<p dir="rtl" style="text-align:justify;text-kashida:0%"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><img src="http://alburhan.com///upload/userfiles/images/2016/12/القدر.jpg" style="width: 400px;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>قولهم في الإيمان بالقدر</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><span style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: large;">يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بأن "قدماء الشيعة كانوا متفقين على إثبات القدر، وإنما شاع فيهم نفي القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة" (1).</span><br></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا كان في أواخر المائة الثالثة، وكثر بينهم في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه (2).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">كما أن "سائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر" (3).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويذكر الأشعري أن الرافضة في أفعال العباد ثلاثة فرق، فرقة يقولون بأن أعمال العباد مخلوقة لله، وأخرى تقابلها فتنفي أن تكون أعمال العباد مخلوقة لله، وثالثة تتوسط وتقول لا جبر كما قال الجهمي، ولا تفويض كما قال المعتزلة؛ لأن الرواية عن الأئمة - كما زعموا - جاءت بذلك، ولم يتكلفوا أن يقولوا في أعمال العباد هل هي مخلوقة أو لا شيئًا (4).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">واعتبر شيخ الإسلام هذه الطائفة متوقفة بينما الأولى مثبتة والثانية نافية (5)، ولا يذكر صاحب التحفة الاثني عشرية عن الإمامية إلا قولهم (إن العبد يخلق فعله) (6).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هذا ما تقوله مصادر أهل السنة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>وبالرجوع إلى مصادر الشيعة يتبين ما يلي:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">نرى ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق، يقول في عقائده التي سجلها على أنها تمثل عقائد الشيعة واشتهرت باسم عقائد الصدوق يقول (اعتقادنا في أفعال العباد أنها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك أنه لم يزل الله عالمًا بمقاديرها) (7).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا فيه إثبات علم الله عز وجل بأعمال العباد فقط لا إثبات عموم مشيئته سبحانه، وهو لا يقتضي أن الله خالق أفعال العباد، ومع ذلك فقد تعقبه شيخهم المفيد فقال (الصحيح عن آل محمد صلى الله عليه وسلم أن أفعال العباد غير مخلوقة لله، والذي ذكره أبو جعفر قد جاء به حديث غير معمول به، ولا مرضي الإسناد، والأخبار الصحيحة بخلافه، وليس يعرف في لغة العرب أن العلم بالشيء هو خلق له) (8).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم قال (وقد روي عن أبي الحسن أنه سئل عن أفعال العباد فقيل له هل هي مخلوقة لله تعالى؟ فقال عليه السلام لو كان خالقًا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم) (9).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويبدو في هذا الاستدلال الذي عزاه مفيدهم إلى الرضا التكلف الواضح، فبراءة الله عز وجل من المشركين لعدم رضاه سبحانه عن عملهم، ولا ينفي هذا قدرة الله سبحانه ومشيئته الشاملة النافذة، قال تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَلَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكُواْ}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأنعام 107]</font>. وجاء في رواياتهم ما ينقض هذا ويتفق مع الحق، حيث قالوا (ما خلال الله فهو مخلوق، والله خالق كل شيء) (10).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم إن المفيد يذهب إلى معنى أن العباد خالقون لأفعالهم، لكنه لا يستحسن هذا التعبير فيقول (أقول إن الخلق يفعلون، ويحدثون ويخترعون ويصنعون ويكتسبون، ولا أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ولا هم خالقون، ولا أتعدى ذكر ذلك فيما ذكره الله تعالى ولا أتجاوز به مواضعه من القرآن، وعلى هذا القول إجماع الإمامية والزيدية والبغداديين من المعتزلة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث، وخالف فيه البصريون من المعتزلة وأطلقوا على العباد أنهم خالقون فخرجوا بذلك عن إجماع المسلمين) (11).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فهو يلتزم - كما يزعم - منهج القرآن؛ لأنه سماهم فاعلين وعاملين ولم يسمهم خالقين، غير أن إجماع طائفته لم يستمر - إن كان قد حصل - إذ إن طائفة من شيوخهم سلكوا مسلك معتزلة البصرة في إطلاق لفظ (الخلق) (12). والفرق اللفظي بينهم وبين معتزلة البصرة قد توارى فيما بعد على يد ثلة من أساطين المذهب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقد عقد شيخهم الحرّ العاملي (ت1104هـ) صاحب الشيعة في كتابه الذي يتحدث فيه عن أصول أئمته عقد بابًا بعنوان (باب أنّ الله سبحانه خالق كلّ شيء إلا أفعال العباد) (13)، وقال (أقول مذهب الإماميّة والمعتزلة أنّ أفعال العباد صادرة عنهم وهم خالقون لها) (14).