موقف الشيعة من الفرق الإسلامية
ناصر عبد الله القفاري
الأحد 5 فبراير 2017 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><img src="http://alburhan.com///upload/userfiles/images/2017/2/موقف(1).jpg" style="width: 400px;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>موقف الشيعة من الفرق الإسلامية</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><span style="font-family: "Simplified Arabic"; font-size: large;">مدخل:</span><br></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">من يقرأ في كتب المعاصرين من الشيعة أو يستمع لما يقوله مراجعهم وشيوخهم عبر إعلامهم وقنواتهم الفضائية يرى أنهم يدعون ويتظاهرون بأن عدوهم الذي يناصبونه العداء من يسمونهم بالطوائف التكفيرية وحدها دون باقي طوائف وفرق الأمة، ويحاولون ما وسعتهم المحاولة أو الحيلة استمالة باقي فرق الأمة، وادعاء أنهم معهم في صف واحد أمام هذه الطوائف التكفيرية، وحيناً يسمونها بالوهابية بغية تشويه سمعة الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب<font face="Simplified Arabic" size="3">[1]</font>؛ كل ذلك على سبيل الدعاية المذهبية والمصانعة السياسية والتقية الدينية؛ لأن التقية هي دينهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لكن الحقيقة التي يخفونها هي أن كتبهم ومصادر دينهم المعتمدة لديهم في التلقي طافحة بتكفير كل من عداهم من فرق الأمة، حتى تلك الفرق المعتدلة المنتسبة للتشيع لم تسلم من تكفيرهم، بل واستحلال دمائهم وأموالهم؛ لأنهم في اعتقادهم نواصب لم يؤمنوا بالإمامة بحسب مفهومهم، كما سيأتي بيانه، ولم تسلم من هذا التكفير فرقة من فرق الأمة حتى أولئك المخدوعون بشعار التقريب والوحدة معهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>المراد بالشيعة:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>أعني بالشيعة هنا من يتلقى دينه مما يسمونه الكتب الأربعة الأولى، والكتب الأربعة المتأخرة، وهم أصحاب ولاية الفقيه الخمينية، الذين إذا أطلق لقب الشيعة في عصرنا لا ينصرف إلا إليهم في رأي جمع من الباحثين<font face="Simplified Arabic" size="3">[2]</font>، ومن سواهم زيدية<font face="Simplified Arabic" size="3">[3]</font> أو إسماعيلية<font face="Simplified Arabic" size="3">[4]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>قولهم في الفرق الإسلامية:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>ينقل شيخهم المفيد - في كتابه (أوائل المقالات) الذي يعده المعاصرون من شيوخهم عمدة في بيان اعتقادهم<font face="Simplified Arabic" size="3">[5]</font> - إجماعهم على تكفير الفرق الإسلامية كلها وأنها من أهل النار جميعاً، حيث يقول: (اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار.. ومن مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار) <font face="Simplified Arabic" size="3">[6]</font>. ويعني بأهل البدع كل من خالفهم في عدد الأئمة وأعيانهم ولو كانوا من شيعتهم، أي من الفرق المنتسبة للتشيع.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد عقد شيخهم المجلسي في كتابه بحار الأنوار (الذي يعده المعاصرون المرجع الوحيد لتحقيق معارف المذهب) <font face="Simplified Arabic" size="3">[7]</font> باباً في هذا الشأن بعنوان (باب كفر المخالفين والنصاب) <font face="Simplified Arabic" size="3">[8]</font>، وعد كل من لم يؤمن بإمامة واحد من الأئمة الاثني عشر في عداد المشركين، كما وصفهم شيخهم ابن بابويه القمي أحد مصنفي كتبهم الأربعة بأنهم ظلمة ملعونون، فقال: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>من ادعى الإمامة وليس بإمام فهو الظالم الملعون، ومن وضع الإمامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون...<font face="Simplified Arabic" size="3">) [9]</font>. ولذلك جاء في كتبهم المعتمدة لديهم في التلقي: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماماً من الله، ومن زعم أن لهما<font face="Simplified Arabic" size="3">[10]</font> في الإسلام نصيباً<font face="Simplified Arabic" size="3">) [11]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فهذا تكفير للأمة شنيع لم يبلغ الخوارج مبلغه، وهو تكفير للأحياء والأموات، وحقد عظيم على أمة الإسلام وخلفاء المسلمين؛ فقوله: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>من ادعى إمامة من الله ليست له<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font>حكم على جميع أئمة المسلمين وحكامهم وأمرائهم بأنهم ظلمة وملعونون؛ لأن الإمامة في اعتقادهم محصورة في اثني عشر إماماً. وقوله: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>ومن جحد إماماً من الله<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font>تكفير لكل من بايع خليفة أو أميراً أو حاكماً أو رئيساً أو رضي ببيعتهم وحكمهم، وهذا يشمل جميع المسلمين من لدن الصحابة الذين بايعوا الخلفاء الراشدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهم لم يبقوا من فرق المسلمين أحداً سوى من قال بإمامة أئمتهم، بل اعتبروا المخالفين لهم من المسلمين أشد شرّاً من اليهود والنصارى.