الباطنية
مدير الموقع
الأربعاء 5 يوليو 2017 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>الباطنية</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>مذهب الباطنية من أخبث وأردأ المذاهب، وأهله من عتاة الشر وأفسد المخلوقات، وهم أعدى أعداء المسلمين قديماً وحديثاً، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى بعض عقائدهم نحو المسلمين، فذكر أن لهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة، فإذا كانت لهم مكنة يسفكون دماء المسلمين، وإن عجزوا لجئوا إلى الخطط والمؤامرات السرية ضدهم، وحينما استولوا على البحرين وصارت لهم فيه دولة عاثوا فساداً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكذلك حينما تمكنوا من الوصول إلى مكة والناس في الحج قتلوا الحجيج، بل حصدوهم كما تحصد الحشائش، وألقوا بجثثهم في بئر زمزم، وبعضهم دفنوهم في صحن المسجد، وبعضهم تركوهم جثثاً منثورة، ثم اقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه معهم، وقتلوا من علماء المسلمين ومشائخهم وأمرائهم وجندهم ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فقد كانوا في أيام الحروب الصليبية أعظم أعوان النصارى، فلم يستول الصليبيون على السواحل الشامية إلا من جهتهم، وما دخل التتار بلاد المسلمين إلا بمعونتهم، فلقد كان النصير الطوسي أبرز عيونهم، ولقد كان الخليفة مغتراً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وما أن دخل التتار بغداد حتى حرضهم النصير الطوسي على قتل الخليفة وعشرات الألوف من المسلمين، وهدم عليهم دورهم، وقتل النساء والأطفال، وسبى من أراد سبيه من نسائهم وفضحهن، وأغرق كثيراً من كتب المسلمين في نهر دجلة حتى تغير ماء النهر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأعظم أعيادهم هو اليوم الذي يصيب المسلمين فيه بلاء وكرب، كيوم استيلاء الصليبيين على سواحل الشام، وكيوم استيلاء التتار على بغداد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">كما كانت أعظم مصائبهم يوم أن نصر الله المسلمين على التتار والصليبيين والعبيديين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد أوجز البغدادي عداوة الفرق الباطنية للإسلام والمسلمين في كلامه الآتي فقال:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(اعلموا أسعدكم الله أن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل وأعظم من الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر في آخر الزمان، لأن الذين ضلوا عن الدين بدعوة الباطنية من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلون بالدجال من وقت ظهوره، لأن فتنة الدجال لا تزيد مدتها عن أربعين يوماً وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر). (1).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والسبب أن من ذكرهم البغدادي خطرهم ظاهر وعداوتهم معروفة والناس يحذرونهم بطبيعة الحال، ولكن الضرر الشديد يأتي ممن يتظاهر بالإسلام فيغتر به المسلمون، فيطعنهم من خلفهم كما هو حال الباطنية في مختلف عصورهم، وقلما تجد كاتباً من علماء المسلمين من المؤرخين وعلماء الفرق إلا وهو يذكر من أفعال هؤلاء بالمسلمين ما تقشعر له الجلود.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد وصف ابن كثير رحمه الله عداوتهم ووقيعتهم بالمسلمين حينما قادهم أبوطاهر الجنابي ووصلوا إلى مكة، والناس في الحج آمنون مطمئنون ... قال عن ذلك:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">) فانتهب أموالهم، واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقاً كثيراً، وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام، في الشهر الحرام، في يوم التروية الذي هو من أشرف الأيام وهو يقول: (أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا). فكان الناس يفروّن منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئاً بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون وهم في الطواف ...) إلى أن قال:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(فلما قضى القرمطي لعنه الله أمره، وفعل ما فعل بالحجيج من الأفاعيل القبيحة أمر أن تدفن القتلى في بئر زمزم ودفن كثيراً منهم في أماكنهم من الحرم وفي المسجد الحرام. وهدم قبّة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه ...) (2) الخ ما ذكره عن جرم هؤلاء، وقد حدد بعض العلماء عدد من قتل بثلاثة عشرة ألف نسمة (3).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أشد المحذرين من الباطنية لمعرفته الواسعة بمذاهبهم، وقد أجاب من سأله عنهم بجواب طويل جاء فيه:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">) هؤلاء القوم المسمَّونْ بالنصيرية (4) هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسلوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا بنهي ولا بثواب ولا بعقاب ولا بجنة ولا بنار... ).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إلى أن قال: (فإن كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين كما قتلوا مرة الحجاج وألقوهم في بئر زمزم ... ) إلى أن قال: ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم، وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن أعظم أعيادهم إذا استولى -والعياذ بالله-النصارى على ثغور الإسلام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعونتهم ومؤازرتهم، فإن منجم هولاكو الذي كان وزيرهم وهو النصير الطوسي، كان وزيراً لهم بالموث، وهو الذي أمر بقتل الخليفة وبولاية هؤلاء) (5).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي كتب الباطنية من المدح والتمجيد لهذا المجرم ما لا يستحقه. يقول مصطفى غالب عنه:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(حتى أخضع هولاكو خان قلعتي (آلموت)، (ميمون دز) فعثر على هذا الفيلسوف الكبير في مرصد القلعة، فاقتاده الجند إلى هولاكو خان، ولما مثل بين يديه أكرمه وطلب منه أن يلتحق بخدمته كوزير له، فرفض في بادئ الأمر إلا إذا أمن على أرواح وممتلكات الإسماعيلية، فوعده خيراً شريطة أن يرافقه في حملته على بغداد، وهكذا انتقل هذا الفيلسوف العظيم إلى خدمة هولاكو خان بعد أن أخذ منه العهد على المحافظة على الإسماعيلية).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم قال عن إشارته على هولاكو بقتل خليفة المسلمين:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وبعد أن تم لهولاكو احتلال بغداد أشار عليه بأن يقتل آخر خلفاء بني العباس المستعصم بالله).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم قال عن سرقته كتب المسلمين، ونهب ما شاء منها:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(واغتنم فرصة وجوده في بغداد، فجمع كل ما تمكن من جمعه من الكتب النادرة، وقيل: إن مكتبته أصبحت بعد فتح بغداد-انظر كيف يسمي تلك الفاجعة فتحاً-تضم أكثر من أربعمائة ألف مجلد) (6).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد ظل هؤلاء على عداوتهم للمسلمين، ورغم تشتت النصيرية قديماً لكنهم ظلوا يعملون في الخفاء بنشاط، إلى أن استطاعوا الوصول إلى الحكم في سوريا في هذا العصر على حين غفلة من المسلمين، فما كان لهم همّ مثل همِّهم القضاء على المسلمين أهل السنة في سوريا وفي غيرها، وأفعالهم اليوم تعيد إلى الأذهان فعل أسلافهم قديماً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولهم في الحروب التي جرت بين العرب واليهود في سنة 1967م تعاون ظاهر وخفي، إذ مكنوا-كما قال المطلعون على أخبارهم اليهود من احتلال أجزاء كبيرة من سوريا -هضبة الجولان والقنيطرة-ومن الأردن ومن لبنان لقاء اتفاقيات سرية ومصالح مشتركة (7).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن المؤسف أن تجد الكثير من أهل الكتب من أهل السنة قد انخدع بنفاق هؤلاء الباطنية، فصادقوهم وأمدوهم بالأموال متناسين ما تنطوي عليه نيات هؤلاء، ظانين أن تغير الأسماء قد أخرجهم عن ديانتهم وحقدهم على المسلمين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>متى ظهر مذهب الباطنية:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>اختلفت كلمة العلماء حول تحديد ظهور هذا المبدأ الهدام-على نحوما قدمنا في بيان بدء-ظهور الفرق-وقد ذهب بعض العلماء إلى التحديد بالزمن، فذكر أن الباطنية ظهر مذهبهم في سنة 205هـ وقال آخرون: في سنة 250هـ، وبعض العلماء يقول: مائتين وكسر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وذكر أصحاب التواريخ أن دعوة الباطنية ظهرت في زمن المأمون وانتشرت في عهد المعتصم، ومنهم من نسب الباطنية إلى الصابئين بحرّان، ويذكر البغدادي أنهم دهرية زنادقة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويقول الديلمي في بيانه لنشأتهم:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(اعلم أن ابتداء وضع مذهب الباطنية -سلط الله عليهم طوفان نوح-وريح عاد وحجارة لوط، وصاعقة ثمود -كان في سنة خمسين ومائتين من الهجرة) (8).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقال عندما شرع في تفصيل مذهبهم:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(اعلم أن مذهب الفرقة الغويّة الضالة الشقية المسماة بالباطنية -قطع الله دابرها، وبتَّ أواخرها، وألحق أولها بآخرها -على ما نقله العلماء -حدث بعد مائتي سنة وكسر من الهجرة) (9).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويقول البغدادي في بدء ظهور الباطنية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(ومنهم من نسب الباطنية إلى الصابئين الذين هم بحرّان ...) إلى أن يقول: (قال عبد القاهر: الذي يصح عندي من دين الباطنية أنهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم) (10).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بينما يذهب الشيخ محمد بن مالك بن أبي الفضائل الحمادي إلى أن نشأة الباطنية كان في سنة مائتين وست وسبعين، حينما قام زعيمهم ميمون القداح بإنشاء هذا المذهب الخبيث وهو وزملاؤه الذين كانوا على شاكلته (11).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والذي يظهر لي أن سبب اختلاف العلماء في تحديد نشأة الباطنية يعود إلى عوامل عدة من أهمها:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-غموض أمر الباطنية في أدوار كثيرة مرّ بها تاريخهم، كل واحد من العلماء أرّخ لهم حسب ما وصل إليه من أخبارهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-أن مذهب الباطنية نفسه يقبل تلك الاختلافات ... فمن قال: إنهم ظهروا في الإسلام، فلما يبدونه من تظاهرهم به وتشيعهم أيضاً لآل البيت.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن قال: إن أفكارهم تعود إلى ما قبل الإسلام من أفكار الصابئة أو الدهرية، فلما وجده من آرائهم الكثيرة التي بدا عليها طابع الدهرية أو الفلاسفة القدماء أو البرهمية أو اليهودية أو النصرانية أو البوذية، لأن مذهب الباطنية خليط من شتى الديانات.