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكذلك قال شيخهم الطبطبائي (ذهبت الإمامية والمعتزلة إلى أن أفعال العباد وحركاتهم واقعة بقدرتهم واختيارهم فهم خالقون لها، وما في الآيات من أنه تعالى خالق كل شيء وأمثالها إما مخصص بما سوى أفعال العباد، أو مؤول بأن المعنى أنه خالق كل شيء إما بلا واسطة أو بواسطة مخلوقاته) (15).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقال القزويني (وأفعال العباد مخلوقة لهم) (16).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وغير هؤلاء كثير (17). وهو كما ترى عين مذهب أهل الاعتزال، فهل مقالة هؤلاء طارئة على المذهب الشيعي كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وإن قدماء الشيعة لم يكونوا على هذا المعتقد، أو أن هذا هو مذهب الأقدمين ومن بعدهم؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لعل أفضل مرجع يرجع إليه لاستقراء هذه الحقيقة هو كتب الحديث عند الشيعة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد رجعت إلى مصادر الشيعة المعتمدة في الرواية وبالذات إلى مراجعها الرئيسة؛ فرأيت مجموعة كبيرة من الروايات تخالف ما هو شائع عن مذهب الشيعة من القول بمذهب المعتزلة في أفعال العباد، وتعارض ما قرره طائفة من شيوخهم في هذه المسألة من الأخذ بمسلك أهل الاعتزال...</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>فمن رواياتهم التي وصفنا:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>(قال أبو جعفر وأبو عبد الله إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب، ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرًا فلا يكون، قال فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قال نعم أوسع ما بين السماء والأرض) (18).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يعني أن بين القول بالجبر والقول بنفي القدر منزلة ثالثة وسط.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وجاءت عندهم مجموعة من الروايات تقول بأن مذهبهم في القدر هو أمر بين الأمرين لا جبر ولا تفويض (19).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولهذا قال المجلسي (اعلم أنّ الذي استفاض عن الأئمّة هو نفي الجبر والتّفويض وإثبات مر بين الأمرين) (20).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ونفي الجبر واضح القصد وهو الخروج عن مذهب الجبرية، ولكن ماذا يريدون بالتفويض؟ يقول المجلسي (وأما التفويض فهو ما ذهب إليه المعتزلة من أنه تعالى أوجد العباد، وأقدرهم على تلك الأفعال وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها وفق مشيئتهم وقدرتهم وليس لله في أفعالهم صنع) (21).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">كذلك عندهم روايات أخرى تنتقد مذهب المعتزلة، وتشنع على القائلين به، فهو رد على الشيعة نفسها في سلوكها مسلك المعتزلة، جاء في تفسير القمي - في التشنيع على القدرية نفاة القدر من المعتزلة ومن نهج سبيلهم - قول إمامهم القدرة الذين يقولون لا قدر، ويزعمون أنهم قادرون على الهدى والضلالة، وذلك إليهم إن شاءوا اهتدوا، وإن شاءوا ضلوا، وهم مجوس هذه الأمة، وكذب أعداء الله؛ المشيئة والقدرة لله <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}</font>، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ <font face="Simplified Arabic" size="3">[الأعراف 29-30]</font>. من خلقه الله شقيًا يوم خلقه كذلك يعود إليه شقيًا، ومن خلقه سعيدًا يوم خلقه كذلك يعود إليه سعيدًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم <font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">«الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه»</font> (22).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقال أبو عبد الله (إنك لتسأل عن كلام أهل القدر وما هو من ديني ولا دين آبائي ولا وجدت أحدًا من أهل بيتي يقول به) (23).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقال (ويح هذه القدرية أما يقرأون هذه الآية <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ}</font> ويحهم من قدّرها إلا الله تبارك وتعالى) (24). وغيرها كثير (25).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هذه الروايات تعبر عن مذهب الأئمة في إثبات القدر، وقد تشير إلى ما عليه قدماء الشيعة من الإثبات، وقد أعرض عن هذه الروايات الشيعة المتأخرون بلا دليل سوى تقليد أهل الاعتزال، وأغمضوا النظر عما يعارض ذلك من روايات كثيرة عندهم، بل إن الشيعة جعلوا من أصولهم العدل كالمعتزلة سواءً بسواء. وهذه الكلمة في ظاهرها لفظ جميل، ولكنها تخفي وراءها معنىً خطيرًا، وهو إنكار قدر الله عز وجل.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال أحد شيوخهم (أمّا الإماميّة فالعدل من أركان الإيمان عندهم بل ومن أصول الإسلام) (26).