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يقول ابن المطهر الحلي الذي يلقبونه بالعلامة: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص، لإمكان خلو الزمان من نبي حي بخلاف الإمام، وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص<font face="Simplified Arabic" size="3">) [12]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد بلغ بهم الأمر أن أعلنوا المفاصلة الكاملة والبراءة الشاملة لكل فرقة من فرق المسلمين اعتقدت بشرعية خلافة الخليفتين العظيمين أبي بكر وعمر اللذين أقام الله بهما دينه وحفظ شريعته، وفتح الله على أيديهما بلاد هؤلاء المجوس، ومن المعلوم أن جميع الفرق الإسلامية تثبت خلافة الشيخين، فتبرأوا منها جميعاً، فقالوا على لسان شيخهم نعمة الله الجزائري: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>لم نجتمع معهم <font face="Simplified Arabic" size="3">[يعني الأشعرية]</font> على إله، ولا على نبي، ولا على إمام، ذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيه وخليفته أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب، ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا<font face="Simplified Arabic" size="3">) [13]</font>. ويقول أيضاً: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>الأشاعرة لم يعرفوا ربهم بوجه صحيح، بل عرفوه بوجه غير صحيح، فلا فرق بين معرفتهم هذه وبين معرفة باقي الكفار... فالأشاعرة ومتابعوهم أسوأ حالاً في باب معرفة الصانع من المشركين والنصارى... فمعرفتهم له سبحانه على هذا الوجه الباطل من جملة الأسباب التي أورثت خلودهم في النار مع إخوانهم من الكفار<font face="Simplified Arabic" size="3">) [14]</font>. وقال شيخهم المازندراني: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>المراد بالقدرية والمجوس فيما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (القدرية مجوس هذه الأمة) هم الأشاعرة وغيرهم من القائلين بالجبر<font face="Simplified Arabic" size="3">) [15]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكذلك لم يسلم التصوف والصوفية من طعنهم وذمهم، سواء معتدلها ومتطرفها، فنسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم صوفية، ليسوا مني وإنهم يهود أمتي... إلى أن قال: هم أضل من الكفار وهم أهل النار<font face="Simplified Arabic" size="3">) [16]</font>. ويقول شيخهم الحر العاملي: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>لا يوجد للتصوف وأهله في كتب الشيعة وكلام الأئمة -عليهم السلام -ذكر إلا بالذم، وقد صنفوا في الرد عليهم كتباً متعددة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [17]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولم يتركوا طائفة من طوائف الأمة ولا فرقة من فرق المسلمين إلا وكفروهم ولعنوهم سواء أكانوا أهل حق، كتكفيرهم ولعنهم لأهل السنة الذين يلقبونهم بالمرجئة، أم كانوا من المبتدعة الضالين كلعنهم وتكفيرهم للقدرية والخوارج؛ جاء في الكافي <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>عن أبي مسروق قال: سألني أبو عبد الله عن أهل البصرة ما هم؟ فقلت: مرجئة وقدرية<font face="Simplified Arabic" size="3">[18]</font> وحرورية. فقال: لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [19]</font>، ولكنهم يخصون أهل السنة والجماعة؛ لأنهم أهل الحق بمزيد من لعنهم وتكفيرهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> جاء في الكافي: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>اللهم العن المرجئة فهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [20]</font>. ويكشف شيخهم المجلسي شيخ الدولة الصفوية مرادهم بهذا النص بلا تقية أو مواربة حيث يصرح بأن <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>المراد بالإرجاء هنا تأخير علي عن الدرجة الأولى إلى الدرجة الرابعة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [21]</font>. يعني من لم يؤمن بأن عليّاً هو الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم عليه أبا بكر ثم عمر ثم عثمان فهو مرجئ عندهم، والإرجاء في اللغة هو التأخير، فهذا تكفير لعموم المسلمين، ثم امتد لعنهم وتكفيرهم إلى أموات المسلمين، يقول المجلسي: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>لا تجوز الصلاة على المخالف لجبر أو تشبيه<font face="Simplified Arabic" size="3">[22]</font>، أو اعتزال أو خارجية، أو إنكار إمامة، إلا للتقية، فإن فعل (يعني صلى عليه تقية) لعنه