مشروع ملالي إيران.. الأبعاد والنتائج
غازي التوبة
الأحد 16 يوليو 2017 م
<p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b><br></b></font></font></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>مشروع ملالي إيران.. الأبعاد والنتائج</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>عندما عاد الخميني إلى طهران، ما عاد ليكون حاكما يخلف الشاه فقط، بل عاد حاكما يحمل مشروعا ذا مضمون ديني وثقافي وسياسي.. من أجل تحقيق أهداف متعددة، فما ملامح هذا المشروع؟ وما الذي حققه؟ وما تقويمنا لنتائجه؟</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">لقد اتضح أن أبرز ملامح هذا المشروع هو أن قيادته دينية تمثلت في ملالي إيران، وأنها سخرت كل إمكانيات إيران الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والبشرية والإعلامية من أجل تحقيق هذا المشروع، وأن المشروع جعل أول أهدافه نشر التشيّع، وتحويل هذه الأمة إلى أمة شيعية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد اتضح هذا من إصراره على جعل إيران تلتزم المذهب الجعفري الاثني عشري، مع أن وفودا كثيرة من أحزاب العالمين العربي والإسلامي وجماعاتهم ومفكريهم وقادتهم، جاءته وطلبت منه ألا يحول إيران إلى دولة طائفية، بل يجعلها دولة الأمة الإسلامية لكنه أصر على ذلك، وجعل المادة الثانية عشرة من الدستور الإيراني تنص على ما يلي: ((الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير)).</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>وقد استخدم المشروع الذي قاده "ملالي إيران" عدة أدوات، هي:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>- التواصل مع الطوائف الشيعية الموجودة في بعض البلدان العربية والإسلامية، وإمدادها بالمال والإعلام والتوجيه والخبرات والدعاة.. وتحريضها على الدعوة إلى التشيع في محيطها السني، مما ولد تصادما بين طرفين كبيرين من الأمة في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية. وقد أدى هذا إلى الاقتتال وإسالة الدماء في بعض الأماكن كما حدث في العراق وسوريا واليمن، مع أن الأمة أحوج ما تكون إلى الوحدة لمواجهة الخطر الأكبر الذي يقوده المشروع الغربي الصهيوني.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- نشر التشيع في البلاد ذات الطابع السني التي لا طوائف شيعية فيها، عن طريق إرسال الدعاة لها، وفتح المراكز الثقافية فيها، وتوزيع الكتب والمنشورات على أهلها، وتوجيه الإذاعات لها، واستقبال البعثات التعليمية منها.. مما ولد صراعا بين أبناء البلد الواحد، وأحدث فتنا ومشاكل، كما حدث في مصر ودول المغرب العربي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- استغلال القضية الفلسطينية: لقد قال الخميني في أحد مجالسه الخاصة: ((إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينية فلا قيمة لسياستنا الخارجية)). لذلك أقام ملالي إيران علاقات مع معظم الفصائل الفلسطينية تطبيقا لكلمته، وأمدوها بالمال والسلاح من أجل أن يكون لهم يد في القضية الفلسطينية، لأنهم يعتقدون أن هذه اليد في القضية الفلسطينية ستكون مدخلا لتجميل مشروع ملالي إيران من جهة، ومدخلا لقلوب المسلمين من أجل نشر التشيع من جهة ثانية.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b>والآن نأتي إلى السؤال الثاني وهو: ما الذي حققه مشروع ملالي إيران؟</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">لقد حقق المشروع نتائج متعددة في بلدان عدة، وسنتحدث عن بعضها وليس جميعها لأن المقام لا يتسع لذلك، ومنها:</font></b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>- لبنان: دعم ملالي إيران الطائفة الشيعية في لبنان، وأنشؤوا حزب الله عام 1982، ودعموه بالمال والسلاح والتوجيه والخبرات، وقد استطاع حزب الله أن يكون بعد ثلاثين سنة دولة داخل دولة، بل دولة أقوى من الدولة اللبنانية مختطفا كل لبنان.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- سوريا: دعم ملالي إيران حافظ الأسد في سوريا، وألحقوا الطائفة العلوية بالطائفة الشيعية مع أن هذا مناقض لأصول مذهبهم، ثم دعموا نظام بشار في وجه الثورة السورية التي قامت عام 2011، ولولا دعمهم لسقط نظام بشار، وقد سمح لهم حافظ الأسد وابنه بشار بنشر المذهب الشيعي، فتحولت كثير من الأسر إلى المذهب الشيعي، وقامت كثير من الحسينيات في طول البلاد وعرضها، وأقاموا المساجد على كثير من القبور والمشاهد، وأنشؤوا حوزات علمية ومعاهد دينية تخدم توجههم الطائفي المذهبي.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- العراق: وضع ملالي إيران عيونهم على العراق منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة الإيرانية، لأن فيها المقدسات الشيعية من جهة، ولأن فيها أكبر طائفة شيعية في العالم العربي من جهة ثانية، وقد قامت حرب ضروس بين نظام ملالي طهران ونظام صدام حسين استمرت ثماني سنوات دمرت البلدين.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد تعاون ملالي إيران مع أميركا وإسرائيل في محطات عدة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وأبرز الفضائح التي أشارت إلى ذلك فضيحة إيران-غيت التي وقعت عام 1985.