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والحقيقة التي يجب أن ندركها أن مهما كانت الأسباب فإن الدعوة الباطنية يحوطها كثير من الغموض خصوصاً في بدء أمرها، أي في الدور الذي يسمونه (دور الستر)؛ إذ لا يتمكن أحد من معرفتهم والكتابة عنهم الكتابة الدقيقة، ومهما كان فإن عقائد الباطنية على العموم قد استمدت من عقائد قديمة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولكن بدأ التخطيط لإقامة هذا المذهب في الإسلام كما يترجح من أقوال العلماء ما بين سنة 200 و300 هـ أي بعد انتشار الإسلام وعز أهله به، وانطفاء نار المجوسية، كسر صليب النصارى، وكسر طاغوت الوثنية، ودحر اليهودية، وضرب الذلة والمسكنة عليهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فأكل الحسد قلوبهم، وبدأوا يخططون في الخفاء لطريق ينفّسون بها عن أحقادهم للنيل من الإسلام وأهله، فاهتدوا إلى هذه الطرق التي سيأتي الحديث عنها، ليستيقن طالب العلم أن ما نعايشه في عصرنا هذا من مؤامرات ظاهرة وخفية على الإسلام وأهله إنما هو امتداد لتلك الحركات الأصول في ذلك الزمن، وإنما تخمد حيناً وتنشط أحياناً أخرى، والهدف واحد على امتداد الزمن.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>الغرض من إقامة هذا المذهب وكيف تأسس:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>قام هذا المذهب الهدام من أول الأمر على النيل من الإسلام وأهله، إما بإخراج المسلم عن دينه بالكلية، أو بإدخال الشكوك في قلبه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد استفاض العلماء في بيان ذلك كله، واتضح أن قيام هذا المذهب كان لأسباب كثيرة ومقاصد خبيثة من أهمها:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إبطال الإسلام والقضاء عليه وعلى أهله، أو زعزعته من نفوس المسلمين أو تشكيكهم فيه، وإحلال المجوسية والإلحاد محله.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">من أجل ذلك، ومن أجل إقامة حكم عام في الأرض تسيطر عليه الآراء الباطنية، وينفذ فيه حكمها... قام هذا المذهب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">واتخذ أهله عدّة أقنعة تستّروا بها لتحقيق ما يهدفون إليه منها:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-اعتمادهم على تأويل النصوص تأويلات تنافي ما يقرره الإسلام ويأمر به.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-إظهار التشيع لعلمهم بأن مذهب التشيع يحتمل كلامهم، إذ لم يجدوا مدخلاً إلى الإسلام إلا من -جهة إظهار التشيع والانتساب إلى المذهب الشيعي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد تم تأسيس هذا المذهب -فيما يذكر الغزالي (12) -كما يلي:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(تم في اجتماع لقوم من أولاد المجوس والمزدكية وشرذمة من الثنوية الملحدين، وطائفة كبيرة من ملحدة الفلاسفة المتقدمين، -زاد الديلمي: وبقايا الخرمية واليهود- .. جمعهم ناد واشتوروا (13) في حيلة يدفعون بها الإسلام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقالوا: إن محمداً غلب علينا وأبطل ديننا، واتفق له من الأعوان ما لم نقدر على مقابلتهم، ولا مطمع لنا في نزع ما في أيدي المسلمين من المملكة بالسيف والحرب، لقوة شوكتهم وكثرة جنودهم، وكذلك لا مطمع لنا فيهم من قبيل المناظرة لما فيهم من العلماء والفضلاء والمتكلمين والمحققين فلم يبق إلا اللجوء إلى الحيل والدسائس.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم اتفقوا على وضع حيل وخطط مدروسة يسيرون عليها لتحقيق أهدافهم من خلال الأمور التالية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-التظاهر بالإسلام وحب آل البيت والانتصاف لهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-دعوى أن النصوص لها ظاهر وباطن، والظاهر قشور والباطن لبّ، والعاقل يأخذ اللبّ ويترك القشور.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-وهذا الزعم الكاذب يريدون من ورائه سلب المعاني عن الألفاظ، والإتيان بمعان باطنية تتفق مع ما يهدفون إليه من الكيد للإسلام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">-اختاروا أن يدخلوا على المسلمين عن طريق التشيع، وعلى مذهب الرافضة، وإن كان هؤلاء الباطنيون يعتبرون الروافض أيضاً على ضلال، إلا أنهم رأوهم- على حد ما ذكر الغزالي- أرّك الناس عقولاً، وأسخفهم رأياً، وألينهم عريكة لقبول المحالات، وأطوعهم للتصديق بالأكاذيب المزخرفات (14)، وأكثر الناس قبولاً لما يلقى عليهم من الروايات الواهية الكاذبة، فتستروا بالانتساب إليهم ظاهراً للوصول إلى أصناف الناس، فكان ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، كما ذكر الغزالي (15).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أو كما قال بعض العلماء: إن الإمامية دهليز الباطنية ... وهذا هو التفسير الواضح لما تلحظ من التقارب الشديد بين الباطنية والرافضة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">اتفقوا أن يبثوا دعاتهم وأن يلزموهم بخطة ماكرة، وهي أنه يجب على كل داعية أن يوافق هوى المدعو مهما كان مذهبه ودينه مستعملاً معه الحيل التسع المعروفة عنهم والتي سنذكرها فيما بعد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكان من أبرز دعاتهم ميمون بن ديصان القدّاح، وهو رئيسهم (16)، وابنه عبيد الله، وحمدان قرمط (17)، وزكرويه بن مهرويه -عبدان-، وأبو سعيد الجنابي، وولده أبوطاهر (18) ... وغيرهم ممن يطول حصرهم هنا.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد تحمل دعاة الباطنية كثيراً من المشقة والآلام والأسفار الكثيرة في نشر باطلهم من بلد إلى بلد، مما يتوجب على أهل الحق-وهم يعرفون بأنهم سيحصلون من دعوتهم إلى الله على خيري الدنيا والآخرة -ألا يكون هؤلاء الطغاة أكثر حماساً وصبراً منهم في نشر باطلهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>أسماء الباطنية:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>سبب تسميتهم بتلك الأسماء:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>أطلقت على هذه الطائفة أسماء كثيرة للتمويه على الناس، بعضها يقبلونه وبعضها لا يقبلونه، ومن أشهرها:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>1 -الباطنية:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">... وقد أطلق عليهم هذا الاسم لزعمهم أن النصوص من الكتاب والسنة لها ظاهر وباطن، وأن الظاهر بمنزلة القشور والباطن بمنزلة اللب (19).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>2 -الإسماعيلية:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق لزعمهم الانتساب إليه (20) لأن والده جعفر الصادق نص إلى إمامته من بعده، وأوصى له بها رغم أن علماء النسب مجمعون على أن إسماعيل مات في حياة والده سنة (145هـ)، لكن الإسماعيليون يزعمون أن إسماعيل لم يمت في حياة والده وفي العام المذكور.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بل إن أباه قد جعله وصيه، ولخوفه عليه من الخليفة العباسي احتال لإخفائه عنه فكتب محظراً بوفاته وأشهد عليه عامل المنصور العباسي بالمدينة المنورة، وفي نفس الوقت توجّه إسماعيل سراً إلى (السلمية) وهي من أعمال حماة، وإلى الجنوب الشرقي منها، بينهما 35كم، وهي مركز الإسماعيلية حيث كان يقيم فيها آنذاك رهط من بني هاشم، وانتسب إليهم فعرفوه وأقام بينهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يقول مصطفى غالب عن سلمية هذه:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(ويكفي سلميّة فخراً أنها أنجبت جماعة إخوان الصفا، ومنها انطلقت جحافل الإمام عبيد الله المهدي لتأسيس الدولة الفاطمية في المغرب).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يزعم الإسماعيليون أن الخليفة العباسي علم بمكان إسماعيل في السلمية، وحينئذ خرج إسماعيل متخفياً إلى دمشق، وعلم به كذلك الخليفة، وكان العامل على دمشق إسماعيلياً فأخبر إسماعيل بما كتب به الخليفة من إلقاء القبض على إسماعيل وإرساله إلى الخليفة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقرر إسماعيل التوجه إلى العراق ووصل البصرة سنة 151هـ، ثم ظل ينتقل بين أتباعه سراً وتحت أزياء مختلفة وأسماء عديدة إلى أن توفي سنة 158هـ بعد أن رزق -حسب زعمهم-من الأولاد محمد وعلي وفاطمة، وبعد أن أوصى بالإمامة من بعده إلى محمد (21).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد حصل شقاق وتفرق بين الإمامية والإسماعيلية في سوق الإمامة، فبينما هي عند الشيعة الاثني عشرية في جعفر الصادق ثم في موسى الكاظم، إذا هي عند الإسماعيلية في جعفر الصادق ثم في ابنه إسماعيل ثم في محمد بن إسماعيل ... إلى آخر أئمتهم المستورين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>وقد تفرقت الإسماعيلية إلى ثلاث فرق معاصرة هي:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أ-الدروز.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ب-الإسماعيلية النزارية-البهرة-.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ج-الإسماعيلية الأغا خانية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأخبار الإسماعيلية طويلة، وقد كتب فيها الشيخ إحسان إلهي كتاباً مستقلاً (22).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">3 - السبعية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قيل في سبب إطلاق هذه التسمية عليهم ما يلي:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أ-لدعواهم أن أدوار الإمامة سبعة سبعة، كلما انتهى حكم سبعة من الأئمة قامت القيامة وابتدأ الدور من جديد إلى ما لا نهاية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم لشغفهم بالعدد سبعة حيث فسروا كثيراً من الأمور على وفق هذا العدد، فقالوا: إن السموات سبع، والأرضين سبع، والكواكب السيارة سبعة، والأيام سبعة، وأعضاء الإنسان سبعة، والنقب في رأس الإنسان سبعة ... إلى آخر أدلتهم على مزية العدد سبعة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد رد بعض العلماء على الإسماعيلية بتفضيل بعض الأعداد على السبعة، إما الأربعة، أو الخمسة، أو العشرة، وكل ذلك مما لا طائل تحته ولا حاجة تدعو إليه، والذين يتشاءمون بالأعداد أو يتفاءلون بها جهال.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ب-وقيل: إنه أطلق عليهم بسبب اعتقادهم أن العالم السفلي تديره الكواكب السبعة وهي: زحل، المشتري، عطارد، المريخ، الزهرة، الشمس، القمر. وهي عقيدة مأخوذة من ملاحدة المنجمين (23).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وملتفت إلى مذاهب الثنوية في أن النور يدبر أجزاءه الممتزجة بالظلمة بهذه الكواكب السبعة) (24).