بعد الرابعة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [23]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويمتد تكفيرهم أيضاً ليشمل فرقاً هي من طوائفهم تنتمي إلى التشيع مثلهم، سوى أنهم يخالفونهم إما في عدد الأئمة أو أعيانهم، فتتوالى عليهم لعناتهم، وتتعاقب عليهم كلمات التكفير والمعاداة، ولذلك فإن شيخهم مير باقر الداماد يفسر حديث <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font> بفرق الشيعة، ويقرر أن الناجية منها طائفته الإمامية <font face="Simplified Arabic" size="3">[24]</font>، أما أهل السنة والمعتزلة والمرجئة والخوارج وغيرهم من سائر فرق المسلمين فجعلهم من أمة الدعوة، أي ليسوا من أمة الإجابة، فهم لم يدخلوا في اعتقاده في الإسلام أصلاً<font face="Simplified Arabic" size="3">[25]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بل إنهم يخصون جملة من هذه الفرق الشيعية بلعنهم وتكفيرهم، ويكفي أن تعرف أن الزيدية وهي من فرق الشيعة خصوها بالتكفير في نصوص كثيرة، وفي عدد من مصادرهم المعتمدة، ربما لأنهم أقرب فرق الشيعة لأهل السنة، ولذا أخرجوهم من التشيع وعدوهم من النواصب، جاء في الكشي (عمدة مصادرهم في الرجال): <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عن الصدقة على الناصب وعلى الزيدية قال: لا تصدق عليهم بشيء، ولا تسقهم من الماء إن استطعت. وقال لي: الزيدية هم النصاب<font face="Simplified Arabic" size="3">) [26]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي الكافي (عمدة كتبهم): <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>عن عبد الله بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن -رضي الله عنه -: إن لي جارين أحدهما ناصبي، والآخر زيدي، ولا بد من معاشرتهما فمن أعاشر؟ فقال: هما سيان، من كذب بآية من كتاب الله فقد نبذ الإسلام وراء ظهره، وهو المكذب بجميع القرآن والأنبياء والمرسلين، ثم قال: إن هذا نصب لك، وهذا زيدي نصب لنا<font face="Simplified Arabic" size="3">) [27]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقال المجلسي: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم من الفطحية والواقفة<font face="Simplified Arabic" size="3">) [28]</font>. والفطحية والواقفة أيضاً من فرق الشيعة، لكنهم خالفوا الإثنى عشرية في عدد الأئمة وأعيانهم، فدخلوا في دائرة اللعن والتكفير.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> فهذا حكمهم على فرق الشيعة فما بالك بمن دونهم! حتى إنهم يعدون المخالف لهم في دعواهم وجود المهدي الخرافة، وعدم البيعة لهذا الغائب الموهوم أو عدم الاعتقاد بأنه هو الحاكم الفعلي اليوم على المسلمين، يعدونه في مرتبة في الكفر مثل إبليس<font face="Simplified Arabic" size="3">[29]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بل إن مجرد محبة أبي بكر وعمر هي عندهم من الكفر، فكفَّروا بذلك المسلمين جميعاً، جاء في البحار: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>عن أبي علي الخرساني، عن مولى لعلي بن الحسين -عليه السلام -قال: كنت معه -عليه السلام -في بعض خلواته فقلت: إن لي عليك حقّاً ألا تخبرني عن هذين الرجلين: عن أبي بكر وعمر؟ فقال: كافران، كافر من أحبهما<font face="Simplified Arabic" size="3">) [30]</font>. هكذا ينسبون معتقدهم الباطل إلى الإمام علي بن الحسين، وهو -كسائر الأئمة -براء مما ينسبه هؤلاء الروافض إليه<font face="Simplified Arabic" size="3">[31]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويظهر أن موجة التكفير للصحابة والقرابة التي سادت نصوصهم وسودت كتبهم قد كان من عقوباتها وآثارها ظهور حالة التنافر والتنابذ والتنابز والتلاعن والتلاحي والتبري بين فرقهم وأفرادهم، كأنها عقوبة مثلية جزاء وفاقاً؛ فهؤلاء الذين أطلقوا ألسنتهم في خير الصحابة ومن دونهم من عموم المسلمين ارتدت سهام ألسنتهم إليهم؛ استمع إلى ما يرويه الكشي ويوافقه عليه شيخ طائفتهم الطوسي<font face="Simplified Arabic" size="3">[32]</font> عن حال أوائل أصحابهم (الخلص) من تبري بعضهم من بعض، ورمي بعضهم لبعض بالزندقة والكفر، حيث يقول في روايته بأنه في سنة 190هـ اجتمع ستة عشر رجلاً في باب الحسن الثاني، فقال له أحدهم - ويدعى جعفر بن عيسى -: يا سيدي نشكو إلى الله وإليك<font face="Simplified Arabic" size="3">[33]</font> ما نحن فيه من أصحابنا، فقال: وما أنتم فيه منهم؟ فقال جعفر: هم والله يزندقونا ويكفرونا ويتبرؤون منا. فقال: هكذا أصحاب علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وأصحاب جعفر، وموسى -صلوات الله عليهم -، ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم، وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم. وقال: جعلت فداك إنهم يزعمون أنا زنادقة<font face="Simplified Arabic" size="3">[34]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هذا حال رعيلهم الأول فكيف بمن بعدهم؟ يقول العالم العراقي المعاصر محمود الملاح: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>في عصرنا هذا نجد الإثنى عشرية منقسمة إلى أصولية وأخبارية وشيخية وكشفية وركنية وكريمخانية وقزلباشية<font face="Simplified Arabic" size="3">) [35]</font>، وكلها داخلة في المجموعة الإثنى عشرية وهي بعد هذا يكفر بعضها بعضاً<font face="Simplified Arabic" size="3">[36]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد بلغ الصراع والعداء والتبري في عصرنا بين أهم فرق الإثنى عشرية، وهما الأصولية والأخبارية، أن كفر بعضهم بعضاً، ولعن بعضهم بعضاً، وتبرأ بعضهم من بعض، حتى إن من شيوخ طائفة الأخبارية من لا يلمس مؤلفات الأصوليين بيده تحاشياً من نجاستها، وإنما يقبضها من وراء ملابسه<font face="Simplified Arabic" size="3">[37]</font>، ويفتي بعضهم بتحريم الصلاة خلف البعض الآخر<font face="Simplified Arabic" size="3">[38]</font>، ويتقاذفون تهم الزندقة والتكفير فيما بينهم<font face="Simplified Arabic" size="3">[39]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا شأن المخالفين، حتى ذكر عبد القاهر البغدادي أن <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>سبعة من القدرية اجتمعوا في مجلس وافترقوا عن تكفير كل واحد منهم لسائرهم<font face="Simplified Arabic" size="3">) [40]</font>. لكن الرافضة لهم في تكفير الآخرين وتكفير بعضهم بعضاً النصيب الأوفى كحال المغضوب عليهم والضالين الذين قال الله فيهم: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}</font> <font face="Simplified Arabic" size="3">[البقرة: 113]</font>.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> <font face="Simplified Arabic" size="3">[1]</font> لكشف تلبيسات هؤلاء وأمثالهم، والرد على شبهاتهم التي يثيرونها حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - يرجع إلى الكتاب القيم: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، للدكتور الشيخ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[2]</font> انظر: دائرة المعارف الإسلامية (14/68) ، مستدرك الوسائل (3/311) ، روح الإسلام لأمير علي (2/92) ، أصل الشيعة وأصولها (ص92) ، الشيعة في التاريخ للعاملي (ص43) ، الغلو والفرق الغالية (ص82) ، أصول الدين وفروعه عند الشيعة لأحمد زكي تفاحة (ص21) ، الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير (ص9) ، مجلة كلية الدراسات الإسلامية (العدد الأول، 1387هـ، ص35).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[3]</font> الزيدية هم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وسموا بالزيدية نسبة إليه، وقد افترقوا عن الإمامية الرافضة حينما سئل زيد عن أبي بكر وعمر فترضى عنهما فرفضه قوم، فسموا رافضة لرفضهم إياه، وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيدية لانتسابهم إليه، وذلك في آخر خلافة هشام سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين ومائة. (انظر: الرسالة الوازعة، يحيى بن حمزة اليمني ص28، مقالات الإسلاميين 1/136، الملل والنحل 1/154).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[4]</font> الإسماعيلية هم الذين قالوا: الإمام بعد جعفر إسماعيل بن جعفر، وادعوا أن جعفراً أشار إليه في حياته، ودل الشيعة عليه، ثم قالوا بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر من بعده، وأنكروا إمامة سائر ولد جعفر. (انظر: الزينة للرازي ص287 ضمن كتاب الغلو والفرق الغالية، فرق الشيعة للنوبختي ص148، الفرق بين الفرق ص62، 63).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[5]</font> ذكر ذلك شيخهم محمد جواد مغنية رئيس المحكمة الجعفرية ببيروت، وذلك في كتابه <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>الشيعة في الميزان<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font> (ص14).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[6]</font> أوائل المقالات 53.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[7]</font> انظر: مقدمة البحار 19.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[8]</font> بحار الأنوار (72/ 132).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[9]</font> الاعتقادات لابن بابويه 111، وانظر: البحار للمجلسي (27/ 62).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> <font face="Simplified Arabic" size="3">[10]</font> يعنون بهما اللذين أقاما دولة الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم ونشرا دينه، الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> <font face="Simplified Arabic" size="3">[11]</font> الكافي، كتاب الحجة، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل إلخ (1/373)، وانظر: تفسير العياشي (1/178)، تفسير البرهان (1/293)، البحار )8/218).