قواعد رد الشبهات حول تاريخ الصحابة وآل البيت
عبدالكريم الحربي
السبت 24 سبتمبر 2016 م
<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><img src="http://alburhan.com///upload/userfiles/images/2016/9/قواعد.jpg" style="width: 604px;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>قواعد رد الشبهات حول تاريخ الصحابة وآل البيت</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><span style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: large;">الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين</span><br></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وبعد:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>نَستطيعُ أنْ نُلَخِّصَ الاتهاماتِ والشُّبهاتِ الموجهة إلى تاريخِ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم إلى أربعة أقسامٍ:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">القسم الأول:</font></b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>رواياتٌ وأخبارٌ ضَعيفةٌ: بَاطلةٌ سَندًا، ومُنكرةٌ مَتْنًا، وهذه تُوجدُ بكثرةٍ في بعضِ الكُتُبِ التي يَجبُ الحذرُ عندَ قراءَتها، لِمَا فيها منَ مرويات تنسبُ إلى آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم بما لا يتناسبُ مع مَقَامِهِمُ الرَّفيعِ ودرجتِهم العَاليةِ،</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فهذه الكُتُبُ قد حَوتْ بين دفَّتَيْها كَثيرًا مِنَ الأخبارِ والآثارِ الضعيفةِ والباطلةِ والموضوعةِ على آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، والقاعدةُ في هذا النَّوعِ مِنَ الشُّبهاتِ هي: (رَدُّها وضربها بعرضِ الحائطِ)؛ لأنَّ هذه المكذوباتِ لا يَصحُّ أن يَعتمدَ عليها المسلمُ في عَقيدتهِ ودينهِ، ولأنَّ آلَ البَيْتِ والصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عنهم جُزءٌ مِنْ عَقيدةِ المسلمِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فكيف يُسَوِّغُ المسلِمُ لنفسهِ أن يجعلَ عُمْدَتَهُ في تعاليم دينهِ أحاديثَ مُصطنعةً مكذوبةً لا أصلَ لها، ويَدَعَ النُّصوصَ الصَّحِيحَةَ الصَّريحةَ التي لا يَتطرَّقُ إليهَا شَكٌّ أو ريبةٌ مِنْ كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم الثابتةِ الصَّحِيحَةِ ؟!</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وها هو القُرْآنُ الكَرِيمُ قد طَهَّرَ آلَ البَيْتِ وزَكَّى الصَّحَابَةَ ومدحَهم في أكثرِ مِنْ آيةٍ مُباركةٍ، فقال سُبْحَانَهُ وتعالَى عن آلِ البَيْتِ: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأحزاب: 33]</font>. وهذه الآيةُ هي مَنبعُ فَضائلِ أَهلِ البَيْتِ النَّبَوِيِّ، حيثُ شرَّفَهُمُ اللهُ تعالى بِها وطَهَّرَهُم، وأَذْهَبَ عنهمُ الرِّجْسَ مِنَ الأفعالِ الخبيثةِ والأخلاقِ الذَّمِيمَةِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومَدَحَ الصَّحَابَةَ وأثَنَى عليهم في آياتٍ كثيرةٍ مباركةٍ، فقال سُبْحَانَهُ وتعالَى واصِفًا لهم: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الفتح: 29]</font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وتعالَى في هذه الآيةِ الجامعةِ حالَ الصَّحَابَةِ بأنهم مِنْ أهلِ الرُّكُوعِ والسُّجودِ والصَّلاةِ والخشوعِ، ثم بَيَّنَ ما في قُلوبِهم مِنْ إخلاصٍ وصِدْقٍ فقال تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{يَبْتَغُونَ}</font>. وهذا عملٌ قَلبيٌّ لا يَطَّلِعُ عليه إلا اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، وهو مَعنَى الإخلاصِ والصِّدْقِ في طَلَبِ رضوانِ الله وفضلِهِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وبَيَّنَ اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالَى كذلك حَالَ الصَّحَابَةِ فيما بينَهم فقال مخاطبًا رَسُولَهُ صلى الله عليه وآله وسلم: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأنفال: 62-63]</font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقلوبُ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ مجتمعةٌ على كَلِمَةٍ سواءٍ، وهي التّوحيدُ والإسلامُ والمحبةُ، فهذه الآياتُ وغيرُها؛ هي الأصلُ الذي ينبغي الرجوعُ إليه، وتركُ ما يُنقَلُ ويُكتبُ مِنْ أحاديثَ وأخبارٍ باطلةٍ في حَقِّ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">حب الصحابة والقرابة سنة *** ألقى بها ربي إذا أحياني</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فئتان عقدهما شريعة أحمد *** بأبي وأمي ذانك الفئتانَ</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فئتان سالكتان في سبل الهدى *** وهما بدين الله قائمتانِ</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فكأنما آل النبي وصحبه *** روحٌ يضم جميعها جسدانِ</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويجبُ أن نعلمَ جيدًا؛ أنَّ آلَ البَيْتِ والصَّحَابَةَ رضوانُ الله عليهم ليسوا بحاجةٍ إلى أَيَّةِ أحاديث مُخترعةٍ ومكذوبة تُبَيِّنُ فضائلَهم؛ ففضلُهم لا يُنْكِرُهُ إلاَّ مُكَابِرٌ أو جَاحدٌ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">شبـــه تهافــت كالزجــاج *** تخالها حقاً وكل كاسر مكسور</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>القسم الثاني:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>أحاديثٌ وأخبارٌ في فضائلِ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ ومَحاسنهِم، حَوَّلَتْها وقَلَبتْها أيدي الكَذِبِ والتَّزويرِ إلى مساوئَ ومَثَالِبَ، والعجيب في أصحاب هذه الشبهات هو غفلتهم عن معارضة هذه الأباطيل التي يأتون بها بروايات وأخبار صحيحة تنسف ما يدعون وفيه يصولون ويجولون فمثال على هذه الشبهات والأخبار التي لها ينتصرون:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- قِتَالُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه لأهلِ الرِّدَّةِ بعدَ وفاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم كان طاعةً لرسولِ الله في أمرهِ بقتلِ مَنْ بَدَّلَ دينَهُ مِنَ المُرتدّينَ ، وذَوْدًا عن حَظيرةِ الإسلامِ والمسلمينَ ، فجاء (البعضُ) وجعلَ هذه الفضيلةَ والمنقبةَ مِنْ مساوئِ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه والعياذُ بالله ، عن طريقِ بَثِّ الشُّبهاتِ حولَ هذا الفعلِ المباركِ مِنْ خَليفةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فزعموا - كذبًا - أنّه قاتلَ المسلمينَ ، أو قاتلَ الذين أَبَوْا أنْ يُبايعوه !</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد غفل هؤلاء عن تأييد كبار الصحابة لهذا الفعل المبارك بل وإجماع الأمة على استحسانه وكذلك غفلوا عن تأييد ومباركة إمام أهل البيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في حروبه ضد أهل الردة ، فقد استشار أبو بكر رضي الله عنه عليا في شأن قتال من ارتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنع الزكاة فقال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما : (ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال : أقول إنك إن تركت شيئا مما كان أخذه منهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأنت على خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أما لئن قلت ذاك لأقاتلنهم وإن منعوني عقالا ).(1) ومن الدلائل الساطعة على إخلاصه رضي الله عنه لأبي بكر ونصحه للإسلام والمسلمين وحرصه على بقاء الخلافة واجتماع شمل المسلمين ما جاء من موقفه من توجه أبي بكر الصديق رضي الله عنه بنفسه إلى ذي القصة وعزمه على محاربة المرتدين. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لما برز أبو بكر إلى ذي القصة واستوى على راحلته أخذه علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد: (لم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظاما أبدا) (2) فرجع الصديق رضي الله عنه أخذا بنصح الأمين المخلص على رضي الله عنه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وبعد هذا كله يأتينا من يكرر عبارات الظلم والجور فيقول: (انهم كانوا يسمون القبائل التي رفضت خلافة أبي بكر باسم المرتدين ظلماً وعدواناً) (كامل النجار وجريمة الارتداد لنبيـل الكرخي)</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فمن هم الذين كانوا يطلقون هذه التسمية صفهم لنا لماذا لم تسميهم وعلى أي برهان ودليل يتمسكون، أم ليس لديهم إلا الكذب والظلم والجور في إطلاق الأحكام ومحاكمة التاريخ بهذه الطريقة الضعيفة التي لا تمت للبحث العلمي بصلة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- وكذا قِتَالُ أميرِ المؤمنينَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه للخوارجِ؛ تحقيقًا لنبوءةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فيهم، وطاعةً لأمرهِ بقتالِهم، فحوّلوا تلكَ المناقبَ العظيمةَ لعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، وحِنْكَتَهُ في الحُكْمِ والإدارة إلى سَيِّئَاتٍ، وقِصَّةُ عبدِالله بنِ عَبَّاسٍ الذي بَعَثَهُ الإمامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنهما للخوارجِ مِنْ أوضحِ الدلائلِ على ما ذكرنا (3).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- وأيضا : تَنازُلُ الإمامِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنه عنِ الخِلاَفَةِ لمعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه ؛ تحقيقًا لنبوءةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بالإصلاحِ ، وحَفظًا لدماءِ المُسلمينَ ، وجمعًا لشملِهم ؛ فقُلبتْ هذه المآثرُ والفضائلُ إلى سيئاتٍ ، حَتَّى قدحَ (بعضُهم) في سَيِّدِ شَبَابِ أهلِ الجنَّةِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنه وأطلقوا عليه لَقَبَ : (مُذِلُّ المؤمنينَ) (4) ، تَعييرًا وتَهَكُّمًا عيادا بالله مِنَ الخُذلانِ والحرمانِ ، وتَجاهلَ هذا الخاسرُ مَدْحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لِفْعْلِ الحَسَنِ ، بقولهِ : <font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">«إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ ، ولعَلَّ اللهَ أنْ يُصْلِحَ به بين فئتينِ عظيمتينِ مِنَ المسلمينَ»</font> (5) وقد كان هذا .</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- وكذلك جَمْعُ الخليفةِ الثالثِ عُثْمَانَ الشَّهيدِ الصَّابرِ رَضِيَ اللهُ عنه للقرآنِ الكريمِ؛ هذه المنقبةُ العظيمةُ حُوِّلَتْ وقُلِبَتْ -أيضًا -إلى مَثلبةٍ وطَعنٍ فيه، مع أنَّ الأُمَّةَ إلى يومنا هذا يذكرون هذا الفعلَ المباركَ المُوَفَّقَ كفضيلةٍ كُبَرى ومِنَّةٍ عُظَمى على الإسلامِ والمُسلمينَ لا يعلمُ قدرَ عِظَمِها إلاَّ اللهُ تعالى والعالمونَ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينهي من يعيب على عثمان رضي الله عنه ويقول: (يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل -أي في المصاحف – إلا عن ملأ منا جميعا ـ أي الصحابة ـ: والله لو وليت لفعلت مثل ما فعل) (6).