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">ثم تعاون ملالي إيران مع أميركا أثناء حرب التحالف الدولي لإخراج صدام حسين من الكويت عام 1991، ومرة أخرى تعاونوا مع أميركا أثناء احتلالها العراق عام 2003، ودفعوا كل قيادات الشيعة الدينية والسياسية من أجل إنجاح هذا الاحتلال.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">نجحت أميركا في احتلال العراق خلال ثلاثة أسابيع فقط وهي فترة قياسية، ثم تعاونت القيادات الشيعية الدينية والسياسية في العراق مع المحتل، واستلمت قيادة العراق، واستأثرت الطائفة الشيعية بمعظم المناصب السياسية والعسكرية والأمنية في عهد نوري المالكي، واتضح أن العراق يتجه إلى التقسيم المعلن، وهو الآن في دائرة التقسيم المضمر، فهناك دولة كردية في الشمال، وطائفة سنية مضطهدة من قبل حكام بغداد في الوسط، ودولة شيعية في الجنوب.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">- اليمن: دعم "ملالي إيران" الحوثيين بالمال والسلاح والخبرات، وخاض الحوثيون حروبا عدة مع الجيش اليمني عندما كان علي عبد الله صالح رئيسا للجمهورية، ثم التف الحوثيون على الاتفاق الدولي الذي رسمته "المبادرة الخليجية المعدلة" واحتلوا صنعاء في 21/9/2014، وها هم الآن يعيدون تكرار ما فعله حزب الله في لبنان، في محاولة لاختطاف اليمن وتشكيل دولة لهم داخل الدولة.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"><b> من المعلوم أن المشروع الغربي الصهيوني هو المشروع الفاعل والمؤثر في المنطقة منذ قرن ونصف القرن، وهو يلتقي مع مشروع ملالي إيران في محاور عدة، أهمها محوران اثنان، هما:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue">الأول: تفتيت الوحدة الثقافية:</font><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="red"></font></b>من المعلوم أن نشر المذهب الشيعي سيكون في محيط أهل السنة، وسيؤدي إلى صراع معهم، وهذا ما سيؤدي إلى تفتيت الوحدة الثقافية، مع أن هذه الوحدة هي أثمن ما نملك في مواجهة الصراع مع المشروع الغربي الصهيوني، وهي ما يجب أن نحرص على بقائها وعدم إضاعتها في معارك جانبية، وتوفير طاقة الأمة من أجل البناء الحضاري.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"><b>الثاني: التجزئة السياسية:</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"><b><font face="Simplified Arabic" size="4" color="blue"></font></b>لقد كانت ثمرة تحريك "ملالي إيران" الطوائف الشيعية في العالم العربي، التجزئة السياسية للبلدان العربية، وهو ما قد يحصل في العراق بتقسيمه إلى ثلاث دول: كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب. وهو ما يحصل الآن في اليمن وترجيح تقسيمه إلى دولتين، وهو ما يمكن أن يحصل في سوريا من ناحية إمكانية تقسيمه إلى عدة دول: دولة للعلويين في حمص والساحل، ودولة سنية في حلب ودمشق، وكردية في الشرق، ودرزية في الجنوب.. إلخ.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">والآن بماذا نحكم على "مشروع ملالي إيران"؟ من الجلي بعد تلك الوقائع المتعددة أن نحكم على هذا المشروع بأنه مشروع عدو للأمة، وقد تأكد هذا بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، فقد قدمت قيادات مشروع ملالي إيران كل الدعم لقوات الاحتلال من أجل غزو العراق واحتلاله، وقد كانت نتيجة ذلك تدمير العراق ومقتل مليون شخص، وحل جيشه الذي كان يعتبر أكبر جيش عربي مواجه لإسرائيل بعد انسحاب مصر من المواجهة إثر اتفاقات كامب دفيد عام 1978.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">وقد تأكد أيضا أن مشروع ملالي إيران عدو للأمة عندما ساند نظام بشار الأسد الذي كاد يسقط عام 2012 بعد ثورة الشعب عليه في 15/3/2011، وعندما أمرت قيادة هذا المشروع حزب الله بإرسال قواته لسوريا امتثل الحزب للأمر، مما جعل النظام يصمد في وجه الثورة عام 2013.</font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4">من الواضح أن مشروع ملالي إيران مشروع معاد للأمة، منذ أن قاده الخميني عام 1979، وربما كانت حقيقة هذا المشروع خافية على كثير من أبناء الأمة ودعاتها وعلمائها وجماعاتها وأحزابها في البداية، لكنها لم تعد خافية على أحد بعد أحداث العراق عام 2003، وسوريا عام 2011، واليمن 2014، لذلك يجب أن يراجع جميع الذين أخطؤوا في فهم حقيقة المشروع مواقفهم، ويصوبوا حركتهم بناء على الحقائق الجديدة، فالتراجع عن الخطأ خير من التمادي فيه، وإلا فإن حكم الأمة والتاريخ سيكونان قاسيين في حقهم.</font></p><p dir="rtl" style="text-align: left;"><font face="Simplified Arabic" size="4"><font face="Simplified Arabic" size="3" color="blue"><b>المصدر: موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين</b></font></font></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"></p><p style="text-align:justify;text-kashida:0%" dir="rtl"><font face="Simplified Arabic" size="4"> </font> </p>
التعليقات