بدعة الخمس
موسى الموسوي
الجمعة 19 أغسطس 2016 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><img src="http://alburhan.com///upload/userfiles/images/2016/8/بدعة.jpg" style="width: 605px;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>بدعة الخمس</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>يقول: فضل ابن الحسن الطبرسي وهو من أكابر علماء الإمامية في القرن السادس الهجري في تفسير الآية الكريمة :( اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس ومن يستحقه على أقوال أحدهما ما ذهب إليه أصحابنا وهو أن الخمس يقسم على ستة اسهم، سهم لله وسهم للرسول صلى الله عليه وسلم وهذان السهمان مع سهم ذي القربى للإمام القائم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وسهم ليتامى آل محمد وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم لا يشاركهم في ذلك غيرهم لان الله سبحانه حرَّم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس وعوضهم من ذلك بالخمس وقال أصحابنا أن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارة وفي الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب . ويمكن أن يستدل على ذلك بالآية) . الطبرسي مجمع البيان في تفسير القرآن ج 4 ص ، 543 . أن تفسير الغنيمة بالأرباح من الأمور التي لا نجدها إلا عند فقهاء الشيعة فالآية صريحة وواضحة بان الخمس شرعت في غنائم الحرب وليس في أرباح المكاسب واظهر دليل قاطع على أن الخمس لم يشرع في أرباح المكاسب هو سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء من بعده بما فيهم الإمام علي وحتى سيرة أئمة الشيعة حيث لم يذكر أرباب السير الذين كتبوا سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ودونوا كل صغيرة وكبيرة عن سيرته وأوامره ونواهيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرسل جباته إلى أسواق المدينة ليستخرج من أموالهم خمس الأرباح مع أن أرباب السير يذكرون حتى اسامي الجباة الذين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسلهم لاستخراج الزكاة من أموال المسلمين . وهكذا فان الذين أرخوا حياة الخلفاء الراشدين بما فيهم الإمام علي لم يذكروا قط أن أحدا منهم كان يطالب الناس بخمس الأرباح أو انهم أرسلوا جباة لأخذ الخمس. وحياة الإمام علي معروفة في الكوفة فلم يحدث قط أن الإمام بعث الجباة إلى أسواق الكوفة ليأخذوا الخمس من الناس أو انه طلب من</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">عماله في أرجاء البلاد الإسلامية الواسعة التي كانت تحت إمرته أن يأخذوا الخمس من الناس ويرسلونها إلى بيت المال في الكوفة. كما أن مؤرخي حياة الأئمة لم يذكروا قط أن الأئمة كانوا يعلم يطالبون الناس بالخمس أو أن أحدا قدم إليهم مالا بهذا الاسم. وكما قلنا قبل قليل أن هذه البدعة ظهرت في المجتمع الشيعي في أواخر القرن الخامس الهجري فمنذ الغيبة الكبرى إلى أواخر القرن الخامس لا نجد في الكتب الفقهية الشيعية بابا للخمس أو إشارة إلى شمول الخمس في الغنائم والأرباح معا. وهذا هو محمد ابن الحسن الطوسي من أكابر فقهاء الشيعة في أوائل القرن الخامس ويعتبر مؤسس الحوزة الدينية في النجف، لم يذكر في كتبه الفقهية المعروفة شيئا عن هذا الموضوع مع انه لم يترك صغيرة أو كبيرة من المسائل الفقهية إلا ونكرها في تأليفه الضخمة. لقد سنت هذه السنة السيئة في عصر كانت فيه الخلافة العباسية والسلطة الحاكمة لا تعتقد بشرعية مذهب أهل البيت وبالنتيجة لا تعترف بفقهائهم لكي تخصص لهم مرتبات يعيشون منها كما كانت الحالة بالنسبة لسائر فقهاء المذاهب الأخرى. ولم تكن الشيعة حتى ذلك التاريخ متماسكة بالمعنى المذهبي حتى تقوم بإعالة فقهائها فكان تفسير الغنيمة بالأرباح خير ضمان لمعالجة العجز المالي الذي كان يقلق حياة فقهاء الشيعة وطلاب العلوم الدينية الشيعية آنذاك. ولكن هذا لا يعني أن الشيعة لم تساهم في إعالة الفقهاء وطلاب العلوم السينية ففي العراق وهو المهد الأول للشيعة توجد حتى اليوم أملاك وبنايات أراضي وقفت في القرن الخامس الهجري على الأمور الخيرية للشيعة. وبعد أن أسست هذه البدعة أضيفت إليها أحكام مشددة لكي تحمل الشيعة على التمسك بها وعلى تنفيذها ولم يكن من بد في حمل الشيعة على قبول إعطاء الخمس وهو الأمر الذي ليس من السهل على أحد أن يرتضيه إلا بالوعيد. فدفع الضرائب في أي عصر ومصر وفي أي مجتمع مهما كان شانه من الثقافة والديموقراطية والحرية يواجهه