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">4 -التعليمية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد أطلق عليهم بسبب أن مذهبهم قائم على الحجر على العقل، وإبطال النظر والاستدلال، والدعوة إلى الإمام المعصوم المستور، وأن العلم لا يجوز أخذه إلا منه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">واستدلوا لهذا بأن الحق إما أن يعرف بالرأي أو بالتعليم، وباطل أن يعرف بالرأي لتعارض الآراء واختلاف العقلاء، فلم يبق إلا أن يعرف بالتعليم، والعلم لا يجوز أخذه عن أحد غير الإمام المعصوم لضمان صحته والوثوق به (25).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا الدليل من أردأ الأدلة، بل هو يحكي رداءة مذهبهم وأفكارهم الشريرة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويرد عليهم بأن الإمام الذي يدعون إليه وإلى أخذ العلم عنه لا وجود له إلا في أذهانهم وفي خططهم لاحتواء كل الأديان والسيطرة على الناس، فإن دعواهم أنه مستور لا يظهر هو أقوى الأدلة على كذبهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">5 -الإباحيّة:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذه التسمية التي أطلقت عليهم في الواقع مأخوذة من اعتقاداتهم وأفعالهم، وهم لذلك أهل إباحة لا يحرمون محرّما ولا يلتزمون بشرع، بل الحلال ما حل في أيديهم، والحرام ما منعوا منه. ويستدلون على هذا المسلك بقول الله عز وجل: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً}</font> (26).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن أدلتهم على ما يذهبون إليه أيضاً من استحلال المحرمات حسب بواطن النصوص التي اطلعوا عليها بفهمهم السقيم قول الله عز وجل: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}</font> (27)، وقوله عز وجل: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَذَرُوا ظَاهِرَ الْأِثْمِ وَبَاطِنَهُ}</font> (28)، أي أن فيه حكماً ظاهراً وحكماً باطناً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقالوا: إن الظواهر من النصوص قد تدل على التحريم، بينما بواطنها تدل على الإباحة، وهذه حيلة من حيلهم لاستدراج الناس إلى مذاهبهم الرديئة وحججهم الباطلة على أن الأحكام لها ظاهر ولها باطن، فهم يريدون من التأكيد على هذا المفهوم هدم ظواهر النصوص بعد ذلك بتلاعبهم بمعانيها وفق أهوائهم وتحريفاتهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">6 - القرامطة (29):</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أما سبب تسميتهم بهذا الاسم فلانتسابهم إلى رجل يقال له حمدان قرمط، وهو رجل من أهل الكوفة، وقد كان راعياً مائلاً إلى الزهد والديانة (3.) -فيما يذكر عنه-في بداية حياته، وقيل: إنه كان يتظاهر بذلك وأنه على المجوسية (31) فصادفه أحد دعاة الباطنية -ويسمى حسين الأهوازي-وهو متوجه إلى قريته، وبين يدي حمدان بقر يسوقها، فدارت بينهما المحادثة التالية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال حمدان لذلك الداعي وهولا يعرفه ولا يعرف حاله: أراك سافرت من موضع بعيد فأين مقصدك؟ (انظر إلى تفاني أهل الباطل في تبليغ الناس باطلهم).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فذكر له الداعي موضعاً هو قرية حمدان.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال له حمدان: اركب بقرة من هذا البقر لتستريح من تعب المشي-فلما رآه مائلاً إلى الزهد والديانة أتاه من حيث رآه مائلاً إليه، وهذه إحدى خطط الباطنية -فقال له: إني لم أومر بذلك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال حمدان: وكأنك لا تعمل إلا بأمر؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال: نعم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال حمدان: وبأمر من تعمل؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال الداعي: بأمر مالكي ومالكك ومن له الدنيا والآخرة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال: ذلك هورب العالمين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال الداعي: صدقت، ولكن الله يهب ملكه لمن يشاء.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال حمدان: وما غرضك في البقعة التي أنت متوجه إليها؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال: أمرت أن أدعو أهلها وأخرجهم من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأن أستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم ما يستغنون به عن الكد والتعب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقال حمدان: أنقذني أنقذك الله فما أشد احتياجي إلى مثل ما ذكرته.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فتحرج الداعي أن يخبره بشيء حتى يأخذ عليه العهد ألا يفشي سرّ الإمام المعصوم المستور، ولا يفشي له خبر-وهذه إحدى حيل الباطنية -فعاهده حمدان على ذلك، فشرع الداعي في استدراجه إلى الباطنية حتى صار فيما بعد ركناً من أركانها، وصار له أتباع وفرقة تنسب إليه تسمى (القرامطة) أو (القرمطية) كان لهم في تاريخ الأمة الإسلامية حوادث هائلة، وأخبار بتنكيلهم بالمسلمين مؤسفة (32).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة 278هـ:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وفيما تحركت القرامطة، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون بنبوة زرادشت ومزدك، وكانا يبيحان المحرمات، ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة، ويدخلون إلى الباطل من جهتهم، لأنهم أقل الناس عقولاً، ويقال لهم الإسماعيلية لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج ابن جعفر الصادق (33).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي سنة 286 تحرك القرامطة برئاسة أبي سعيد الحسن بن بهرام الحنابي واستولوا على هجر وما حولها من البلاد وأكثروا فيها الفساد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد كان أبوسعيد هذا سمساراً في الطعام يبيعه للناس في القطيف، فجاء بعض الدعاة الباطنيون إلى شيعة القطيف فاستجابوا له وتأمر عليهم أبوسعيد الجنابي، وأصله من بلدة جنابه قريبة من القطيف، وعاثوا في الأرض فساداً وأخافوا أهل العراق والشام إلى أن هلك أبوسعيد هذا في عام301هـ فتولى بعده ولده أبوطاهر الجنابي وكثر دعاة القرامطة وصارت لهم دولة (34).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي سنة 317هـ اشتدت شوكتهم جداً وتمكنوا من الوصول إلى الكعبة، والناس يوم التروية، فما شعروا إلا والقرامطة برئاسة أبي طاهر الجنابي قد انتهبوا أموالهم وقتلوا كل من وجدوا من الحجيج في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وجلس أميرهم أبوطاهر -بل أبو النجس-على باب الكعبة والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في المسجد الحرام، في الشهر الحرام، في يوم التروية، وكان يقول هذا الملعون: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا -تعالى الله عما يقول علواً كبيراً-، ولم يدع أحداً طائفاً أو متعلقاً بأستار الكعبة إلا قتله.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم أمر بإلقاء القتلى في بئر زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء قرمطي فضرب الحجر بمثقل في يده وهو يقول: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل، ثم قلعه وأخذوه معهم، فمكث عندهم اثنين وعشرين سنة (35)، وهو ابتلاء من الله للمسلمين في ذلك الوقت.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي نفس هذه السنة نبغت لهم نابغة في بلاد المغرب عرفت باسم الفاطميين على يد زعيمهم أبي محمد عبيد الله بن ميمون القداح، وكان يهودياً صباغاً بسلمية فادعى أنه أسلم ثم سافر من سلمية فدخل بلاد المغرب، وادعى أنه شريف فاطمي فصدقته طائفة كثيرة من البربر حتى صارت له دولة فملك مدينة سجلماسة (36)، ثم ابتنى مدينة سماها المهدية، وانتزع الملك من يد أبي نصر زيادة الله آخر ملوك بني الأغلب على أفريقية، وقد اختلف في نسبه:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فمرة قيل: هو عبيد الله بين الحسن بن محمد، وينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومرة قيل: إنه من نسل إسماعيل بن جعفر الصادق.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قال ابن خلكان:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(والمحققون ينكرون دعواه في النسب وينصون على أن هؤلاء المتسمين بالفاطميين أدعياء، وأنهم من أصل يهودي من سلمية بالشام، وأن والده لقب بالقداح لأنه كان كحالاً يقدح العيون، وقد هلك عبيد الله سنة 322هـ.(</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وتمكن حفيده المعز من الاستيلاء على مصر واستمر ملك العبيديين بها نحو قرنين من الزمان، إلى أن قضى عليهم بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي في سنة 564هـ وأزال منها كل آثار العبيديين وقطع شرورهم عن الناس، وأراح الله منهم العباد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>أماكن وجود القرامطة:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>مما يجدر ذكره أن القرامطة توزعوا إلى أقسام، وأخذوا أماكن كثيرة تجمعوا فيها؛ ويمكن أن نوجز أماكن تجمعاتهم فيما يلي:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">1 -في اليمن:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد تزعم القرامطة في أول الأمر رجلان، وهما: المنصور بن الحسن بن زاذان، وعلي بن الفضل الجدني، أرسلهما ميمون ين ديصان القداح، وقد تلقب المنصور بمنصور اليمن، واجتمع حوله عدد من القبائل، وأظهر الدعوة باسم الإمام الإسماعيلي المنتظر، وقد تمكن عام 266هـ أن يؤسس أول دولة إسماعيلية، وقام بنشاط كبير، ثم أرسل الدعاة إلى عدة جهات بعيدة عن مركز الخلافة العباسية، مثل الداعية عبيد الله المهدي الذي ذهب إلى المغرب، وادعى كذباً أنه شريف فاطمي من آل البيت، وكون هناك -كما سبق-قولة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكان علي بن الفضل الجدني أيضاً من أصدقاء المنصور إلا أنه اختلف معه فيما بعد، وقامت بينهما حروب حين تمكن علي بن الفضل من جمع عدة قبائل حوله، ثم ادعى النبوة وأباح المحرمات، وكان المؤذن يؤذن في مجلسه: (وأشهد أن علي بن الفضل رسول الله)، وامتد له العتو والفجور فكان يكتب إلى عماله: (من باسط الأرض وداحيها، ومزلزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل إلى عبده فلان ...). إلى أن مات مسموماً بواسطة طبيب أقسم ليقتلنه غيرة لله، فتم له ذلك في سنة 3.3هـ (37).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">2 -العراق:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والمعروف أن جنوب العراق القريب من فارس أرض الشيعة ومهدها الأول، ومركز الجهل والخرافات أيضاً، كان القاعدة والمركز الأساسي لانتشار القرامطة، وقد نشط الدعاة من الإسماعيلية هنا أمثال مهرويه وهو مجوسي من أصل فارسي، وحسين الأهوازي وهو فارسي وانتسب إلى الأهواز لإخفاء شخصيته، لأن الأهواز كانت عربية وتسمى (الأحواز)، وعبيد الله بن ميمون القداح رأس الدعوة الإسماعيلية الذي فرق أولاده في أماكن كثيرة من تلك الجهات.