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">مع أن أقوال الأئمة - كما أثبتته كتبهم المعتمدة عندهم - لا تصرح بنفي القدر في أكثر رواياتهم - كما مضى - بل تهاجم المعتزلة وتنتقد مذهبها في القدر، كما تقرر جملة أن الحق ليس مع المعتزلة القدرية، ولا مع الجبرية بل الحق منزلة أخرى ثالثة، وهذا حق، ولكن تفسير هذه المنزلة، أو الأمر بين الأمرين ما هو؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لقد أحجمت بعض رواياتهم عن تفيسر هذا واكتفت بإطلاق هذا القول. ولما سئل أبو عبد الله عن معناه لم يجب وقالت رواياتهم في وصف موقفه من هذا السؤال (فقلب يده مرتين أو ثلاثًا ثم قال لو أجبتك فيه لكفرت) (27).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد حمل بعض شيوخهم هذا الموقف من (جعفر) على التقية (لأنه - بزعمهم - كان يعلم أنه لا يدركه عقل السائل فيشك فيه أو يجحده فيكفر) (28).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولعل هذا التوقف هو ما أشار إليه الأشعري من أنه أحد مذاهب الرافضة الثلاثة. كما أن المذهب الأول قد جاء على لسان شيخهم المفيد في قوله (إن أفعال العباد غير مخلوقة لله) (29). وقد لوحظ أن المذهب الثالث وهو الإثبات قد نطقت به طائفة من رواياتهم، فأنت ترى أن المذاهب الثلاثة للرافضة التي أشار إليها الأشعري في مقالاته قد وجدت كلها ضمن مقالات الاثني عشرية ورواياتهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وذكر صدوقهم في عقائده رواية تفسر قولهم بالأمر بين الأمرين؛ حيث قال قيل لأبي عبد الله (ما أمر بين الأمرين؟ فقال ذلك مثل رجل رأيته على المعصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لا يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية) (30).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فهو هنا يفسر القدر بالأمر والنهي فحسب.. وهو لا يكفي في بيان المذهب الحق في القدر.. إذ كان الله سبحانه لا سلطان له على العبد إلا أمره أو نهيه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولكن نجد من شيوخهم من فسر ذلك بمقتضى مذهب أهل السنة وقال بما جاء في رواياتهم من الإثبات، وأعرض عما قاله طائفة من شيوخه وجعل ذلك هو معتقد طائفته فقال بعدما ذكر ضلال الجبرية فيما ذهبوا إليه، ان من قال بقولهم فقد نسب الظلم إليه تعالى عن ذلك، وضلال القدرية فيما أخذوا به من نفي القدر، وأن من قال بذلك فقد أشرك مع الله غيره في الخلق - قال واعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام من الأمر بين الأمرين والطريق الوسط بين القولين.. فقد قال إمامنا الصادق عليه السلام لبيان الطريق الوسط كلمته المشهورة (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الأمرين).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ما أجمل هذا المغزى، وما أدق معناه وخلاصته (أن أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن أسبابها الطبيعية وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخلة في سلطانه لأنه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا على المعاصي، لأن لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والأمر وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد) (31).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذه الكلمات لا تخالف ما قاله أهل السنة في باب أفعال العباد، وهي تفيد أن من شيوخ الشيعة المتأخرين من يذهب إلى ما ذهب إليه أوائلهم، وما قررته معظم رواياتهم إذا لم يكن قد جعل لكلماته ضربًا من التأويل أو لونًا من الاتقاء فذاك علمه عند الله.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا لا ينفي أن شيوخ المذهب وأساطين الطّائفة قد ذهبوا في الغالب إلى ما ذهب إليه أهل الاعتزال.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويمكن أن يقال قد كان في القديم الإثبات هو الأصل والنفي طارئ نتيجة التأثر بالاتجاه الاعتزالي، وعند المتأخرين النفي هو الكثير الغالب، والإثبات موجود عند البعض.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا شك بأن من قال بالنفي فقد قال بجزء من الأدلة وعطل الباقي، ومن قال بالجبر فقد عمل بالجزء الآخر وعطل ما سواه، ومن أخذ بالقول الوسط فقد أعمل الأدلة كلها، وآيات القرآن أثبتت للعبد فعلاً وقدرة ومشيئة، ولكنها تابعة لقدرة الله ومشيئته، قال تعالى <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[الإنسان 30، التكوير 29]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال شيخ الإسلام:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">"فجمهور أهل السنة من السلف والخلف يقولون إن العبد له قدرة وإرادة وفعل، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة" ثم ساق الأدلة في ذلك (32).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والروايات الكثيرة عند الرافضة - والتي مضى بعضها - هي أكبر شاهد من مذهبهم نفسه على بطلان ما ذهب إليه شيوخهم من الأخذ بمذهب أهل الاعتزال.</font></p><p dir="rtl" style="text-align: left;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3" color="blue"><b>المصدر: الدرر السنية.</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">
</font>
</p>