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[12]</font> الألفين لابن مطهر (ص3).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[13]</font> الأنوار النعمانية )2/279).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[14]</font> الأنوار النعمانية (2/278).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[15]</font> شرح أصول الكافي (5/11).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[16]</font> الاثنا عشرية في الرد على الصوفية (ص18).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[17]</font> الاثنا عشرية في الرد على الصوفية (ص13) ، وقد ذكر محقق الكتاب منها ثمانية عشر كتاباً صنفوها في الرد عليهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[18]</font> صارت الشيعة قدرية فيما بعد فاللعن يشملهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[19]</font> أصول الكافي (2/387، 409).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[20]</font> فروع الكافي (مع شرحه مرآة العقول) (4/371).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[21]</font> مرآة العقول للمجلسي (4/371).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> <font face="Simplified Arabic" size="3">[22]</font> أوائل الشيعة كانوا جبرية في باب القدر، مشبهة في باب الصفات، ثم جنحوا لطريقة الاعتزال في هذا الباب بعد المائة الثالثة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[23]</font> ينظر: جمال الدين الأفغاني: التعليقات على شرح الدواني (ضمن كتاب الأعمال الكاملة للأفغاني دراسة وتحقيق محمد عمارة 1/215).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[24]</font> المصدر السابق.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[25]</font> مرآة العقول (4/71-73).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[26]</font> رجال الكشي 199، بحار الأنوار (72/179).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[27]</font> الكافي <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>كتاب الروضة<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font> (12/304) (مع شرحه للمازندراني)، مفتاح الكتب الأربعة (8/76).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[28]</font> بحار الأنوار (37/34).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[29]</font> انظر: إكمال الدين لابن بابويه (ص13).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[30]</font> بحار الأنوار )72/137-138).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[31]</font> قال أبوحازم المدني: ما رأيت هاشميّاً أفقه من علي بن الحسين، سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة (سير أعلام النبلاء 4/ 394)، وينظر للاستزادة كتابنا: زبور آل محمد (ص34-36).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[32]</font> لأن كتاب <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>رجال الكشي<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font>الموجود بأيدي الشيعة اليوم من اختياره وتهذيبه، أما الأصل الذي وضعه الكشي فقد فُقِد كما يقولون.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[33]</font> هذا التعبير من الألفاظ المنهي عنها؛ لأنه يقتضي التسوية بين الخالق والمخلوق، فهو نوع من الشرك (الأصغر) ، ولذا يجب أن يقول: <font face="Simplified Arabic" size="3">(</font>نشكوا إلى الله ثم إليك<font face="Simplified Arabic" size="3">) </font>، وضلال هؤلاء - أعني الروافض - في الشرك الأكبر أعظم من ذلك، ولكن هذا تنبيه للقارئ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[34]</font> رجال الكشي (ص498-499).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[35]</font> في أصول الشيعة (1/111) ، وما بعدها تعريف موجز بهذه الفرق.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[36]</font> الآراء الصريحة، لمحمود الملاح (ص81).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[37]</font> الشيخية لمحمد آل المطلقاني (ص9).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[38]</font> انظر: مع علماء النجف لمحمد جواد (ص74).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[39]</font> انظر: أصول الشيعة (1/118).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3">[40]</font> الفرق بين الفرق (ص185).</font></p><p dir="rtl" style="text-align: left;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3" color="blue"><b>المصدر: موقع مجلة البيان</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> </font> </p>
التعليقات