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ونشط دعاة آخرون متسترون بالدين وبالانتساب إلى آل البيت وقلوبهم المجوسية تغلي على الإسلام والمسلمين، وبسطوا نفوذهم في أماكن كثيرة من الأهواز وخراسان والشام إلى أن قتل آخر زعمائهم وهو زكرويه عام 3.1هـ، وتشتت أتباعه في تفاصيل كثيرة يذكرها علماء الفرق (38).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد كان أساس نشأة القرامطة في العراق بتأثير من حمدان قرمط الذي تأثر بدعوة حسين الأهوازي حين خرج من سلمية في الشام قاصداً العراق فصادف حمدان وجرى بينهما ما قدمنا الإشارة إليه من تلك المحادثة التي أعقبها دخول حمدان في دعوة الباطنية، ثم كان له بعد ذلك شأن كبير في إشاعة الفساد وتخويف الآمنين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وقد قدر عدد الضحايا الذين سقطوا في حروب القرامطة من أهل الشام ومن البوادي ومن الحجيج ومن أهل المدن، ومن جند مصر، ومن جند العراق بما يزيد على 6000000 بين رجل وامرأة وطفل) (39).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">3 - البحرين:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أول ما عرف شأن القرامطة في البحرين كان على يد شخص نزل البحرين وأعطى نفسه اسم يحيى بن المهدي (4.)، وبعضهم يقول: الحسن بن بهرام الفارسي (41).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد استمال إليه الناس بالتدريج فأظهر بالتدرج أولاً أنه شيعي، وحينما رأى إقبال الناس ادعى أنه المهدي المنتظر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكانت الدولة العباسية قد بدأت في مراحل الضعف واشتغلت بمشاكلها الداخلية الكثيرة، وقد تبع هذا الداعية رجال كان لهم شهرة وقيادة مثل الحسن ابن بهرام الذي عرف باسم أبي سعيد الجنابي، الذي عاث في الأرض فساداً، وأذاق الناس القتل والجوع إلى أن قتل عام 3.1هـ، وتولى بعده أبوطاهر، وفعل أفعالاً تقشعر منها الجلود من القتل والنهب، فقد دخل البصرة عام 311هـ في 2700 من رجاله فقتل خلقاً عظيماً وحمل الأموال والأمتعة والنساء والصبيان ورجع بها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي عام 312هـ قطع على الحجاج الطريق، فأخذ منهم جميع ما يملكون، وترك من لم يقتله منهم بلا ماء ولا زاد، فمات أكثرهم في تلك القفار.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي عام 313هـ دخل الكوفة وعاث فيها فساداً مدة ستة أيام نقل خلالها ما أراد من الأمتعة، وفعل ما فعله في العام السابق، وأغار على مدينة الأنبار وعين التمر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي عام 317هـ فعل فعلته الكبرى فهجم على الحجاج في يوم التروية كما تقدم، فنهب الأموال، وقتل الحجاج في المسجد الحرام، وفي البيت نفسه، ورمى القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت بالجثث، وخلع باب الكعبة ووقف يلعب بسيفه على بابها، وخلع الحجر الأسود ورجع به إلى بلده وبقي معهم اثنتين وعشرين سنة، إلى أن رده هؤلاء القرامطة بتأثير من الفاطميين في المغرب، وهم الذين أمروهم برد الحجر الأسود إلى مكانه بعد أن ساءت سمعتهم كثيراً في العالم الإسلامي، ولحق الفاطميين بالمغرب شيء من سوء تصرفاتهم، فسعوا في إرجاع الحجر الأسود إلى البيت تغطية لشنائعهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ووصل نفوذ هؤلاء القرامطة إلى نجد والحجاز والشام، وأرادوا القاهرة إلا أنهم صدّوا من قبل جوهر الصقلي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم تناوب عدة زعماء إلى أن أراد الله إهلاكهم فقام أحد زعماء قبيلة بني عبد القيس المشهورة، وهو عبيد الله بن علي العيوني فاستعان بالخلفية العباسي القائم بأمر الله، كما استعان بالسلطان السلجوقي (ملكشاه)، وجاءت القوات العباسية وساعدت عبيد الله بن علي العيوني، وقضت على القرامطة نهائياً في عام 467هـ وأراح الله منهم العباد، وطهر منهم البلاد (42).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويذكر العلماء أحداثاً كثرة لتحركات قرامطة البحرين، وما فعلوه من قتلهم المسلمين وتخريب بلدانهم لا نرى ضرورة للتطويل بذكرها، إذ إن خلاصتها أن هؤلاء الذين يتظاهرون بالتشيع والإسلام فعلوا ما لم يفعله سائر الكفار غير التتار.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">7 -الملاحدة:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لأنهم ينفون وجود الله عز وجل ويقولون بتأثير الكواكب (43).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هكذا يذكر الديلمي، وهو الواقع، ولا يرد على هذا ما يوجد عندهم من ذكر الله تعالى وذكر صفاته عز وجل فقد وصفوا الله تعالى بصفات سلبية مؤداها إنكار وجوده تعالى.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">8 0-المزدكية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">نسبة إلى رجل يقال له مزدك، قيل: إنه رئيس الخرمية، وقيل غير ذلك (44)، ولعله غير مزدك صاحب الشيوعية الأولى، ثم أطلق على الباطنية لمشابهتهم مذهب مزدك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">9 -البابكية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لانتسابهم إلى بابك الخرمي، خرج في أيام المعتصم بناحية أذربيجان، فجهز لهم الجيوش حتى قتلهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد كان من إباحية هؤلاء البابكية أن لهم ليلة يجتمع فيها رجالهم ونساؤهم ويطفئون السرج ثم يتناهبون النساء، فيبيت كل واحد مع امرأة، ويزعمون أن من احتوى على امرأة استحلها بالاصطياد كائنة من كانت، وأن هذا الصيد من أطيب المباحات بزعمهم، وتسمى هذه الليلة (ليلة الإفاضة)، وهو عمل لا تقبل به حتى البهائم، وقبلته عقولهم التي هي أحط من عقول البهائم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إضافة إلى أنهم يدعون نبوة رجل كان من ملوكهم قبل الإسلام يقال له (شروين)، يزعمون أنه أفضل من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن سائر الأنبياء (45).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">10-الخرمية أو الخرمدينية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكلمة (خرم)أعجمية، ومعناها: الشيء المستلذ المستطاب الذي ترتاح له النفس، وهومن باب الدعاية لمذهبهم الذي هو رفع التكاليف وتسليط الناس على ارتكاب الشهوات، وهو لقب كان يطلق على المزدكية قبل الإسلام وهم أصحاب الشيوعية الأولى، الإباحية الذين ظهروا في عهد قياذ، وقضى عليهم ولده أنوشروان (46).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهم الذين قال فيهم أبو الحسين الملطي عند ذكره لأصناف الفرق: (وإنما سموا مزدكية لأنه ظهر في زمن الأكاسرة رجل يقال له مزدك، فقال هذه المقالة (47).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">11 -المحمرة:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قيل: لأنهم صبغوا ثيابهم بالحمرة في أيام بابك، ولبسوها شعاراً لهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقيل: لأنهم يطلقون على مخالفيهم اسم الحمير (48).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقيل لأن أخلاقهم وطبائعهم صارت شبيهة بطبائع الحمير (49).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا مانع أن توجد هذه الأسباب كلها فيهم، وإن كان أكثر العلماء يرجح القول الأول.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد أضاف أحد علمائهم وهو (مصطفى غالب) اسماً جديداً للباطنية هو (الهادية) وهو اسم يشعر بالهداية التي يطلبها كل أحد، ولكن ما أكثر الخداع في التسميات، فهم أليق أن يسموا بالهاوية لأنه لا هدى لديهم إلا تأليه غير الله عز وجل، والسير خلف ميمون القداح اليهودي وأتباعه الذين دافع عنهم مصطفى غالب في كتابه (أعلام الإسماعيلية) دفاعاً طويلاً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وبقراءة عابرة لهذا الكتاب يجد المنصف صريح الكفر والغلو ظاهراً عليه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يقول ناصر خسرو، من أعلام الإسماعيلية عن المسلمين: (فأعط التأويل للحكماء، وأعط التنزيل للغوغاء، فاطلب المعنى الحقيقي لظاهر التنزيل، وكن كالرجال الأصفياء ولا تكن كالحمير فتقنع بالنهيق والقول الهراء) (50).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويقول مصطفى غالب في ترجمته لمحمد الباقر:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وقيل: إن الإمام الباقر كان يعرف الغيب) (51). وقد تحاشى كلمة (يعلم)خداعاً منه ومن العجيب أن يذكر هذا المؤلف بعض عظماء الإسلام على أنهم من أعلام ورجال الإسماعيلية مثل علي بن أبي طالب (52)، ومحمد الباقر (53)، والحسين بن علي بن أبي طالب (54)، وغيرهم إلى جانب ميمون القداح، وحمدان قرمط، والحاكم بأمر الله، وغيرهم من طغاة الإسماعيلية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويقول أيضاً في غلوهم في الأئمة:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(والإسماعيلية يعتبرون -من حيث الظاهر-أن الأئمة من البشر، وأنهم خلقوا من الطين، ويتعرضون للأمراض والآفات والموت مثل غيرهم من بني آدم، ولكن في التأويلات الباطنية يسبغون عليه وجه الله ويد الله وجنب الله، وأنه هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة، وهو الصراط المستقيم والذكر الحكيم إلى غير ذلك من الصفات) (55).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وحينما يسمي الباطنيون الله بالعقل الأول أو السابق نجدهم يقولون:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(يجب أن يكون في العالم الأرضي عالم جسماني ظاهر يماثل العالم الروحاني الباطن، فالإمام هو مثل السابق، وحجته مثل التالي، وكل خصائص العقل الأول السابق جعلت للإمام) (56).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أي أن الإمام عندهم مثل الله تماماً، وهل بعد هذا الكفر كفر، وأقوال أخرى كثيرة كلها تدل على مدى كفر هذه الطائفة، ينقلها أحد علمائهم المعاصرين، وهو يفتخر بأعلامه الإسماعيليين وتمسكهم بالدين الإسلامي وتبحرهم في العلوم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>الطرق والحيل التي يستعملها الباطنيون لإغواء الناس:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>من المبادئ الأساسية عند الباطنية تقديس النفاق والكذب والخداع، ومن الوصايا الهامة التي يجب أن يسير بموجبها كل داعية باطنية هي أن يجاري من يخاطبه، ويوافقه في مذهبه تماماً، بل ويحسِّن له الغلو فيه، ويريه أنه أحرص منه على التزامه به.