موقع البرهان - لماذا فشل المذهب الجعفري أن يكون مذهباً خامساً ؟

<img src="http://alburhan.com///upload/userfiles/images/2017/3/الجعفري.jpg" style="width: 400px;"> لماذا فشل المذهب الجعفري أن يكون مذهباً خامساً؟يحاول الشيعة بين حين وآخر اختراق الأمة الإسلامية لنشر مذهبهم المنحرف، القائم على الشركيات والبدع، وذلك بعدد من الأساليب الماكرة؛ كدعوى حب آل البيت رضي الله عنهم، وغيرها من دعاويهم الكاذبة.ومن تلك الدعاوى الماكرة محاولة ترويج مذهبهم العقدي من خلال ادعاء أن للإمام جعفر الصادق رحمه الله مذهبًا فقهيًا مستقلاً عن أهل السنة! سموه (المذهب الجعفري)! وهو كما يأتي أكذوبة يتسترون بها لنشر مذهبهم الشيعي.وقد اعترف أحد ملاليهم صالح الكرباسي في موقعه بهذا فقال:(لا فرق بين المذهبين الجعفري والشيعي إلا من حيث التسمية الاعتبارية، وذلك لأن المذهب الجعفري هو نفس المذهب الشيعي).ولتوضيح كذبتهم هذه يُقال إن الإمام جعفر -رحمه الله- من علماء أهل السنة، ولكن انتحله الشيعة، فكذبوا عليه في أصول الدين وفروعه، وقد ظهر أوائل هؤلاء الكذبة في حياته، فقال عنهم ـ رحمه الله ـ (من زعم أني إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء) ذكره الذهبي في ترجمته في سير أعلام النبلاء.فما يزعمه الشيعة اليوم أنه من كلام الإمام جعفر فمردود؛ لعدم نقل الثقات له، ولمصادمة كثير منه للنصوص الشرعية، ومن المعلوم أنه - رحمه الله - كان من أشد الناس اتباعًا لهذه النصوص!ومما يبين زيف دعاواهم أنه لا يوجد لدى الشيعة كتابٌ في الفقه ألفه جعفر الصادق، أو دوّنه له تلاميذه وبقي الناس يتداولونه إلى اليوم، كما هو شأن غيره من فقهاء المذاهب السنية الأخرى.وما نسبه الشيعة إليه من فقه إنما كُتب بعد وفاته بمئات السنين، دون سند صحيح!فمن الحقائق الثابتة الغائبة عن أذهان عوام الشيعة أن جعفر الصادق -رحمه الله- لم يؤلف كتاباً في الفقه ولا كتاباً في الحديث!بخلاف أئمة المذاهب الأربعة الفقهية السنية وغيرهم، فإن كل واحدٍ منهم قد ترك لنا كتاباً مؤلفاً في الفقه وفي الحديث فالإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت -رحمه الله- ترك لنا (مسنده) في الحديث.وأما فقهه فقد تعهد تلامذته المباشرون له كالقاضي أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني بتدوينه ونقله.والإمام مالك بن أنس -رحمه الله- ترك لنا بخطه (الموطأ) في الفقه والحديث.والإمام الشافعي -رحمه الله- ترك لنا (المسند) في الحديث، وكتاب (الأم) في الفقه. وهو مؤسس علم (أصول الفقه) في كتابه (الرسالة) الذي هو أول كتاب في الإسلام ألف في بابه.وأما الإمام أحمد بن حنبل الشيباني -رحمه الله- فـ(مسنده) في الحديث أشهر من نار على علم! وأما فقهه فمحفوظ مدون.ومن أشهر تلامذته الذين دونوا فقهه الخلاّل -رحمه الله-أما جعفر بن محمد الصادق فلم نجد له لا كتاباً في الحديث، ولا كتاباً في الفقه، كتبه هو أو جمعه له تلاميذه.وليس للشيعة أي مستند فيما يفتون به عنه، سوى روايات منقطعة، بينها وبينه مفاوز، بل هم يصرحون بطعنهم فيها، وشكهم بنسبتها!فالروايات التي نُسبت إليه إنما ظهرت بعد وفاته بأزمنة متطاولة!وأقدم كتاب للرواية على الأبواب الفقهية معتمد لدى الشيعة موجود بين يدينا هو كتاب فروع الكافي للكليني المتوفى عام (329هـ). أي بعد وفاة الإمام جعفر الصادق بـ(180) عاماً!