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وغير ذلك كثيرٌ مما يطولُ ذكرُهُ مِنَ الطَّعنِ وقلبِ الحقائقِ في حَقِّ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم. وإنما ضربنَا بعضَ الأمثلةِ للتوضيحِ والبيانِ، وليحذرَ القارئُ للتاريخِ مِنْ هذه الطرقِ والمناهجِ المتبعةِ مِنْ قبل البعضِ، هداهمُ اللهُ للحقِّ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>القسم الثالث:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>أن يكونَ أصلُ القصةِ والحديثِ صحيحًا، لكن (البعضَ) يزيدُ عليها الشيءَ الكثيرَ، حتى تتحولَ مِنْ بضعِ كلماتٍ لا تتعدَّى الصفحةَ الواحدة إلى كِتَابٍ كاملٍ فيه مِنَ الأباطيلِ والأكاذيبِ الشيءُ الكثيرُ، مثلَ:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> (أ) حادثة السَّقِيفَةِ، فهو حديثٌ لا يتجاوزُ الصفحةَ، ورواها بعضُهم فزادَ فيها نصوصًا موضوعةً تُخالفُ الروايةَ الصحيحةَ، ثُمَّ تلَقَّفها البعضُ الآخرُ وألَّفَ فيها كِتَابًا كَاملًا، بقصدِ الطَّعْنِ في الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم كما فعل الجوهري في كتابه (السقيفة) وغيره ممن ألف الكتب في شأن السقيفة وأدخل فيها الأكاذيب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> (ب) وكذلك حديث (رزية الخميس)، وينظر في بيان مفهوم حديث رزية الخميس وجمع طرقه والرد على الشبهات المثارة حوله كتاب (العقد النفيس بدراسة حديث الخميس) وغيرها الكثير.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فعلى القارئ للتاريخ أن يكون على حذرٍ مِنْ هذا، وأن يميِّزَ بين أصلِ القصةِ وبين ما زِيدَ عليها</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وغالبًا ما تجدُ أنَّ أصلَ القصة موجودٌ في مصادرَ موثَّقةٍ وبأسانيدَ صحيحةٍ، والزيادات مأخوذةٌ مِنْ مصادرَ مشكوكٍ فيها وفي صحةِ إسنادها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا شك أنَّ هذه الزيادات الشَّاذة الباطلةَ لَعِبَتْ وما زالت تَلعبُ دورًا مُهمًا في ضياعِ الحقائقِ واختلاطِها على كثيرٍ مِنَ الناسِ، مما جعلَ بعضَهُم يَرسمُ صورةً مشوَّهةً للتاريخ، ويصدرُ أحكامًا ظالمةً على رموزِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ بسببِ هذا التّزويرِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>القسم الرابع:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>أن يكونَ الخبرُ أوِ الحديثُ سَنَدَهُ صحيحًا، ولم يَعْتَرِهِ زِيَادةٌ أو نقصانٌ، ويكونَ في الخَبَرِ شَيْءٌ مِنَ الأخطاءِ التي تقعُ مِنْ صَحَابيٍّ كونه غيرَ معصومٍ كبقيَّةِ النَّاسِ في كُلِّ زَمانٍ ومكانٍ. فنقول: مَنْ ذَا الذي مَا سَاءَ قَط؟ ومَنْ لَهُ الْحُسْنَى فَقَطْ؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إنَّ الاعتقادَ الصّحيحَ في الصحابة رضي اللهُ عنهم؛ أنهم بشرٌ يُصيبونَ ويُخطئونَ، وتعتريهم الغفلةُ والنسيان كسائرِ بني الإنسانِ، لا ندَّعي لهمُ العصمةَ مِنَ الذنوبِ(7)، فالواجبُ ذِكْرُ مَحاسنِهم والتجاوزُ عن مساوئِهم، فوالله! لو قَارَنَّا هذا الخطأَ بما لديهم مِنْ حسناتٍ وأعمالٍ صَالحاتٍ من البَذْلِ والجِهادِ في سبيلِ الله تعالى ونُصرةِ دينهِ؛ لكانتْ كَحَبةِ رَملٍ في جِبَالٍ مِنْ رمالٍ، أو كقطرةِ ماءٍ في عبابٍ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا صحت الرواية في ميزان الجرح والتعديل، وكان ظاهرها وقوع الخطأ والزلل، فليلتمس المسلم لها أحسن المخارج والمعاذير، قال ابن أبي زيد: (والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب) (8) وقال ابن دقيق العيد: (وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لأن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل المسابق المعلوم) (9).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومما يدعو للأسف؛ أنّ (البعضَ) يُضَخِّمُ هذه الأخطاءَ، وصار شُغْلُهُ الشاغل البحث والتنقيب عنها بكلِّ سَبيلٍ لغرضٍ في نفسِهِ، وكأنها القضيةُ الفاصلة بين الحقِّ والباطلِ، مَنْ عرفها كان مؤمنًا، ومَنْ أنكرها كان كافرًا أو منافقا !! ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إنّ غيابَ المعلوماتِ الدقيقة الموثقة عما جرى بين الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ؛ يفرضُ علينا أن نتعاملَ مع تاريخِهم معاملةَ مَنْ زَكَّاهُمُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ ، هذا هو الأصلُ الأصيلُ ، فإن عجزَ الباحثُ والقارئُ عن أنَ يجدَ سندًا صحيحًا لرواية ما ؛ فعنده أصلٌ عامٌ يجبُ أن يتّبعَهُ ، وهو ثناءُ الله سُبْحَانَهُ وتعالَى على ذلك الجيلِ الذي صَحِبَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وجاهد معه لإقامة الدين ، وما كان اللهُ ليثني على قومٍ يعلمُ أنهم لن يكونوا أهلًا لهذا الثناءِ مستقبلًا ، كيف وهو العليمُ الخبيرُ ؟!</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">مع اعتقادنَا أنهم بشرٌ يتطرقُ إليهم الخطأُ والوهمُ والتقصيرُ شأنهم في ذلك شأن بني البشر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لكن اتهامَهم بالسُّوءِ، والتحاملَ عليهم، ورميَهُم بالنِّفاقِ وحبِّ السُّلْطَةِ وغيرِ ذلك؛ هو مِنَ التالي على الله ومنازعته في صفةٍ مِنْ صفاتهِ تبارك وتعالى، إذ إنَّ الجَزمَ بهذه الاتهامات يتوقفُ على عِلْمِ الغَيْبِ الذي استأثرَ به اللهُ العليمُ الخبيرُ، فَلا يُطْلِعُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فيجبُ علينَا أن نحذرَ مِنَ الانزلاقِ وراءَ هذه الرواياتِ التي روَّجَ لها بعضُ المستشرقينَ (10) وأصحابُ الأهواءِ، الذين صَوَّروا الخلافَ الذي وقعَ بَيْنَ الأَصْحَابِ رَضِيَ اللهُ عنهم -اعتمادًا على رواياتٍ وَاهِيَةٍ ضعيفةٍ أحيانًا، وبسوءِ نِيَّةٍ أحيانًا أخرى -إلى صُورٍ بِشِعَةٍ تجعلُ منهم متصارعينَ، لا يختلفونَ عن طُلاَّبِ الكُراسي وعُشَّاقِ الزَّعامَةِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فحَريٌّ بكُلِّ غيورٍ أن يحرصَ على التَّمحيصِ والتثبت مِنَ الأخبار، فوالله! إنه ليكفينا القليلُ مِنَ التَّاريخِ مِمَّا صَحَّتْ أَسانيدُه، وخلا مِنَ التَّنَاقُضِ والتَّضَارُبِ، فهذا خَيْرٌ مِنْ أنْ يبقَى تاريخُنَا مَحشوًّا بالكثيرِ مِنَ الأكاذيبِ والافتراءاتِ، نهبًا لكلِّ مَنْ أَرَادَ أن يشيعَ الفتنة في صفوفِ الذين آمنوا، وأنْ ينالَ مِنْ مَكانةِ ذلك الجيلِ الفَريدِ، الذي شَهِدَ نورَ النُّبُوَّةِ واتصالَ الأرضِ بالسماءِ، وجَاهَدَ بكُلِّ ما يَمْلِكُ لإعلاءِ هذا الدينِ ونشْرِهِ في سائرِ البقاعِ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويَجبُ علينا أَلاَّ نقبلَ مِنْ هذا التُّراثِ إِلاَّ ما صَحَّتْ نسبَتُهُ إلى أصحابهِ، مِنْ قولٍ أو فعلٍ، بعيدًا عن هَالَةِ (التّقديسِ) ورُوحِ (التّضخيمِ)، والمغالاةِ في قيمتِها أوِ التَّنقصِ منها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فأهلًا بالحقائقِ النَّاصِعَةِ ولو كانتْ قليلةً، وبُعْدًا وسُحقًا للأكاذيبِ والخرافاتِ والأساطيرِ وقَواميسِ المنَاقِبِ والمثَالِبِ (11) مهما تَعَدَّدَتْ مصادرُها ومواردُها، لأنها لا تقوى أمامَ موازين التمحيصِ الصارمة، ومطارق الحَقِّ القاهرة (12).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والعجب كل العجب ممن يقدمون منهجية البحث العلمي في أمور وافقت حاجة في نفوسهم وينسفونها في باقي الأمر، كما فعل مرتضى العسكري في كتابه "عبد الله بن سبأ" فهو ينكر حقيقة ابن سبأ ويتعذر بحقائق التاريخية والأسانيد الضعيفة مع أنها ثابتة لكن إذا جاء الحديث عن الصحابة فكل شيء مقبول طالما أنه يؤدي الغرض الذي يرتضيه وقس على هذا فأين الدقة التي ينادي بها هؤلاء وأين تلك المنهجية العلمية التي يرفعون شعارها لماذا لا تسحب على باقي الأخبار التاريخية والأحداث المهمة في صدر الإسلام!!</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3" color="blue"><b>المصدر: موقع سلفية آل البيت.</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> </font> </p>
التعليقات