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا كان المدعو شيعياً فإنه يجب أن يكون مذهب الداعية شيعياً أيضاً، وإذا كان المدعو فاجراً مستهتراً أو ناسكاً متعبداً أو يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً فإن مذهب الداعي كذلك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا كان المدعو فاجراً حسَّن له الداعي انتهاب اللذات، وأن الحياة منتهية والدنيا فانية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وإذا كان المدعو ناسكاً حسن له التعبد والزهد وعدم الالتفات إلى الدنيا.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وإذا كان المدعو يهودياً حسَّن له الداعي مذهبه، وأظهر له تعظيم السبت، وشتم النصارى والمسلمين جميعاً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وإذا كان مجوسياً يظهرون عنده تعظيم النار والضوء والشمس وغير ذلك من مذهب المجوس.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن وجدوه نصرانياً يظهرون عنده الطعن في اليهود والمسلمين جميعاً، وأن القول بالأب والابن وروح القدس حق، ويعظمون الصليب عندهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن وجدوه فيلسوفاً فهو منهم وقد وصل الحبيب إلى المحبوب لاتفاق هؤلاء مع الفلاسفة في دعوى أن النصوص لها ظاهر وباطن، وإنكار الشرائع، وقالوا بسائر أقوال الفلاسفة مع قدم العالم، وإبطال المعاد والمعجزات وغيرها من أقوال الفلاسفة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن وجدوه ثنوياً فقد ظفروا ببغيتهم فيدخلون عليه بإبطال التوحيد والقول بالسابق والتالي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهكذا فإن مذهبهم هو مذهب المدعوين، مهما كان هذا المذهب، يتلونون تلون الماء بالإناء الذي فيه والنتيجة من كل ذلك هو استجلاب المدعو ثم إخراجه من دينه إلى دين الباطنية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولهم حيل وطرق للوصول إلى قلوب الناس والتدرج بهم في الكفر شيئاً فشيئاً. وقد ذكرها الغزالي قائلا: (ففي الاطلاع على هذه الحيل فوائد جمة لجماهير الأئمة) (57).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وسبب استتارهم وراء هذه الحيل هو الخوف من إظهار كفرهم بطريقة مكشوفة، وترتيب حيلهم هذه كما يلي:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">الزرق والتفرس، ثم التأنيس، ثم التشكيك، ثم التعليق، ثم الربط، ثم التدليس، ثم التأسيس، ثم الخلع، ثم المسخ أو السلخ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>وفيما يلي تعريف موجز بهذه الحيل:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الأولى:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>وهي حيلة الزرق والتفرس، ومعناها: أن يكون الداعي ذكياً فطناً صاحب فراسة، يميز بين من يطمع في استدراجه لقبول دعوته، ومن لا يطمع في ذلك وله معرفة بتأويل النصوص وإخراجها عن معانيها الظاهرة إلى المعاني الباطنة، وألا يبدأ بالمخالفة للمدعو بل يوافقه ثم يستدرجه بعد ذلك على حسب الخطط الباطنية إذا تفرس فيه القبول.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الثانية:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهي التأنيس: والمراد بها الوصول إلى قلب المدعو واستمالته بلطف الحديث وذكر بعض الآيات والأحاديث والأشعار، وبحث جوانب من الأمور اليومية، وإلقاء خطب ومواعظ، ويظهر له كل أمر يزيد في الأنس بينهما ويقرِّب بين الأفهام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الثالثة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هي التشكيك: وهي أن يسأل الداعي المدعو عن مسائل في أمور الدين، وهي مسائل يعجز المدعو عن الإجابة عنها لجهله، وذلك أن الدعاة الباطنيين يركزون دعوتهم في العوام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأيضاً لأن بعض تلك المسائل تعبدية قد لا تعرف الحكمة فيها، كأن يسأله عن متشابه القرآن، ومسائل يعجز المدعو عن الإجابة عنها لجهله، وذلك أن الدعاة الباطنيين يركزون دعوتهم في العوام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأيضاً لأن بعض تلك المسائل تعبدية قد لا تعرف الحكمة فيها، كأن يسأله عن متشابه القرآن، ومسائل فقهية: لم أمر بالغسل من المني، ومن الغائط والبول بالوضوء وهما أغلظ نجاسة؟ ولم أمرت الحائض بقضاء الصوم دون الصلاة وهما واجبان على السواء، ولم كانت أبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة؟ وعن رمي الجمار، والإحرام، والطواف، وعن الحروف التي في أوائل السور <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{آلمر}</font>، و <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{كهيعص}</font> وغير ذلك، ويعظمون أمرها ويدّعون أن لكل ذلك جواباً لا يعرفه كل أحد، بل علم ذلك إليهم وإلى إمامهم المستور بزعمهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الرابعة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهي التعليق: فتتم بعد طرح تلك المسائل، فإذا طلب المدعو الاستفسار عنها، وتعلق قلبه بها وبمعرفتها قالوا له: إننا لا نخبرك بشيء حتى تعطينا العهد والميثاق، فإذا رضي بذلك نقلوه إلى الحيلة الخامسة، وهي الربط.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الخامسة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهي الربط: وهي إحكام قبضتهم عليه بما يؤخذ عليه من العهود والمواثيق الغليظة في عدم إفشائه سراً من أسرارهم، وأنه إذا فعل ذلك فقد استوجب لعنة الله وغضبه، وأنه مخلد في النار أبد الآباد ... إلى آخر تلك الإيمان الطويلة التي لا يؤمنون بها هم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا كان المدعو ذكياً موفقاً عرف أن هذه الأيمان كلها لا تطلب منه إلا لأن ما سيخبرونه به غير مرضي وليس فيه حق، لأن الحق لا يتكتم عليه أهله، ويتذكر قول الله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}</font> (58)، وآيات كثيرة يحذر الله فيها من كتمان العلم، وأن كتمانهم لعلمهم دليل على أنه مليء بالعورات والفضائح.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة السادسة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهي التأسيس: وهي إظهارهم تعظيم الشرع والرغبة في طلب العلم والمحافظة على أوامر الدين، وأن تلك العهود التي أعطاهم المدعو يجب احترامها، وهم في الواقع إنما يظهرون له هذه الأمور من أجل اصطياده، وإلا فهم لا يؤمنون بعهد ولا بميثاق.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومنها اشتراطهم أخذ العلم عن الإمام المعصوم المستور الذي يزعمون أنه هو الطريق إلى علم النبي الناطق والوصي، وهو الأساس إلى علم الناطق، وزعمهم أنه مستور، لأنهم يعلمون أن لا وجود له، فلئلا يطالبهم المدعو بلقائه زعموا أنه مستور، وإنما هو دجل وتمويه وخداع للمدعو.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد ذكر الغزالي سبعة أمثلة لهذا المسلك وأطال في شرحها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة السابعة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">التأسيس: وهي أنهم يضعون مقدمة لا تنكر في الظاهر، ولا تبطل الباطن، يستدرج فيها المدعو بحيث لا يدري، ويوهمونه أن الله تعالى جعل لكل شيء ظاهراً وباطناً، ويستدلون عليه بقوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}</font> (59)، ونصوص أخرى.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يقال له: الظاهر قشور والباطن هو اللب، والظاهر رمز والباطن المعنى المقصود، ثم يؤسسون في نفسه الشغف لمعرفة البواطن والإعراض عن ظواهر النصوص .. لأنه وصل بزعمهم إلى مرتبة وهي طلب العلم الباطني.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة الثامنة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهي الخلع من الدين: فهي أن يقول الداعي للمدعو: إن فائدة الظاهر أن يفهم ما أودع فيه من علم الباطن لا العمل به، فمتى وقف المدعو على الباطن سقط عنه حكم الظاهر، وهو المراد -بزعمهم الكاذب-لقوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}</font> (60)، أي يضع عنهم هذه التكاليف الشاقة من صلاة وصيام وغيرها من شرائع الإسلام بعد أن يعرفوا بواطن النصوص التي تدعو إلى القيام بتلك التكاليف وهذا مثل خرافة غلاة الصوفية حين يصلون إلى اليقين بزعمهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>الحيلة التاسعة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">الانسلاخ من الدين أو حيلة السلخ: فهي أنهم إذا أنسوا من المدعو الإجابة وصار منهم، أعلموه أنه قد أطلق من وثاقه وحل له كل ما حرم على غيره من الناس الذين لم يدخلوا مذهبهم: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}</font> (61) ... وزالت عنه جميع التكاليف، ولا يحرم عليه شيء (62).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولهم حيل في إسقاط التكاليف عن المدعو، حيث يوهمونه أن التكاليف تسقط عنه تلقائياً إذا تدرج في المعرفة ووصل إلى معرفة أن التكاليف إنما كانت موضوعة في الظاهر للناس الجهال حتى يطلبوا العلم ويخرجوا عن مشقة التكاليف.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لأن الإمام المعصوم المستور ونوّابه يعلمون معنى القيام بتلك التكاليف ومعناها الحقيقي، فتسقط عنهم فريضة الصلاة إذا دفع للإمام مبلغ 12ديناراً، ويقرأ له الإمام قول الله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}</font> (63)، ويفهمه أن الصلاة معناها الحقيقي -بزعمهم-معرفة أسرار الباطن، أو معرفة خمسة أسماء وهي: علي والحسين والحسن ومحسن وفاطمة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يسقطون عنه فريضة الصوم بعد أن يدفع المبلغ المذكور للإمام، ثم يفهمونه أن الصوم إنما المقصود منه كتمان أسرار الباطنية، أو معرفة ثلاثين رجلاً أو ثلاثين امرأة يعدّونهم في كتبهم، وليس معنى الصوم الامتناع عن الأكل والشرب، ويقرأ عليه قوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً}</font> (64). فلوكان معنى الصوم ترك الطعام لقال: فلن أطعم؛ فدل على أن الصيام هو الصمت والسكوت عن إبداء أسرار الأئمة بزعمهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يسقطون عنه الحج بتفهيمه أن المقصود بالحج إنما هو زيارة مشائخهم لا الذهاب إلى مكة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يسقطون عنه حرمة الخمر والميسر بتفهيمه أن المقصود بهما أبوبكر وعمر رضوان الله عليهما ولعن الباطنية، فأما الخمر المصنوع من العنب وسائر ما يصنع منه فليس بحرام، لأن كل ما تنبت الأرض حلال: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}</font> (65)، <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا}</font> (66).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يسقطون عنه وجوب الاغتسال من الجنابة بدعوى أن الطهارة هي طهارة القلب، وأن المؤمن طاهر بذاته والكافر نجس بذاته والكافر نجس بذاته ولا يطهره الماء ولا غيره، بل إن الجنابة المقصود بها موالاة أضداد الأنبياء والأئمة، وأما المنيّ فهو طاهر إذ هو أصل الإنسان، ولوكان الاغتسال منه لنجاسته لكان الاغتسال من البول والغائط أولى بزعمهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وعلى هذا فإن معنى الآية <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}</font> (67) أي إن كنتم لا تعرفون معنى الباطن فتعلموا واعرفوا العلم الباطني.