ثم جاء من بعده محمد بن علي بن بابويه القمي، المتوفى عام (381هـ) في كتابه (فقيه من لا يحضره الفقيه). أي بعد جعفر بأكثر من (230) عاماً!ولا يُعد كتابه هذا كتاباً فقهياً، بقدر ما هو كتاب للمرويات عن الأئمة، وليس فيه آراءٌ فقهية يمكن نسبتها لابن بابويه نفسه.ثم ألف فيما بعد كتابين مهمين جداً عند فقهاء الشيعة، الأول كتاب (المقنع)، والثاني كتاب (الهداية)، وهي مختصرات فقهية لم يشرحها علماء الشيعة إلا بعد موت ابن بابويه بأكثر من أربعمائة عام!وبعد هلاك ابن بابويه لم تكن هناك عناية ممن جاء بعده من علماء الشيعة ومصنفيهم بكتب الفقه، فأُهمِل هذا الجانب كثيراً، اللهم إذا استثنينا محمد بن النعمان (المعروف عندهم بالمفيد) وفاته سنة 413هـ في مختصره الفقهي (المقنعة)، والمرتضى (المعروف عندهم بعلم الهدى) وفاته سنة (436هـ) في كتابه (الانتصار) وفي بعض الرسائل الصغيرة.ولذا تأخرت ولادة الفقه كثيراً عند الشيعة. ولم يهتم به فقهاؤهم إلا في القرن الثامن والتاسع الهجريين على يد ابن المطهر الحلي وابنه، والعاملي وغيرهم.وهذه الحقيقة تخفى على كثير من الدارسين لهذا المذهب، فضلاً عن عامة أهل السنة والجماعة، وهي تأخر ولادة المذهب الفقهي عند الشيعة.فلم يكن هناك فقه ولا فقهاء عندهم طوال سبعة قرون من تاريخ الإسلام!والطريف أنهم مع هذا يدّعون أنهم من أوائل المذاهب الفقهية عند المسلمين!!ونحن نقول لهم أين هي كتبكم، وأين هي مصنفاتكم، وأين هم علماؤكم؟{قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.إذاً من المفاهيم الشائعة الباطلة إطلاق لقب (الجعفرية) على الشيعة على اعتبار أنهم يتبعون في الفقه مذهب الإمام جعفر الصادق -رحمه الله-، مع نسبة فقههم إليه.لأننا حين ننظر إلى الواقع باحثين فيه عن لوازم هذا اللقب، وآثار هذا الانتساب لا نكاد نرجع بشيء!فإن (الجعفرية) في واقع أمرهم لا يتبعون فقهاً معروفاً للإمام جعفر الصادق! كما سبق إنما هي مرويات منقطعة. أو فقيهاً واحداً ينقل إليهم فقه الإمام جعفر بسند متصل! أو فقهاً متفقاً على مسائله! أو - على الأقل - فقهاء عديدين لكنهم متفقون في عموم مسائل الفقه!فهم بدلاً من أن يتبعوا فقهاً معلوماً محدداً معروف النسبة إلى الإمام جعفر، تراهم - عند التطبيق - يخالفون نظريتهم في (الإمامة) ويتبعون مذاهب فقهائهم.علماً أن كل فقيه من هؤلاء الفقهاء مذهب قائم بحاله من قلد واحداً منهم لا يحل له - عندهم - أن يقلد الآخر!وبينهم من الاختلافات ما ضج منها علماؤهم قبل عوامهم!فهذا أبو جعفر الطوسي شيخ الطائفة يقول في كتاب العدة في أصول الفقه 1138 (وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام في الأحاديث المختلفة التي تخص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث. وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها. وذلك أشهر من أن يخفى، حتى إنك لو تأملت اختلافاتهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك(.واختلافهم هذا يقطع باختلاف المصدر المأخوذ عنه إذ لا يعقل أن هذه المسائل المختلف فيها بينهم، والتي لا تُحصى كثرة بحيث لا تضاهيها اختلافات المذاهب الأربعة - صادرة عن أصل أو إمام واحد!