امتعاض من الناس. وبما أن فقهاء الشيعة لم تكن لهم السلطة لكي يرضخوا العامة على استخراج الخمس من أرباح مكاسبهم طوعا ورغبة فلذلك أضافوا إليها أحكاما مشددة منها الدخول الأبدي في نار جهنم لمن لم يؤد حق الإمام وعدم إقامة الصلاة في دار الشخص الذي لم يستخرج الخمس من ماله أو الجلوس على مائدته وهكذا دواليك. كما أن فقهاء الشيعة أفتوا بان خمس الأرباح الذي هو من حق الإمام الغائب كما مرت الإشارة إليه يجب تسليمه إلى المجتهدين والفقهاء الذين يمثلون الإمام. وهكذا سرت البدعة في المجتمع الشيعي تحصد أموال الشيعة في كل مكان وزمان. وكثير من الشيعة حتى هذا اليوم يدفع هذه الضريبة إلى مرجعه الديني وذلك بعد أن يجلس الشخص المسكين هذا أمام مرجعه صاغرا ويقبل يده بكل خشوع وخضوع ويكون فرحا مستبشرا بأن مرجعه تفضل عليه وقبل منه حق الإمام. وبعض فقهاء الشيعة ومن بينهم الفقيه احمد الاردبيلي وهو من أبرز فقهاء عصره حتى انه لقب بالمقدس الاردبيلي أفتوا بعدم جواز التصرف بالخمس في عهد الغيبة الكبرى. كما أن بعض فقهاء الشيعة وهم قليلون أفتوا بان الخمس ساقط من الشيعة مستندين على رواية عن الإمام المهدي: (أبحنا الخمس لشيعتنا). غير أن الأكثرية من فقهاء الشيعة ضربوا عرض الحائط آراء الأقلية واجمعوا فيما بينهم على وجوب استخراج الخمس. وكم أتمنى أن يترفع الفقهاء والمجتهدون عن أموال الشيعة ولا يرتضون لأنفسهم أن يكونوا عالة عليهم بشريعة ما انزل الله بها من سلطان. أن بعض علماء الشيعة يدافع عن أخذهم الخمس من أموال الشيعة بأنها أموال تصرف على المدارس الدينية والحوزات العلمية والشئون المذهبية الأخرى. ولكن المناقشة ليست في أن تلك الأموال تصرف كيف ولماذا؟ بل المناقشة أصولية وواقعية ومذهبية وهي أن تلك الأموال تؤخذ زورا وبطلاناً من الناس، وحتى إذا صرفت في سبيل الله فإنها غير شرعية لا يجوز التصرف فيها. لقد كان باستطاعة فقهاء الشيعة أن يبنوا أنفسهم على الاكتفاء الذاتي وان يكون الفقيه معتمدا على نفسه شانه شان أرباب الصناعات الأخرى، كما أن باستطاعتهم الحصول على أموال لتنمية العلم والعلماء ولكن باسم التبرعات والهبات لا باسم الواجب الشرعي وأوامر السماء. وعندما اكتب هذه الأسطر اعرف مجتهدا من مجتهدي الشيعة لا زال على قيد الحياة وقد ادَّخر من الخمس ما يجعله زميلا لقارون الغابر أو القوارين المعاصرين. وهناك مجتهد شيعي في إيران قتل قبل سنوات معدودة كان قد أودع باسمه في المصارف مبلغا يعادل عشرين مليون دولارا أخذها من الناس طوعا أو كرها باسم الخمس والحقوق الشرعية، وبعد التي واللتيا ومحاكمات كثيرة استطاعت الحكومة الإيرانية وضع اليد على تلك الأموال كي لا يقتسمها الورثة فيما بينهم. هذه صورة محزنة من آثار بسكة الخمس التي تبناها فقهاء الشيعة. أن الزعامات المذهبية الشيعية استطاعت البقاء مستقلة عن السلطات الحاكمة حتى في البلاد الشيعية بسبب هذا الرصيد الذي لا ينضب ، فما دامت الزعامة المذهبية الشيعية ترى نفسها شريكة مع القواعد الشيعية في أرباح مكاسبها في أي زمان ومكان فان الاستقرار الفكري لا يجد إلى المجتمع الشيعي سبيلا والسبب واضح ومعروف لأن هذه الزعامات بسبب هذه الميزانيات الضخمة التي لا يحتاج الحصول عليها إلى الجباة وعمال الضرائب بل تأتيها طائعة مخلصة استطاعت أن تجعل من زعامة الشيعة صرحا سياسيا يحرك الشيعة في الاتجاه الذي تريده ، فلذلك نرى أن تلك الزعامات استخدمت الشيعة في كثير من أغراضها السياسية والاجتماعية عبر التاريخ . وفي إيران القطر الشيعي كانت لنتائج هذا التفاعل بين الشيعة وزعمائها الدينيين آثار سيئة لا تعد ولا تحصى، ولقد وصلت الامور إلى ابعد ما يتصور من سوء عندما أضيفت إلى بدعة الخمس في أرباح المكاسب بدعة ولاية الفقيه. وقبل أن نبحث ولاية الفقيه بصورة مسهبة نود أن نضيف هنا لنكون أمناء على التاريخ وصادقين في رسالتنا هو أن بعض الزعامات الشيعية خدم الفكر الإسلامي وخدم قضايا وطنية في محاربة الاستعمار أو الاستبداد الحاكم مرات ومرات، ولكننا عندما نقارن بين استخدام أولئك البعض نفوذها في سبيل المصالح العامة وبين استخدام الأكثرية نفوذها في سبيل المصالح الخاصة ونضعها في ميزان لنرى أن كفة المصالح الخاصة تتأرجح على المصالح العامة بصورة تدهش المرء وتوحي إليه بالأسى والحزن. </font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>المصدر:موقع فيصل نور نقلا عن كتاب الشيعة والتصحيح </b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> </font> </p>
التعليقات