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يسقطون عنه حرمة الزنا، ويسمونه المشهد الأعظم ونهاية الفوز، وإن إحلال الزنا هو دخول الجنة، ويتلو عليه قوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}</font> (68). وقوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}</font> (69). ويفسر له الزينة هنا بأنها ما خفي من أسرار النساء التي لا يطلع عليها إلا المخصوص بذلك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويسلك به مسالك ملتوية، وفي نهايتها يبدأ بتطبيق ما تعلمه المدعو من جواز الفحش والفجور، وأن ذلك حلال، فيبدأ يطبق ذلك على زوجته فيبيحها للمدعو، ثم يحضر المشهد الأعظم وهو اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد وإطفاء السرج بعد أن تدار الكؤوس، وتحمى الرؤوس، ثم يتناهبون النساء ويسمون ذلك صيداً كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم (70).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهكذا ينقضون الإسلام درجة درجة إلى أن يوهموا المدعو أنه أصبح فوق مستوى التكاليف لتعمقه في العلم ومعرفته لبواطن تلك الظواهر فيصل إلى تحقيق قول الله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}</font> (71)، وهو في الحقيقة يصل إلى حمأة الفساد والإفلاس من الدين ومشابهة البهائم والخروج عن الإنسانية المكرّمة، فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً، مات قلبه وضميره فهو أضل من البهائم، لأنها لا تعرف تلك المسالك الشيطانية التي وصل إليها هؤلاء المفسدون.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وينبغي أن تعلم أن ما قدمناه من ذكر تلك الحيل لا تتم على عجل، بل إنهم يدرسون الشخص دراسة لا نظير لها إذا وقع عليه اختيارهم، ولا ينبغي أن تفهم أن تلك التعليمات تلقى عليه بهذه البساطة التي عرضناها؛ بل إنه يمر بتعقيدات وتعليمات وصقل، قد يأخذ فيها مدداً طويلة أو قصيرة حسب ميوله وذكائه وتقبله، ولهذا يحكمون عليه قبضتهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وهذا ما يفسره وقوف التابعين لهم في صفهم ودفاعهم عن هذه العقيدة، لا يهمهم حتى تقديم دمائهم في سبيل نشرها وعلوّ شأنها، وذلك لتشبعهم بتلك التعاليم الملتوية ومسخ فكر الداخل وتفريغه من كل علاقة إلا بهذا المذهب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولمزيد من التفاصيل عن حيلهم وخططهم في استجلاب الناس إلى دعوتهم وترتيبهم العميق الذي لا يدركه المدعو إلا بعد الإطاحة به-ننقل هنا ما باح به أحد علمائهم المعاصرين؛ حيث قال ما نصه:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(ولقد وُفّقت الحركة الإسماعيلية بين جهاز الدعاية الذي نظمته خير تنظيم، وبين نظام الفلك ودورته، فجعلوا العالم الذي كان معروفاً في عصرنا، مثل السنة الزمنية، والسنة مقسمة إلى اثني عشر شهراً، وإذاً فيجب أن يقسم العالم إلى اثني عشر قسماً، وسموا كل قسم جزيرة، وجعلوا على كل جزيرة من هذه الجزر داعياً هو المسئول الأول عن الدعاية فيها، وأطلقوا عليه لقب (داعي دعاة الجزيرة) أو (حجة الجزيرة)). إلى أن يقول:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(والشهر ثلاثون يوماً، ولذلك كان لكل داعي جزيرة ثلاثون داعياً نقيباً لمساعدته في نشر الدعوة، وهم قوته التي يستعين بها في مجابهة الخصوم، وهم عيونه التي يعرف بها أسرار الخاصة والعامة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">واليوم مقسم إلى أربع وعشرين ساعة، اثنتي عشرة ساعة بالليل، واثنتي عشرة ساعة بالنهار، فجعل الإسماعيلية لكل داع نقيب أربعة وعشرين داعياً منهم اثنا عشر داعياً ظاهرين كظهور الشمس بالنهار، واثنا عشر داعياً محجوباً مستتراً استتار الشمس بالليل).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وبعملية حسابية نجد أن عدد الدعاة الذين بثهم الإسماعيلية في العالم كان حوالي (864.) داعياً في وقت واحد، وذلك بخلاف عدد آخر من الدعاة لا يشملهم هذا، وهم الدعاة الذين يكونون دائماً في مركز الدعوة الرئيسي مع الإمام.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">علماً بأن لكل فئة من هؤلاء الدعاة عمل خاص لا يتعداه، حفظاً لنظام الدعوة وسريتها، فدعاة النهار الاثنا عشر في كل جزيرة كانوا يعرفون بالمكاسرين أو المكالبين، وهم أصغر طبقة في درجات الدعاة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وعلى عاتق المكالب تقع مهمة مجادلة العلماء والفقهاء أمام جماهير الناس وكأنهم تلاميذ يريدون الإفادة من أساتذتهم دون أن يخالج الشك العلماء والفقهاء أو الجماهير المجتمعة للأخذ عن هؤلاء العلماء أو الفقهاء بأن من يجادله أو يناقشه مناقشة علمية عنيفة أنه من الدعاة -انظر إلى هذا الدهاء والمكر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي أغلب الأحيان يظهر عجز العالم عن الجواب الصحيح، أو تبدو منه أخطاء فيسخر منه الداعي المكاسر ويتركه، وهنا تظهر عبقرية الداعي المكاسر، فيسرع إليه الناس يلتمسون منه الجواب الشافي عن الأسئلة التي طرحها، والموضوعات الني ناقش فيها العلماء.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن الظاهر أن الداعي المكاسر كان يختار اختياراً خاصاً، ولا يسمح له بالمكاسرة إلا بعد امتحان عسير وتجارب كثيرة، ونجد في بعض الكتب الإسماعيلية الشروط الواجب توفرها عند اختيار الداعي المكاسر، والخصال التي يجب أن يتحلى بها، من ذلك أن يكون من نفس البيئة التي سيكاسر فيها؛ ولد ونشأ بها حتى يكون معروفاً عند الجمهور، ويجب أن يكون حسيباً ونسيباً بين قومه .. إلى أن يقول:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(فإذا وثق داعي الجزيرة في شخص تتوفر فيه هذه الشروط شرع في تعليمه العلوم الإسلامية حتى يتبحر فيها! فإذا تم له ذلك أخذ يلقنه مسائل الخلاف بين المذاهب وآراء أهل الملل. والنحل كلها من فرق إسلامية وغير إسلامية، ويظهر له موطن الضعف في كل مذهب، وفي كل رأي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم يعلمه كيف يجادل في اختلاف هذه الآراء، وكيف يناقش أصحابها فإذا تم له ذلك يبدأ الداعي في تدريبه على تفهم نفسية كل جماعة من الجماعات، وكيف يخاطب كل طائفة من الطوائف حتى يستميل الناس إليه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا أتقن كل هذه الأمور وتدرب عليها ونجح فيها النجاح الملحوظ سمح له الداعي أن يكاسر ويجادل الفرق الأخرى دون أن يشعر أحد بأنه إسماعيلي المذهب، بل يجب أن يكتم ذلك كتماناً شديداً، ولذلك يجب أن يكون المكاسر ذكياً ذا فراسة حتى لا يخطئ في معرفة نفسية المجتمع أو تقدير الناس الذين يخاطبهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا فرض ووجد المكاسر أمامه خصماً عنيداً أكثر منه علماً وتبحراً في مختلف الفنون وجب على المكاسر في هذه الحالة -أن يلج في المسائل الفلسفية العميقة التي لا حد لها، والتي لا يفهمها العامة، ويدخل معه في مناقشات باطنية هي من أخص خواص الفلسفة الإسماعيلية التي لا يعرفها غير الدعاة، وبذلك ينجو المكاسر من الظهور بمظهر الضعف أمام العامة، بل ربما عظم شأنه في أعينهم؛ لأنه يتحدث عن أشياء لا يفهمونها ولا يعرفون كنهها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هكذا كان الداعي المكاسر أو الداعي المكالب الذي كانت مرتبته أقل مراتب النظام الإسماعيلي للدعاية، فإذا كان هذا هو شأن أصغر الدعاة استطعنا أن ندرك ما كان عليه أمر كبار الدعاة على اختلاف درجاتهم وتباين مراتبهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي حالة توصل الداعي المكاسر إلى إقناع أحد المستجيبين ممن يرغبون الوصول إلى معرفة الحقيقة يأخذه إلى أحد الدعاة الذين هم أعلى منه مرتبة، فيلاطفه ويفاتحه في لين ورفق دون أن يظهر له صفته المذهبية أو شيئاً من عقائده؛ بل يكتفي باطلاعه على بعض المسائل المذهبية، ويلمح له ببعض التأويلات الباطنية التي لا ضير في كشفها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإذا أصر المستجيب على الاستزادة من المعرفة أحاله إلى الداعي المأذون، وهومن دعاة الليل الذي يبدأ بأخذ العهود والمواثيق، فإذا وثق بإخلاص المستجيب بدأ يكاشفه ببعض الأسرار الخفية التي لا ينفر منها، ويتدرج به حتى يطمئن الداعي المأذون إلى إخلاصه، ويطمئن المستجيب إلى الداعي ويثق به.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">عندئذ ينقله إلى الداعي الذي أرقى منه مرتبة، وهكذا يتدرج المستجيب بين الدعاة حتى يسمح له أخيراً بحضور مجالس داعي دعاة الجزيرة الذي له وحده الحق في أن يعلم الناس التأويلات الباطنية للدين والقرآن والحديث، كما يعلّم الدعاة فلسفة الدعوة المذهبية أي علم الحقيقة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">صحيح كان داعي الدعاة يلقي المجالس والأحاديث على العامة الذين أخذت عليهم العهود والمواثيق دون أن يصلوا بعد إلى درجة عالية في علوم الدعوة، ولكن هذا المحاضرات كانت بعيدة عن الأسرار الإسماعيلية العليا) (72).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم ذكر بعد ذلك مراتب كبار الدعاة الذين كانوا يلازمون مركز الإمامة، وهي 16 مرتبة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فانظر أخي الكريم إلى هذه الخطط الشيطانية، وانظر كيف يدخلون إلى قلوب الناس ويسرون فيهم سريان النوم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولك أن تعجب من حال المدعو وهم يقذفونه من شيخ إلى شيخ كأنه كرة في أيديهم دون أن يعلم الحال الذي سيوردونه عليه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">كما يحق لك أن تعجب من كثرتهم وتماسكهم؛ حيث ينتشرون في البلد الذي ينكب بهم مثل انتشار الجراثيم في الجسم السليم ثم يحكمون الطوق عليه ليقع فريسة هامدة أمامهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكيف يدرسون نفسيات الناس وميولهم، ويعرفون كل شيء عنهم قبل الإقدام عليهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فأين دعاة الحق من مثل هذه التنظيمات؟! إن كثيراً منهم قد يجهل حتى أدنى الآداب التي يقابل بها الناس.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولو عرضت الدعوة الصحيحة إلى الإسلام، ولو بقليل من هذه الخطط لكان للعالم الإسلامي شأن غير شأنه الموجود اليوم، فإن جودة عرض البضاعة تغري بشرائها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن هنا نجد هذا الباطني يتمدح بهذا الجانب فيقول: (وبفضل هذا التنظيم الدقيق انتشرت الدعوة الإسماعيلية بشكل لم تعهده أي دعوة إسلامية وغير إسلامية من قبل في جميع الأقاليم، وبين كل طبقات المجتمع على السواء) (73).