ناهيك عن أن كثيراً من هذه المسائل يقطع كل عاقل جزماً بعدم صدورها عن عالم محترم؛ كالإمام جعفر.وقد قال شيخهم الشريف المرتضى في رسائله 3310 )إن معظم الفقه وجمهوره لا يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة إما أن يكون أصلاً في الخبر أو فرعاً، راوياً عن غيره ومروياً عنه. وإلى غلاة وخطابية ومخمّسة وأصحاب حلول؛ كفلان وفلان ومن لا يحصى أيضا كثرة. وإلى قمي مشبّه مجبر - إلى أن يقول - فمن أين يصح لنا خبر يروونه (!والشيعة كما هو معلوم - إنما سموا أنفسهم (إمامية) على اعتبار أنهم - دون سواهم من المسلمين - يرجعون في الفقه، وفي الحكم إلى إمام معصوم.لكننا نراهم في الواقع يرجعون في الأمرين إلى بشر عاديين من أمثال الصدر والسيستاني وخميني وخامنئي والخاتمي!فعاد الإمام المعصوم في الحقيقة إلى مجرد اسم بلا مسمى، وعنوان بلا مضمون! فماذا بقي من معنى لـ(الإمامة) والانتساب إليها؟وهكذا نصل إلى الحقيقة التالية، وهي:أن الشيعة في واقع حالهم ليسوا بـ(جعفرية)! بل ولا (إمامية)وإلا فليُخرجوا لنا كتاباً ألفه الإمام جعفر الصادق، أو نُقل عنه بسند متصل!وليُظهروا لنا ذلك الإمام المعصوم الذي يستفتونه في فقههم، ويرجعون إليه في حكمهم. مع أن ميدان الفقه عندهم مزدحم، ولهم دولة تحكم باسمهم! ولأجل هذه الحقائق الناصعة تنبه أهل السنة إلى خطتهم الماكرة، التي يُحاولون من خلالها ترويج مذهبهم العقدي، فتصدوا لمحاولات اختراقهم الأمة بأكذوبة (المذهب الجعفري).أما في السعودية؛ فالتصدي واضح.و في مصر صرّح وكيل الأزهر عام 1431هـ لـالعربية. نت بأن الأزهر مستمر في الاقتصار على تدريس المذاهب الفقهية السنية الأربعة، وقال) سنعيد ابتداء من العام الدراسي القادم فقه المذاهب الأربعة الذى ألغي منذ 10 سنوات، وسيدرس الطلاب كتب الإقناع في الفقه الشافعي، والاختيار في الفقه الحنفي، والروض المربع في الفقه الحنبلي، والشرح الصغير في الفقه المالكي). وفي الكويت رفضت وزارة التربية الكويتية عام 1431هـ - أيضًا - مطالب نائب شيعي في البرلمان بإدخال الفقه الجعفري في منهجي الدين والتاريخ في مدارس الوزارة بمراحل التعليم الأساسية.ومن الأهمية بمكان أن نعي أن فشل هذا المذهب أن يكون مذهباً خامساً أنه هشّ في بنائه، وعدم قدرته على التكامل مع المذاهب الأخرى، أسوةً بتكامل المذاهب الأربعة فيما بينها. ولا ننسى أنه مذهب فقهي تأسس على مذهب عقدي،تأسس هو الآخر على حقد سياسي، ما جعله مرتبكاً متناقضاً، طالما حاول علماؤه مداراة هذا الخلل الفاضح. فالمذاهب تقوم على الاجتهادات، وهو يقوم على الحقد والعداء والتربص. فأي قواعد سيقوم عليها؟! فضلاً عن الفوضى والعبث في أسانيده إن كان ثمة أسانيد.وقد جامل بعض العلماء الصوفية هذا المذهب، واعترفوا به معنوياً وصورياً لأهداف عقدية ونفعية وسياسية، متحالفين معه ضد السلفية، فكان أن قرّبوا أعداء الصحابة والقرآن. ولكن هذا الاعتراف المتحايل لم يلبث أن ذهب سدىً بعد أن كشفت السلفية بحجتها الدامغة فساد هذا المذهب عقيدةً وفقهاً. والسلفية المباركة كانت سبباً رئيساً في فشله في الانضمام إلى مذاهب المسلمين.وللمزيد يُنظر كتاب الدكتور طه الدليمي - وفقه الله - (أسطورة المذهب الجعفري).تمت الاستفادة من كتب ومراجع متنوعة في كتابة المقال - بتصرف-.المصدر: موقع المثقف الجديد.

تصفح الكتاب

بحث