للتستري ص 6 - 9.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(13) تفسير الصافي للكاشاني 1/4.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(14) عقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني 3/85.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(15) تنقيح المقال للمامقاني 1/213</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(16) الشيعة في الميزان لمغنية ص 82.</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(17) تفسير ابن كثير 1/190 والقرطبي 2/154</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(18) الموافقات للشاطبي 4/450 - 452 و عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الدكتور ناصر علي الشيخ 2/801 - 802</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(19) البخاري بشرح فتح الباري 13/433 برقم 7447 ومسلم بشرح النووي 6/182 برقم 1679</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(20) البخاري بشرح فتح الباري 7/5 برقم 3561 ومسلم بشرح النووي 8/ 324 برقم 2533</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(21) أحمد في مسنده 1/379 ومجمع الزوائد للهيثمي 1/178</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(22) علوم الحديث 76</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(23) الكفاية 96</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(24) انظر في ذلك أصول الكافي للكليني 1/65 وروضة الكافي 8/ 310, وانظر بحار الأنوار 52/132 وأصل الشيعة أصولها 124</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(25) علم الحديث بين أصالة أهل السنة وانتحال الشيعة أشرف الجيزاوي 250 - 251</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(26) الصارم المسلول 1/590</font></font></p> <p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> <font face="Simplified Arabic" style="font-size: 14pt"><font face="Simplified Arabic" size="3">(27) مناهل العرفان 1/334</font></font></p>
التعليقات