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">الذي يهمنا من كلامه هذا هو الإشارة إلى دقتهم في التخطيط وحبك المؤامرات بغض النظر عن مبالغته في انتشار دعوتهم الخبيثة؛ فلقد انتشرت الدعوات الإسلامية الصحيحة انتشاراً لم تصل إلى القرب منها أية دعوة في العالم بأسره، ولم يثبت أصحاب أية دعوة في التمسك بمبادئهم ثبوت أصحاب العقيدة الصحيحة على مرِّ التاريخ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>عقائد الباطنية:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>يجد المتتبع لأخبار الباطنية ومذاهبهم تناقضاً ظاهراً، والسر في هذا التناقض يعود إلى أن أهل المذهب هم الذين أرادوا ذلك لكي تتضارب أخبارهم عند الناس، وبالتالي يستطيعون تكذيب ما يريدون مما ينقل عنهم بحجة أن الناس يكذبون عليهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم هم أيضاً لا يقوم مذهبهم إلى على هذا التلون الكثير، ومن هنا قال الغزالي: (والذي قدمناه في جملة مذهبهم يقتضي لا محالة أن يكون النقل عنهم مختلفاً مضطرباً، فإنهم لا يخاطبون الخلق بمسلك واحد، بل غرضهم الاستتباع والاحتيال، فلذلك تختلف كلماتهم، ويتفاوت نقل المذهب عنهم) (74).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومهما كان الحال فإن عقائد الباطنية هي مجموعة أفكار ملفقة من مذاهب شتى، وكلها خبط واضطراب، ومن عجيب أمرهم أنهم يستدلون على كفرهم ومحاربة الإسلام ببعض الآيات من القرآن الكريم، وبأحاديث مختلقة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأحاديث صحيحة يحرفون معانيها، ويؤولونها على وفق اعتقاداتهم الإلحادية، وكل عقائدهم ترجع إلى:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">1 -إنكار وجود الله تعالى.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">2- جحد أسمائه وصفاته.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">3- تحريف شرائع النبيين والمرسلين (75).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي كل ذلك يتسترون:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">1- إما بالتشيع لآل البيت.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">2-وإما بزعم التجديد والتقدم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وغير ذلك مما يختلقون من الشعارات والأكاذيب المخترعة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>أولاً: عقيدتهم في الألوهية:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فقد اختلفت مذاهبهم فيه على درجات من الكفر والإلحاد كما اتضح من خلاصة معتقداتهم (76).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فذهب قسم منهم إلى القول بوجود إلهين، لا أول لوجودهما من حيث الزمن، إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني، واسم العلة السابق، واسم المعلول التالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه، وقد يسمون الأول عقلاً، والثاني نفساً تخرصاً وكذباً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بل قالوا: إن السابق والتالي هما المراد باللوح والقلم، واستدلوا من القرآن الكريم بما جاء فيه من صيغة الجمع مثل: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا}</font> (77)، <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ}</font>) 78).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قالوا: ولولا أن معه إلهاً آخر له العلو أيضاً لما ورد قوله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}</font> (79)، قالوا وهما أيضاً: الرحمن الرحيم (80).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا شك أن هذا يدل على مدى جهلهم بلغة العرب لأنهم من فارس، وبعضهم لم يتقن العربية، وإلا لعلموا أن هذا الخطاب (إنا) أو (نحن)إنما هو من باب التعظيم، والله عز وجل له العظمة المطلقة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد ذكر مصطفى غالب -باطني من أهل سلمية-خلاصة معتقدهم في الخالق عز وجل فقال:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(ولما كان الله فوق العالم وهو غير محدود، فلا يمكن أن يخلق العالم مباشرة وإلا اضطر إلى الاتصال به مع أنه بعيد عنه، لا ينزل إلى مستواه، ولما كان واحداً فلا يمكن أن يصدر عنه العالم المتعدد، ولا يستطيع أن يخلق الله العالم، لأن الخلق عمل وإنشاء شيء لم يكن، وذلك يستدعي التغير في ذات الله والإله لا يتغير) (81).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومعنى هذا الكفر أن الله علة العالم وسبب وجوده فقط، وأن الله فوق العالم، ولا يستطيع أن يتصل به ويخلقه بنفسه مباشرة لأنه واحد، ويستنكف أن يباشر خلق الأشياء بنفسه لترفعه وعلوه وهذا من أعظم الجهل والغفلة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وذهب قسم آخر منهم إلى الاعتقاد أن علياًً رضي الله عنه هو الذي خلق السموات والأرض خالق محيي مميت مدبر للعالم، وأنه ظهر في صورة الناسوت -الناس-ليؤنس خلقه وعبيده ليعرفوه ويعبدوه، وقد أنشد بعضهم في سنة سبعمائة قوله:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أشهد أن لا إله إلا *** حيدرة الأنزع البطين</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا حجاب عليه إلا *** محمد الصادق الأمين</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا طريق إليه إلا *** سلمان ذو القوة المتين (82)</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وذهب بعضهم إلى أن الله تعالى لا يصح وصفه بأنه موجود ولا معدوم، ولا معلوم ولا مجهول، ولا موصوف ولا غير موصوف، ولا قادر ولا غير قادر ... وهذا ما يقصده مصطفى غالب حين قال:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وتحدّث الفلاسفة الإسماعيليون عن وجود الله تعالى، فأثبتوا ضرورة وجوده عن طريق ليسيّته، وضرورة استناد الموجودات واحتياجها إلى موجد، ونفوا عن الله الأيسية كما نفوا عنه الليسية، وقالوا: إن الله لا يمكن أن يكون ليساً ولا أيساً، أي إنه لا يصح أن يكون الله غير موجود ولا أن يكون موجوداً من نوع الموجودات التي وجدت عنه، ويطلق عليه اسم المبدع الأول، والعقل الأول، والمحرك الأول ...</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويأتي بعده في ترتيب العقول، العقل الثاني الذي وجد عن طريق الانبعاث ...) إلى آخر تقسيمه الطويل الممل.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إلى آخر خرافاتهم وإلحادهم وغرضهم نفي وجود الله تعالى بوجه يدق على عوام الناس، يكون ظاهره التنزيه، والغرض الحقيقي نفي وجود الله عز وجل، إذ لا يمكن أن تصدق تلك الأوصاف إلا على معدوم، ومثل هذه المزاعم معلوم بطلانها من دين الإسلام بالضرورة، فلا خالق إلا الله عز وجل كما هو معلوم عند أصحاب كل الأديان، وعليّ وغيره في هذا الكون مخلوق لله، أوجده بعد أن لم يكن، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً. <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}</font> (83).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>ثانياً: اعتقادهم في النبوات:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يجحد الباطنيون النبوات، وينكرون المعجزات، ويزعمون أنها من قبيل السحر والطلاسم، ويفسرون النبوة بأنها عبارة عن شخص فاضت عليه من السابق بواسطة التالي قوّة قدسية صافية مهيأة لأن تنتقش عند الاتصال بالنفس الكلية بما فيها من الجزئيات، كما قد يتفق ذلك لبعض النفوس الزكية في المنام حين تشاهد في مجاري الأحوال في المستقبل إما صريحاً بعينه أو مدرجاً تحت مثال يناسبه مناسبة ما، فيفتقر فيه إلى التعبير، لأن النبي هو المستعد لذلك في اليقظة (84).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويزعمون أن هذه القوة القدسية الفائضة على النبي لا تستكمل في أول حلولها، كما لا تستكمل النطفة في الرحم إلا بعد تسعة أشهر، فكذلك هذه القوة كمالها أن تنتقل من الرسول الناطق إلى الأساس الصامت (85).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن هذا التصور الرديء اعتقدوا أن جبريل عبارة عن العقل الفائض على النبي لا أنه شخص يتنقل من علو إلى سفل.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وعلى هذا فهم يعتقدون أن القرآن الكريم تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه من العقل الذي هو جبريل، وسمي كلام الله مجازاً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومن اعتقاداتهم التي بينها الغزالي أنهم قالوا: كل نبي لشريعته مدة، فإذا انصرمت مدته بعث الله نبياً آخر ينسخ شريعته. وحددوا لشريعة كل نبي سبعة أئمة (86)، أولهم النبي الناطق، ثم الأساس الصامت، ثم السوس، ومعنى الناطق أن شريعته ناسخة لما قبله، ومعنى الصامت أن يكون قائماً على ما أسسه غيره.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">قالوا: ولكل نبي سوس، والسوس هو الباب إلى علم النبي في حياته والوصي بعد وفاته، والإمام لمن هو في زمانه، ومن هنا زعموا أن آدم سوسه شيئاً، وهو الثاني، ويسمى من بعده متماً ولاحقاً وإماماً، إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وسوسه علي بن أبي طالب، وقد استتم دوره بجعفر بن محمد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فإن الثاني من الأئمة الحسن بن عليّ، والثالث الحسين بن علي، والرابع علي بن الحسين، والخامس محمد بن علي، والسادس جعفر بن محمد، وقد استتموا سبعة معه، وصارت شريعته ناسخة، وهكذا يدور الأمر أبد الدهر (87).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي مثل هذه الضلالات يقول علماؤهم:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(ويعتبر الإمام محمد بن إسماعيل أول الأئمة المستورين والناطق السابع، لأن إمامته كانت بداية دور جديد في تاريخ الدعوة الإسماعيلية، قام بنسخ الشريعة التي سبقته، فجمع بين النطق والإمامة، ورفع التكاليف الظاهرية للشريعة، فنادى بالتأويل واهتم بالباطن) (88).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">إلى أن يقول حاكياً عن أحد دعاتهم في ضمن فضائل محمد بن إسماعيل: (وعطلت بقيامه ظاهر شريعة محمد صلى الله عليه وسلم) (89).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ووصف مصطفى غالب محمد بن إسماعيل بأنه القيامة الكبرى (90)، لاكتمال الدور به، والابتداء من جديد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ويقول النوبختي وهومن أعرف الناس بهم:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم انقطعت عنه الرسالة في حياته في اليوم الذي أمر فيه بنصب علي بن أبي طالب عليه السلام للناس بغدير خم، فصارت الرسالة في ذلك اليوم في علي بن أبي طالب، واعتلوا في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">«من كنت مولاه، فعليّ مولاه»</font>، وأن هذا القول منه خروج من الرسالة والنبوة، وتسليم منه في ذلك لعلي بن أبي طالب بأمر الله عز وجل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك كان مأموناً لعلي محجوجاً به ...) إلى أن يقول:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وزعموا أن محمد بن إسماعيل حيّ لم يمت، وأنه في بلاد الروم، وأنه القائم المهدي، معنى القائم عندهم أنه يبعث برسالة وشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ...) إلى أن يقول:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(واعتلوا في نسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وتبديلها بأخبار رووها عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أنه قال: (لو قام قائمنا علمتم القرآن جديداً).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأنه قال: (إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء) ونحو ذلك من أخبار القائم) (91).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وسبب نقل هذا الكلام إنما هو لإيضاح إصرار الباطنية على نسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ما يظهره مصطفى غالب وغيره من عتاة الباطنية من التلاعب بمعاني الكلام إنما هو خداع للناس وستر لهذه العقيدة الخبيثة التي ترد ما أخبر الله به من إتمام الدين إلى أن تقوم القيامة وينتهي هذا الكون ومن فيه ولا يبقى إلا وجه الله عز وجل.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولا يخفى على القارئ اللبيب ما في آخر كلام النوبختي من عبارات تتفق مع هوى الشيعة الغلاة منهم حول القرآن الكريم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأما استدلالهم بأن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، بمعنى يظهر شخص ينسخه، فلا شك أنه كلام يدل على قصر عقولهم، فإن الإسلام والحال ما ذكروا لا يبقى غريباً فقط بل إنه لا يبقى له أي وجود ... فكيف يسمونه غريباً وقد انمحى ونسخ، وحاشا أن يتم ذلك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكلامهم إنما هو تأويل للحديث، وكذب على الله ورسوله أن يكون المراد من معنى الحديث ما ذكروا، بل إنه يدل على قلة المتمسكين به والعاملين بأحكامه وتعاليمه كما كان في بدء أمره كذلك.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يبشر في هذا الحديث بنسخ شريعته، فإنه لا حقيقة لهذا المقصود إلا في أفهام سخفاء العقول.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأوَّلوا معجزات الأنبياء تأويلات باطنية، فثعبان موسى أي غلبته عليهم، وإظلال الغمام أي الإمام الذي نصبه موسى لإرشادهم، ومعنى عدم الأب لعيسى أنه لم يأخذ العلم عن إمام مستور معصوم، وإنما استفاد العلم من الله بغير واسطة والجن الذين ملكهم سليمان باطنية ذلك الزمان، والصيام الإمساك عن كشف السر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">في تخرصات وتلفيقات يطول ذكرها، ولا خير من وراء بحثها وإنما هي الإشارة إلى التحذير من مسالك هؤلاء، ومن أفكارهم وعباراتهم الخادعة، فلا ينبغي أن يهدر الوقت في التعمق في دراسة هذه الأفكار والردود عليها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>وقد أورد الغزالي في الباب الخامس من كتابه (فضائح الباطنية) أمثلة كثيرة لتلك التأويلات في فصلين:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">* الفصل الأول: في تأويلاتهم للظواهر.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">* الفصل الثاني: في استدلالهم بالأعداد والحروف وبيّن زيف أقوالهم في عدة صفحات (92)</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وكذا الديلمي في كتابه " بيان مذهب الباطنية وبطلانه " ويحيى بن حمزة العلوي في كتابه (الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام). كل هؤلاء وغيرهم من علماء الفرق قد ذكروا أمثلة ومناقشات لدحض أقوال الباطنية، تحتاج إلى دراسة خاصة ووقت متسع لها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>ثالثاً: اعتقادهم في الآخرة:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">اتفق كلمة الباطنية على إنكار الآخرة التي جاء الإسلام بتفاصيل بيانها، وأوَّلوا القيامة في القرآن والسنة، وقالوا بأنها رموز تشير إلى خروج الإمام، وقيام قائم الزمان -إمام العصر-، السابع الناسخ للشرع المغير للأمر كما يصفونه، وقالوا أيضاً: إن معنى القيامة انقضاء الدور.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأنكروا بعث الأجسام والجنة والنار، وقالوا: (إن معنى المعاد هو عود كل شيء إلى أصله، وأن الإنسان مركب من عالم روحاني وعالم جسماني، فالجسماني منه جسده، وهو مركب من الأخلاط الأربعة وهي: الصفراء، والسوداء، والبلغم، والدم فيتحلل الجسد ويعود كل خلط إلى طبيعته ...</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فالصفراء تصير ناراً، والسوداء تصير تراباً، والدم يصير هواءً، والبلغم يصير ماءً). وهذا هو المعاد الجسدي عندهم، فلا تعود الحياة إلى الأجساد بعد الموت.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">أما الروحاني، وهو النفس المدركة العاقلة من الإنسان فإنها إن صفيت بالمواظبة على العبادات، وزكيت بمجانبة الهوى والشهوات، وغذيت بغذاء العلوم والمعارف المتلقاة عن الأئمة الهداة اتحدت عند مفارقة الجسم بالعالم الروحاني الذي كان منه انفصالها، فتسعد بذلك وهذا هو جنتها (93).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">بهذه الخرافات فسروا المعاد الأخروي، ولا شك أنها مأخوذة عن مذاهب الهندوس والبوذيين؛ ولذلك أجمع هؤلاء الباطنيون على القول بالتناسخ الموجود عند البراهمة والبوذيين، وصبغوه في الظاهر بالإسلام فصار الكلام مسلماً والفكر هندوسياً وبوذياً ووثنياً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد أكثر الشيخ إحسان إلهي -رحمه الله-من النقول عن كتب الباطنية، وتأويلاتهم لأخبار القيامة بما لا يتسع لاستقصائه المجال هنا (94).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b>رابعاً: اعتقادهم في التكاليف الشرعية:</b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">يتميز مذهب الباطنية بأنه من أشد المذاهب استحلالاً للمحرمات، وأوغل في الإباحية البهيمية، وأكثر تفلتاً عن القيام بالتكاليف الشرعية وتبرماً منها، مع أنهم لا يتظاهرون أمام العامة بترك التكاليف إلا فيما بينهم.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وأما ظاهر مذهبهم فهو لزوم القيام بالتكاليف، بل وأحياناً بعضهم يبالغ في إيجاب أشياء لم تجب ليظهروا بمظهر الزهاد والعباد، وليستفيدوا من جهة أخرى، إرهاق الناس بكثرة التكاليف لتضيق صدورهم بها.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وفي مقابل ذلك يركز هؤلاء الفجار على مسامع الناس أن الخروج من تبعة هذه التكاليف أمر ميسر لكل أحد أراده.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وحينما يشتاق الشخص إلى معرفة هذا الأمر لا يجودون به عليه إلا بعد مراحل واختبارات عديدة ليشعر المدعو فعلاً أنه قد وصل إلى السر بعد تعب واجتهاد.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ومعرفة هذا السر يكون بطلب التابع لهم رتبة الكمال في العلوم التي تؤخذ -بشرط-من نواب الإمام المعصوم المستور. وعلى الشخص أن يجتهد ويسعى في العبادة في أثناء تلقيه لذلك إلى أن يصل إلى رتبة الكمال-وهي في الحقيقة رتبة منتهى الجهل والغفلة-، محباً للشهوات والفواحش على حد ما أخبر به النوبختي، حيث قال وهو يعدد عقائد الباطنية:</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">(وإن الله تعارك وتعالى جعل لمحمد بن إسماعيل جنة آدم صلى الله عليه وسلم، ومعناها عندهم الإباحية للمحارم وجميع ما خلق في الدنيا، وهو قول الله عز وجل: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}</font> (95)، (96).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">هذا بالإضافة إلى أنهم يعمقون في ذهن الشخص أن القيام بهذه التكاليف والمنع والإباحية إنما تستهدف من ورائها فائدة واحدة وهي استنهاض همة القلب ليصل إلى معرفة بواطن هذه الأمور، فإذا لم يكن كذلك فإن عليه أن يبقى في عداد الجهال الذين هم مثل الحمير التي لا يمكن رياضتها إلا بالأعمال الشاقة (97).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">في زخرف من القول أخذوه من شتى المذاهب، حيث أخذوا من كل مذهب شرّ ما فيه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد كان للرافضة عليهم فضل كبير، فقد أخذوا عنهم فكرة الإمام المعصوم المستور، وأنه لا حق إلا ما خرج عن الأئمة، وكذا تحريف الآيات على حسب هواهم، ودعوى وجود الإمام الصامت والناطق، ونسخ الشريعة الإسلامية بمجيء مهدي الشيعة ومجيء الإمام السابع من الأئمة المستورين عند الباطنية، وأشياء كثيرة لا تخفى على القارئ الكريم، وقد ذكر أكثرها في دراستنا للشيعة سابقاً.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">فهذا الكليني يفسر قول الله تعالى: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ}</font> (98)، عن موسى بن جعفر أنه قال: (البئر المعطلة الإمام الصامت، والقصر المشيد الإمام الناطق) (99).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والوالدين اللذين ذكرهما الله في قوله: <font face="Simplified Arabic" size="4" color="red">{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}</font> (100)، فسرها الكليني فيما يزعم عن عليّ رضي الله عنه قال: (الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وأمر الناس بطاعتهما) (101).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وعن الظاهر والباطن في النصوص يقول الكليني: (إن القرآن له ظهر وبطن، فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق) (102).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وللطوسي في كتابه (الغيبة)مثل هذا التأسيس الباطني (103)، بل وبالغ الطوسي، وافترى -كما يبدو-على جعفر بن محمد أنه قال: (حقيق على الله أن يدخل الضلال الجنة، فقال زرارة: كيف ذلك جُعلت فداك؟ قال: يموت الناطق، ولا ينطق الصامت، فيموت المرء بينهما فيدخله الله الجنة) (104).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وإذا كان على حسب هذه الرواية كل من مات بين موت الناطق وسكوت الصامت (أي بين موت الرسول صلى الله عليه وسلم وسكوت علي) فكان ينبغي على الشيعة أن يقولوا بدخول الصحابة جميعهم الجنة وهم لا يقولون بذلك، وهذا جزء من تناقضهم، وهومن الأدلة على رغبتهم في تأسيس المذاهب الهدامة التي تخرج المسلم عن دينه.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ولقد انتفع الباطنيون كثيراً بمثل هذه الاعتقادات التي كوَّنوا منها ومن غيرها مذهبهم الرديء الذي خرج بسببه الآلاف المؤلفة من الناس عن دينهم.</font></p><p dir="rtl" style="text-align: left;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3" color="blue"><b>المصدر: موقع فيصل نور.</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> </font> </p>
التعليقات